مناهج التعليم السعودية وارتباطها بالتطرف

الأربعاء 07/ديسمبر/2016 - 07:52 م
طباعة مناهج التعليم السعودية
 
تطال المناهج التعليمية في السعودية بين الحين والآخر انتقادات خارجية، تتهمها بـ “التطرف” مشيرة إلى وجود “محتوى تحريضي” في المقررات المدرسية، الأمر الذي يثير حفيظة المملكة ومثقفيها. حيث تعتبر المناهج والكتب المدرسية في المملكة العربية السعودية، الأكثر تعرضاً للنقد والاتهام بأنها "تحرّض على التشدد والطائفية ورفض الآخر". وهو ملف مطروح منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001. إذ وجهت الولايات المتحدة انتقادات لاذعة للمناهج السعودية، خصوصاً أنّ 15 انتحارياً من 19 كانوا من حملة الجنسية السعودية.
وخضعت المناهج السعودية لانتقادات لاذعة كونها "تحض الطلبة على ممارسة العنف ضد الآخرين، وتضلّل التلاميذ من خلال غرس الاعتقاد فيهم بأن حماية دينهم تكمن في استئصال الآخر، واستخدام العنف ضده".

مناهج التعليم السعودية
وتجدّدت الدعوات لتعديل المناهج، بعد حادثة تفجير مسجدين في السعودية، تبعهما مسجد في الكويت على يد انتحاري سعودي الجنسية. تلك الحوادث دفعت بعدد من الطلبة في المنطقة الشرقية في السعودية، للمطالبة بـ"تعديل المناهج التي تصف الشيعة بالكفار وتتهمهم بالشرك".
خلال تلك الاحتجاجات، رأى الناشط الاجتماعي فاضل الشعلة في تصريحات صحفية، أنّ "التعدي تبدأ رحلته من المرحلة الابتدائية وحتى الدراسات العليا، ويترتب عليه أن يرى الطالب الشيعي نفسه منبوذاً أمام شركائه، كما تدفع بزملائه إلى معاملته بطريقة عدائية". في حين اعتبر الناشط والمدوّن السعودي وليد سليس، في مقابلة له على قناة الحرة، أنّ "الشيعة يتعرضون للظلم حينما تصفهم الكتب المدرسية في السعودية بالصفويين، وغيرها من النعوت".
وسبق أن أشارت منظمة يمينية أمريكية، إلى أن الكتب المدرسية السعودية “تخلق جوًا يعزز عدم التسامح ويدعو للعنف الذي يهدد الأقليات العرقية والدينية”.
في المقابل، يدافع عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة صالح الفوزان، عن وسطية مناهج التعليم السعودية، ليهاجم بشدة من يتهمونها بأنها “مسؤولة عن نشر التطرف والتكفير”.
ونقلت صحيفة “الحياة”، اليوم الأربعاء، عن الفوزان، إن هذه الاتهامات “غير مقبولة”، مطالبًا من يتهم المناهج والكتب السعودية “بتبيين الأخطاء التي يذكرونها لإزالتها”.

مناهج التعليم السعودية
وتصدى مثقفو المملكة للكثير من الانتقادات التي طالت المناهج؛ كان أبرزها دراسة أمريكية سابقة تعد الأكبر من نوعها، وكشفت عنها وزارة الخارجية الأمريكية عقب سلسلة من الضغوط.
وحول الدراسة؛ قال المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي مايكل بوزنر إن “أكثر الجوانب المسيئة في المناهج السعودية كان في الربط بين الديانات الأخرى والقردة”، مشيرًا إلى أن “ذلك الربط قد تم تداركه غالبًا في المناهج الحالية”.
وتكمن أهمية المناهج السعودية في كونها لا تقتصر على المدارس في المملكة بل توزع مجانًا في دول عدة؛ بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لصحف أمريكية.
وأجرت الرياض منذ العام الماضي؛ تغييرات واسعة في مناهج التعليم، لتركز على العلوم التطبيقية والمعلوماتية واللغة الإنجليزية.
وكان العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وافق العام 2014، على خطة مدتها خمسة أعوام بكلفة إجمالية تصل إلى 80 مليار ريال أي ما يعادل 21.33 مليار دولار لتطوير قطاع التعليم في المملكة.

مناهج التعليم السعودية
وتمثل دفاع عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة صالح الفوزان في التأكيد على وسيطة مناهج التعليم السعودية، ومهاجماً بشدة في الوقت نفسه كل من يتهمون تلك المناهج بأنها مسؤولة عن نشر التطرف والتكفير، مؤكداً أن هذه الاتهامات غير مقبولة، وقال: «بينوا لنا الأخطاء التي تذكرونها في هذه المناهج والكتب، ونحن نزيلها، أما مجرد إلصاق التهم، فهذا غير مقبول، ونتحداهم في ذلك».
ووضع الفوزان خلال محاضرة بعنوان «مسؤولية الشباب تجاه دينهم ووطنهم»، وألقاها أمس في جامعة الإمام، من ينعتون أهل السنة والجماعة بتصدير الفتاوى المتشددة التي تدعو إلى سفك الدماء، أو من يستهزئ بولاة الأمر والحكام أو من يوليه الحاكم المسؤولية، سواءً في المجالس أم في خطب الجمعة أم في وسائل التواصل الاجتماعي ضمن «الخوارج، وأنهم مهزومون، وسيرجع وبالهم عليهم»، مبيناً أن الواجب الدعاء لولي أمر المسلمين وطاعته.
وعزا استهداف الشباب السعودي أكثر من غيره إلى كونه موضع القدوة في العالم الإسلامي، وأنهم من بلاد الحرمين الشريفين الذين يحملون عقيدة التوحيد الصحيحة. وخاطب الفوزان الطلبة - خلال اللقاء الذي بث إلى جميع مراكز ومعاهد الجامعة، داخل المملكة وخارجها، وحضره مدير الجامعة سليمان أبا الخيل - بقوله: «أنتم في مقدم الشباب الذين ستقودون هذه الأمة، مسؤوليتكم عظيمة أمام الله وستدافعون عن دينها، الحق بين أيديكم الكتاب والسنة فاحملوه حملاً صحيحاً، فهو السلاح الرباني الذي انتصر على أمم الكفر جميعاً في أقطار الأرض»، داعياً إياهم إلى الالتزام بالضوابط التي يستقيم عليها طلبة العلم للدفاع عن دينهم، ومواجهة أعدائهم بالعلم النافع، والعمل به ثم الدعوة إليه، ونشره بين الناس مع الصبر على الأذى فيه. وأضاف: «الولاء والبراء من صلب هذا الدين ولا يستقيم إلا به، فمن ليس له ولاء ولا براء ليس له فرقان»، مؤكداً أن القرآن وتفسيره محفوظ، وأن من يحاول العبث بالقرآن سينتقم الله منه عاجلاً غير آجل، مشدداً على ضرورة الأخذ بالتفاسير الموثوقة المشهورة عن أئمة المسلمين.
وحذر من قراءة الأبراج لمعرفة شخصية الإنسان، معتبراً ذلك من باب التنجيم والاستدلال بالنجوم وهو من الوثنية، مشدداً على أهمية عدم الرد على من يدعون أنهم دعاة ويقعون في أخطاء، وقال: «مسؤولية الرد على هؤلاء تقتصر على أهل العلم، ولا نسمح لأحد بأن يرد عليهم، إذ إن ذلك يدفع إلى الفوضى العلمية»، مؤكداً أهمية اقتصار إنكار المنكر باليد على أهل السلطة أو نوابهم.
وعن اختلاف المذاهب الفقهية، أشار الفوزان إلى ضرورة عدم الاعتماد على الكتاب، بل على الدليل في أي من كتب الأئمة الأربعة، وأهاب بأعضاء هيئة التدريس ألا يعتمدوا على الملخصات وعندهم كتب مقررة، ولا بد أن يدرسوا هذه الكتب ويبينوها للطلاب، ولا يعولوا على الملخصات التي تحجب الطلاب عن العلم.
وما يؤكده الفوزان هنا هو المطالبة بثبات المجتمع السعودي عند الفترة الزمنية للأئمة الأربعة فلا يستطيع أحد تجاوزهما وبهذا يرفض التطور الحادث في الحياة بشكل عام وفي السعودية بشكل خاص، مما يؤدي في النهاية الى اعاقة المجتمع عن التطور وبالتالي الاستناد الى تلك الفتاوى المتشددة في المذاهب الأربعة بما يتلاءم مع المنهج الوهابي الذي يعد المرجعية الأساسية للملكة السعودية، تلك المرجعية التي تستند اليها الجماعات المتشددة على مستوى العالم.

شارك