"الحشد الشعبي" بين الولاء للعراق ودولة الخميني

الإثنين 12/ديسمبر/2016 - 12:56 م
طباعة الحشد الشعبي بين
 
 على الرغم من أن الحشد الشعبي في العراق من المفترض أن يكون انتماؤه بالأساس إلى الدولة العراقية، إلا أن الإشادة المستمرة من المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، بهذه الميليشيات تؤكد على تنازع ولاءات هذه المجموعات، وآخر هذه الإشادة ما قاله خامنئي لدى استقباله قادة التحالف العراقي الشيعي برئاسة زعيم التحالف الشيعي رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمّار الحكيم، أمس الأحد 11-12-2016م والذي اعتبر فيه ميليشيات الحشد "ثروة وطنية وذخرا للحاضر والمستقبل وينبغي دعمها.
الحشد الشعبي بين
ووفقًا للموقع الرسمي للمرشد الإيراني، فقد عبر خامنئي عن سعادته بتشكيل تحالف بين المجموعات الشيعية في العراق، وأن تلك الخطوة حدثاً مهماً، وهو ما يعني أنه يجب علينا عدم الثقة بالأمريكيين أو الانخداع بابتساماتهم، وأنه يشعر بالارتياح لأداء حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لا سيما تضامنه مع الحشد الشعبي، وقال نصًّا: "إن الحشد الشعبي ثروة عظيمة وذخر لليوم والغد في العراق، وينبغي دعمه وتعزيزه".
 حديث خامنئي يؤكد على أن إيران صاحبة خطة تشكيل ميليشيات الحشد وهو ما سبق وأعلن عنه الجنرال محسن رفيقدوست، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، وهو أحد أبرز مؤسسي الحرس بعد ثورة عام 1979، والذي اقترح مساهمة طهران المباشرة في تسليح وتدريب ونقل الخبرات إلى الحشد الشعبي بشكل أكبر، ونفس الأمر ما أكد عليه وكان عدة مسئولين في الحشد الشعبي أكدوا ولاء هذه الميليشيات لطهران، من بينها تصريحات حامد الجزائري، قائد اللواء 18 بالحشد الشعبي، لوكالة "ميزان" الحكومية الإيرانية، التي قال فيها: إن "قادة الحشد الشعبي تربوا في أحضان النظام الإيراني"، وإن ميليشيات الحشد الشعبي تعتبر نفسها "تابعة لدولة ولاية الفقيه التي لا تعترف بالحدود، وإن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فوض سليماني في "كافة الصلاحيات"، وإن "الحشد الشعبي يعتبر سليماني مندوبا لخامنئي في العراق"، كما سبق وأكد الأمين العام لـ "كتائب سيد الشهداء"- أحد أهم فصائل الحشد، في أغسطس 2016م- أن "الكتائب تشكيل عقائدي مرتبط بولاية الفقيه ولا يتبع الساسة العراقيين" 
الحشد الشعبي بين
 كما كان لقائد فيلق القدس، جناح العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، المصنف على لائحة الإرهاب- دور كبير في تأسيس وتشكيل الحشد الشعبي، بدعم ورعاية أهم حلفاء ورجال إيران في العراق، وعلى رأسهم قائد منظمة بدر هادي العامري، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، الذي لعب دوراً أساسياً في تشكيل وصياغة الحشد الشعبي ليكون قوة موازية للجيش العراقي وسلاحًا إيرانيًّا في التعامل مع أي تغيرات سياسية في المستقبل، وكان هادي العامري زعيم ميليشيا بدر (الجناح العسكري للمجلس الأعلى الإسلامي الشيعي)، وهو قيادي في الحشد الشعبي والذي يعرف بأنه أحد رجال إيران في العراق الجديد- قد قال في نهاية أغسطس 2016م: "إن قوات الحشد الشعبي أصبحت أقوى من الجيش العراقي والشرطة العراقية".
وكانت البرلمانية العراقية لقاء وردي ورئيسة لجنة المهجّرين في مجلس النواب العراقي، قالت في وقت سابق: إن إيران تغذي "ثقافة الثأر من السنة" عبر الميليشيات الموالية لها في العراق؛ ولذلك يجب عزل المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية عن الأجندات المذهبية، وردي هو أن هناك "محاولات لجر العراق إلى الفلك الإيراني، وإبعاده عن سياقه الوطني والقومي العروبي" هذا في الوقت الذي مشفت مصادر عراقية عن أن قاسم سليماني، قائد فيلق "القدس" الإرهابي يشرف على تشكيل جهاز استخبارات للحشد الشعبي على غرار جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري في إيران الذي يسمى "حفاظت إطلاعات" ووفقاً لوسائل إعلام عراقية، فقد أوعز الحرس الثوري الإيراني لمؤسسة "الرضوان"، وهي مؤسسة شيعية ممولة من إيران مقرها في مدينة كربلاء، وتتكون من عدة جمعيات شيعية، بتنفيذ مهمة "تشكيل جهاز الحشد الشعبي الاستخباري" ليتولى عمليات "المراقبة وجمع المعلومات" في جميع المحافظات العراق. 
الحشد الشعبي بين
 يُذكر أن قوات الحشد الشعبي هي عبارة عن قوات شبه عسكرية عراقية مدعومة من الحكومة ومؤلفة من حوالي 82 فصيلًا، الغالبية منهم من المسلمين الشيعة؛ حيث تم تشكيلها، بعد فتوى أطلقتها المرجعية الدينية الشيعية في النجف الأشرف، بعد سيطرة « داعش » على مساحات واسعة في عدد من المحافظات الواقعة شمال بغداد عام 2014 م وتنقسم فصائل «الحشد الشعبي» إلى قسمين: الأول هو الفصائل الكبيرة المعروفة، مثل «منظمة بدر» و«كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» و«سرايا السلام» (جيش المهدي سابقًا بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر) و«لواء الخراسان» وغيرها.
والقسم الثاني هو من الشباب الذين استمعوا إلى نداء المرجعية الدينية، بعد سقوط «الموصل» بيد تنظيم الدولة في يونيو عام 2014، وانضموا إلى قطاعات الجيش والشرطة في حزام بغداد، وفي محافظات أخرى وتعد بمثابة العمود الفقري للجيش العراقي؛ كونها تعد جزءًا من المنظومة العسكرية العراقية الرسمية؛ حيث يرتدي منسبوها الزي العسكري للجيش العراقي، ويتسلحون بسلاحه، ويستخدمون سياراته ومعداته، ويتمتعون بدعم حكومي كامل، يعطيههم سلطات لا محدودة وأغلب قادة الفصائل هم من المتمولين، وتتلقى فصائلهم الكثير من الدعم من رجال الأعمال الشيعة. وتعدّ سرايا السلام التابعة للسيد مقتدى الصدر وسرايا العتبات التي تتألف من خدم (بالمعنى الشرعي) المقامات الشيعية الأكثر تمويلاً فأغلبية رجال الأعمال العراقيين يؤيدون الصدر بينما تتلقى العتبات أموالاً كثيرة من النذور الشيعية للمقامات فكل فرد في الحشد الشعبي يتقاضى 500$ شهرياً تدفعها الحكومة العراقية التي اشترطت على كل فصيل، ليحظى بالدعم المالي، أن يكون بحجم لواء ويتمتع بهيكلية واضحة. وقد حاولت الحكومة دمج فصائل عدة، ولكنها فشلت.
الحشد الشعبي بين
 وعلى الرغم من أن الحشد يتكون في الأساس من المجموعات الشيعية إلا أنه وُجِّهَت له انتقادات من الشيعة أنفسهم؛ حيث أكد القيادي الديني الشيعي العراقي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقوع عمليات ذبح واعتداء بغير حق من قبل ميليشيات من الحشد الشعبي ضد مواطنين عراقيين، لا ينتمون لتنظيم الدولة، وأن جماعات مسلحة وصفها بأنها ميليشيات "وقحة" تعمل بمعية ما تسمى سرايا الحشد الشعبي، هي من نفذت هذه الممارسات وقامت بها، وقال في بيان سابق له "إن الميليشيات الوقحة تتعامل مع الوضع الأمني وترديه بأسلوب قذر بالذبح والاعتداء على غير الدواعش الإرهابيين بغير حق، وتريد أخذ زمام الأمور بيدها لبسط نفوذها بالذبح والاغتيالات وتشويه سمعة المذهب بل الإسلام".
وأكد أن مثل هذه الممارسات ستؤدي إلى فشل التقدم والنصر الذي حققه الحشد المطيع للمرجعية والمحب للوطن. ودعا الصدر إلى عزل هذه الميليشيات؛ لكي لا تكون نقطة سوداء في جبين الجهاد والوطنية.
الحشد الشعبي بين
مما سبق نستطيع التأكيد على أنه بالرغم من أن الحشد الشعبي في العراق من المفترض أن يكون انتماؤه بالأساس إلى الدولة العراقية، إلا أن الإشادة المستمرة من المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، بهذه الميليشيات تؤكد على تنازع ولاءات هذه المجموعات، مما يخدم في النهاية المصالح الإيرانية وليس مصالح الدولة العراقية. 

شارك