بعد مظاهرات الجنوب وتخلي ايران.. هل أنتهت أيام نوري المالكي في العراق؟

الإثنين 12/ديسمبر/2016 - 04:58 م
طباعة بعد مظاهرات الجنوب
 
حالة من الرفض الشعبي والانعزالية السياسي يعيشها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، مع  تبني تظاهرات شعبية ضده في مدن الجنوب العراقي ذا الاغلبيى لشيعية، وسط انباء عن رفع ايران دعمها عن رجلها الأول في العراق، في ظل حالة الرفض السياسي له من قبل الجماعات والاخزاب السياسية الشيعية وايضا السنية.

احتجاجات علي زيارة المالكي

احتجاجات علي زيارة
وادت  زيارة  نائب الرئيس العراقي  وزعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، التي انتهت اليوم الى محافظات الجنوب العراقي الثلاثة (ميسان، ذي قار، البصرة) الي مشكلة عشائرية تسبب بها مستشاره الخاص وزير المصالحة السابق عامر الخزاعي مع احدى عشائر البصرة، بعد ان اطلق افراد حمايه الأخير عيارات نارية على جموع المحتجين ضد زيارة المالكي وأدت الى جرح أحدهم. فردّ بعض المتظاهرين بإطلاق عيارات نارية على منزل الخزاعي في البصرة، في اجراء مماثل لإجراءات "الكوامة" العشائرية.
وقد أثارت زيارة المالكي منذ انطلاقها الخميس الماضي موجة استياء شديدة خاصة بين اتباع التيار الصدري في تلك المحافظات، حيث قوبل أول يوم من زيارته الى محافظة ذي قار باحتجاجات واسعة من الصدريين وبعض الناقمين على السياسات التي انتهجها المالكي ابان فترة رئاسته لمجلس الوزراء في دورتين متتاليتين(2005 -2014). ووقف عشرات المحتجين في مركز المحافظة الناصرية رافعين لافتات منددة بالزيارة.
واقتحم مئات من المحتجين في محافظة البصرة العراقية الأحد مركزا ثقافيا، كان يعتزم نوري المالكي، نائب رئيس الدولة زيارته وإلقاء كلمة فيه أمام تجمع عشائري.
وطرد المتظاهرون، أنصار المالكي من قاعة "مركز النادي الثقافي النفطي" وسط البصرة (ذات أغلبية شيعية)، متهمينهم بـ"تأييده شخص متورط بدماء العراقيين" (في إشارة إلى المالكي). كما ردد المحتجون شعارات ترفض تواجد المالكي في المحافظة باعتباره "مسؤولا عن تدهور الأوضاع في البلاد"، وتسليمها الى تنظيم "داعش".
وتكررت حالة الاستياء عند وصول المالكي الى محافظة ميسان، حيث قام آلاف المحتجين بالتظاهر أمام مقر اقامته في الفندق التركي في العمارة، حاملين لافتات منددة بالمالكي.
ويتهم أنصار المالكي أحزابا صغيرة داخل الائتلاف الوطني الذي ينتمي اليه حزب الدعوة بزعامة المالكي، بأنها هي التي تقف ضد هذه التحركات معتبرين ان هذه الأحزاب لا قيمة لها في الحياة السياسية.
ومنع مئات المتظاهرين الجمعة المالكي من إلقاء كلمة بمدينة العمارة (مركز محافظة ميسان) بعد أن طوّقوا الفندق الذي يقيم فيه.
وكان مخططا أن يحضر المالكي إلى المركز الثقافي النفطي لإلقاء كلمة أمام العشرات من شيوخ ووجهاء محافظة البصرة.
وقال أحمد السليطي، عضو مجلس محافظة البصرة إن "نوري المالكي وصل محافظة البصرة في وقت متأخر من ليلة السبت".
وأضاف أن "مجلس المحافظة لم يطلع على أسباب الزيارة"، وأنه "لا يوجد أي اجتماع رسمي بين مجلس المحافظة ونائب الرئيس العراقي
وتتهم المحافظات الجنوبية المالكي (بوصفه القائد العام للقوات المسلحة سابقا) بالمسؤولية وراء مقتل نحو 1 ألف و700 عسكري في قاعدة "سبايكر" في 12 يونيو 2014، بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مدينة تكريت أغلبهم من الشيعة.
كما توجّه بعض الأطراف السياسية للمالكي اتهامات بالمسؤولية عن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من الأراضي شمال وغرب البلاد، وإهدار نحو 500 مليار دولار خلال ترؤسه للحكومة عامي 2006 و2014.
من جانبه، أصدر مكتب نوري المالكي عقب عودته الى بغداد بياناً أشاد فيه بـ "مواقف الجماهير وولائهم وتفاعلهم ورفضهم للسلوك غير القانوني والمنافي للقانون وآداب الاستفادة من الحرية والديمقراطية". في إشارة الى التجاوزات التي صدرت عن المتظاهرين. 
وعبر البيان عن" قلقه من استفحال نشاط العصابات والميليشيات الخارجة عن القانون في محافظة البصرة". يشار الى ان المالكي شنّ حملة واسعة حين كان رئيساً للوزراء ضد جماعات "جيش المهدي" في البصرة عام 2006.
كما اعتبر عباس الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي أن التظاهرة التي شهدتها محافظة البصرة السبت محاولة لـ"قتل المالكي سياسيا وجسديا"، فيما اتهم جهات سياسية لم يسمها، بـ"تحريض" المواطنين على التظاهر.

رفض شيعي للمالكي:

رفض شيعي للمالكي:
وعلي صعيد الوضع السياسي الشيعي، يجد المالكي معارضة شرسة داخل المكون الشيعي نفسه عدا عن رفضه داخل المكون السني. ولعل صراعه مع رجل الدين العراقي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أحد ابرز علامات هذا الخلاف. 
كما أن تباين المصالح الاقتصادية والدينية والسياسية، والخلافات القديمة التي ترجع الى ما قبل احتلال العراق ومعارضة نظام صدام حسين من خارج العراق قد جعلت من التعامل السياسي بين المالكي وحزب الدعوة من جهة وآل الحكيم ومجلسهم الإسلامي الأعلى من جهة أخرى مجرد توافقات ظاهرية املتها ظروف المرحلة الماضية.
وقد شهد العراق خلال الاشهر الماضية، العديدمن التغييرات على سبيل المثال بروز زعيم التيار الصدري  مقتدى الصدر كمناهض للفساد وكداعية للإصلاح، جنبا إلى جنب زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم الذي يعرض نفسه كرجل للوفاق وحامل للواء مشروع للمصالحة عابر للطوائف والأعراق، إضافة إلى عدد من قادة الميليشيات المشكلة للحشد الشعبي الذين استفادوا من دور الأخير في مواجهة تنظيم داعش.
ويقابل ذلك تلبّس صورة سلبية بالكثير من رموز وقادة العائلة السياسية الشيعية في العراق على رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي لا تتردّد الغالبية العظمى من العراقيين في تحميله مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلد من تدهور شامل لمختلف المجالات، وصولا إلى انتهاء فترة حكمه الثانية بكارثة وقوع ما يزيد عن ثلث مساحة العراق تحت سيطرة تنظيم داعش.
ويؤكد المحللون أن الحملة الشيعية على المالكي تدل على أن الصراعات على السلطة والحكم تتهيأ لتدخل البيت الشيعي الكبير داخل العراق لا سيما بعد القضاء نهائيا على خصمهم السني وإضعاف قدرته على منافستهم في حكم العراق الى حد كبير. ويضيف هؤلاء أن من سيحكم العراق من الشيعة هو من سينال رضاء ايران أكثر من غيره.

تخلي ايران:

تخلي ايران:
وأكدت مصادر عراقية أن إيران باتت ترفض بشدة أي دور سياسي مستقبلي لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وأن جميع التحركات التي وصلت الى حد منعه من حضور اجتماعات شعبية في عدد من محافظات الجنوب كانت بتدبير من أحزاب سياسية شيعية وشخصيات سياسية تحظى بدعم إيراني قوي وتعول عليها طهران في قيادة العراق في مرحلة ما بعد تنظيم "داعش" بعيدا عن أي توترات يمكن أن تثيرها عودة المالكي للمشهد السياسي.
وبينما كان المالكي يواجه غضبا شيعيا متناميا كان رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي و رئيس التحالف الوطني الشيعي عمار الحكيم في ضيافة مرشد إيران علي خامنئي ليقدم له إيجازا حول نتائج زيارته للأردن بشأن مشروع التسوية السياسية في العراق. 
وقد استمع منه لنصيحة بعدم شمول البعث والرافضين لسياسة التحالف الشيعي بهذه التسوية إضافة لـ"عدم الثقة بالاميركيين والانخداع بابتسامتهم".
وتدرك طهران التي رفعت يدها عن المالكي منذ أن قبلت بإقالته من منصبه في 14 أغسطس 2014 تحت ضغط أميركي، وذلك على خلفية اتهامه بتسليم شمال العراق لتنظيم الدولة الإسلامية، ان المالكي شخصية خلافية وأن عودته للساحة السياسية من بوابة حكم العراق يمكن أن يعقد عليها مواصلة تنفيذ أهدافها في العراق التي تطلب حالة من الاستقرار ومن الإجماع والتكاتف ووحدة الصف الشيعي في المعارك السياسية المقبلة، وهي حالة لا يمكن ان تتوفر في العراق في حالة عودة المالكي لحكم العراق باعتبار ان كارهيه في كل مكان داخل وخارج العراق.
وتخشى طهران أن تكون عودة المالكي لحكم العراق سببا في حدوث توترات سياسية داخلية تزيد من وتيرة التدخلات الإقليمية وحتى الدولية، إذ أن الرجل الذي اوكلت له مهمة تدمير المكون السني العراقي وإضعافه الى اقصى حد ممكن لم يعد لديه ما يقدمه وبات عليه ان يغادر بلا رجعة، لاسيما وأن طهران تريد البدء باستغلال ثمرة العراق اقتصاديا باسرع وقت ممكن بعد ان استزفتها التدخلات في دول المنطقة خاصة في سوريا كثيرا بشريا وماديا ولا بد من التعويض.

المشهد العراقي:

مع رفض شعبي وسياسي شعي في العراق، بالاضافة الي نخلي ايران بشكل او باخر عن رئيس الوزراء العراقي، هل يواجه نوري المالكي قطيعة سياسية شعبية علي هوي ايراني، بالتخلي عن زعيم حزب الدعوة العراقي، وهو ما يشير الي أن ايام نوري المالكي باتت معدودة في العراق.

شارك