الميليشيات الإيرانية كلمة السر في انتصارات النظام السوري في حلب

الثلاثاء 13/ديسمبر/2016 - 02:50 م
طباعة الميليشيات الإيرانية
 
شكلت الميليشيات الإيرانية كلمة السر الحقيقة في انتصارات النظام السوري في معركة حلب الكبرى؛ حيث أسهمت مع الطائرات الروسية هزيمة المعارضة المسلحة في أحياء حلب الشرقية بعد حصارها، وبعد قصف مدفعي طال منطقة لا تزيد مساحتها على أربعة كيلومترات والتي تحتضن نحو مئة ألف شخص.
الميليشيات الإيرانية
وذكر شهود عيان أن قصف مدفعي مكثّف لميليشيات إيران استهدف حيّي "المشهد وصلاح الدين" في مدينة حلب المحاصرة أن الدفاع المدني عجز عن انتشال الضحايا، سواء كانوا قتلى أو جرحى؛ حيث تنتشر الجثث بالشارع أو تحت الأنقاض، كما جددت الميليشيات الإيرانية محاولة اجتياح أحياء "زبدية وجب الجلبي والمشهد والسكري والأنصاري الشرقي، وصلاح الدين" الواقعة في القسم الجنوبي والجنوبي الغربي من حلب المحاصرة ويأتي ذلك وسط تأكيد الأمم المتحدة أن ميليشيات إيران نفذت في الساعات الأخيرة عمليات إعدام جماعية، وذلك بعد احتلالها أحياء الفردوس والصالحين وبستان القصر في حلب؛ حيث تم تضييق الخناق على نحو 100 ألف مدني محاصرين ضمن منطقة جغرافية لا تتجاوز 4 كيلو مترات مربعة.
وقال نائب رئيس المجلس المحلي زكريا أمينو: إن المدينة تتعرض لحملة "إبادة جماعية" بشتى أنواع الأسلحة، في ظل عدم وجود مشاف أو أدوية أو مواد غذائية، وإن جثث القتلى المدنيين تملأ الشوارع لعدم قدرة فرق الإسعاف الوصول إليها، بسبب القصف الذي تتعرض له الأحياء، مناشداً كافة الدول ومجلس الأمن والأمم المتحدة، إيقاف ما يحصل في حلب من "قتل جماعي وإبادة" في الوقت الذي أعلنت مديرية الدفاع المدني في حلب، ليل الاثنين-الثلاثاء 12-12-2016م وللمرة الأولى، أنها لم تستطع توثيق أعداد الشهداء الذين قضوا في مدينة حلب؛ بسبب استمرار القصف، وقالت المديرية على صفحتها الرسمية في موقع "فيسبوك"، "لا حصيلة للقتلى في مدينة حلب ليوم الاثنين.. الجثث تملأ الشوارع والقصف ما زال مستمرًّا". 
الميليشيات الإيرانية
هذا في الوقت الذي أكد تقرير لصحيفة واشنطن بوست أن الميليشيات الشيعية التي تشارك في حصار حلب حاليًا مؤشر على النفوذ الأوسع وغير المسبوق لـ إيران في سوريا الآن، وأن هذا النفوذ سوف يستمر "سنوات وسنوات"، الأمر الذي سيؤثر في الجميع بالمنطقة وأن قوات الرئيس السوري بشار الأسد التي أضعفتها سنوات الحرب الأهلية لا تقود المعركة ضد الجزء الشرقي من حلب، بل تقودها ميليشيات شيعية من لبنان والعراق وباكستان وأفغانستان تحت إدارة إيران، وتلعب هذه الميليشيات دورًا متزايد التأثير، بتنسيق هجماتها مع القوات الحكومية والمقاتلات الروسية لهزيمة المعارضة السورية المسلحة بشرق حلب وطردها من هناك وأن إيران وميليشياتها تثير قلق واشنطن، إذ إن البلدين وجدا نفسيهما يحاربان معا تنظيم الدولة في العراق بينما لهما أهداف متعارضة في سوريا. إن إيران ربما تجد نفسها في نهاية الأمر تتنافس وروسيا على النفوذ في سوريا، إضافة إلى ذلك فإن وجود الميليشيات الشيعية في سوريا قد أجج التنافس بين طهران والقوى الإقليمية.
ويقول الخبير في الميليشيات الشيعية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فيليب سميث: إنه يبدو أن هذه الميليشيات تعمل على بناء تحالف بري متطور تسبب في تعزيز النفوذ الإيراني في سوريا وفي إخافة حتى المسئولين السوريين، وإن هذا التحالف البري سوف يستمر لفترة طويلة بسوريا ويمارس نفوذا عسكريا وأيديولوجيا قويا لصالح إيران هناك وأن الأسد لا يستطيع فعل شيء لكبح النفوذ المتزايد لهذا التحالف الأجنبي بسوريا، لأن هذا التحالف وببساطة هو الذي يحمي حكومته من السقوط.
الميليشيات الإيرانية
  يُذكر أن أكثر من 30 فصيلاً عسكرياً يحمل صبغة طائفية من مختلف الجنسيات العربية والآسيوية، في مقدمتها (إيران، لبنان، العراق) قد انخرطوا مؤخراً في معركة ريف حلب الجنوبي وشهدت اشتباكات عنيفة وتقاسم سيطرة بين الفصائل العسكرية وميليشيا قوات النظام التي يقودها بشكل مباشر "قاسم سليماني" القائد في الحرس الثوري الإيراني وعلى الرغم من حجم الخسائر التي منيت بها قوات النظام من عتاد عسكري فاق الستين آلية، بالإضافة إلى عشرات القتلى من عناصرها، إلا أنها تقدمت وسيطرت على "تلة العيس" الاستراتيجية المطلة على طريق دمشق الدولي، منهية بذلك أولى مراحل معركة حلب وكشف القيادي في الجبهة الشامية حسن مخيبر عن أن قوات النظام السوري اعتمدت في معاركها الأخيرة على استراتيجية الأرض المحروقة مع الميليشيات الشيعية عبر التغطية الجوية المكثفة من قبل المقاتلات الحربية الروسية، والقصف المدفعي الغير منقطع من المدافع والآليات المتمركزة أعلى قمة جبل عزان، وهو الأمر الذي مكنها من التقدم والسيطرة على مناطق عدة في الريف الجنوبي ومن الطبيعي تقدم قوات النظام إلى هذه المناطق، نظراً للحشود الضخمة الموجودة في مطار النيرب العسكري والبلدات القريبة من خطوط الاشتباك، والتي تضم المئات من عناصر الميليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية.
الميليشيات الإيرانية
وأشار إلى أن المعارك الأخيرة في ريف حلب الجنوبي، كشفت عن ولادة ميليشيا جديدة مدربة على يد الحرس الثوري الإيراني، وهي ميليشيا حزب الله العراقي التي يفوق تعدادها الألفي مقاتل حسب المعلومات المتوفرة، ويقتصر تواجدها على منطقة جبل عزان، لتركز مشاركتها على تقديم الغطاء النيراني والقصف بصواريخ جديدة لم تستخدم من قبل، ويقول بعض العسكريين إن مصدرها جيش كوريا الشمالية، وتبلغ قوتها التدميرية ضعفي الصاروخ البالستي الذي تستخدمه ميليشيا حزب الله اللبناني في حلب (صاروخ فيل وعلى الرغم من تحقيق قوات النظام تقدماً ملحوظاً في ريف حلب الشرقي الواقع تحت سيطرة تنظيم داعش وتوج بفك الحصار عن مطار كويرس، إلا أن الوكالات الإخبارية الإيرانية واللبنانية المقربة من النظام، كان تركز اهتمامها على معارك منطقة عزان، واصفة إياها بالمصيرية ومن خلال زيارتي لنقاط تمركز الثوار في ريف حلب الجنوبي، لم تغب أسراب الطائرات الروسية عن سماء المنطقة، مستهدفة كل شيء حتى الأراضي الزراعية الفارغة من المنازل، كما أننا لم نشاهد "قاسم سليماني" في مطار كويرس على الرغم من أهمية المعركة هناك، على غرار حضوره بين مقاتلي حركة "النجباء العراقية" في بلدة الحاضر، الأمر الذي يفسر كمية الضخ الإعلامي لهذه المنطقة التي يتخوف النظام وأعوانه من الفشل في معركتها التي تهدف الوصول إلى ريف إدلب.
وكالة الأنباء الإيرانية "فارس" نشرت قبل أسابيع مجموعة صور توضح المناطق التي تقدمت إليها الميليشيات الشيعية التي تقودها شخصيات إيرانية. ووفق الصور كانت بلدة الحاضر قد سقطت بيد هذه الميليشيات، وكذلك منطقة الإيكاردا وطريق دمشق الدولي، الأمر الذي يعزيه بعض الناشطين إلى أهمية المعركة بالنسبة للنظام الإيراني، والخطة التي وضعت من أجل فك الحصار عن "كفريا والفوعة" بريف إدلب الشرقي، خاصة بعد الهدنة التي تم الإتفاق عليها بين جيش الفتح وإيران، والتي تنص على خروج العائلات من المناطق الشيعية في إدلب، مقابل خروج أبناء مدينة الزبداني المحاصرة
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن الميليشيات الإيرانية قد شكلت كلمة السر الحقيقة في انتصارات النظام السوري في معركة حلب الكبرى، وأن هدف الميليشيات الشيعية التي جندت كل هذه الأعداد، هو الوصول إلى السيطرة الكاملة على مدينة حلب وجوارها الاستراتيجي المهم.

شارك