الإخوان.. قطر.. السعودية.. في مواجهة مصر

الأحد 18/ديسمبر/2016 - 06:44 م
طباعة الإخوان.. قطر.. السعودية..
 
الإخوان.. قطر.. السعودية..
نعلم جميعا العلاقات الوثيقة بين العائلة المالكة القطرية وجماعة الاخوان الارهابية وغيرها من الجماعات الارهابية العاملة في المنطقة وعلى راسها تنظيم الدولة "داعش" وقد صدرت دراسات عربية وغربية عدة تؤكد طبيعة العلاقة بين قطر وهذه الجماعات، وكذلك السعودية الوهابية ودورها فيما يحدث في سوريا وتمويلها للجيش الحر وغيره من التنظيمات المسلحة والتي تحارب النظام السوري للسنة الخامسة على التوالي، واذ كان هناك تقارب ما بين المملكة الوهابية ومصر تميز بالتعاون الكبير في عهد الملك عبد الله الا انه منذ تولى الملك سلمان حكم المملكة الوهابية وبدأت العلاقة بين البلدين في التوتر وأخر هذه التوترات زيارة مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، إلى سد النهضة الإثيوبي حيث تعد هذه الزيارة بمثابة شرخًا جديدًا في العلاقات "المصرية- السعودي"، حيث تحاول الثانية لعب دور القيادة في المنطقة مستغلة الوضع الاقتصادي لمصر.
وزار مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، أول أمس الجمعة، سد النهضة الإثيوبي، وذلك في إطار تواجده حاليا في العاصمة أديس أبابا للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة، والاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة.
الدكتور محمد محي
الدكتور محمد محي الدين، المحلل السياسي
وتتمثل الأزمات القائمة بين الجانبين "المصري- والسعودي"، وتباين آراء بعض المختصين في هذا الشأن حول هذه القضية الشائكة، حيث بدأت بوادر الخلاف السياسي بين مصر والسعودية، تظهر عقب تصويت مصر في مجلس الأمن الدولي لصالح مشروع القرار الروسي حول الوضع في سوريا، الذي لم يلق تأييدا إلا من أربع دول. واستخدمت موسكو حق "الفيتو" ضد مشروع القرار الفرنسي حول حلب بمجلس الأمن، والذي يدعو لوقف القتال والغارات الجوية على المدينة، كما يدعو إلى هدنة ووصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف المناطق في سوريا، قبل أن تفشل بتمرير مشروع قرار آخر قدمته لإحياء اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا، لكنه لم يطالب بوقف الغارات الجوية. وقامت المملكة العربية السعودية باتخاذ عدة قرارات من شأنها رفع اسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر من قوائم الإرهاب، في العاشر من ديسمبر، وتعتبر تلك الخطوة هي خطوة سعودية تأتي بعد ثلاثة أعوام بعد صدور قرار من الراحل عبد الله بن عبد العزيز للإطاحة بالرئيس المعزول مرسي. حيث أوضحت " وكالة اليوم الإخبارية"،  أنه في الفترة الحالية هناك مشاورات قائمة في المملكة والعديد من اللقاءات التي تم عقدها في لندن والرياض وإسطنبول بين قيادات إخوانية مماثلة، وذلك لإزالة اسم جماعة الإخوان من قائمة الإرهاب مقابل تفاهمات بين المملكة والتنظيم الدولي للجماعة. وفي السابع من نوفمبر الماضي، أعلنت شركة "أرامكو" تعليق إمداد مصر بالمواد البترولية، بالرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت أبرمت مع مصر اتفاقية بإمداد مصر بمنتجات بترولية مكررة بواقع 700 ألف طن شهريا لمدة خمس سنوات بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة أرامكو السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول، جرى توقيعه خلال زيارة رسمية قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر في مطلع إبريل الماضي. وتصاعدت الأزمة بين مصر والسعودية عقب وقف تنفيذ الحكم الذي كان يقضي بسعودية الجزيرتين "تيران وصنافير" وأحقيتها في السيادة عليهما. ومن جانبه قال الدكتور محمد محي الدين، المحلل السياسي، والبرلماني السابق، إن الدعم الدولي الذي تتلقاه إثيوبيا لسد النهضة الإثيوبي بشكل عام لم يخرج عن نطاق الموقف الرسمي لمصر، موضحًا أن الرئيس السيسي وافق على بناء السد نظرًا لأن هناك مصلحة لدول حوض النيل، أي كانت الجهة التي ستموله. وأوضح "محي الدين"، أن السعودية في الآونة الأخيرة استغلت الوضع الاقتصادي السيء الذي تمر به مصر، وتحاول أن تلعب دور القيادة في المنطقة، اعتمادًا على قدرتها المادية في تغطية مطالب الدول الأخرى وتلبية احتياجاتها، في محاولة منها لإضعاف مصر. وأضاف المحلل السياسي، أن توتر العلاقة بين مصر والسعودية أصبح واضحًا، لذا يجب على مصر أن تعتمد اعتماد ذاتي على نفسها مهما كان نوع الضغط، لعدم استخدام الدول الأخرى امكانيات مصر لخدمة مصالحها الخاصة، والضغط عليها بحجة الدعم المادي، كما فعلت المملكة، وتباطأت في  تنفيذ مشروع  جسر الملك سلمان، والمنطقة التجارية الحرة التي كانت المفترض تقام في سيناء.
أما على صعيد العلاقات المصرية القطرية والتي تدهورت منذ محاولة الانقلاب الفاشل التي وقعت عام 1996 للإطاحة بأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، وتورطت فيها عدة دول من بينها مصر، وبهدف اعادة والده الشيخ خليفة بن حمد الى العرش مجددا.
امير قطر السابق لم يغفر للرئيس السابق حسني مبارك تورطه في هذا الانقلاب، وارساله، حسب الرواية القطرية، ضباط من الجيش المصري للمشاركة، او حتى قيادة القوات المغيرة التي انطلقت من الاراضي السعودية، وكانت تخطط لاقتحام الديوان الاميري وقتل الامير، ولكن المحاولة احبطت، ويقال ان الولايات المتحدة لعبت دورا في هذا الصدد، ولكن لا يوجد تأكيد رسمي لهذه الحقيقة.
محطة “الجزيرة، التي جرى استخدامها كمدفعية ثقيلة ضد مصر وتأليب المعارضة لها، ونشر تقارير اعلامية مضادة لعبت دورا كبيرا في زعزعة استقرار البلد، وجاء الانتصار الاكبر عندما دعمت الثورة المصرية للإطاحة بحكم الرئيس مبارك وتبني حركة “الاخوان المسلمين”، ولم تتحسن العلاقة بين البلدين، اي مصر وقطر، الا لفترة قصيرة امتدت لحوالي عام اثناء حكم المعزول محمد مرسي، ولكنها عادت للتوتر وبصورة اكثر خطورة بعد الاطاحة به، لان قطر وظفت كل امكانياتها المالية والاعلامية الضخمة ضد نظام الرئيس السيسي.
وجاء اتهام وزارة الداخلية المصرية قطر في بيانها الذي صدر بعد تفجير الكنيسة البطرسية وسط القاهرة، وادى الى مقتل 23 شخصا واصابة العشرات، بالوقوف خلف هذا الانفجار، وتأكيدها ان منفذه الانتحاري مهاب مصطفى السيد قاسم زار الدوحة عام 2015، وكان على علاقة مع قيادة الاخوان المسلمين المقيمة فيها، ثم عاد بعد ذلك الى سيناء للقتال فيها، هذا الاتهام ادخل العلاقات بين البلدين في مرحلة جديدة من التوتر غير المسبوق.
السيد عبد اللطيف
السيد عبد اللطيف الزياني، امين عام المجلس
ولا شك أن ربط دولة قطر بالإرهاب، والوقوف بطريقة او بأخرى، خلف تفجير كنيسة تهمة خطيرة جدا، ربما تترتب عليها عواقب وخيمة، وربما عقوبات ومحاكم دولية اذا جرى اثباتها رسميا بالأدلة والوثائق، مضافا الى ذلك انها يمكن ان تؤلب ابناء الديانة المسيحية ضدها، ليس في مصر وحدها، وانما في بعض الدول الغربية، خاصة ان هناك اتهامات لقطر بدعم جماعات “ارهابية” في سورية، ولم يتردد فرانك غاردنر، المحرر الامني لشبكة “بي بي سي” الى توجيه سؤال حولها الى رئيس المخابرات القطرية اثناء زيارة الامير تميم بن حمد لبريطانيا قبل عام، ونفاها كليا.
المسؤولون القطريون استشعروا هذه الخطورة ولجأوا الى مجلس التعاون الخليجي طلبا للدعم، الامر الذي دفع السيد عبد اللطيف الزياني، امين عام المجلس الى اصدار بيان رسمي، استنكر فيه الاتهامات لقطر، وانزعاجه من الزج باسمها في جريمة تفجير الكنيسة، ودون الاستناد الى معلومات وادلة ثابته، ولكن الخارجية المصرية سارعت أمس السبت بإصدار بيان رسمي قالت فيه “ان مصر كانت تأمل ان يعكس موقف مجلس التعاون الخليجي قراءة دقيقة للموقف المصري”، مؤكدا “ان معلومات مصر بشأن تواصل المتهم الرئيسي بتفجير الكنيسة بعناصر في قطر مؤكد، وان السلطات الامنية المعنية تواصل جمع الخيوط كافة حول هذه الجريمة ومن مولها، وخطط لها، وساهم في تنفيذها، وسوف تعلن كل الادلة بعد اكتمال عملية التحقيق”.
البيان المصري يعكس حالة من الثقة، مثلما يعكس تصعيدا ضد دولة قطر، ونوايا انتقامية مبيته، وان كان بعض المراقبين توقف عن التسرع في توجيه الاتهامات الى الدوحة قبل اكتمال نتائج التحقيق، وجمع الادلة الموثقة.
الإخوان.. قطر.. السعودية..
علاقة دولة قطر بحركة الاخوان المسلمين معروفة ولا نحتاج الى اثباتات، ووجود عناصر من الجماعة في الدوحة ايضا من الامور العلنية التي لا يمكن اخفاؤها، ولكن السؤال هو حول مدى وقوف الجماعة الاخوانية خلف هذا الهجوم الذي ادانته رسميا، مثلما أدانته دولة قطر، ومجلس التعاون الخليجي ايضا.
الاتهامات المصرية لقطر خطيرة، علاوة على كونها تبعث على القلق، وهذا القلق سيتفاقم اذا قدمت مصر ادلتها الدقيقة والمقنعة، لان الخلاف السياسي مشروع، والقصف الاعلامي المتبادل الذي تزايدت حدته منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى مقعد القيادة، من الامور المتبعة بين الدول المتخاصمة في المنطقة العربية، اما التورط في تفجير كنيسة، فهذا عمل جنائي يتجاوز الخطوط الحمراء بكل تدرجاتها.

شارك