مع انتهاء فترة ولايتها.. "الوفاق" تعيد الأزمة الليبية للمربع "صفر"
الثلاثاء 20/ديسمبر/2016 - 05:39 م
طباعة
مع انتهاء فترة ولاية حكومة الوفاق الليبية التي تحظى بدعم دولي وأممي كبيرين، يبدو أن الوضع يسوء في ظل تعنت بعض الأطراف في السماح لها بتمديد المدة، وكذلك عدم موافقة البرلمان الليبي في الشرق بمنحها الثقة تمامًا، الأمر الذي قد يعيد الأزمة الليبية للمربع "الصفر".
وعلى الرغم من أن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، أعلن أن قواته نجحت في تحرير مدينة سرت من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"، إلا أن البعض يرى أن هذا الإعلان مجرد "تعمد" لمنحه الثقة بولاية جديدة بعد فشله في "لم شمل" المتنازعين وكذلك عدم إنجاز للأزمة الليبية.
وفي هذا الصدد، تتمسك بعض الأطراف الليبية على إنهاء مدة المجلس الرئاسي الليبي، في حين تؤكد أطراف أخرى أن شرعية المجلس لن تنتهي بمرور عام على ولايته؛ لأن مدة العام التي حددها الاتفاق السياسي تبدأ من تاريخ تضمين ذلك الاتفاق في الإعلان الدستوري.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، أشار إلى أن هناك إمكانية لفتح المسودة الأخيرة للاتفاق التي كان يرفض إجراء تعديل عليها، قائلًا: إن شكل المجلس الرئاسي ومسألة العودة إلى المسودة الرابعة من اتفاق الصخيرات كلها قرارات تعود إلى الليبيين أنفسهم.
ويرى متابعون أن مجلس النواب الليبي في الشرق، فشل في عقد جلسة رسمية للتصويت على تضمين الاتفاق السياسي للإعلان الدستوري كما تنص على ذلك وثيقة الاتفاق الموقعة في الصخيرات، وذلك لمطالبة النواب بإجراء تعديلات عليها، ومنها حذف المادة الثامنة محل الجدل، والتي تحيل جميع الصلاحيات السيادية مثل تعيين القائد الأعلى للجيش، إلى المجلس الرئاسي بدل مجلس النواب.
وتنص الفقرة الرابعة من المادة الأولى من الاتفاق السياسي، على أن مدة ولاية حكومة الوفاق الوطني هي عام واحد، يبدأ من تاريخ نيلها ثقة مجلس نواب طبرق، مع إمكانية تجديد الولاية تلقائيا لعام واحد فقط. وفي جميع الأحوال تنتهي ولاية الحكومة مباشرة فور تشكيل السلطة التنفيذية بموجب الدستور الليبي أو انقضاء المدة المحددة لها أيهما أقرب.
وقد أكد المبعوث الدولي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، على أن ولاية الحكومة لم تنتهي في 17 ديسمبر الجاري؛ لأنها لم تبدأ أصلا وذلك لعدم إجراء النواب للتعديل الدستوري أو اعتماد الحكومة.
وكما تطرقت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، فقد باشرت حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج أعمالها بالعاصمة طرابلس في 31 مارس الماضي بناء على اتفاق الصخيرات الذي وقعه الفرقاء الليبيون في المدينة المغربية برعاية مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر في 17 ديسمبر 2015، لكن الحكومة الجديدة لم تتلق دعم مجلس النواب في شرق ليبيا والقوات الموالية له، ولا تزال البلاد تشهد انفلاتا أمنيا بسبب استمرار الاشتباكات بين مختلف الأطراف.
وانطلقت معركة "سرت" في 5 مايو الماضي، حيث بدأت عملية عسكرية أطلقت عليها حكومة الوفاق "البنيان المرصوص" لاستعادة سرت، التي تمركز فيها مسلحو "داعش" منذ 2015، مستغلين حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد منذ سنوات.
وسيطر "داعش" على سرت في مطلع 2015 وحولها إلى أهم قاعدة له خارج العراق وسوريا واجتذب إليها عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب، وفرض التنظيم المتطرف حكمه المتشدد على سكان سرت باسطا سيطرته على قطاع يمتد لنحو 250 كيلومترا من ساحل ليبيا على البحر المتوسط.
وفي مطلع سبتمبر الماضي، تمكنت قوات الوفاق من استعادة معظم مناطق وأحياء سرت بينما انحصر تواجد المسلحين في "حي الجيزة البحرية"، وهو رقعة صغيرة من الأرض قرب واجهة سرت على البحر المتوسط، قبل أن يتم الإعلان رسمياً، الأسبوع الماضي، طرد التنظيم الإرهابي منه.
ومن جانب آخر أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أن المجلس يعتزم الإعلان عن خارطة طريق سياسية جديدة للوفاق في البلاد بحلول 17 ديسمبر الجاري.
وقال صالح: إن خارطة الطريق تقوم على العودة إلى المسودة الرابعة في الدستور، وإعلان مجلس رئاسي ثلاثي، والفصل بين هذا المجلس الرئاسي، ورئاسة مجلس الوزراء، وتنص المسودة الرابعة على أن يكون رئيس مجلس النواب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وليس فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي.
وكانت الخارجية المصرية قد استضافت اجتماعًا نهاية الأسبوع الماضي ضم نحو 45 شخصية ليبية مهمة، وفي البيان الختامي، طالب المشاركون بـ"تعديل الاتفاق السياسي "الصخيرات"، المبرم منذ عام بشكل يراعي التوازن الوطني، واستقلالية المؤسسة العسكرية، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي المنبثق عنه، من أجل الوصول إلى الوفاق الوطني".
وأكد كوبلر في تصريحات صحافية، أن اتفاق الصخيرات سيظل المرجعية الوحيدة، وأن أي حديث عن إلغاء الاتفاق ليس صحيحا، مشيرًا إلى أن كل الأطراف الليبية تدرك أهمية هذا الطرح، وأبدت استعداداتها لقبول التعديلات حفاظا على ما تم إنجازه.
الدكتور محمد الشحومي الإدريسي، ممثل قبائل الإشراف في ليبيا والعالم، ورئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، قال: إن مدينة سرت تحررت من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"، ولكن لا زالت مشاكلها عالقة لم تحل حتى الآن.
وأضاف الإدريسي، لـ"بوابة الحركات الإسلامية"، أن مشاكل سرت تتمثل في وجود التيار السلفي من اتباع ربيع المدخلي، وإعادة الإعمار وسبل إعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي.
وأشار الإدريسي، إلى أن مؤتمر القاهرة الذي انعقد منذ يومين، سيكون له دورًا كبيرًا في تصحيح المسار، مؤكدًا على أن هناك مطالب بتعديلات في اتفاق الصخيرات وتم التوافق عليه من جميع الأطراف التي حضرت.
ولفت إلى أن التعديلات المطلوبة ستنهي الانقسام الحالي في البلاد، وسيكون لحكومة الوفاق دورًا قويا في المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى أن دور مصر في دعم الأطراف الليبية كان كبيرًا.
وقال الشحومي، إنه جرى طرح مبادرات حول تركيبة المجلس الرئاسي، وهي بمثابة حلول فعلية، وإعادة النظر في النقطة الثامنة من الملحق.. وإنني مطمئن لما توصلنا إليه من مقترحات للحلول.
وتعطي المادة الثامنة للمجلس الرئاسي صلاحيات تعيين وإقالة كبار المسئولين العسكريين والسياسيين، وهو ما اعتبرته أطراف في شرق ليبيا أنه يستهدف عزل المشير خليفة حفتر من قيادة الجيش، لذلك طالبت بتعديل المادة، التي اعتبرها عدة مراقبين السبب الرئيسي في عرقلة اعتماد البرلمان في طبرق لحكومة الوفاق.
ويرى محللون أن اتفاق الصخيرات، عمليًّا، لا يزال قائمًا، بدليل أن المجتمع الدولي بما فيه روسيا والجامعة العربية يعترف بحكومة الوفاق الوطني، متحفظين على لفظ "فشل" اتفاق الصخيرات في تحقيق توافق بين ليبيين، معتبرين أنه يترنح.
وأشاروا إلى أن هناك رغبة في تعديل اتفاق الصخيرات، ومقترح العودة إلى المسودة الرابعة التي تجعل من رئيس مجلس النواب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي هذه الحالة سيعين عقيلة صالح حفتر قائدا للقوات المسلحة الأمر الذي ترفضه كتائب مصراتة وحلفاؤها في غرب ليبيا.
ويبدو أن الوضع يسوء في ظل تعنت بعض الأطراف في السماح لحكومة الوفاق بتمديد المدة، وكذلك عدم موافقة البرلمان الليبي في الشرق بمنحها الثقة تمامًا؛ الأمر الذي قد يعيد الأزمة الليبية لمربع "الصفر".
