مدينة "الباب" معقل جديد لـ"داعش" يتهاوى في سوريا

الأربعاء 21/ديسمبر/2016 - 11:57 ص
طباعة مدينة الباب معقل
 
يبدو أن هناك معقلًا جديدًا لتنظيم الدولة "داعش" الدموي بدأ يتهاوى في سوريا، فبعد أن خسر مدينة "جرابلس" على الحدود السورية التركية والتي اعتبرت أكبر الخسائر الاستراتيجية لتنظيم داعش؛ بسبب موقعها الحدودي الذي أسهم باعتمادها ممرًّا للمسلحين الذين انضموا إلى التنظيم، وقبلها مدينة "منبج" الاستراتيجية- يبدو أن مدينة الباب السورية في طريقها إلى التهاوي، بعد أن سيطرت "قوات درع الفرات" على جبل "عقيل"  الاستراتيجي في مدينة الباب أحد أبرز معاقل تنظيم الدولة شمال البلاد.
مدينة الباب معقل
ونقلت مصادر ميدانية أن فصائل الجيش الحر المنضوية في معركة "درع الفرات" المدعومة من تركيا، استطاعت أخيراً السيطرة على الجبل الاستراتيجي الذي يطلّ على كل مدينة الباب، ما يمهد إلى السيطرة عليها بشكل كامل وتشكل السيطرة على هذا الجبل أكبر إنجاز حتى الآن لقوات درع الفرات، حيث من شان تلك السيطرة رصد كل ما يتحرك في المدينة، وبالتالي سقوطها عسكرياً، في شكل يعيد للأذهان طريقة سيطرة تنظيم الدولة على المدينة مطلع العام 2014، حيث سيطر على جبل "عقيل" بداية، ليجتاح المدينة بعد ذلك وسبق ذلك سيطرت درع الفرات على الطريق الدولي الواصل بين "الباب" وحلب، بشكل كامل، كما قامت  المقاتلات التركية بتدمير 48 هدفاً للتنظيم وقتل 15 مقاتلاً له. 
  وقال العقيد "أحمد عثمان" القائد العام لفرقة السلطان مراد: إن معركة تحرير مدينة الباب بريف حلب الشمالي قد بدأت ، باعتبارها الخطوة الثانية لعملية "درع الفرات" بعد تحرير بلدة دابق والبلدات المحيطة بها، وإن تحرير بلدة دابق أعطى معنويات كبيرة للثوار المشاركين في العملية، وأصروا على متابعة ملاحقة فلول عناصر التنظيم باتجاه مدينة الباب جنوباً، وإن الساعات القادمة ستشهد تحرير عدة بلدات وقرى ضمن المعركة، وإنه لا خطوط حمراء تمنع فصائل الثوار من الاشتباك مع قوات الأسد و"قسد" في حال باتوا على تماس معهم، معتبراً إياهم من التنظيمات الإرهابية التي ستقاتلها فصائل "درع الفرات"، ولا فرق بين تنظيم الدولة أو قوات الأسد أو عناصر "قسد" حسب قوله.
مدينة الباب معقل
وتابع: "نحن أعددننا الخطة العسكرية بشكل جيد للتحرك باتجاه مدينة الباب وحلب، ووضعنا الخطط الاستراتيجية للتصدي لأي محاولة من أي طرف ويقصد "قوات الأسد وقسد" للتحرك في المنطقة، والسعي للوصول لمشارف مدينة حلب والمشاركة في فك الحصار عنها، وإن الهدف من عملية "درع الفرات" هو الوصول لمنطقة الباب، وإن فصائل درع الفرات لن تلتزم بأي خطوط حمراء تمنعهم من المشاركة في عملية فك الحصار عن مدينة حلب، واستعادة القرى والمدن التي سيطرت عليها قوات "قسد" في ريف حلب الشمالي في المراحل القادمة بعد مدينة الباب". 
فيما اعتبر الكاتب السوري خورشيد دلي أن معركة الباب تكتسب أهمية كبيرة، لا لموقعها الجغرافي وإنما لتعدُّد القوى التي تتصارع وتُسابق الزمن للدخول إلى المدينة وفرض أجندتها، فمدينة الباب كما هو اسمها تبدو مدخلاً لتحقيق مكاسب استراتيجية فتركيا منذ أن بدأت أنقرة عملية «درع الفرات» انطلاقاً من جرابلــس في 24 أغسطس 2016م ، وضعت نصب عينيها الوصول إلى الباب ومنبج والتفكير بالرقة كمعركة استراتيجية كبرى، وفي حساباتها أن معركة الباب تحقّق لها ثلاث فوائد استراتيجية، قطع الطريق نهائياً أمام وصل الكانتوتات الكردية ببعضها بعضاً؛ إذ إن السيطرة على الباب تعني قطع الطريق بين كوباني (عين العرب) وعفرين، بل تطويق الأخيرة وحصارها. وثانياً: استكمال ما تقول تركيا إنه العمق الجغرافي المطلوب لإقامة منطقة أمنية عازلة لكن العــقبة التي تواجه تركيا هنا تتجاوز غياب الموافقة الأمريكية والروســية الواضحة على دخول البــاب إلى أن هذه المنطقة هي خارج مدى القصف المدفعي التركي، وهو ما يجعل إمكانية حسمها عسكرياً صعبة، خصوصاً ان داعش سيستميت في الدفاع عنها نظراً إلى أهميتها الاستراتيجية والرمزية للتنظيم، ولعل ما سبق يتطلب من تركيا استقدام المزيد من القوة المدرعة، لا سيما الدبابات، لحسم المعركة.
مدينة الباب معقل
 وتابع: وبالنسبة للأكراد التي ينظرون إليها بأهمية بالغة، فبعد دخول الأتراك إلى جرابلس ومارع وتقدمهم نحو الباب، باتت الأخيرة الخط الوحيد الممكن للربط بين الكانتوتات الكردية، وعليه فإن أهميتها تفوق معركة الرقة بالنسبة إلى الأكراد، ولذلك تبقى المدينة هدفاً استراتيجياً لهم، إلا أن العقبات التي تعترض مساعيهم كثيرة، فمن جهة الولايات المتحدة تريد توجيه اللاعب الكردي نحو الرقة لا الباب، ومن جهة ثانية ثمة خوف كردي من أن يؤدي دخولهم المدينة إلى صدام مباشر مع تركيا من دون تغطية أمريكية، بل ثمة شكوك كردية بأن حليفهم الأمريكي قد يكون اتفق سراً مع تركيا على دخولها المدينة وان النظام السوري يسارع مع حليفه الروسي لحسمها ويعتبرها معركة كبرى، لا لأنها جزء من السيادة السورية بل لأنه يرى فيها نقطة توقِف التدخُّل العسكري التركي ومن ثم التفرغ لبقية مناطق الشمال السوري، إذ إن الوصول إلى الباب سيوقف تقدُّم قوات درع الفرات وسيجعله على مقربة من الرقة التي تتوجه الأنظار إلى معركتها ومن يقودها، وعليه يسعى النظام للتحضير لمعركة الباب، خصوصاً أن قواته لا تبعد سوى 15 كيلومتراً عن المدينة وفي صلب أهدافها الوصول إلى سد الطبقة الاستراتيجي، ولعل هذا ما يفسر حديث مصادر النظام عن إيعاز الأخير لفصيل «صقور الصحراء» بالتحرك صوب مناطق الباب. 
مدينة الباب معقل
 وشدد على أن معركة الباب استراتيجية بالنسبة إلى داعش ، لا لأنها من أهم قلاعه العسكرية والأمنية حيث يوجد فيها ثلاثة معسكرات تدريب للتنظيم، بل لأنها الصلة الجغرافية لحركة التنظيم في الربط بين مناطق ريف حلب الشرقي ومناطق الرقة وصولاً إلى ديرالزور والحدود العراقية وبالتالى هي استراتيجية للقوى المتصارعة، ولكن، بغض النظر عن تعدُّد هذه القوى، فإن ثمّة ثلاث قضايا ينبغي التوقُّف عندها: 
الأولى: على رغم استراتيجية المعركة للقوى المتصارعة إلا أن أياً من هذه القوى لا يمتلك القوى العسكرية الكافية للسيطرة على المدينة وحسمها سريعاً في ضوء موازين القوى الحالية والتحالفات القائمة. 
والثانية: إن استباق أيٍّ من هذه القوى الدخول إلى المدينة قد يخلط الأوراق ويفتح مواجهة، لا سيما بين الأكراد وتركيا، وهو ما قد يؤثر في معركة الرقة بعد أن أعلنت قوات سورية الديمقراطية انطلاقتها. 
والثالثة: لا يمكن النظر إلى هذه المعركة بعيداً من اللاعبين الأساسيين أي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، مع الإشارة إلى ثمة تفسيرات مختلفة لدور كل طرف في هذه المعركة، ولعل اللافت والغريب هنا رؤية البعض أن الطرفين يدعمان تدخل تركيا، لأسباب مختلفة، وهؤلاء يرون أن واشنطن تريد من سيطرة تركيا على الباب توسيع نفوذها في محافظة حلب وربما التعويض عن خسارتها معركة حلب في حال نجح النظام والروس والإيرانيون في حسم معركة السيطرة عليها، فيما الهدف الروسي هو خلق مواجهة بين تركيا والأكراد وإضعاف الطرفين واستنزافهما تمهيداً لمرحلة جديدة من التحرك الروسي في مرحلة ما بعد حلب.
مدينة الباب معقل
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن معاقل داعش بدأت تتهاوى ومنها حاليًّا وليس آخرها مدينة الباب السورية التي ربما ستكون البداية للانفراط عقد الأراضي والمدن، التي يسيطر عليها التنظيم الدموي في سوريا.  

شارك