جرائم العام الجديد الإرهابية واستراتيجية الذئاب المنفردة

الأربعاء 04/يناير/2017 - 02:54 م
طباعة جرائم العام الجديد
 
قتل شرطي متأثرًا بجروحه ليلة أمس الثلاثاء وأصيب ضابط بجروح بالغة حين أطلق مسلحان مجهولان يستقلان دراجة بخارية النار على سيارتهما في محافظة الفيوم جنوب القاهرة، حسب ما أفاد مسئول أمني.
وقال مسئول في مديرية أمن الفيوم: إن "مسلحين على دراجة بخارية فتحا النار على سيارة يستقلها الرائد محمود عبدالعليم مدير مباحث قسم إبشواي ومخبر معه مساء الثلاثاء في الطريق" في مركز إبشواي في الفيوم، وأفاد مسئول أمني آخر أن الهجوم أسفر عن مقتل "المخبر يحيى عبدالستار (39 عامًا) متأثرًا بجروحه أثر إصابته بطلقتين في الصدر وعن إصابة الرائد محمود عبدالعليم بطلقتين في الصدر والرئة".
وأشار المسئول إلى أن الرائد عبدالعليم في حالة حرجة في مستشفى الشرطة في القاهرة التي نقل إليها فور الحادث. ولم يتم التعرف على الفور هوية المهاجمين اللذين لاذا بالفرار. ولم تتبن أي جهة الهجوم حتى الآن.
وهذا النوع من الهجمات الخاطفة باستخدام الدراجات النارية شاع مؤخرًا في القاهرة ومدن الدلتا وقد تسبب في مقتل عشرات الشرطيين.
وزاد المسلحون الجهاديون هجماتهم ضد قوات الجيش والشرطة منذ الاطاحة بحكم المعزول محمد مرسي في يوليو 2013 إثر احتجاجات شعبية. وادت هذه الهجمات إلى مقتل مئات الشرطيين والجنود.
وتقول هذه الجماعات الجهادية إنها تشن هجماتها انتقاما من حملة القمع الشديدة التي تشنها السلطات ضد أنصار مرسي والتي أدت إلى سقوط مئات القتلى واعتقال آلاف الأشخاص. ويقوم الجيش المصري بمعاونة قوات الشرطة بحملات ضد التنظيم.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد قامت نهاية العام الماضي بتغيير مواقع التمركزات الأمنية عقب استهداف عدد من الكمائن؛ حيث ركزت دوريات أمنية متحركة وأخرى متمركزة (ثابتة) ولكن يتم تغيير أماكن تلك التمركزات بصفة مستمرة، والهدف الأساسي من وجود كمين هو مفاجأة العناصر الإجرامية بوجوده.
ومنذ عزل محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو 2013، كثرت حوادث العنف والتفجيرات خاصة التي تستهدف قوات الأمن في شمال سيناء والقاهرة ومدن أخرى. ووضعت أجهزة الأمن خطة جديدة غير المتبعة لملاحقة "العناصر الإرهابية" التي تستهدف الكمائن.
وتعتمد أجهزة الأمن المصرية بشكل كبير على وسائل تقليدية في التأمين كالكمائن ونقاط التفتيش الثابتة التي عادة ما تكون بمثابة أهداف سهلة بالنسبة للمتشددين، كما يفتقر الكثير من الضباط في مصر إلى الكفاءة، إذ لا يتمتعون بدورات تدريبية على طرق التأمين الحديثة.
رغم ذلك حققت أجهزة الأمن المصرية نجاحا كبيرا في تعزيز "الأمن السياسي"، إذ يركز عليه الاهتمام أغلب المسئولين في المناصب السياسية، لكن في المقابل شهد الأمن الجنائي ومتابعة المجرمين والإرهابيين فشلًا كبيرًا.

جرائم العام الجديد
ومن جهة أخرى تم اليوم الأربعاء 4 يناير 2017، القبض على المتهم بذبح بائع خمور قبطي في الإسكندرية مساء الاثنين يشتبه في أن دوافعه دينية، بحسب مسئول أمني رفيع في الإسكندرية.
وقال المسئول: إن "الشرطة أوقفت صباح الأربعاء عادل أبو النور السيد (50 عاما)" المتهم بقتل لمعي يوسف (61 عامًا) صاحب محل بيع الخمور في منطفة سيدي بشر في غرب الإسكندرية. وأضاف "يشتبه في وجود دوافع دينية وراء الجريمة ويجري فحص انتماءات المتهم في الوقت الراهن".
وأكد نجل الضحية، طوني لمعي أن شخصًا "باغت والده من الخلف أثناء جلوسه على كرسي أمام المحل ومرر السكين على رقبته مرتين فسقط قتيلا". وتابع لمعي، وهو محامي، "كنت قد وصلت مع والدي قبل لحظات إلى المحل بعد أن ذهبنا لشراء بدلة الزواج. كنت داخل المحل مع شقيقي بينما كان والدي جالسًا أمامه يدخن النرجيلة".
وتابع: "فوجئت بوصول شخص أمسك برأس والدي من الخلف، فاعتقدت أنه يمازحه ثم حاول الإفلات لكنه سقط على الأرض؛ لأن القاتل مرر السكين على رقبته مرتين بطريقة احترافية". وأكد أن قاتل والده "كان ملتحيًا"، مضيفًا أن "الناس في الشارع سمعته يهتف الله أكبر" أثناء ارتكابه الجريمة.
وبثت عدة قنوات تلفزيون مصرية مقطع فيديو قالت إنه تسجيل للحظة وقوع الجريمة سجلته احدى كاميرات المراقبة الخاصة بمحل مجاور لمحل القتيل. وأوضح المسئول الأمني أن هذا التسجيل ساعد في تحديد هوية المتهم وتوقيفه.
وفي 11 ديسمبر الماضي، فجر انتحاري نفسه داخل كنيسة للأقباط الارثوذكس ملاصقة للكاتدرائية المرقسية في قلب القاهرة؛ ما أدى إلى مقتل 27 شخصا، وفق آخر حصيلة رسمية. وأعلن تنظيم الدولة "داعش" مسئوليته عن هذا الاعتداء وأكد أنه سيواصل الهجمات ضد "كل كافر ومرتد في مصر، وفي كل مكان".
وقد حث بابا الأقباط تواضروس الثاني، أمس الثلاثاء 3 يناير 2017، على رفض التمييز، والفهم الخاطئ للدين.
جرائم العام الجديد
وجاء ذلك في بيانات للمتحدث باسم الكنيسة المصرية، بولس حليم، عقب استقبال البابا عددا من المهنئين بعيد الميلاد الذي يحتفل به الشرقيون يوم 7 يناير بالمقر البابوي بالكاتدرائية، وسط القاهرة. وخلال استقباله الرئيس السابق، عدلي منصور، دعا تواضروس، إلى رفض خطاب التمييز، قائلا إن "أي تمييز هو دخيل على المجتمع المصري"، مؤكدًا على دور الأسرة الكبير في مواجهة هذا الأمر.
بدوره، قال منصور: "عشت حياتي كلها من المدرسة حتى الجامعة لم ترد في ذهني كلمة مسيحي ومسلم، فالإسلام لا يعادي دينًا". وخلال استقباله وزير الأوقاف، مختار جمعة، أكد تواضروس على "ضرورة التوعية الإيجابية الوطنية، خاصة في القرى والنجوع؛ لأنها خط الحماية من أي فهم خاطئ للدين"، مضيفًا: "التطور الحادث في العالم يجعلنا نحتاج لتطوير الأفق".
وأكد جمعة على "ضرورة إرساء مبدأ أن حرمة الكنيسة من حرمة المسجد، وأن الفهم الواعي للأديان فيه أعلى درجات الإنسانية والتسامح". كما دار لقاء ثالث بين تواضروس ووفد كنسي برئاسة الأنبا إبراهيم إسحاق بطريرك الأقباط الكاثوليك، حول ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية.
ويُعد الهجوم، الذي تبناه تنظيم داعش الإرهابي، أول تفجير على الإطلاق يشهده المجمع، وهو المقر الرئيسي الكنسي للمسيحيين الأرثوذكس، الذين يمثلون العدد الأكبر من المسيحيين في مصر حوالي 15 مليون نسمة، من إجمالي عدد السكان البالغ 92 مليون نسمة.

جرائم العام الجديد
والاثنين استقبل، تواضروس، بالمقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية أيضا وفد من قيادات القوات المسلحة برئاسة الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع للتهنئة بعيد الميلاد. واحتفلت الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي من بينها الكاثوليك بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر، بينما تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي، بينها الأرثوذكس، بالعيد يوم 7 يناير من كل عام.‎
وتوضح هذه العمليات في القاهرة ومحافظات الدلتا ان جماعة الإخوان الإرهابية اتجهت مؤخرًا إلى تبني استراتيجية الذئاب المنفردة التي يتبناها تنظيم الدولة "داعش" و"الذئاب المنفردة" مصطلح سياسي يطلق على أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، كما يطلق هذا الوصف أيضًا على هجمات فردية تنفذها مجموعات صغيرة من شخصين إلى خمسة كحد أقصى. وقد تتبنى هذا النوع من الهجماتِ المنفردة جماعاتٌ مسلحة من بينها تنظيم الدولة في العراق والشام "داعش"، مثلما حصل في تبنيه لهجوم باردو في تونس وهجوم أورلاندو في أمريكا.
دلالة المفهوم
بالعودة إلى أصول تسمية "الذئاب المنفردة" يظهر أنها غير مرتبطة فقط بـ"الجماعات الجهادية الإسلامية"، فهي تعبر عن أي شخص يمكن أن يشن هجومًا مسلحًا بدوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية أو مرضية أو سياسية، كما فعل اليميني المتطرف أندريه بريفيك في النرويج 2011 حين قتل العشرات احتجاجًا على سياسة بلاده في مسألة هجرة الأجانب إليها.
ويقول الخبراء الأمنيون: إن المقصود بهذا المصطلح الاستخباري هم الأفراد الذين ينفذون عمليات قتل بشكل انفرادي دون وجود بنية تنظيمية توجهها وتخطط لها، أو يتحركون بتأثير من دعاية تنظيم ما، ولكنهم ليسوا مكلفين بهذه المهمة من قبل قيادته بأي طريقة. وغالبا ما يكون هؤلاء أشخاصا عاديين لا يثيرون ريبة في حركاتهم وسلوكهم.
ومن أشكال العمليات التي يمكن أن تقوم بها "الذئاب المنفردة": زرع قنابل ذاتية الصنع في أماكن مختلفة وتفجيرها عن بعد، أو شن هجوم فردي بسلاح يمكن أن يصنع في البيوت أو يُشترى بشكل قانوني، أو تجنيد شخص داخل جهاز حكومي في دولة ما لتنفيذ عملية أمنية نوعية بتخطيط وتمويل ذاتي وبسرية تامة.
و"الذئاب المنفردة" يكون عملها فرديًّا في الغالب، إذ ينفذ أحدها عادة عملية واحدة ثم يختفي ولا يكون له أي سجل أمني أو تـُعرف له سابقا تصرفاتٌ أو آراء "متطرفة". وإذا كانت خلية فإن عددها لا يزيد على خمسة أفراد يتعاملون بأسماء حركية وليس بأسمائهم الصحيحة، وإذا ما قاموا بإحدى عملياتهم فإنهم يركنون إلى السكون والاختفاء مجددا.
وتعود الخطورة في ظاهرة "الذئاب المنفردة" إلى أن الأجهزة الأمنية في أي دولة تتدرب عادة على سبل مراقبة وإحباط العمليات التي قد تنفذها هيئة منظمة لها قيادة تخطط ومجندون ينفذون، ولها بصمة واضحة تـُعْرف بها وتساعد في مراقبتها إن تحركت والوصول إليها إن نفذت، كما يمكن ردعها بضرب قواعدها وقيادتها وممتلكاتها.

شارك