بعد رسائل الظواهري.. الحليفان السابقان "القاعدة- النصرة" على خُطى الخلاف وداعش في مرمى "نيرانهما"

السبت 07/يناير/2017 - 02:03 م
طباعة بعد رسائل الظواهري..
 
شكلت رسالة زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، معاني سياسية عدة ولافتة قد تكون بداية للخلاف بين الحليفان السابقان تنظيم "القاعدة- وجبهة النصرة" التي تحولت إلى جبهة فتح الشام  بعد فك ارتباطها بالتنظيم الأم نتيجة المشهد الحالي في سوريا، وما وقع من انقسامات اشتدت مع خطوات التقارب الروسي - التركي وتوقيع اتفاق يشمل وقف إطلاق نار شاملاً والمراقبة منعاً لأية خروقات.

بعد رسائل الظواهري..
ففي تسجيل صوتي بثته مؤسسة "السحاب" الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة، في وقت متأخر من يوم الخميس 5-1-2016م ، لكلمة أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة كشفت عن طرق الجماعات المتطرفة في إدارتها لأزماتها، وذلك وفقاً للمعطيات السياسية على كل أرض فبعد فشل اللجنة التي كونت لحل الخلافات القائمة بين القاعدة وبين جبهة فتح الشام بزعامة أبو محمد الجولاني، اضطر الظواهري إلى الخروج لعرض حزمة من التنازلات على أسماع قيادة جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، تضمنت إعادة النظر بشأن إعلانها الحرب على أمريكا، معتبراً ذلك اجتهاداً من قبل "القاعدة" وليس وحياً، بهدف إحياء عملية التفاوض مع قائد (جفش) الجولاني.
وقال الظواهري: "ما نختاره من سبل عملية لنصرة الإسلام، مثل دعوتنا لأمتنا بأن تكون الأولية في الجهاد ضرب هُبُل العصر أمريكا، إنما هو اجتهاد عملي وليس وحياً منزلاً ونتقبل من إخوتنا المسلمين في ذلك المشورة والنصح والتوجيه، ونتكيف مع الواقع العملي، حيث طالما كنا متقيدين بأوامر الشرع ومتجنبين لنواهيه ولسنا معصومين نحن بشر نصيب ونخطئ، علينا أن نصغي للنصح ولنا على أمتنا النصح والإرشاد، بشرط أن يستند لصدق واقعي ودليل شرعي، وإننا إن شاء الله سنستفيد من النصح اقتنعنا به أم لم نقتنع، بل إننا نريد أن ندير حواراً مع أهل الجهاد حول أصح المناهج وأرشد الأساليب لنصرة الدين".

بعد رسائل الظواهري..
بوادر الخلاف ظهرت على الرغم من مباركة الظواهري لخطوة فك الارتباط في تسجيل صوتي له، إلا أن الخلاف عاد إلى الواجهة من جديد مع دعوة زعيم تنظيم القاعدة الجولاني للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وإعادة الحوار بين الأطراف المعنية للوصول إلى رؤية مشتركة،  ولكن الظواهري سرعان ما حذر جبهة فتح الشام من أن تقع أسيرة الإرهاب الدعائي والسياسي الغربي وخداع من سمّاهم "السماسرة العملاء"، وذلك من خلال فك ارتباطها الكلي مع القاعدة قائلا "قامت علينا حملة تنفير أن ابتعدوا عن القاعدة حتى لا تعتبركم أمريكا إرهابيين، وحتى لا تستهدفكم أمريكا بصواريخها، وحتى لا تتحملوا تبعية حربها مع القاعدة، وكان رضا أمريكا هو المقصد والطريق وأن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى مبررات لاستهداف المجاهدين فالقصف ليس موجهاً فقط على القاعدة، وإذا كانت أمريكا لم ترحم محمد مرسي الذي وافقها على كل ما تريده، فهل سترحم مجاهداً يدعو لتحرير القدس وسائر بلاد المسلمين لا بد أن القضية واضحة لا نكون أسرى الإرهاب الدعائي والسياسي الغربي وخداع السماسرة العملاء، ورمى الكذابون القاعدة بمختلف اتهامات العمالة". 
 في المقابل لا زالت جبهة فتح الشام مصرة منذ فك بيعتها عن التنظيم الام على الإنجذاب نحو الحالة الجهادية السورية بعيدا عن الحالة الأم وهو ما أكد عليه زعيمها أبو محمد الجولاني في يوليو 2016 بعد إعلانه فك الارتباط مع القاعدة وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام" (جفش)، قائلا "أن فك الارتباط جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي"، وأن أهداف الجبهة "تتلخص بإقامة دين الله وتحكيم شرعه والتوحد مع فصائل المعارضة وحماية الجهاد الشامي والاستمرار فيه واعتماد كافة الوسائل الشرعية المعينة على ذلك" وهو ما استغلته داعش في الهجوم على الظواهري، الذي اعتبروه فاقداً للشرعية بعد مقتل أسامة بن لادن، إضافة إلى التشفي من نكث الجولاني لبيعة للظواهري التي سبقها بحسب ما جاء في إصدارات "داعش" نكثه ببيعة البغدادي . 

بعد رسائل الظواهري..
ومن خلال متابعة بيانات ورسائل "داعش" تزامناً مع بدء التمهيد للعملية السياسية في سوريا، استعاد التنظيم المتطرف آماله في إعادة جبهة فتح الشام "جبهة النصرة" سابقاً ومقاتليها إليه، مستغلة حالة الانقسام الشديدة بين صفوف مقاتلي الجبهة؛ ما بين معارضين لفك الارتباط بتنظيم القاعدة وبين أصوات أخرى أكثر تطرفاً مؤيدة لمنهج داعش، وأخرى ترى حلاً مع الاندماج بالعملية السياسية التي تقودها تركيا من خلال تنظيم "أحرار الشام" وهو ما أدراكه الظواهري فشن هجوما على داعش في تسجيله الصوتي الأخير والبغدادي الذي وصفه بـ"الكذاب" قائلاً: "تقول إننا لا نكفر بالطاغوت ونلهث خلف الأكثرية " 
 مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، أعتبر حالة التلاسن بينهما إنعكاس لتعطش وتسابق التنظيمين الإرهابيين لمزيد من إراقة وسفك الدماء في إطار سعيهما الدؤوب لنشر الدمار والخراب في كل مكان بالعالم وصراعهما على نسبة العمليات الإجرامية لكل منهما ولذلك على كافة دول العالم وحدة الصف وتفعيل دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بضرورة التعاون والتكاتف التام على مستوى العالم لاستئصال جذور الإرهاب والعنف، وأنه لا سبيل أمام العالم لمواجهة هذه التنظيمات الدامية إلا من خلال وحدة الصف وان كلاهما سيسعى إلى تنفيذ عمليات إجرامية وإرهابية جديدة، ليثبت للآخر جدارته برفع "راية القتال"، في إطار سباقهما الشديد لإراقة وسفك المزيد من دماء الأبرياء في مختلف دول العالم.

بعد رسائل الظواهري..
واعتبر ثروت الخرباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية إن الرسالة الصوتية التي بثها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، عبر الانترنت، والتي يتهم فيها زعيم تنظيم داعش «أبوبكر البغدادي» بـ«الكذب والافتراء» تكشف صراع الزعامة والقيادة بين هذه التيارات الإسلامية، بعد سقوط جماعة الإخوان من الحكم في مصر، وصعود داعش، وبالتالي القاعدة تريد استعادة زعمتها وقال لـ«فيتو»: إن الظواهري يسعى لاكتساب التيارات الإسلامية إلى صفه، بعد أن خسر الحليف الأمريكي بعد وصول ترامب للحكم، وبالتالي فهو يؤكد على العداء للأمريكان، ومن جهة أخرى يهاجم الإخوان، باعتبارهم أصحاب رياء ونفاق، تخلوا عن ثوابت الإسلام، خاصة وأن هناك تحالفا أقامه الشاطر، قبل وصول الإخوان للحكم.
 وقال الدكتور محمد حبيب، نائب رئيس مرشد الإخوان السابق، والقيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية لـ«فيتو»: ان حديث الظواهرى يعود إلى أن ما حققه الدواعش لم يحققه تنظيم القاعدة، رغم أن كلا منهما يتبنى الفكر المتشدد والمتطرف التكفيري وان كل من القاعدة وداعش أمامهم شلالات الدم، واستباحة الحرمات، ويمثلون صورة سيئة للإسلام، وارتكابهم لأعمال العنف لم تتوقف يوما ما، وإن كان يتقدم في فترة ويتراجع في أخرى، ولا بد من تحصين الروافد التي تغذي هذا الفكر المتطرف وأن الرسالة تكشف الصراع بين داعش والقاعدة على زعامة الإرهاب. 

بعد رسائل الظواهري..
مما سبق نستطيع التأكيد على أن رسالة زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، شكلت معاني سياسية عدة ولافتة قد تكون بداية للخلاف بين الحليفان السابقان تنظيم "القاعدة- وجبهة النصرة" التي تحولت إلى جبهة فتح الشام  بعد فك ارتباطها بالتنظيم الأم وهو ما يحاول تنظيم داعش الدموى استغلاله مستغلا المشهد الحالي في سوريا، وما وقع من انقسامات بين الفصائل المسلحة السورية اشتدت مع خطوات التقارب الروسي - التركي وتوقيع اتفاق يشمل وقف إطلاق نار شاملاً، وهو الأمر الذي ربما يصب في صالح التنظيم الدموي الأكبر داعش.

شارك