رغم تحرير سرت وبنغازي.. مطامع التنظيمات الجهادية على الأراضي الليبية تتصاعد

السبت 07/يناير/2017 - 02:06 م
طباعة رغم تحرير سرت وبنغازي..
 
رغم المفاوضات التي تشهدها ليبيا الآن بين الأطراف المتنازعة على الحكم، لا زالت الأوضاع ميئوس منها في ظل تعنت كل طرف على حساب مصلحة واستقرار البلاد، حيث تشهد لييبا تصاعد النفوذ بين الفصائل المسلحة التي تسعي للسيطرة على المدن المحررة من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش".

رغم تحرير سرت وبنغازي..
وشهدت الأسبوعيين الماضيين مدينة سرت الليبية حالة حرب بين التنظيم الإرهابي "داعش" وقوات الوفاق التابعة لحكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج، وأسفرت عن تحرير المدينة من قبضة التنظيم الإرهابي بقيادة عمليات "البنيان المرصوص" كما أطلقت عليها حكومة الوفاق.
وانتهزت الجماعات المسلحة تحرير المدينة من قبضة "داعش"، لتدخل في سباق الاستحواذ على سرت، حيث تخوض الفصائل المتنازعة في ليبيا حرب نفوذ شرسة تهدد بتعميم النزاع في البلا، وفق متابعين.
وسادت في ليبيا منذ سقوط معمر القذافي حالة فوضي أدت إلى نزاعات طائلة بين حكومات تسعي إلى الوصول للسلطة، وكذلك بين الفصائل المسلحة ومسلحي القبائل التي تشكل مكونا رئيسيا في المجتمع الليبي.
وانبثقت في ليبيا حكومتان احداهما حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج ومقرها طرابلس، وتحظى باعتراف دولي، والأخرى في الشرق ويواليها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وتسيطر على مساحات شاسعة من المنطقة المعروفة باسم اقليم برقة.
ووفق متابعين، توجد كذلك قوات مصراتة غرب ليبيا، والتي تشكل النواة الرئيسية للقوات التي نجحت في طرد تنظيم "داعش" من سرت مع عملية "البنيان المرصوص"، والجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الذي يخوض منذ أكثر من سنتين معارك ضد الجهاديين في شرق البلاد.
وعلي الرغم من نجاح الجيش الليبي في استعادة مدينة بنغازى من قبضة "داعش"، إلا أن الجهاديين لا زالوا يتوغلون في الأراضي الليبية، ويتهم قوات مصراته بدعم بعض الجماعات الجهادية.
وتفاقمت الأوضاع، في أعقاب تحرير مدينة "سرت" من قبضة التنظيم الإرهابي في بداية ديسمبر الماضي، حيث شاركت فصائل متشددة من مصراته في هجوم انطلق من قاعدة الجفرة الجوية في الجنوب على منطقة الهلال النفطي التي تضم أبرز مرافئ تصدير النفط، والتي نجح قوات الجيش الليبي في صد المهاجمين.
فيما رفضت فصائل من مصراته المشاركة في هذا الهجوم مفضلة عدم خوض مواجهات مباشرة مع قوات حفتر.
رغم تحرير سرت وبنغازي..
وتوترت النزاعات بين جماعات مسلحة من مدينة مصراتة أعلنت تأييدها لحكومة السراج من جهة، وقوات الجيش الليبي من جهة أخرى، منذ هجوم استهدف طائرة عسكرية تقل ضباطًا ومسئولين من مصراتة كانوا متوجهين للمشاركة في مراسم تشييع في جنوب ليبيا، وتعرضت الطائرة إلى إطلاق نار فيما كانت على مدرج قاعدة الجفرة الجوية، حيث ندّدت حكومة السراج وزعماء مصراتة المحليون بالهجوم الذي أسفر عن مقتل مدني وإصابة كثير من العسكريين. 
وكانت واجهت قوات "حفتر" بعض الإرهابيين الذين استهدفوا الطائرة، وبعد الهجوم الذي اوقع قتيلا وعدة جرحى، أعلنت فصائل مصراته والتي كان بعضها لا يزال يعتبر معتدلا، عن إرسال تعزيزات إلى الجفرة وسبها الواقعة على بعد 600 كلم جنوب طرابلس من اجل "تأمين المنطقة".
في هذا السياق، حذر المبعوث الأممي، مارتن كوبلر، من انهيار الوضع بأكمله في ليبيا، مناشدا جميع الأطراف العمل على المصالحة المحلية والوطنية والامتناع عن أي عمل أو خطاب من شأنه تأجيج الأوضاع.
من جهتها، أعربت الحكومة الإيطالية أيضاً عن قلقها إزاء الوضع في ليبيا، وقررت إرسال وزيررها للشئون الداخلية إلى طرابلس الأسبوع المقبل.
ويخشي المجتمع الدولي من تفاقم الأوضاع، خاصة بعد تبادل التهديدات بشن هجمات بين قوات تابعة لحكومة الوفاق، والجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر في ضوء خلافات وصلت ذروتها بقصف جوي لطائرة في مطار الجفرة كانت تقل قياديين في القوات التابعة لحكومة الوفاق.
وتصاعد التوتر في طرابلس عقب تعيينات قامت بها حكومة الوفاق في مناصب قيادية أدت لاستقالات في المجلس الرئاسي والحكومة، ما دعا السراج للتراجع عنها.
وكان التوتر في طرابلس قد بلغ أوجه أيضاً عقب تعيينات قامت بها حكومة الوفاق في مناصب قيادية أدت لاستقالات في المجلس الرئاسي والحكومة، ما دعا السراج للتراجع عنها.
في هذا الصدد، أكد فايز السراج على ضرورة التوافق بشأن التعيينات واختيار الكفاءات، بعيدًا عن المحاصصة الحزبية أو الجهوية أو القبلية أو قوة السلاح.
 وفي ظل الأزمة الحادة والانقسام الكبير الذي تعيشه ليبيا، يبحث رئيس المجلس الوطني الرئاسي فايز السراج عن التوافق، وطالب السراج أن يشمل قرارات التعيين في مناصب سيادية وقيادية أمنية ومدنية عليا، معلنًا إلغاء القرارات التي اتخذها المجلس خلال الأيام الأخيرة دون توافق. 
وشدّد السراج في كلمة متلفزة على أن انعدام التوافق، يزيد انقسام الليبيين ويضر باستقرار وأمن البلاد، مطالبًا أن يكون معيار الكفاءة هو الأساس للتعيينات، بعيدًا عن المحاصصة الحزبية أو الجهوية أو القبلية أو قوة السلاح. 
رغم تحرير سرت وبنغازي..
وأبدت كل من الأمم المتحدة، وأمريكا، والدول الغربية، انزعاجهم من تداعيات انهيار الوضع في ليبيا على أمن المنطقة وأوروبا، رغم الضربات الموجعة التي تلقاها تنظيم "داعش" في سرت وكذلك في بنغازي.
وكان أعلن الجيش الوطني اقترابه من إعلان مدينة بنغازي منطقة آمنة خالية من المتطرفين، إضافة إلى قتل المطلوب الأول المتطرف وسام بن حميد، القيادي في ما يعرف مجلس شورى بنغازي، وتوقيف المتحدث في "داعش" ببنغازي نزار الطيرة، عقب معارك لتأمين آخر الأحياء في المدينة، حيث قتل أيضا 13 جندياً في الاشتباكات.
ويرى محللون أن هناك عدة خلايا جهادية متواجدة في الجنوب وفي الشرق والغرب بما يشمل العاصمة طرابلس.
محمد الجارح من مركز "اتلانتيك كاونسيل" البحثي في واشنطن أكد لـ"فرانس برس"، أن "زيادة التصعيد في الجنوب الليبي كانت متوقعة، مضيفًا أن الوضع مرشح للتفاقم لأن الأصوات التي تقرع طبول الحرب مسموعة أكثر من غيرها ولا سيما بعد مهاجمة الجيش الوطني الليبي لفصائل مصراته".
وقال: إن الفصائل التي تدعو إلى شن الحرب على معسكر حفتر ألبت الراي العام لصالحها في مدينة مصراتة الغنية.
ماتيا توالدو الخبير في الشئون الليبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قال إن حفتر يسعى إلى الاستفادة من تحالفاته القبلية للسيطرة على جنوب البلاد بعد سيطرته على الهلال النفطي بفضل هذه الاستراتيجية، موضحًا أن حفتر يسعى كذلك إلى استمالة بعض الفصائل في طرابلس ونجاحه في مسعاه سيعزز الفوضى ويعقد مهمة حكومة الوفاق التي تعاني من الانقسامات والعاجزة عن فرض سلطتها على عموم البلاد".
ويرى الدكتور كمال التواتي، الخبير في الشأن الليبي، أن الحل للخروج من حالة الفوضي، هو اتفاق قبلي اقليمي، بين الشرق والغرب، يتم بموجبه توحيد البلاد، من غير ذلك لايمكن ايجاد حل للمأساة الليبية.
ويجب على الأطراف المتنازعة أن تحكم العقل في مواجهة الفصائل المسلحة، وتقف يد بيد حتى تعيد مجريات الامور لطبيعتها في البلاد، وإلا سوف تعم الفوضي في أنحاء البلاد ولا يستطيع أحد إحكام السيرطة عليها.

شارك