بعد انتصار الأسد في حلب.. لماذا الإصرار على إدلب؟

السبت 07/يناير/2017 - 08:05 م
طباعة بعد انتصار الأسد
 
بدا أن الانتصار الذي حققه الرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب الاستراتيجية، فتح شهية الأسد للسيطرة على مدينة إدلب، التي لجأ إليها المُسلحون المنسحبون من حلب، وربما تأتي تهديدات الأسد للتوجه نحو إدلب على وقع استمرار الهدنة الهشة التي تشهدها الجبهات الرئيسية في سورية منذ أسبوع.
وتشير تقارير إلى أن نظام الأسد وحلفاؤه هددوا بمعركة مفتوحة في إدلب، وفي حين اعتبر مراقبون إن تهديدات الأسد تأتي لدفع المعارضة للإلتزام بهدنة وقف إطلاق النار للدفع في طريق الحل السياسي، قال آخرون إن الأسد يسعى فعلياً الأستفادة من الانتصارات التي حققها في حلب والانقضاض على إدلب المعقل الأخير الذي من الممكن ان تحصل فيها المعارضة على دعم من تركيا.

بعد انتصار الأسد
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار الهش في سورية أسبوعه الثاني، هدد وزير المصالحة الوطنية علي حيدر بأن دمشق مستعدة لخوض "معركة مفتوحة" في محافظة إدلب، مشدداً على أن النظام لن يسمح ببقائها في يد مقاتلي المعارضة إلى الأبد، وفي مقابلة مع "رويترز"، قال حيدر، المسؤول المنوط بمفاوضات أدت إلى تخلي مقاتلي المعارضة عن مساحات من الأراضي كانت تحت سيطرتهم: "إذا لم يكن هناك من توافق دولي على حل الأزمة السورية يخرج المسلحين الأجانب ويقطع الطريق على الإمداد والتمويل والتسليح وإن بقي هذا الظرف الموضوعي قائماً وبقيت إدلب ساحة لهؤلاء فالخيار الآخر هو الذهاب إلى معركة مفتوحة معهم في تلك المناطق".
وأضاف: "الدولة السورية واضحة في سياستها عندما قالت إنها لن تتخلى عن أي بقعة من بقاع سورية وأظن أن إدلب هي من الساحات الحارة القادمة التي تضطلع الدولة السورية بمسؤوليتها في مواجهة الإرهابيين في تلك المساحة"، مؤكداً أن المقاتلين الأجانب يجب أن يغادروا ويجب أن تقطع خطوط الإمداد عبر تركيا.
واعتبر حيدر أن "انسداد الأفق أمام المسلحين نتيجة انجازات الجيش ونتيجة صمود الدولة وصمود الشعب، هو الذي دعا البعض منهم إلى القبول بمغادرة دمشق وأريافها وباقي المناطق، التي أنجزت بها مصالحات"، مشيراً إلى أن "تجربة داريا سرعت الاقتناع النهائي من المسلحين بأن الدولة لا تُواجَه إلى ما لا نهاية وأنه لا بد من إيجاد حل وأنه جزء من هذا الحل إما بالتسوية والمصالحات أو بالخروج إلى ساحات أخرى بعيدة".

بعد انتصار الأسد
وقدر حيدر أن نحو عشرة آلاف من مقاتلي المعارضة استفادوا من منحهم ممراً آمناً إلى إدلب حتى الآن من مناطق غير حلب وقال: "نستطيع أن نتكلم حتى الآن عن حوالي عشرة آلاف مقاتل. قد يكون العدد أكثر في الفترات القادمة. طبعاً دون حلب لأن حلب وضع آخر. بعد حلب لم ينجز الحساب الأخير"، وتوقع أن يكون هناك عدد مواز لذلك خلال الأشهر الستة المقبلة، وقال: "أظن هذا العدد يوازي هذا العدد إذا أكملنا ساحة المصالحات على مستوى ريف دمشق ودرعا والقنيطرة"، وأشار أيضاً إلى أن اتفاقاً محلياً يمكن التوصل إليه قريباً في وادي بردى قرب دمشق حيث تحارب القوات الحكومية وحلفاؤها مقاتلي المعارضة حاليا. وقال "أظن أن وادي بردى سينجز وقد ينجز خلال فترة قصير جداً ليست بالأشهر".
لماذا إدلب؟
بالنسبة للمسلحين، فإن أهمية إدلب تكمن من عدة نواح؛ منها موقعها الجغرافي الذي يبعد عن حلب باتجاه الجنوب الغربي 60 كم، ومحاذاتها للحدود التركية بطول حدود يبلغ 129 كم، ولطبيعتها الجغرافية التي تتسم بالريفية، كما أنها تضم أكبر تجمع للمسلحين، حيث يقدر تعدادهم فيها مع عائلاتهم بـ 6000 آلاف مسلح، قبل حسم معركة حلب.

بعد انتصار الأسد
أما أهمية إدلب بالنسبة للحكومة السورية وحلفائها، فتكمن في تجميع المسلحين في منطقة جغرافية واحدة، ما يساهم في تفريغ المدن منهم وفي عدم تشتيت القوات العسكرية على رقعة جغرافية كبيرة وممتدة من الأراضي السورية.
وبحسب الكثير من التقاير المتخصصة فإن هناك الكثير من التحديات الكبيرة التي تنتظر المسلحين والحكومة السورية على حد سواء في إدلب.
فيما يتعلق منها بالمسلحين، أن مَنْ فيها والمرحلين إليها ليسوا من فصيل واحد، وهؤلاء بينهم خلافات عقائدية كبيرة وصلت حد الاحتراب وتبادل الاعتقالات فيما بينهم أكثر من مرة، وهذا ما قد يضعهم في وضع مشابه لما كانت عليه الجماعات المسلحة في حلب التي عصفت بها الخلافات وعجّلت من خسارتهم المعركة على نحو فاجأ حتى قادة الجيش السوري وحلفاءه.
أما ما يتعلق بالحكومة السورية:
أولا: تشكل طبيعة إدلب الريفية تحديا كبيرا عندما ينتشر المسلحون على رقعة جغرافية كبيرة، مستفيدين من بساتين المحافظة وأشجارها للاختباء والتحصين.

بعد انتصار الأسد
ثانيا: طول الحدود مع تركيا التي من الممكن أن تعمل على تسهيل وصول الإمدادات للمسلحين للمحافظة على إبقاء المعركة مشتعلة في حرب استنزاف لقوات الجيش وحلفائه.
ثالثا: صعوبة فرض حصار على المحافظة الريفية الممتدة الأطراف ما قد يسهل على المسلحين التسرب منها، أو خوض معارك "كرّ وفرّ" تكبّد الجيش السوري وحلفاءه خسائر بشرية كبيرة.
وحتى يحسم الجيش السوري المعركة المقبلة لصالحه، عليه أولا أن يدرك أن إدلب مختلفة عن حلب وبالتالي عليه اتباع استراتيجيات عسكرية جديدة تتلاءم والطبيعة الجغرافية للمعركة، هذا أولا، أما ثانيا؛ عليه العمل مع حلفائه لضمان أن تظل تركيا حيادية وأن لا تمدّ المسلحين بما يحتاجون من إمدادات، وعليها أن تستفيد من خلافات المسلحين والعمل على تعظيمها. (1)
تم الرجوع إلى مقال، لماذا إدلب، للكاتب بلال العبيوني.

شارك