وسط رفض الاخوان والسلفيين.. حظر "البرقع" يثير جدل الاسلاميين في المغرب

الأربعاء 11/يناير/2017 - 05:00 م
طباعة وسط رفض الاخوان والسلفيين..
 
"النقاب" و"البرقع" عنوان صراع التيارات الاسلامية في المغرب، مع وجود قرار"غير رسمي" بمنع ارتداء وبيع  النقاب في الأسواق والمتاجر المغربية، وهو ما واجه رفض سلفي، معتبرينه حرب سنة اسلامية صحيحة، فيما اعتبرت جماعة العدل والإحسان المنع جائز، وسط رفض حركة "التوحيد والاصلاح" المحسوبة علي جماعة الاخوان، لمنع "البرقع" او النقاب.
يذكر انه لا يوجد في المغرب قانون يمنع ارتداء البرقع، وشهد انتشاراً واسعاً في المغرب خلال العقدين الماضيين، كما يوجد نقاب الوجه في الثقافة المغربية، ولا تزال العديد من النساء يرتدينه، لكن بشكل لا يتشابه مع لباس البرقع الذي يغطي جسد المرأة بالكامل ويكون في الغالب من لون واحد.

المغرب يمنع البرقع:

المغرب يمنع البرقع:
وقد منعت وزارة الداخلية المغربية خياطة وتسويق وبيع "البرقع"  في المحلات التجارية وبدأ رجال الأمن ابتداء من الاثنين بتنفيذ القرار في الأسواق والمتاجر حسب وثائق تداولها نشطاء شبكات التواصل والصحافة المحلية.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب وثائق موقعة من طرف السلطات المحلية في عدد من المدن المغربية تطلب بشكل رسمي من أصحاب المحلات التجارية التخلص من كل ما لديهم من قطع البرقع خلال 48 ساعة.
وفي وثيقة بعنوان "إشعار بمنع إنتاج وتسويق لباس البرقع" يقول ممثل وزارة الداخلية "تبعا للمعاينة التي قامت بها السلطة المحلية لمحلكم، حيث تبين أنكم تقومون بخياطة وتسويق لباس البرقع فإني أدعوكم إلى التخلص من كل ما لديكم من هذا اللباس خلال 48 ساعة من تسلم هذا الشعار، تحت طائلة الحجز المباشر بعد انصرام هذه المهلة".
ولم يتضح بعد إن كان قرار الداخلية المغربية يشمل منع إنتاج وتسويق النقاب القريب في الشكل من البرقع، وهو السائد بين المغربيات ويباع لدى تجار المحلات المختصة في هذا اللباس.
من جانبه أورد موقع "اليوم24" أنه "في قرار مفاجئ" ابلغ عدد من تجار الملابس في مختلف المدن المغربية "بقرار منع إنتاج وبيع النقاب".
وقالت يومية أخبار اليوم إن السلطات "استعملت كلمة "برقع" بدل "نقاب" في الإشعارات التي وجهتها للتجار في حين أن هؤلاء "يبيعون النقاب وليس البرقع".
وبحسب شهادات أخرى نقلها الإعلام المحلي، قال تاجر من مدينة طنجة (شمال) أن "موظفي السلطة يمرون على المحلات التجارية بأكياس بلاستيكية كبيرة لحجز النقاب".
وبحسب ما نقله موقع "العمق المغربي" فإن الأمر يتعلق أيضا ب"النقاب حيث أوضح عدد من أصحاب المحلات التجارية لهذا الموقع أن "أعوان سلطة تابعين لوزارة الداخلية بمدن تطوان وطنجة ومرتيل (شمال) وسلا (قرب الرباط) ومكناس (وسط) وتارودانت (جنوب)، طلبوا منهم وقف إنتاج وبيع أنواع  من النقاب في محلاتهم".
ولم يصدر إعلان حكومي بالأمر، لكن مسؤولين لم تحدد أسماؤهم أبلغوا المتاجر والشركات بأن القرار اتخذ نظرا "لمخاوف أمنية". لكنه ليس من الواضح إذا كان المغرب يعتزم فرض حظر تام على ارتداء البرقع.
ولا ينتشر االبرقع، الذي يغطي الوجه وينسدل على الجسم في المغرب، حيث يفضل معظم نساء المغرب الحجاب.
ويميل النساء المغربيات في المجتمع السفلي  وفي المناطق المحافظة في شمال المغرب إلى ارتداء النقاب الذي يترك منطقة العينين مكشوفة

رفض سلفي:

رفض سلفي:
وعلق ناشط سلفي فضل عدم ذكر اسمه على خبر المنع بقوله "هناك الآلاف من المغربيات يلبسنه. القرار هو بمثابة هروب إلى الأمام وسيحدث انقساما في المجتمع، لأنه لا يمكن إجبار النساء على عدم تغطية وجههن وجسدهن"،مضيفا "ما يحصل يذكرني بكتاب ديمقراطية بلا حجاب لكاتبته التركية مروة صفاء قاوقجي".
وادان الشيخ السلفي المغربي حمّاد القباج، المنسق العام للتنسيقية المغربية لجمعيات دور القرآن، وأدان الشيخ حماد القباج، الحظر ووصفه بأنه "غير مقبول".
 و قال الشيخ حسن الكتاني في تصريح لـ"إيلاف المغرب"،، إن قرار وزارة الداخلية "لا أساس شرعي ولا قانوني له"، لافتا أن من شأنه أن يحدث "بلبلة في البلاد"، ومشددا على أن القرار "مناقض للشريعة والقانون والحريات الشخصية التي ينادي بها الجميع".
وحول ما يقال عن هذا الشكل من اللباس من كونه دخيلا على الثقافة المغربية، رد الكتاني، بأن هذه الحجة "واهية لأن اللباس المغربي تطور ويتغير من زمن لآخر"، مسجلا أنه "لا يمكن أن نطالب الناس بارتداء لباس انقرض والعودة إلى قرون خلت ولم يعد له وجود"، ولفت الوجه السلفي المعروف، إلى أنه إذا ألزم مرتدو اللباس الأوروبي  بارتداء اللباس المغربي فإن "لكل حديث مقال"، وأضاف قائلا "أما أن يحاصر فقط المتدينون فهذا كيل بمكيالين  وتمييز ديني عنصري لا معنى له"، على حد تعبيره.
واوضح الكتاني "نحن لا نتحدث بأننا تيار سلفي وإنما نتحدث بأننا مغاربة لنا الحق في أن نعيش حياتنا بما نعتقد وليس من حق أحد أن يحجر علينا في هذا البلاد من دون بقية الشعب"، مؤكدا "لسنا فئة دخيلة على المجتمع وإنما نحن امتداد لآبائنا وأجدادنا على مر العصور"، معتبرا أن كل من أراد أن "يحاصرنا بهذه الطريقة سنسلك في مواجهته سائر الوسائل المشروعة لكي ندافع عن حقنا".
ورجحت بعض الصحف أن يكون القرار راجعا إلى مخاوف أمنية إذ استخدم مجرمون النقاب لارتكاب جرائم.
وقال عبد الرحيم غزالي، الناطق الرسمي باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين، إن "الكثير من خياطي هذا اللباس في جميع المدن المغربية أخبروا اللجنة بتلقيهم زيارات من ممثلي السلطات المحلية" فضلاً عن بعض أعوان الأمن، وتوصلوا منهم بتعليمات تفيد منع خياطة وتسويق البرقع، مشيراً إلى أن السلطات المحلية بررت القرار بـ"أوامر من جهات عليا".
وأشار غزالي إلى أن السلفيين يعتبرون هذا القرار بمنزلة "محاولة لجس نبض المغاربة قبل اتخاذ قرار حظر ارتداء البرقع"، متابعاً أن السلفيين لن يصمتوا على ما تقوم به السلطات، وسيتصدون لكل قرار من شأنه "التضييق على حق المرأة في اتباع لباس واجب عليها شرعياً".

انتقاد الاخوان:

 انتقاد الاخوان:
كما اعتبر محمد الهيلالي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، المحسوبة علي جماعة الاخوان المسلمون،  أن قرار منع بيع وإنتاج “البرقع” داخل المغرب يعد قرارا تعسفيا، ولا يحق لسلطة المحلية اتخاذ مثل هذه القرارات لأنه هذا القرار من صلاحيات المؤسسة البرلمانية وليس السلطة المحلية.
وأكد عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح في تصريح لـ “الجريدة 24″ أن القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية يدخل في إطار الشطط في استعمال السلطة، كما أنه اعتداء على الحريات الفردية والشخصية للمواطنين.
وأضاف الهيلالي أن القرار له خلفية سياسية، فهناك من يريد تضييق الخناق على المواطنين الذين يرتدون هذا النوع من اللباس.

"العدل والإحسان" تؤيد منع البرقع:

العدل والإحسان  تؤيد
فتح الله أرسلان، القيادي البارز في جماعة العدل والإحسان، المحسوبة علي التيار الصوفي،  عبر عن رأيه الشخصي من الموضوع، مؤكدا أنه لا يتفق بالأساس مع لباس "البرقع"، الذي لا يعتبر مسألة إلزامية من الناحية الشرعية، ويفضل عدم ارتدائه، قبل أن يستدرك بالقول: "لكن يجب احترام الآخر وطريقته في اللباس، وبدل المنع يجب أن يسود الحوار والنقاش".
وأكد أرسلان، في تصريح لموقه "هسبريس" المغربي، على ضرورة احترام الرأي الآخر والتعامل معه بالقانون، "الذي يقول إن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته"، مضيفا: "نحن مختلفون حتى مع أولئك الذين يخرجون بدون ملابس، لكن لا يعني ذلك ممارسىة العنف عليهم"،.
واضاف القيادي الاسلامي، أن "الهواجس الأمنية التي تلف قرار المنع يجب أن تتوجه صوب العقل وطريقة التفكير بدل اللباس"، مشددا على إلزامية فتح نقاش على المستوى الفقهي بين العلماء والمختصين.

استنكارحقوقي:

فيما شهد القرار استنكار حوقي، حيث، قال مرصد شمال المغرب للتنمية البشرية إنه يعتبر الأمر "قرارا عشوائيا يعد اعتداءا غير مباشر على حرية المرأة في التعبير وعلى حقها في ارتداء ما يعكس شخصيتها أو معتقداتها الدينية والسياسية والاجتماعية".
ما محمد زهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فوصف قرار السلطات القاضي بمنع إنتاج وتسويق النقاب أو البرقع بـ"الارتجالي"، معتبرًا أنه "يمس الحياة الخاصة للأفراد، ولا يستند الى نص قانوني يتعلق ببيع وتداول مثل هذا اللباس".
وحذر الفاعل الحقوقي في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، من أن "تنفيذ هذا القرار الارتجالي التعسفي، يمكن أن يكرس لسلطة الاستبداد والظلم، والمس بحرية العقيدة"، وأضاف موجهًا نداءه لوزير الداخلية، محمد حصاد "يا سلطات الداخلية إن كل ممنوع مرغوب فيه، وما هكذا تورد الإبل يا حصاد"، وذلك في دعوة صريحة لمراجعة القرار.

مؤيددين للمنع البرقع:

مؤيددين للمنع البرقع:
من جانبها رحبت وزير الأسرة والتنمية الاجتماعية امغربية السابق، نزهة صقلي، وهي وزيرة ، بالحظر بوصفه "خطوة هامة في الحرب ضد التطرف الديني".
قال محمد عصيد رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات إن القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية يوم الاثنين الماضي، بمنعها تسويق وإنتاج “البرقع” قرار احترازي وجاء للحفاظ على استقرار البلاد.
وأضاف عصيد في تصريح لـ “الجريدة 24″ أن قرار منع تسويق “البرقع” داخل المغرب لا يمس بالحريات الفردية، لأن هناك بعض الأشخاص الذين يقومون باستغلال هذا اللباس في العمليات الإرهابية والإجرامية، بحيث يصعب على المصالح الأمنية كشف هويات مرتادي هذه الملابس الدخيلة على الثقافة المغربية.
وأوضح عصيد أن الخطوة التي قامت بها وزارة الداخلية تعد ايجابية، لاسيما في هذه الظرفية التي تعالت فيها الأحداث الإرهابية بمختلف البلدان.

المشهد المغربي:

حالة من الجدل اصابت الشارع المغربي حول تداعيات القرار،  يراه البعض  اختبار مادي صريح لردود افال التيارات الاسلامية وفي مقدمتها التيار السلفي، لسلفيين ، حول منع "البرقع"، وسط  تراجع مكانة الاسلاميين في البلاد، مع استمرار فشل رئيس حزب العدالة والتنمية المحسوب علي جماعة الاخوان، عبد الاله بنكيران في التوصل الي اتفاق لتشكيل الحكومة المغربية، وهو ما قد يزيد من تراجع الاسلاميين في الشارع المغرب، مع تساقط شعبيته لدي كثير من ابناء مملكة الملك محمد السادس.

شارك