مع اعلان الجهاد.. اشتعال حرب العمائم بين "داعش" وطالبان في أفغانستان

الخميس 12/يناير/2017 - 08:35 م
طباعة مع اعلان الجهاد..
 
كشفت وثائق حصلت عليها شرطة ولاية هلمند في افغانستان، علي وجود حرب قاتلة بين تنظيم "داعش" الارهابي وحركة "طالبان"، صاحبة النفوذ التقليدي فى أفغانستان، والتي حكمت البلاد لمدة ست سنوات إلى أن أسقطت بيد قوات التحالف عام 2001، وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي أخذ يتمدد في مناطق نفوذ "طالبان"، مما أدى إلى وقوع اشتباكات مسلحة بين الطرفين فى عدد من هذه المناطق، مما ينذر ببداية حرب العمائم  بين التنظيمين الجهاديين.

اعلان الجهاد:

اعلان الجهاد:
حصلت شرطة ولاية هلمند في افغانستان على وثائق تؤكد إعلان جماعة "داعش" وحركة طالبان الارهابيتان "الجهاد" ضد بعضهما البعض.
وذكرت تقارير إعلامية، في 12 يناير 2017، نقلا عن نابي جان مولاخيل، مدير شرطة ولاية هلمند في جنوب أفغانستان، أن الشرطة حصلت على وثائق تؤكد إعلان جماعة "داعش" وحركة طالبان الارهابيتان "الجهاد" ضد بعضهما البعض.
جاء ذلك في وقت بات معلوما أن جماعة "داعش" وحركة طالبان الارهابيتان أعلنتا الحرب ضد بعضهما البعض منذ وقت طويل.
الى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في أغسطس 2016، إن جماعة "داعش" وحركة طالبان عقدتا اتفاق هدنة غير معلنة. غير أن المواجهات بينهما في أفغانستان، وفقا لتقارير إعلامية، لم تتوقف منذ عام 2014.
وتشير تقارير اعلامية الي أن الأمر لم يبقَ في دائرة المواجهات المسلّحة بين "طالبان" و"داعش"، بل تعداه إلى ممارسة أنواع من العنف ضد بعضهما بعضا، مثل الإعدامات الميدانية، وحرق المنازل، وهو ما يثير بعض التساؤلات حول مدى تمدد "داعش" فى أفغانستان، وأسباب الصراع مع "طالبان"، والتداعيات المحتملة لهذا الصراع.

حضور "داعش":

حضور داعش:
وتعد أفغانستان ساحة صراع بين "داعش" وطالبان، حيث يشتد الصراع بين الجماعاتان المسلحتان يوماً بعد آخر. وبعد احتدام المعارك بين الجماعتين المتناحرتين في عدد من جبهات القتال في شرق وجنوب أفغانستان، والتي أدت إلى مقتل عشرات المقاتلين، وإصدار فتوى الجهاد ضد بعضهم البعض، اتهم فرع "داعش" في خراسان حركة "طالبان" بالعمالة للاستخبارات الباكستانية، وأن جميع أعمال هذه الحركة تهدف إلى إلحاق الضرر بالشعب الأفغاني وفق رغبة الاستخبارات العسكرية الباكستانية. 
وقال القيادي السابق في حركة "طالبان أفغانستان"، وهو أحد أبرز قادة "داعش" في فرع خراسان المولوي مسلم دوست، في حوار له مع قناة "بي بي سي"، أسباب إعلان التنظيم الحرب على "طالبان"، والتي من أبرزها كون الحركة تعمل لصالح الاستخبارات الباكستانية وضد مصالح الشعب الأفغاني، مشيراً إلى أن كل خطوات "طالبان" العسكرية مبنية على أساس مصالح الاستخبارات الباكستانية، والشعب الأفغاني الأعزل يدفع ثمن تلك الخطوات.
وأكد مسلم دوست، الذي عاش سنوات عديدة في سجن غوانتنامو لانتمائه إلى حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة"، أن "طالبان" تحارب "داعش" لأن الاستخبارات الباكستانية أمرتها بذلك، ولأن التنظيم لا يعمل لصالح أي جهة بل هدفه الوحيد العمل لأجل الأهداف الجهادية المرسومة. كذلك شدد على أن سبب انشقاقه من "طالبان" هو أنها تمارس جميع أنواع الظلم في حق الشعب الأفغاني لإرضاء الاستخبارات الأجنبية، بينما "داعش" يقاتل ضد الجيش الأفغاني والقوات الدولية، وليس له أي نوع من العداء مع باقي أفراد الشعب.
ولم يتحدث القيادي عن تفاصيل أكثر حول كيان "داعش" في أفغانستان وأعماله العسكرية، إلا أن مصادر قبلية تشير إلى أن الوضع يتفاقم بصورة مضطردة بين الجماعتين المسلحتين، إذ امتدت المعارك الشرسة بين الطرفين إلى عدد من مناطق الشرق الأفغاني بعد أن بدأت على الشطر الحدودي بين باكستان وأفغانستان في مديرية شينواري، وبعد أن سيطر "داعش" على بعض المناطق الاستراتيجية والمهمة على الحدود. ولم يبقَ الأمر في دائرة المواجهات المسلّحة بين "طالبان" و"داعش"، بل تعداه إلى ممارسة أنواع من العنف ضد بعضهما البعض، مثل الإعدامات الميدانية وحرق المنازل وتشويه جثث القتلى. 
وبدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" فى الظهور بصورة علنية فى أفغانستان مع بداية عام 2015،، بعد مبايعة عدد من القيادات المنشقة عن حركة "طالبان" للتنظيم، وزعيمه أبى بكر البغدادي، وعلى رأسهم الملا عبد الرءوف، ثم سرعان ما بدأ التنظيم يجتذب العديد من المقاتلين من داخل "الحركة" وخارجها، ويفرض وجوده على مناطق مختلفة من البلاد. 
وبعد مقتل الملا عبدالرءوف في غارة جوية بطائرة من دون طيار، لم يتوقف تنظيم "داعش" عن التمدد في أفغانستان، حيث لم يكتف بالتوسع فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة الأفغانية، بل أخذ يتمدد فى المناطق التى يسيطر عليها مسلحو "طالبان"، وتمكن من السيطرة على عدد من معاقل الحركة في "هلمند"، وبعض المناطق من إقليم زابل المجاور لـ "قندهار"، معقل "طالبان".
ولم يقتصر نشاط "التنظيم" على الأقاليم الجنوبية البعيدة عن العاصمة "كابل"، بل شهدت الأقاليم المجاورة لها تحركات للمقاتلين المنتسبين إلى التنظيم. ففي إقليم "لوجر"، كشف مسئولون محليون عن نشاط لـ"داعش" في بعض المناطق الاستراتيجية المهمة. ولم يكتف "التنظيم" بالتمدد والنفوذ فى تلك المناطق، بل بدأ مسلّحوه  بتأسيس وإنشاء معسكرات في المناطق الجبلية النائية، من أجل توفير التدريب، والمأوى، والملاذ الآمن.

موقف طالبان:

موقف طالبان:
وعلي جانب اخر،  كشف إعلان الملا منصور، القيادى فى حركة طالبان، والذي كان وزيرًا أثناء حكم طالبان في كابل (1996-2001)،  بأن طالبان لن تسمح لتنظيم "داعش" بالتمدد على الأراضي الأفغانية، عن مدى عمق الخلافات بين الطرفين، ومدى تخوف الحركة من التمدد المستمر لـ "داعش". ويمكن تحديد أبرز الأسباب التي أدت إلى الصدام بين الطرفين في الآتي:
الخلافات الأيديولوجية، فالتنظيمان بينهما خلافات عقائدية وفكرية عميقة، حيث إن حركة طالبان تعتنق "المذهب الأشعرى"، بينما تعتنق "داعش" ما يعرف بالمذهب الوهابى، وهناك تباعد كبير بين المذهبين، وهو ما يعرف في أدبيات التيارات الجهادية باسم "اختلاف التضاد"، وهو يمنع الالتقاء أو التعاون. ومن الناحية الفكرية، هناك تباعد كبير في الرؤى بين الطرفين حول مفهوم "الشريعة"، و "البيعة"، والتعامل مع الشيعة ..إلخ، لدرجة أن مجلة "دابق" الإلكترونية التابعة لداعش نشرت، فى ديسمبر 2014، أن طالبان تقوم بإعلاء الأعراف القبلية على الشريعة الإسلامية، وتتجاهل استهداف السكان الشيعة، كما اتهمت الملا محمد عمر، زعيم الحركة، بأنه يتبنى مفاهيم "مشوهة" عن الإسلام.
الصراع على النفوذ فى أفعانستان، فحركة "طالبان" ترى أنها صاحبة النفوذ التقليدى فى البلاد، وأنها حاملة لواء الجهاد والشريعة فى البلاد، لذا ترفض بشدة أن ينافسها تنظيم "داعش" هذا النفوذ، فى الوقت الذى يتمدد فيه تنظيم "الدولة الإسلامية" على حسابها، ويستقطب العديد من رجالها، إما بسبب جاذبية الفكر "الداعشى"، أو بسب الإغراء بالمال، وتولية المناصب، من خلال استغلال حالة السخط الموجود بين أبناء "الحركة" تجاه قيادتها، بسب كثرة الخلافات والانشقاقات بين قادتها. لذلك، أصبحت المعركة بين الطرفين أشبه بمعركة من أجل البقاء، خاصة أن وجود "داعش" أصبح يمثل خطرا حقيقياً على مستقبل "طالبان". 

أفغانستان محور الصراع:

أفغانستان محور الصراع:
ترتفع وتيرة الصراع بين حركة "طالبان" وتنظيم "داعش" مع  نجاح نمظيم الدولة في سحب البساط من تحت أقدام حركة طالبان، وإيجاد قاعدة له في أفغانستان سيجلب صداعا أقوى مما سبق لكل الدول المحيطة بالأخيرة، خاصة باكستان "صاحبة النفوذ واليد الطولى في الشأن الأفغاني"، والهند "المنافسة التقليدية لباكستان في أفغانستان"، والصين "الملاصقة لأفغانستان من جهة إقليمها المسلم المضطرب المعروف باسم تركستان الشرقية"، وإيران "المعادية للدواعش بسبب الاختلافات المذهبية"، إضافة إلى روسيا الاتحادية "القلقة من تسرب الدواعش إليها عبر جمهوريات آسيا الوسطى المحاذية لأفغانستان من الشمال كطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان التي ينشط "الإرهابيون" فيها أصلا". فهذه الدول كلها سواء في نظر "الدواعش"، لجهة الكفر والمروق واستحلال ثرواتها ودماء أبنائها.

شارك