بعد الدعم الروسي.. هل ينجح "حفتر" في حسم الأزمة الليبية؟

السبت 14/يناير/2017 - 03:01 م
طباعة بعد الدعم الروسي..
 
فيما يبدو أن تلاعب الأطراف السياسية في ليبيا، بات مكشوفًا أمام الجميع، وبالأخص محاولات استبعاد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي من المشهد الليبي بالكامل، ولكن في ظل كل هذه العراقيل، حظي المشير بدعم روسي غير مسبوق، الأمر الذي ينقذه من محاولات الزج به من منصبه.

بعد الدعم الروسي..
ومن المعروف أن المشير حفتر، نجح في تحرير العديد من المناطق التي سيطر عليها التنظيم الدموي "داعش"، بينها بنغازي وفي الطريق لطرابلس.
ومنذ أن دخلت حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج إلي العاصمة طرابلس، وباتت الأوضاع تتأزم يوما تلو الأخر، حيب بدأت المشاحنات بين الطرفين، فمن جانب الحكومة المعترف بها دوليا في الشرق بقيادة عبدالله الثني، والأخري التي تحظي بدعم أممي ودولي كبيران وتقيم في العاصمة، حيث سعت الأخيرة منذ دخولها للإطاحة بخليفة حفتر من القيادة العسكرية.
ونجح كذلك خليفة حفتر في السيطرة علي منطقة الهلال النفطي بالكامل في سبتمبر الماضي، الأمر الذي أشعل غضب حكومة الوفاق، وأدي إلي تصاعد وتيرة الأزمة بينهما.
وسيطرة "حفتر" على الموانئ النفطية، إضافة إلى الانتصارات العسكرية التي حققها في مدينة بنغازي، جعلت عدة دول تعيد حساباتها تجاه المؤسسات الشرعية في المنطقة الشرقية لعل أبرزها دولتا الجوار تونس والجزائر اللتان استقبلتا الفترة الماضية المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
والجدير بالذكر أن اتفاق الصخيرات الذي أتي بحكومة الوفاق الليبية، كان يسعي إلي إزاحة حفتر من المشهد الليبي، حيث قال آنذاك، صالح المخزوم القيادي في حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين، لقد أزحنا حفتر من المشهد بجرة قلم"، في إشارة إلى المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات التي تنص على تحول المناصب السيادية والعسكرية إلى سلطة المجلس الرئاسي بمجرد توقع اتفاق الصخيرات بما فيها منصب القائد العام للجيش الذي يتولاه المشير ركن خليفة حفتر.
وأثارت هذه المادة جدًلا واسعًا في البرلمان، حيث طالبت كتلة السيادة الوطنية البرلمانية الرافضة لحكومة الوفاق، بسحب هذه الصفة من المجلس الرئاسي وإسنادها إلى البرلمان، بينما طالب فريق آخر مؤيد للحكومة، ببقاء صلاحيات القائد الأعلى للجيش بيد المجلس الرئاسي.
 كما تنص المادة على "جعل صلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي، بيد مجلس رئاسة الوزراء"، ويرى البعض أن "هذه المادة وضعت بشكل متعمد، في محاولة لتجريد القيادات العسكرية العليا وعلى رأسها المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة، من أي صلاحيات، وهو أمر لا يمكن القبول به، كون الأخير يقود المؤسسة العسكرية في الحرب ضد الإرهاب".
ويرى مراقبون أن اتفاق الصخيرات بات بمثابة المنتهي حيث لم يتبق منه سوى مجلس رئاسي منقوص بعد استقالة موسى الكوني وتعليق عضوين ممثلين للسلطات شرق البلاد لعضويتهما وهما عمر الأسود وعلي القطراني، إضافة إلى بقايا حكومة ما انفك وزراؤها يستقيلون، الواحد تلو الآخر، في حين كثفت الأطراف الإقليمية وخاصة دول الجوار من محاولاتها لإيجاد صيغة توافقية تنهي الصراع القائم منذ نحو ثلاث سنوات.
فيما يري أخرون أن التوصل إلى اتفاق مع المشير حفتر بات اليوم أكثر من صعب بعد أن ارتفعت أسهمه داخل ليبيا وخارجها، في حين كان من الممكن التوصل إلى اتفاق معه لو لم تصر الأطراف السياسية على تهميشه واستبعاده في اتفاق الصخيرات.
وبحسب هؤلاء فإن حفتر والسلطات الموجودة شرق البلاد عموما، سترفع مما لا شك فيه بعد هذه الانتصارات من سقف شروطها، الأمر الذي سيرفضه التيار الإسلامي الذي مازال يحظى بدعم غربي خاصة إيطاليا وبريطانيا.
ومع كل هذه الأحداث يقف حفتر متجاهلا كل ذلك ومصرا على الحسم العسكري، وهو الأمر الذي يفسره الكثيرون بفقدانه الأمل في جدية خصومه والأطراف الداعمة، في إيجاد حل توافقي عادل يرضي المنطقة الشرقية، وهو الأمر الذي تؤكده تصريحات القادة العسكريين كان آخرها تصريح رئيس الأركان العامة عبدالرازق الناظوري، الذي قال إن تحرير الجفرة سيكون الهدف المقبل، ليتم بعدها التوجه نحو تحرير طرابلس من سيطرة الميليشيات الإسلامية.
ودخلت الأربعاء الماضي،  حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزينتسوف إلى المياه الليبية الإقليمية، حيث التقى حفتر على متنها برئيس الأركان العامة الروسي فاليري جيراسيموف كما تواصل مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو.
ويري محللون أن قيام روسيا بهذه الخطوة العابرة يعتبر بمثابة إعلان رسمي وجدي لانحيازها عسكريا إلى جانب قوات الجيش الليبي في صورة حدوث أي تصعيد على المدى القريب، إضافة إلى إثبات حضورها أمام الأساطيل الغربية التي بدأت باختراق المياه الإقليمية.
بعد الدعم الروسي..
ويخشي الليبيون من دخول ليبيا في نفس السيناريو السوري بعد التدخل الروسي، وهو الأمر الذي حذر منه محللون، معتبرين أن الانجرار نحو هذا السيناريو يبقى الخطر الأكبر الذي سيكون الشعب الليبي الخاسر الأكبر من ورائه جرّاء الانهيار والدمار الذي سيلحق ببلادهم.
ويروا أن دخول روسيا على الخط ودعمها الصريح للجيش، سيعجل من حسم الصراع في ليبيا سواء كان عسكريا أو سلميا.
 وظلت روسيا على مدى حوالي سنتين من الحوار الليبي تراقب الأزمة عن بعد ولم تتدخل فعليا فيها بأي شكل من الأشكال رغم تصريحاتها المساندة لمجلس النواب والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
ويتوقع مراقبون أن يحظى التوجه الروسي بدعم أمريكي من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب المقبلة، فصمت الإدارة الأمريكية، على الخطوة الروسية، دليل على وجود توافق روسي أمريكي تجاه سبل مكافحة الإرهاب في المنطقة، ما يؤدي إلي بقاء حفتر في المقدمة.
وسبق أن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها، أن حفتر نجح في فتح قنوات اتصال مع موسكو في الفترة الأخيرة لدعم قواته في حربها ضدّ الإرهاب وتثبيت دورها في المشهد الليبي الذي طغت عليه أخبار حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وتحركات قواتها في سرت.
وقام المشير بزيارة العاصمة الروسية موسكو أخر الشهر الماضي، وذلك بعد زيارة في شهر يونيو الماضي لبحث الأزمة الليبية مع مسئولين روس.
وأثارت الزيارة، للمرة الثانية، عدة تساؤلات، حول الدور الروسي المتوقع في ليبيا؟ وماذا يريد حفتر من بوتين؟ وما إذا كان سيطلب حفتر مجددًا تزويده بالأسلحة، بعدما تم رفض ذلك خلال الزيارة الأولى في 27 يونيو الماضي.
والتقى حفتر في زيارته الأخيرة، كلا من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، لمناقشة الأوضاع الراهنة في ليبيا على الصعيدين العسكري والسياسي.
ويؤكد مراقبون أن سلاح الجيش الليبي يأتي دومًا من روسيا، وأن الخبرات العسكرية لدى الجيش الليبي أتت على أيدي الخبراء الروس، إلى جانب موقف روسيا الإيجابي والداعم للحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
وبحسب مراقبين، فإن حفتر يبحث عن دعم دولي لقواته المقاتلة في الشرق الليبي، وأن روسيا وجهة مفضلة لحفتر التي يرى أنها رببما تقوم بدور كبير في حسم الأمر في ليبيا، ورغم النفي من قبل الخارجية الروسية بوجود نية لتوريد أسلحة لقوات حفتر، إلا أن مقربون من الأخير صرحوا بأنه طلب رسميًّا تزويده بأسلحة حتى يحسم معاركه.

شارك