خبراء يؤكدون على دور التنوع الديني فى مكافحة التطرف

السبت 21/يناير/2017 - 05:26 م
طباعة خبراء يؤكدون على
 
خاص- بوابة الحركات الاسلامية
شهد مؤتمر "العالم ينتفض: متحدون في مواجهة التطرف"، والذي نظمته مكتبة الإسكندرية جلسات متوازية شارك فيها باحثين ومفكرين وخبراء دوليين متخصصين في قضايا التطرف، وتناولت الجلسات دور الإعلام، التنوع الديني والثقافي، رصد خطابات التطرف، واستطلاعات الرأي. 
وفى جلسة التنوع الديني الثقافي  قال الدكتور إلياس حلبي أستاذ الحضارات بجامعة "بلمند" في لبنان ومدير مشارك في مركز الشيخ نهيان للثقافة  أنه في الحديث حول العلاقة بين التنوع والإرهاب فلابد من محاولة تفكيك الآليات الذهنية التي أدت إلى تشكيل هذا الموقف المتأزم وما يتبعه من جنوح للإرهاب، وأنه كي نستطيع فهم الموقف لابد أيضًا من التعرض لقضايا وعي الإنسان بذاته وبالآخر والواقع من حوله والسلطة والصراع الذي يدفعه لاتخاذ موقف سلبي من موضوع التنوع. 
أكد أن رفض التعددية والتنوع راجع إلى مفهوم الهوية الذي يتم حصره في كثير من الأحيان في الهوية الأحادية التي لا يستطيع فيها الشخص أن يتقبل أن تكون لديه هوية مركبة لها عدة جوانب؛ مما يؤدي إلى خلق حالة صراع داخلي لدى صاحبها تدفعه إلى "الاختزالية"، بمعنى أن يختزل الشخص المحددات الكثيرة للهوية في الهوية الدينية والنزول لمستوى أدنى وهو الهوية الطائفية.
تناول "حلبي" قضية وعي الإنسان بالأخر الذي ينظر إليه على أنه المسؤول عن المشاكل التي يمر بها ويشكل مصدر الخطر لمجرد "غيريته" ووجوده، حتى لو لم يقم الأخر بشيء سلبي، مشيرًا إلى أن القضية الأصعب عندما يصبح الآخر مصدر لتأزيم علاقتي مع الله وتكريرًا لصفائي الديني.

خبراء يؤكدون على
أضاف أن الصراع الداخلي بين معتقدات الإنسان وما يريده وما يعيشه يعبر عنه أحيانًا في شكل جنوح ومغالاة تنعكس على الوعي للذات وللآخر، لهذا لا يستطيع الإنسان تقبل التنوع أو التعايش معه بل والسعي لإزالته وصولًا إلى الصفاء في كل شيء، مشددًا أنه كي نفهم العلاقة بين التعددية والإرهاب والتطرف لابد من أن نفهم مفهوم "الاختزالية"؛ بمعنى أن يختزل الله في صورة تخدم فكرة معينة، أو اختزال  النص الديني في الآيات التي تخدم أغراض محددة، واختزال التفسير لتقديم التبريرات المطلوبة التي تدعم التطرف والمغالاة، بالإضافة إلى اختزال مقاصد الله من الخلق لخدمة المشروع الذي يلبسه المتطرفون إلى الله.
وتابع أن التفكير الاختزالي يوصّل للنظرة الأحادية للذات ورفض التنوع؛ فيجنح الإنسان إلى الأصولية الدينية التي تعطيه الحصانة والوكالة الحصرية كي يكون الناطق الرسمي باسم الله والمنفذ لإرادته، وعندما يصطدم هذا الشخص بواقع مغاير يتحول من الأصولية إلى التطرف بالتفسير وفرضه على الأخرين ويجنح للعنف. ويرى "حلبي" أن صفة التنوع هي النقيض لفكرة الاختزالية؛ حيث تفتح فكر الإنسان على تقبل أفكار جديدة وتقبل الآخر وأن يعي سعة رحمة الله وحقيقة أن الله خالق  الكون كله، وأن مصائر الخلق مرتبطة بإرادة الله لا إرادة المتطرفين.
وتعرض المطران منير حنا رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي إلى المشروعات المشتركة التي جمعت بين الكنيسة والأزهر في مصر ومشروع بيت العائلة المصرية، وضرورة نقل الحوار من كونه حوار نخبوي إلى رجل الشارع البسيط، بحيث يكون  هناك حوار حياتي عملي يومي بعيدًا عن المستوى الأكاديمي، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام بين الشعوب إلا بالسلام بين الأديان وأن هذا الأخير لن يتحقق إلا بالحوار الذي أصبح ضرورة حتمية لمواجهة التطرف والإرهاب، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر. وأشار إلى أن الكنيسة الأسقفية في مصر وقعت العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون مع الأزهر الشريف، تم على إثرها إجراء العديد من اللقاءات الدورية، وإصدار عدة كتب حول ثقافة الحوار وتصحيح الصور المشوهة والقضايا ذات الاهتمامات المشتركة، إلا أن ذلك كله لم يمنع موجات العنف من أن تكمل مسيرتها بل وتزداد.

خبراء يؤكدون على
من جانبه، لفت الدكتور عبدالله الخطيب أستاذ مشارك في جامعة الملك بن عبدالعزيز  إلى أن العديد من الدول أعلنت فشل سياسات التعددية الثقافية؛ وكان أولها ألمانيا عندما صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن مقاربة التعددية الثقافية قد فشلت بشكل مطلق في ألمانيا، تبعها بعدة أشهر تصريح من قبل رئيس وزراء بريطانيا حينذاك، ديفيد كاميرون، قال خلاله أن التعددية فشلت في بريطانيا، وأن المملكة المتحدة بحاجة إلى هوية قومية أقوى حتى لا يلجأ الناس إلى التطرف، ثم تلتها فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية. وأرجع "الخطيب" أسباب فشل سياسات التعددية إلى الخطورة التي تشكلها تلك التعددية من وجهة نظر بعض الحكومات، والتجاور الشكلي للثقافات دون أن يكون هناك تفاعل حقيقي خارج إطار النفعية، وانكفاء بعض الثقافات على نفسها مما خلق بيئة خصبة لنمو التطرف والتشدد.
وأوضح أن ما أطلق عليه "سلوكيات الأنا" تجاه الأخر يمكن تصنيفها في أربعة نماذج؛ أولها نموذج الإقصاء عن طريق إبعاد الأخر المختلف، ونموذج العزل بعدم اختلاط المستضيف بالمضاف، ونموذج الاندماج الذي يسعى فيه الإنسان لمعرفة ذاته عن طريق معرفة الأخر، ونموذج الانصهار وهو الأخطر على الإطلاق لأنه يهدف لعزل المختلفين عن ثقافة المستضيف عن المجتمعات الخارجية لتغيير ثقافته وصهرها في ثقافة الدول المستضيفة. ودعا إلى ضرورة تطبيق "المثاقفة" التي تختلف عن مفهوم التثقيف، والغاء التفاضل بين الشعوب والقبول بالحد الأدنى من القيم المشتركة. 
وقال الدكتور رفعت السعيد، لابد من التفرقة بين المعرفة والعلم، حيث أن المعرفة هي المعرفة السطحية بالشيء، وأما العلم بالشيء فهو التعرف علي مكوناته، أي ان استخدام المعرفة دون إعمال العقل يجعل هناك أقوال تتردد إلي العقل المصري دون صحة وعلم لها، مما سبب على أثره أنتشار لأفكار لا تندرج للدين وتم استغلالها باسم المعرفة وأتخذها البعض انها علم لهم، لافتاً إلى أننا نواجه ظاهرة صعبة وهي محاولة تجديد وتصحيح الفكر.  
فى حين تطرق الدكتور الطاهر سعود؛ الباحث في مجال مكافحة الإرهاب بالجزائر، إلى استراتيجية محاربة التطرف، وطرح التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن التصدي للإرهاب مر بمراحل متعددة في الجزائر خلال جميع الموجات التي مرت بها العمليات الإرهابية فيها، فهناك معالجة أمنية طرحت في البداية، ولكن تبعها العمل على المستوي السياسي، ومن جهة أخرى تطبيق سياسة شاملة للقضاء على الراديكالية تمزج بين إجراءات سياسية واقتصادية وثقافية ودينية. 
وطرح الدكتور سعود استراتيجية المواجهة الأمنية للإرهاب في الجزائر، وذلك على مرحلتين وبدأت في1991 وحتي 1991، بتكوين كوادر لمكافحة العناصر الإرهابية بشكل خاص، والمرحلة الثانية بتكوين سلك عسكري مختص بمكافحة الإرهاب، وتم تحديث المؤسسة الأمنية، وتنويع القاعدة البشرية لقوات مكافحة الإرهاب والتي تكونت من "سلك الحرس البلدي، وسلك المواطنين المتطوعين، ومجموعات الدفاع الذاتي"، وكذلك تعميم استعمال المعلوماتية، فضلاً عن تحديث التسليح وتدريب خوض معارك وحرب العصابات، بالإضافة لحشد الموارد المالية ومنح الدولة قدرة أكبر علي تمويل حربها ضد الإرهاب، وتكييف المنظومة القانونية والتشريعية بإنشاء مجالس قضائية وتشريعية وتنفيذية. 
وأشار الدكتور سعود إلى التدابير ذات المنحنى السياسي التي تدخل في استراتيجيات الحرب وهي إعادة تشكيل الحقل السياسي، وإطلاق تدابير للرحمة والمصالحة الوطنية، والعودة للمسار الانتخابي، فضلاً عن وجود تدابير للنظام الاقتصادي والتعليمي والثقافي. 


شارك