مؤرخ القاعدة ونقد التحالف التركي الإخواني!

الأربعاء 25/يناير/2017 - 05:19 م
طباعة مؤرخ القاعدة ونقد
 
يتلهى شعب مصر بمشاكله المعيشية ، غافلا عن الخطر الوجودي الذى يهدد وجوده، وإقصاء مصر خارج نطاق التاريخ، إنها كارثة قطع مياه النيل عن مصر بواسطة سد النهضة الأثيوبي . على مدى التاريخ مر شعب مصر بمحنة انخفاض منسوب النيل بشكل دوري ( السبع العجاف) ، ولكنه كان دوما يعود رحبا وكريما.
الآن النيل يحتجز قصريا ، في الحبشة خلف سد النهضة ، بفعل إسرائيلي وتمويل سعودي / خليجي / تركى / دولي . بهذه الكلمات يستكمل "مصطفى حامد" والمعروف في تنظيم القاعدة بـ"أبو الوليد المصري" سلسلة مقالاته عن الأمن القومي المصري والتي كان بدأ في نشرها في النصف الثاني من 2012، تحت عنوان "الخيانة وجهة نظر ونشاط اقتصادي رائج".
وقد برز اسم «مصطفى حامد» المكنى بـ «أبو الوليد المصري» منذ سنوات، على اعتبار أنه مؤرخ تنظيم «القاعدة» الإرهابي، وتشير المعلومات المتوافرة عنه أنه يعيش حاليا في إيران بعد خروجه من مصر العام الماضي مع ولديه إلى قطر ومنها إلى «طهران». عمل «حامد» في الصحافة خلال فترة السبعينيات، وتحديدا في عدد من الصحف الأهلية في «أبو ظبى»، ثم تطوع مع المقاومة الفلسطينية «حركة فتح» لفترة قصيرة أثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام ١٩٧٨، وشارك في الجهاد الأفغاني منذ عام ١٩٧٩ أثناء الغزو السوفيتي.
وقد أكد عضو التنظيم محمد عاطف «أبو حفص المصري» إن «أيمن الظواهري» و«أسامة بن لادن» كانا يخشيان «مصطفى»، وتأثيراته على الشباب، لأن عقليته كانت مرتبة. لماذا الحديث عن «مؤرخ القاعدة» الآن؟، الإجابة هي خروجه منذ أيام للرأي العام بسلسلة مقالات بعنوان «تأملات في الأمن القومي المصري»، هاجم فيها الإخوان وجموع الإسلاميين ودولاً عربية اتهمها بالوقوف مع الإسلاميين وإسرائيل في نفس الوقت.
ويرى «حامد» أن هذه الدول هي السعودية وأتباعها من «مشيخات النفط»، ثم تركيا التي نهبت مياه نهرى دجلة والفرات، وحرمت شعوب سوريا والعراق من ٢٥ مليار متر مكعب من نصيبهم السنوي في مياه النهرين، موضحا أن تلك الدول هي «الركن الأساسي الداعم للحركة الإسلامية في مصر خصوصا والمنطقة العربية بشكل عام».
واختص هجومه بالإخوان، وقال: «الإخوان تحديدا توصلوا إلى منافسة هؤلاء العلمانيين في العلاقات الأوروبية والأمريكية، إلى درجة أقنعت قطاعا من السياسيين في تلك البلدان بأن الإخوان في خدمة الغرب ومصالحهم الجيوسياسية، وذلك رغم تحالفها مع الوهابية».
وزعم «مؤرخ القاعدة» أن جزيرتي «تيران وصنافير»، المتنازع على سيادتهما، ستكونان بحوزة إسرائيل عبر السعودية، وأن ماء النيل سيكون في حوزة إسرائيل عبر إثيوبيا، ونفس الأمر بالنسبة لغاز المتوسط، حسب قوله.
في الجزء الثالث والأخير من سلسلة مقالاته تحدث «أبو الوليد»، عن الخطر الداخلي على الأمن القومي المصري، وهو ما اعتبره نظام التبعية السياسية للإمبراطورية الأمريكية، وراح يتحدث عن تسبب تلك التبعية في تلويث مياه نهر النيل، وحذر من «محاولات إسرائيلية لتعطيش مصر وحجز مياه النيل خلف سدود دول المنبع الإفريقية».

مؤرخ القاعدة ونقد
وحول مشكلة المياه وسد النهضة يدين "حامد" المعارضة المصرية بكافة تشكيلاتها وانتماءاتها سواء كانت اسلامية او ليبرالية ويسارية فيقول: "نصيب الفرد في مصر من المياه سنويا هو 500 متر مكعب ، أى أقل من نصف المعدل الدولى . سد النكبة سوف يحجب ما بين 80 % إلى 85 % من مياه النيل  الأزرق القادم من أثيوبيا ، فيهبط بذلك نصيب الفرد من المياه إلى حوالى 100 متر مكعب سنويا . وبما أن مجارى الصرف الصحي والصرف الصناعي والزراعي مازالت تتدفق على النيل ، فإن تلك الكمية الضئيلة من المياه المتبقية لن تكون صالحة أبدا للاستهلاك الآدمي ،  بل مجرد سائل مميت كريهة الرائحة ومبيد للبشر والكائنات الحية جميعا"
 
مؤرخ القاعدة ونقد
وإذا وضعنا في الاعتبار أن السودان الشقيق ينوى إنشاء عدة سدود على النيل الأبيض ـ الذى يمد مصر بحوالي 20 % إلى 25% في المياه سنويا ، فان نصيب الفرد المصري من المياه سيهبط إلى نسبة يمكن إهمالها ولا يمكن استخدامها في أي غرض طبيعي للاستهلاك البشرى أو الحيواني . فلن تكون حتى الضفادع والأفاعي قادرة على الاقتراب من ذلك المجرى الموحل والمتعفن . وذلك هو الهلاك بعينه لشعب مصر ، ودولته التي هي الأقدم في تاريخ الدول .
وبعدها  تتسلم إسرائيل بشركاتها متعددة الجنسيات وبنوكها الدولية ، تتسلم أرض مصر “نظيفة” بلا شعب ، كصفحة بيضاء تسطرها من جديد بكلمات عبرية فى كل المناحى ، من تركيبة السكان الجدد ، إلى الاقتصاد الجديد ، إلى كمية المياه المستوردة من الحبشة حسب الاستهلاك الضروري .
وليس معروفا إن كانت إسرائيل سوف تسمح بتمرير شيء من المياه إلى الفلسطينيين في وطنهم البديل في سيناء، أرض التيه الجديدة للفلسطينيين. أما أشقاؤهم المصريون فسوف تبتلعهم مياه البحر الأبيض ، ويتيهون في صحراء مصر شرقا وغربا لتبتلعهم رمالها الصفراء بلون الموت .
فهل يمكن مقارنة ذلك الخطر القاتل ، بأي ضائقة أخرى يعيشها الشعب المصري؟. فلماذا لا ترسم “الصفوة” المصرية في داخل الوطن وخارجه لشعبها أولوياته بشكل صحيح ؟ . الإجابة بسيطة وهى : أن “الصفوة ” المعارضة للنظام هي الأخرى متواطئة ولا تجرؤ حتى على مجرد الاقتراب بشكل جدى في ذلك الملف المتفجر ، إلا من باب المشاغبة ـ مجرد المشاغبة ـ على النظام القائم . لأن التصدي الجدى للمشكلة أو مجرد توضيح أبعادها الخطيرة للشعب ، سوف يلغى فرص وصولها إلى الحكم ، سواء من تحت البيادة أو بمشاركتها. فالجميع يدرك قوانين لعبة الحكم في مصر، التي وافقوا عليها ضمنيا بدون مصارحة الشعب بمحتواها (واقعيا .. الشعب ليس له وجود حقيقي في حسابات المعارضة أو النظام سوى استخدامه كورقة ضغط ومناورة ، مستفيدين من حجمه الضخم الذى قد يصبح فعالا في لحظات نادرة) .
ــ  فالحكم في مصر يمر أولا عبر الرضا الإسرائيلي . وثانيا عبر الموافقة الأمريكية وثالثا عبر ضمان مصالح الشركات العظمى ، والدول، التي استحوذت على معظم ثروات مصر (الغاز في البر والبحر ، مع ثروات لا تقل أهمية في مجال التعدين والخامات الثمينة أو النادرة ، وصولا إلى حقوق مصر في مياه النيل ، وشراء أراضي وممتلكات الدولة المصرية ، وليست جزر تيران وصنافير سوى نموذج ظهر بالخطأ ).
ــ فالمعارضة المصرية ، من أقصى اليمين الإسلامي إلى أقصى اليسار العلماني ، يضغطون من أجل المشاركة في النظام ، مع المحافظة على جوهره . وتغيير في الشكل وتحسين الأسلوب الفج المتبع حاليا ، بدون المساس بالدستور غير المعلن لحكم مصر .
ويستطرد في هجومه واتهامه للإسلاميين وباقي المعارضة المصرية بالتعاون مع اسرائيل والتوافق معها فيقول: " يتملص الإسلاميون من أي مواجهة حقيقية مع النظام المصري بخصوص ” سد النهضة ” خصوصا ، أو قضية الجزيرتين (تيران وصنافير) ، أو قضية غاز المتوسط ، ومن قبله غاز سيناء .
ـ الأهم من بين الجميع هو مأساة “سد النهضة ” . فالإسلاميون في حرج من توضيح أبعاد المأساة ومخاطرها ، أو الأطراف الفاعلة فيها ، لأن الدول التي تمثل غطاءهم المالي والسياسي هي نفسها المتورطة بعمق في مؤامرة “سد النكبة ” ومن أكبر المستثمرين فيها ، فهم الممولون والبناؤون وكبار مستهلكي الماء المصري المنهوب.
تلك الدول هي السعودية أولا ، وباقي أتباعها من مشيخات النفط ، ثم تركيا التي نهبت مياه نهرى دجلة والفرات وحرمت شعوب سوريا والعراق من 25 مليار متر مكعب من نصيبهما السنوي في مياه النهرين . وتركيا مرة أخرى هي من كبار أعمدة “سد النكبة” على نيل مصر . تلك الدول هي الركن الأساسي الداعم للحركة الإسلامية في مصر خصوصا والمنطقة العربية بشكل عام .
المعارضة العلمانية واقعة في موقف مشابه ، ولكن مع الجانب الغربي حيث يوجد حراسها وداعميها في أوروبا والولايات المتحدة .
كما أن الإخوان المسلمون تحديدا قد توصلوا إلى منافسة هؤلاء العلمانيين في المجالات الأوروبية والأمريكية ، إلى درجة أقنعت قطاعاً من السياسيين في تلك البلدان بأن الاخوان ( المتحالفون مع الوهابية القتالية ) يمكنهم لعب دور فعال في المنطقة العربية / وأحيانا الإسلامية/ في خدمة الغرب ومصالحة الجيوسياسية .

السلام المقدس مع اسرائيل :

السلام المقدس مع
إسرائيل ومنذ أن وقعت مع السادات اتفاقية للسلام (!!) لم تتوقف عن التصرف كدولة فى حالة حرب مع مصر . وأكثر الفترات التي تمكنت فيها إسرائيل من إيقاع الضرر بمصر وشعبها لم تكن فترات الحرب ، بل تلك الفترة من (السلام) ، بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد مع السادات .
أثبتت الاتفاقية أنها اتفاقية إذعان وإذلال ، بين طرف كسب بالفعل حرب 1973 وطرف آخر خسرها بجدارة ، ولكنه تظاهر أمام شعبه بأنه كسب الحرب ، لمجرد أن أيامها الأولى كانت في صالحه .
كما أثبتت الاتفاقية أنها ليست اتفاقية للسلام بل نوع آخر من حروب الإفناء الهادئ تشنها إسرائيل ضد شعب مصر ، وابتلاع بطئ للدولة المصرية.
النظام العسكري هو عماد الخيانة ، لذلك ترك المجال مفتوحا لإسرائيل كي تواصل حرب إبادة متدرجة ضد شعب مصر ، واكتفى بدور العميل والسمسار قابض العمولات ، في صفقات صورها على أنها صفقات تعاون بين مصر وإسرائيل !! .
ومعروفة قصة إسرائيل مع الزراعة في مصر ، وكذلك الصناعة وصولا إلى الإعلام والثقافة والمجال الصحي والتعليمي .. إلخ . ولم تتكلم المعارضة بقوة عن تلك الموضوعات ، سوى في اعتراضات قصيرة الأمد تتآلف بعدها مع الوضع الجديد .
ـ وعندما وصل الإخوان إلى الحكم (الشكلي) في مصر ، بادر أول رئيس إسلامي منتخب ديموقراطيا في بر مصر، بالكتابة إلى الرئيس الإسرائيلي “عزيزي شمعون بيريز ” على حد وصف الرئيس المصري الجديد ، في رسالة وصفها البعض بأنها قريبة من أن تكون رسالة غرام .

مؤرخ القاعدة ونقد
نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل عندما زار أديس أبابا ، قام خطيبا في أحد المحافل الرسمية معلنا عن مساعدة إسرائيل لأثيوبيا في بناء سد النهضة ، وتوجيه مياه النيل إلى حيث تشاء ( أي بعيدا عن مصر) ناصحا الأثيوبيين بالابتعاد عن مصر ، كونها رمزا للاستبداد ، وأن شعب اسرائيل لم يحصل على حريته إلا عندما غادر مصر وبنى دولته وحضارته . تجنبت الصحف المصرية ذكر تلك المقاطع التي تقطر عدوانية وتحريضا ، وذكرت صحيفة الأهرام بعضها بإيجاز ولم تبرزها .
فإذا لم يكن ما قاله نتانياهو إعلانا للحرب الشاملة على مصر ، فكيف يكون إعلان الحرب ؟؟ . واذا لم يكن سد النهضة سلاح دمار شامل ضد المصريين وبلادهم ، فما هو تعريف ذلك السلاح ؟؟ .
إن ضحايا مصر من جراء احتجاز نصيبها من الماء خلف ذلك السد سيتجاوز بمئات المرات ضحايا القنابل النووية التي ألقتها الولايات المتحدة على المدن اليابانية في الحرب العالمية الثانية . وتأثيره على حياة المصريين بجميع تفاصيلها سوف يتجاوز بمراحل التأثيرات التي يمكن أن تنتج عن ضربة نووية لمصر .
ومع كل ذلك لم يتجرأ أحد من المعارضة المصرية ، من أقصى اليمين الإسلامي إلى أقصى اليسار العلماني أن يطالب بإلغاء اتفاق “السلام” ، واعتبار أن ما تفعله إسرائيل هو إعلان حرب على مصر . والسبب هو خوفهم من إغضاب داعميهم في تركيا والخليج النفطي ( الإسلامي !!) ، أو داعميهم في أوروبا وأمريكا ( العلمانية الديموقراطية ) .

شارك