جماعة الاخوان بين مطرقة السودان وسندان الظروف المعيشية وادارة ترامب

السبت 28/يناير/2017 - 01:53 م
طباعة جماعة الاخوان بين
 
تمر جماعة الاخوان هذه الايام بحالة من حالات التخبط المصحوب بالرعب على مستقبلها ومستقبل تنظيمها الدولي في ظل أمواج متلاحقة من الحظر في بعض الدول والطرد من دول أخرى خصوصا في ظل ادارة ترامب والتي تناقش هذه الأيام امكانية حظر الجماعة ومن ناحية اخرى طرد بعض الدول قيادات اخوانية واسلامية من أراضيها كما حدث من قبل في الحالة القطرية رغم تمويلها للجماعة، ومؤخرا قامت السلطات السودانية في شهري يناير الجاري ديسمبر الماضي بطرد عشرات الإسلاميين المصريين الذين سافروا إلى السودان في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013.
وكشفت النيابة العامة في مصر في إطار تحقيقاتها في قضية خلية «حسم» التي نفّذت هجمات في محيط القاهرة قبل أيام، أن نحو 70 متهماً ضمن 144 موقوفاً، من بين أكثر من 300 متهم في القضية، أدلوا باعترافات تفصيلية عن تدريب عشرات منهم في معسكرات في السودان بإشراف من كتائب «عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، وأنهم تلقوا دعماً استخباراتياً من تركيا وقطر.
وقال مصدر مصري إن المعلومات التي جمعتها أجهزة الأمن دلّت على فرار عشرات من المطلوبين على ذمة اتهامات بالعنف والإرهاب إلى السودان، وإن عدداً كبيراً من هؤلاء قد سافر من هذا البلد في الأسابيع الأخيرة. لكنه لم يوضح إن كان سفرهم تم بعد اتصالات بين السلطات في البلدين وبطلب مصري أم لأسباب تخص السلطات السودانية، وأكد المصدر أن تلك المجموعة تضم أعضاء في «الجماعة الإسلامية» و «الإخوان المسلمين».
القيادي السابق في
القيادي السابق في الجماعة الإسلامية محمد ياسين
وأكد القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» محمد ياسين، وهو محامٍ لقيادات الجماعة الموقوفين في مصر ومسؤول ملف علاقاتها الخارجية لعقود، صحة تلك المعلومات. وأوضح ياسين أن السلطات السودانية «طردت عشرات الإسلاميين المصريين الشهر الجاري وأواخر الشهر الماضي، وأن بينهم قيادات في الجماعة الإسلامية وقيادات وسطى في جماعة الإخوان وغالبيتهم أعضاء وليست بينهم قيادات». لكنه تحفّظ عن كشف الأسماء.
وأوضح ياسين أن عدد الإسلاميين المصريين في السودان يُقدّر بالمئات، لكن السلطات السودانية طردت «من ذُكرت أسماؤهم في تحقيقات في مصر، ومن تضع عليهم السلطات المصرية ملاحظات»، في إشارة إلى أن الخطوة السودانية ربما تمت بترتيب مع السلطات المصرية أو بطلب منها. وكان الرئيس السوداني عمر البشير زار القاهرة في أكتوبر الماضي، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتفقّدا معاً وحدات من الجيش المصري.
وأوضح ياسين أن قيادات في «الجماعة الإسلامية» ما زالت موجودة في السودان، لكن في الحقيقة «هم من عقلاء الجماعة». وأشار إلى أن السلطات السودانية «لم تقم بتوقيف المطرودين أو ترحيلهم. حصلت أمور ولما نوقشت رأى الإخوة أن من الأسلم أن يسافروا من السودان». وقال: «حدث تضييق على بعض الإسلاميين المصريين، ووصلت لهم رسائل غير مباشرة من السلطات بأن من الأفضل أن يغادروا السودان. بعضهم سافر إلى ماليزيا وبعض آخر إلى تركيا». وأضاف: «في البداية بدأت السلطات السودانية تطلب منهم ضرورة الإبلاغ عن تحركاتهم في شكل مسبق، ثم عدم الخروج والتحرك خارج نطاق معين، ثم الاعتراض على بعض التصرفات والتهديد بالترحيل. وبدأ الإخوة يتوجّسون خيفة، وقرروا الرحيل بعد أن تم إبلاغهم بأن من الأفضل أن يغادروا السودان، في أعقاب تحقيق مشروعاتهم الاقتصادية خسائر فادحة، ولما فكّروا في بدائل للحد من تلك الخسائر رفضتها السلطات».
وقال ياسين: «هؤلاء القليل منهم قيادات في «الجماعة الإسلامية» وجماعة «الإخوان» وكثير منهم أفراد عاديون، وأتوقع طرد المزيد من الإسلاميين المصريين من السودان في الفترة المقبلة». وأوضح أن وضع الإسلاميين المصريين في الخارج «لن يستمر على الحال ذاتها طويلاً. كل الدول التي تؤوي الإسلاميين المصريين تُراجع سياستها حالياً في شأن هذا الملف، خصوصاً بعد وصول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حتى تركيا أتوقّع أن تراجع هي الأخرى سياستها على رغم أنها حتى هذه اللحظة لم تغيّر سياستها بخصوص المصريين».
الدكتور ناجح إبراهيم
الدكتور ناجح إبراهيم
وقال القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» الدكتور ناجح إبراهيم إن تلك الأمور متوقعة دائماً، وطالما حدثت مع الإسلاميين الملاحقين من بلادهم، خصوصاً في السودان، الذي له تاريخ طويل في إيواء الإسلاميين لـ «استخدامهم» ثم طردهم حين تفرض العلاقات الدولية هذا القرار. وقال: «في الحقيقة اللاجئ السياسي سلعة تُباع وتُشترى في سوق العلاقات الدولية المتأرجحة». وأشار إلى أن الخطوة نفسها اتخذت في شكل أكثر حدة مع قيادي كبير في «الجماعة الإسلامية» هو مصطفى حمزة، حين حاصرت الضغوط إيران بسبب إيوائه فيها، فطردته إلى السودان، ولما وضعت السلطات المصرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك شرطاً لتسليم حمزة من أجل تحسين العلاقات، أبلغته السلطات السودانية بالأمر، وهو وافق على تسليمه لمصر في ذلك الحين.
وعلى الصعيد الأمريكي قال مسؤولون أميركيون وأشخاص مقربون من فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن نقاشا جاريا في إدارة ترامب حول ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وإخضاعها للعقوبات الأميركية.
يأتي هذا فيما تسود تخوفات من أن تحارب إدارة ترامب المسلمين بدعاوى التطرّف في حين تسكت عن البيئة التي تصنع التطرّف، أي الجمعيات والشبكات الدعوية والمالية العابرة للدول التي تلقى في الغالب غطاء كاملا من منظمات حقوقية غربية، فضلا عن مواجهة خلط الدين بالسياسة في دول إسلامية متعددة ما يمثل أرضية مثلى لانتعاش الفكر المتشدد.
مايكل فلين مستشار
مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب
وقالت المصادر إن فصيلا يقوده مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب يرغب في إدراج جماعة الإخوان على قائمتي وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وقال مستشار لترامب رفض نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع “أعرف أن الأمر يخضع للنقاش. أنا أؤيد ذلك”.
وأضاف المستشار أن فريق فلين بحث إدراج الجماعة على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، لكنه قال إنه لم يتضح في نهاية المطاف متى أو ما إذا كانت الإدارة ستمضي في اتخاذ هذه الخطوة.
ويقول مسؤولون وأشخاص مقربون من فريق ترامب إن مستشارين آخرين لترامب والكثيرين من المسؤولين المخضرمين بالأمن القومي ودبلوماسيين ومسؤولين بوكالات إنفاذ القانون والمخابرات يقولون إن جماعة الإخوان تطورت بشكل سلمي في بعض الدول.
واعتبر مراقبون أن تناقض المواقف بين المسؤولين وغموض الأفق في السياسة الأميركية تجاه ملف الإخوان والشبكات الإسلامية كان أحد أسباب الفشل لدى الإدارات المتعاقبة في الحد من مخاطر الإرهاب.
وقال بروس ماكندو، الخبير في إدارة الأزمات ومكافحة الإرهاب من واشنطن، إن "تصنيف الإخوان منظمة إرهابية قرار سياسي يستهدف من خلاله ترامب الحلفاء الخارجيين، لكنه سيتسبب في إزعاج كبير في الداخل."
لكن كريس دويل، رئيس مجلس التفاهم العربي-البريطاني، قال من لندن إن “المشكلة هي أنك لا تستطيع أن تميز من هو إخوان ومن ليس إخوان. وقتها كل ما سيقوم به التنظيم هو تغيير اسمه كي يتفادى التبعات القانونية للقرار”.وأضاف دويل إن هذه الخطوة ستتسبب في تراجع علاقات واشنطن مع دول إسلامية داعمة للتنظيم مثل تركيا. وقال دويل “من السهل أن يقول ترامب وفريقه إنهم سيقضون على كل هذه الجماعات، لكنهم لم يقدموا إلى الآن أي استراتيجية واضحة المعالم لإنهاء الصراعات المشتعلة في المنطقة”.
وسيكون الموقف من جماعة الإخوان هو الامتحان الأول الذي يعبر عن الفرق بين مؤسسة دعاية انتخابية لترامب، وبين مؤسسة حكم تدرك أساس المشاكل في تدخل الدين في السياسة وطبيعة تأثيره ليتحول إلى تشدد وإرهاب يستهدف المصالح الأميركية في الخارج والداخل.
السناتور تيد كروز
السناتور تيد كروز
ولم يتضح أي فصيل داخل الإدارة الأميركية ستكون له الغلبة. وطرح السناتور تيد كروز وعضو مجلس النواب ماريو دياز بالارت هذا الشهر تشريعا لإضافة الإخوان إلى قائمة الإرهابيين.
ووصف وزير الخارجية الأميركي المعين ريكس تيلرسون جماعة الإخوان بأنها “بوق للإسلام المتشدد” خلال جلسة التصديق على تعيينه في مجلس الشيوخ.
ويقول بعض المحافظين وناشطون مناهضون للمسلمين منذ سنوات إن جماعة الإخوان التي تأسست في مصر عام 1928 وسعت إلى إقامة خلافة إسلامية عالمية بالوسائل السلمية وفرت البيئة الملائمة لظهور الإرهابيين.
واعتبرت أوساط إسلامية أميركية أن الإدارات المتعاقبة لم تسع إلى الفرز بين المسلمين العاديين وبين الجمعيات المثيرة للجدل وارتباطاتها الخارجية تنظيميا وماليا، ونجاحها في اختراق الجالية عبر الجمعيات الخيرية ومختلف الأنشطة الدعوية.
ويعتقد على نطاق واسع بين مسلمي الولايات المتحدة أن الاختبار الأول لإدارة ترامب سيكون مدى حرصها على مواجهة الشبكات الإسلامية في الداخل الأميركي، وخارج الولايات المتحدة، وخاصة في بعض الدول بالشرق الأوسط التي لا تخفي دعمها السياسي والمالي لهذه التنظيمات.
وترى هذه الأوساط أن التدخل الأهم الذي يمكن أن يغير المعادلة جذريا ضد التنظيمات الإسلامية المتطرفة هو الضغط على دول إسلامية حليفة لواشنطن لتنهض بمواجهة أوسع مدى ضد الفكر المتشدد تقوم أساسا على تجفيف منابعه الفقهية، ومنع التسهيلات التي تقدم له من المؤسسات الدينية الرسمية.
وقال مراقبون إن رؤية ترامب في مواجهة الفكر المتشدد لن تكتفي بالحرب على الحركات المتطرفة، بل ستمر إلى ممارسة ضغوط جدية على الدول التي توظف الدين لإدارة الشأن السياسي والاجتماعي، وهي المهمة التي فشل في تحقيقها بوش الأب بعد هجمات سبتمبر.
ولم يستبعد المراقبون أن يعيد ترامب المطالبة بتعديل المناهج الدراسية في دول إسلامية والتي تتهم بأنها تربي الأجيال الجديدة على التشدد وكراهية الآخر والتحريض على القتل ضد المختلفين في الدين تحت عنوان الجهاد.
وعلى صعيد أخر اشتعلت أزمة القنوات الجديدة للإخوان، بعد أن كشفت قيادات إخوانية عن مرتبات باهظة يتلقاها مقدمو البرامج في تلك القنوات، في الوقت الذى منعت فيه الجماعة إرسال الأموال إلى أسر قيادات الجماعة في السجون، فيما قال خبير بالحركات الإسلامية، إن قيادات منعت الأموال عن المكاتب الإدارية للإخوان، وأسر قيادات التنظيم، بينما ركزت على استثمار هذه الأموال في قنوات جديدة للجماعة.
وقالت سما محمد، إحدى قواعد الإخوان، إن الجماعة تدشن قناة جديدة للتنظيم، في الوقت الذى أوقفت فيه إنفاق المال على أسر قيادات الجماعة في السجون، وقالت في تصريح لها عبر صفحتها على "فيس بوك": "احنا مش زعلانين إن قناة مكملين تفتح فرعا آخر لها وتسميه مكملين 2، وتصبح قناة منوعات، بس أحب أحيط حضراتكم علما أنه لا مجال للمنوعات وسطنا  يعنى المنوعات دي نعملها لما نحقق أهدافنا الأول".
وأضافت :"ما يبقاش عندك أسرة عايشة على الصدقات بسبب القبض على قياداتها، وأسر غيرها تبيع العفش والنساء بتشتغل في البيوت عشان تصرف على عيالها والشباب أغلبهم هرب خارج البلاد، ونحن نقوم بتدشين قنوات جديدة للمنوعات، وتعلن أنها بصدد إنشاء شبكات قنوات جديدة.
رامي جان
رامي جان
وكشفت عن مرتب أحد مقدمي البرامج في قنوات الجماعة قائلة: "تجيبلى رامي جان تديله٥٠٠٠ يورو ومش عاجبينه"، ويخرج ليهاجم الجماعة، وما خفى عن رواتب باقي الإعلاميين كان أعظم، بس ماتزعلوش مننا لما نقول أنهم واخدين التحركات سبوبة لتلميع نفسه".
من جانبه وجه هاني سوريال، أحد حلفاء الإخوان في الخارج، رسالة إلى محمد ناصر، أحد مقدمي البرامج بقناة مكملين الإخوانية قائلا: "هو سؤال واحد  كم يورو تاخذ شهرياً من قناة جاءت مواردها من الأغنياء وخصصت للفقراء والمرضى والمحتاجين !؟، الإجابة من فضلك ستكون عدة أرقام ولا مجال للدباجة وعلم الإنشاء والتعبير هذا إذا أجبت !؟".
جماعة الاخوان بين
من جانبه قال علاء فهمى، القيادي الإخوانى، إن هناك حقا لمن يهاجم قنوات الجماعة وخاصة قناة مكملين بعد أن بثت قناة جديدة، ومن ثم يستفاد من مثل هذه التحذيرات، متابعا :"لم أقرأ لأحد يطالب بتوفير أموال القناة الجديدة للإنفاق على أسر قيادات الجماعة المسجونين، ولا على أداء محمد ناصر مع الليبراليين، وخاصة من أولئك الذين يقلبون الدنيا على قناة وطن الإخوانية وبعض القيادات في غالب المواقف ".
واستطرد في بيان له :"قناة الشرق تمثل أصحابها والذين يلبسون ثياب الليبرالية، فلا ننتظر منها أكثر من ذلك، كما لا يتصور أن تتحول قنوات الجماعة لتكون مثلها".
من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامي، إن قيادات الإخوان يرون أن الإعلام له الأولوية عن أي جانب آخر لأن ما يجعلهم حاضرين في المشهد بعد فقدانهم كل أدوات الحضور هو الإعلام.
 وأضاف أن الإخوان يخصصون له ميزانية ضخمة على حساب الانفاق على الجوانب الأخرى المتعلقة بواجبات الجماعة نحو أسر المسجونين وغيرها.
هكذا تعيش الجماعة وتنظيمها الدولي حالة من التخبط وعدم الاتزان الفكري والعملي فلا تستطيع ارضاء الحكومات التي تعمل حاليا على التضييق عليها ولا تستطيع في الوقت ذاته ارضاء قواعدها وأعضائها العاملين في الشارع والذين يعانون ضيق العيش من ناحية وملاحقات امنية وطرد من ناحية اخري، نتيجة لتخبط قياداتها والصراع الدائم بين جناحي الصقور والذئاب داخل الجماعة لتولي القيادة والسيطرة على اموال الجماعة. تلك الجماعة التي لا تستطيع حل مشكلاتها الداخلية كيف لها ان تفكر في تولي السلطة في مصر وادارة مواردها وقياداتها لا يستطيعون ادارة جماعة مهما كبرت؟

شارك