هل تسترد "سرت" عافيتها بعد تحريرها من "داعش"؟

السبت 28/يناير/2017 - 03:01 م
طباعة هل تسترد سرت عافيتها
 
تتواصل المعارك بشكل لافت في ليبيا، وبالأخص في المرحلة الحالية، مع النزاعات بين الحكومتين علي تحرير المدن من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"، و تسود حالة توتر غير مسبوقة ما بين الحكومتين المتنازعتين علي السلطة، فمن جانب حكومة الشرق التي حظت بدعم دولي عقب سقوط معمر القذافي 2011، وبين حكومة الوفاق الليبية التي نالت ثقة الدول والأمم المتحدة في آن واحد.
هل تسترد سرت عافيتها
وقامت حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، باتخاذ مدينة "طرابلس" مقرًا لها منذ مارس الماضي، وبدأت تظهر قدرتها علي مواجهة الأوضاع السيئة في ليبيا، حيث أعدت ميلشيات تحت شعار"البنيان المرصوص"، لمواجهة التنظيم الإرهابي "داعش" في مدينة "سرت"، والتي نجحت في التخلص من معظم أوكار التنظيم في تلك المدينة، وفق ما أعلن رئيس الحكومة فايز السراج.
وتمكنت النيان المرصوص من تحرير مدينة سرت من تنظيم داعش الإرهابي بعد معارك استمرت حوالي ستة أشهر وذلك بدعم عسكري أمير كي وبريطاني.
وتتكون قوات عملية "البنيان المرصوص" من ميليشيات إسلامية من مدينة مصراتة التي تحولت إلى مدينة معادية للمدن المهزومة بعد أحداث الإطاحة بنظام معمر القذافي، ولعل أبرز هذه المدن "ترهونة وبني وليد وسرت" وهي مدن مؤيدة للقذافي حتى سقوطه ولم تنضم إلى ثورة 17 فبراير.
وأطلقت هذه الميليشيات عملية البنيان المرصوص في مايو2016 ، وأعلن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، في ديسمبر الماضي، عن تحرير المدينة بالكامل من تحت قبضة التنظيم.
وأصبحت "سرت" الآن خالية تمامًا من عناصر التنظيم الإرهابي، الأمر الذي يضع العديد من التساؤولات حول مستقبل المدينة بعد تحريرها من قبضة التنظيم.
ويري مراقبون أن عودة الحياة لطبيعتها في مدينة سرت رهن التطورات الأمنية والاستقرار السياسي، حيث أبدوا تخاوفتهم من تكرر حالات انعدام الاستقرار في البلاد في وقت تدخل فيه العملية السياسية في ليبيا مرحلة من الضبابية وانعدام وضوح الرؤية بسبب المضاربات حول استئناف الحوار السياسي أو إعادة هندسة العملية السياسية برمتها مع مرور عام واحد على اتفاقية الصخيرات.
ويؤكد محللون أن الإنعاش الاقتصادي لن يتم إلا من خلال الاستقرار الأمني للدولة الليبية وللمواطنين الليبيين من خلال ما سيحدث بعد سرت.
وجاء في تقارير عالمية أن مدينة سرت بدأت تستعيد عافيتها بعد خروج داعش، و تحاول سرت الأن النهوض مجدداً في مواجهة انهيار شامل في الخدمات الصحية والتعليمية،حيث بدأت تسترد عافيتها بعد خروج التنظيم الإرهابي.
ووفق متابعون، فيد عاد أكثر من 20000 عائلة نازحة إلى سرت، خلال الشهرين الماضيين، حيث أن هذه العائلات كانت نازحة في مناطق أبوقرين (شرق مصراتة)، وبني وليد (جنوب) وزليتن، وترهونة، والخمس (غرب) والوشكة (غرب سرت). وعادت الحياة مجدداً إلى سرت صورة طبيعية٬ وفتحت فيها المدارس والمستوصفات وبعض العيادات الطبية.
وتعمل الفرق الميدانية في المدينة، تأمين عودة النازحين، وحرصت على مراقبة الطرق الرئيسة المؤدية إلى المدينة، لرصد أي تحركات لمسلحي تنظيم داعش للعودة إلى المدينة خفية عن طريق دس عناصرها مع النازحين العائدين إلى مناطقهم.
فيما أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن اعتماد حزمة مساعدات بقيمة 10 ملايين دولار لسرت وسبها، لإعادة بناء القطاعات التي طالتها الأحداث الأخيرة. من خلال إعادة بناء قطاعي الصحة والتعليم وكذلك إمدادات المياه والطاقة لسكانها الذين قدر عددهم بربع مليون نسمة.
من جانب أخر، قامت بريطانيا وأيرلندا الشمالية بمساهمة مالية إضافية لصندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا والتي ستمول المشاريع الملحة والحيوية لدعم أهالي سرت. وفيما وزع برنامج الغذاء العالمي مساعدات غذائية على 1300 أسرة نازحة، تفقد وفد طبي من وزارة الصحة بحكومة الوفاق مستشفى ابن سينا في سرت، للوقوف على احتياجاته العاجلة والعمل على إمكانية تشغيله.
وتفاقمت الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها سكان المدينة سواء النازحين أو المقيمين خلال الحرب بين قوات البينان وداعش، على خلفية نزوح حوالي تسعين ألف نسمة من سكان المدينة منذ سيطرة تنظيم داعش على المدينة في يونيو 2015، واستعادتها من قبل الجيش في نهاية العالم الماضي. 
هل تسترد سرت عافيتها
وكانت اتهمت قبائل مدينة سرت ميليشيات البنيان المرصوص بالعبث بأملاك سكان المدينة، وأصدرت القبائل بيانا لها امس الجمعة 27 يناير 2017،  أعلنت فيه رفضها التام لما يحدث داخل المدينة بعد إعلان تحريرها من تنظيم داعش من أعمال سرقة ونهب للأملاك العامة والخاصة والتي يقوم بها منتسبو الكتائب التابعة والمحسوبة على غرفة عمليات البنيان المرصوص.
وأكدت القبائل التي تجاوز عددها الخمس عشرة قبيلة، بأن الأعمال التي يقوم بها هؤلاء تمثل إهانة لأبناء مدينة سرت بعد أن تم تحويل منازلهم إلى مقرات للميليشيات المسلحة وإغلاق مداخل المدينة ومخارجها بالسواتر الترابية وإقامة البوابات الجهوية لتصعيب عملية دخول السكان لمنازلهم فضلا عن العبث بمصنع الأعلاف الذي يعدّ من أهم موارد مدينة سرت وسرقة أسلاك الكهرباء.
وحملت القبائل في بيانها المجلس البلدي ومجلس الحكماء والشورى بمدينة مصراتة والغرفة الميدانية لعملية البنيان المرصوص مسؤولية هذه الأعمال وبأنها لن تسمح لما يسمى بمجلس الشورى وما يعرف بالحرس الوطني التابع لحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام بقيادة العقيد محمود الزقل ومن معه من الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة قاعدة باتخاذ مدينة سرت مقرا لها لمهاجمة الحقول النفطية التي تعتبر قوت الشعب الليبي.
وسبق أن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها، أن مراقبون حذروا من خوض ميليشيات مصراتة الموالية للمجلس الرئاسي لهذه المعركة، مؤكدين على أن عملية تخليص المدينة من تنظيم داعش لا يمكن أن تكون إلا تحت مشروع وطني تنفذه قوات نظامية تمتلك أخلاقا عسكرية، وتدافع عن وحدة الشعب، وتخضع للقانون والمحاسبة.
وسيطر "داعش" على سرت في مطلع 2015 وحولها إلى أهم قاعدة له خارج العراق وسوريا واجتذب إليها عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب، وفرض التنظيم المتطرف حكمه المتشدد على سكان سرت باسطا سيطرته على قطاع يمتد لنحو 250 كيلومترا من ساحل ليبيا على البحر المتوسط.
وتحظى مدينة سرت بأهمية استراتيجية كبيرة بحكم موقعها الجغرافي على خريطة ليبيا، فهي تعتبر حلقة الوصل بين شرق ليبيا وغربها وتقع بمحاذاة ما يعرف بالهلال النفطي، وتشكل السيطرة عليها نجاحًا مهمًّا في معركة محاربة داعش، وكانت أغلب القوات للتنظيم في ليبيا متمركزة في سرت، والتي تضعها أغلب التقديرات قبل الحملة العسكرية التي تخوضها قوات حكومة الوفاق منذ ثلاثة أشهر، بين 2000 و5000 مقاتل.

شارك