بعد عودة فتح سفارتها في طرابلس.. تركيا تبحث عن نفوذ في ليبيا

الثلاثاء 31/يناير/2017 - 04:36 م
طباعة بعد عودة فتح سفارتها
 
في ظل الأحداث الجارية التي تشهدها ليبيا وحالة الفوضي المستمرة ما بين توغل وتنامي الجماعات الجهادية، والصراع علي السلطة بين الحكومتين المتواجدين الآن، واحدة في الشرق والأخري في العاصمة طرابلس، يبدو أن هذه الحالة ستستمر طويلا، ما أدي إلي سعي بعض الدول الأوروبية إلي البحث عن نفوذ لها في ليبيا،  سواء عن طريق التدخل العسكري أو عودة العلاقات الدبلوماسية مجددًا.

بعد عودة فتح سفارتها
وأعلنت وزارة الخارجية التركية، إعادة فتح سفارتها في ليبيا بعد إغلاقها منذ عامين ونصف العام جراء الوضع الأمني، لتكون بذلك ثاني بعثة دبلوماسية تستأنف عملها في طرابلس بعد السفارة الإيطالية، التي أعادت فتح أبوابها في العاشر من الشهر الحالي.
وأغلقت تركيا سفارتها في طرابلس عام 2014 جراء اقتتال فصائل متناحرة هناك بعد ثلاثة أعوام من الإطاحة بمعمر القذافي.
وقالت الوزارة في بيان لها عبر موقعها الإلكتروني إنه تم استكمال التحضيرات من أجل إعادة افتتاح السفارة، تحت إشراف السفير التركي لدى طرابلس أحمد آيدين دوغان، والذي يمارس مهامه من تونس.
وأضافت أنه في هذا الإطار، بدأت سفارتنا اليوم بمزاولة نشاطاتها، عبر كادر مصغر كمرحلة أولى.
وأشارت إلى أنه بإعادة مزاولة السفارة التركية لدى طرابلس لنشاطاتها مجدداً، إلى جانب القنصلية العامة التركية لدى مصراتة التي واصلت أعمالها دون انقطاع لغاية اليوم، تكون تركيا قد عززت من وجودها في ليبيا.
وأوضحت الوزارة أن عودة السفارة التركية لدى طرابلس لمزاولة نشاطاتها مجدداً يأتي في إطار الروابط التاريخية والأخوة والصداقة القائمة بين تركيا وليبيا، والمقاربة التركية التي تحتضن كافة أطياف الشعب الليبي وستساهم في تقديم دعم أكبر للجهود التي تبذلها تركيا والتي ترمي إلى إرساء السلام والاستقرار في ليبيا وإعادة إعمارها.
وتابعت أن تركيا ستواصل مساندتها للخطوات التي سيتم اتخاذها في سبيل تحقيق السلام والتوافق استناداً إلى الاتفاق السياسي الليبي، ودعمها القوي لوحدة الأراضي الليبية ووحدتها الوطنية.
وفي السياق ذاته، قال السفير التركي لدى طرابلس أحمد آيدين دوغان في تصريح صحافي إن رفع التأشيرة التركية المفروضة على الليبيين يحتاج إلى لقاءات ومباحثات بين البلدين للتواصل إلى هذا القرار.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، قد تسلم في شهر نوفمبر الماضي أوراق اعتماد أربع سفراء جدد لتركيا وكندا واليمن والنمسا.
وخلال مراسم الاعتماد، تم قبول أوراق كل من أحمد آيدين دوغان سفيراً لتركيا، وديفيد سيرول سفيراً لكندا، وحسن أحمد الحرد سفيراً لليمن، ورونالد شتورم سفيراً للنمسا.
وكان سفير تركيا لدى ليبيا مقيما في تونس منذ إغلاق السفارة، في حين ظلت القنصلية العامة التركية في مدينة مصراتة بغرب ليبيا مفتوحة دون انقطاع.
وفي وقت سابق من العام الماضي، التقى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السّراج، في قصر جانكايا، بالعاصمة أنقرة ، وقال داود أوغلو، خلال اللقاء، إن تركيا بإمكاناتها تقف إلى جانب ليبيا، وتدعم أية خطوة تؤدي إلى استقرارها ووحدة ترابها، وعندما يتحقق الاستقرار في ليبيا، فإنَّ تركيا ستكون بجانب ليبيا من أجل بناء اقتصادها، وإعادة إعمارها.
ونوه داود أوغلو في اللقاء إلى أن ليبيا تأتي على رأس الدول الواعدة التي سيلمع نجمها في المستقبل، نظراً لمواردها البشرية والطبيعية، والشرط الوحيد، لذلك هو تحقيق الاستقرار.

بعد عودة فتح سفارتها
وبالمقابل، أعرب السراج آنذاك، عن تقديره لدور تركيا في دعم الحوار الوطني في بلاده، وتحقيق الاستقرار، قائلاً: “نشكر تركيا لاستقبالها الجرحى الليبيين، نتيجة الهجمات الإرهابية. والعلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية، بين البلدين في تقدم، وعلى الأرض يمكن أن نتعاون في كثير من الأمور، وختم السراج حديثه بقوله: إن الإنسان يشعر بنفسه في تركيا وكأنه في بيته.
وحرصت تركيا، في الأسابيع الأولى من عمر الثورة الليبية في 2001، على عدم إصدار أيّ موقف رسمي يحدّد خياراتها تجاه أحد الطرفين، فقد انتهجتْ في تعاطيها مع الأزمة الليبية مبدأ "عدم إنتاج ردّ فعل".
 ورغم وجود رأي عام من جمهور حزب العدالة والتنمية يساند حركة 17 فبراير إلاّ أنّ ذلك لم يجعل حكومة حزب العدالة والتنمية تتوافق مع الحملة السّياسية والإعلامية ضدّ نظام القذافي خاصّة بعد المجازر التي تم ارتكابها بحقّ الشعب الليبي.
الجدير بالذكر أن رئيس حكومة الشرق عبدالله الثني، كان قد هدد تركيا في العام الماضي، باتخاذ إجراءات تشمل وقف التعامل مع شركاتها جراء التدخل التركى فى شؤون بلاده. 
وقال الثنى إن التدخل التركى "يؤثر تأثيرا سلبيا على أمن واستقرار ليبيا، وموقف رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان"، وقال آنذاك : "سنضطر إلى اتخاذ إجراءات تجاه هذه الدولة، وفى النهاية تركيا هى الخاسرة لأن ليبيا بإمكانها التعامل مع أية دولة، والشركات التركية هى التى ستخسر استثماراتها فى ليبيا".
في المقابل نفى المبعوث التركي إلى ليبيا ،أمر الله إيشلر، آنذاك تدخل بلاده في الشأن الداخلي الليبي، مؤكدًا أن الحوار والعملية السياسية هي مفتاح حل الأزمات الليبية. 
ودعا الممثل التركي لزيادة الدعم المقدم إلى حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، مضيفا يجب أن يكون هناك تعاونًا حقيقيًا بين دول الإقليم وليبيا للتوصل إلى حلول عملية، وأكد التزام بلاده زيادة جهودها في هذا الشأن.
 وأجرى إيشلر عدة زيارات إلى ليبيا قابل خلالها الأطراف المتنافسة، ولم تغير تركيا موقفها فيما يخص الاتفاق السياسي الموقع تحت رعاية الأمم المتحدة إذ أوضح إيشلر أن تركيا ترى أن الأزمة سياسية في الأصل وبالتالي فالحوار هو الحل، وبالتالي نرفض التدخل الخارجي لأنه سبب كثير من المشاكل. 
وفي أعقاب الثورة الليبية التي أطاحب بمعمر القذافي في 2011، شكّل الموقف التركي المعارض للدعوات الدولية المتزايدة لفرض منطقة حظر جوّي على ليبيا نقطة استفهام لدى عدد من مراقبي الحراك على الساحة الدولية المرتبط بمسار الأحداث في ليبيا.
وصفت تركيا الدعوة إلى منطقة حظر جوي بأنها غير "مفيدة وتنطوي على مخاطر"، وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنذاك إنّ التدخّل العسكري من قبل حلف شمال الأطلسي في ليبيا أو أية دولة أخرى ستنجم عنه آثارٌ عكسية تماماً".
 وعلى خلاف الموقف التركي، فقد أيّدت دولٌ عديدة كبريطانيا وفرنسا فرض حظْر جوّي على ليبيا. في حين لا يزال الموقف الأميركي يشوبه نوع من الغموض، خاصّة في ظلّ غياب موقف واضح للقوى الكبرى الصين، روسيا.
ووفق تحليلات عربية وغربية فإن موقف تركيا من مسألة الحظر الجوّي بالنقد، خاصة أن تركيا سبق أن شاركت في عدّة مهمات تدخل فيها حلف الناتو، كما حصل في البوسنة والهرسك، وكوسوفو، وأفغانستان.

شارك