هل يصل "داعش" إلى معرض الكتاب؟

الثلاثاء 07/فبراير/2017 - 04:36 م
طباعة هل يصل داعش إلى معرض
 
داخل صالة 19 تصطف الأجنحة الخاصة بدور النشر العربية على الجانبين، ولعل الدول الأبرز المشاركة لبنان، سوريا، الأردن، ليبيا، بالإضافة إلى جناح المغرب ضيف شرف المعرض، ومن جناح للآخر نجد الكتب الدينية هي البطل الأول لدور النشر، ولكنها صاحبة "مكان" عند دور النشر السورية فقلما تجد داراً أو اثنتين مخصصة للأعمال الأدبية والعلمية، واللافت للنظر هذا العام كثافة مشاركة دور النشر السورية بمعرض الكتاب عن العام الماضي، حيث وصل عددهم هذا العام إلى 50 دار نشر وفقا لما صرح به رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم حافظ، ولكن المتواجد بشكل فعلي وتم رصده بالفعل هو 30 فقط، أغلب هذه الدور خاصة، مقارنة بالعام الماضي حيث لم يتجاوز عددهم خمسة فقط.
رجال ملتحون ونساء منتقبات هم رواد صالة 19 حيث يختلط عليك الأمر ولا تستطيع كزائر للمعرض التفريق بين البائع وزبون الكتب الدينية المعروضة، وهو نفس الأمر المتكرر في صالة ألمانيا (أ)، والتي تضم في أروقتها دور النشر المصرية الدينية.
ما بين الحرب المشتعلة في سوريا، وما بين الشروط التعسفية لدخول الأراضي المصرية يقع الكتاب وأصحاب دور النشر السوريين في حيرة من أمرهما، فالمشهد السياسي في سوريا لا ينبأ بمشاركة قوية منذ أن قامت الثورة عام 2011، ستة أعوام تتزايد فيها حالة الاحتراب والاقتتال الداخلي في سوريا، والتي تتعدد أطرافها ما بين قوات الأسد من ناحية وبين المعارضة المسلحة السورية – المنقسمة على نفسها وتشهد بدورها حروب فيما بينها – وبين تنظيم داعش الإرهابي المحتل للأراضي والمدن في الشمال من الحسكة والرقة ودير الزور، مرورا بمدن اللاذقية وحماة وطرطوس وأخيرا حلب، الحرب الذي دفعت الأهالي من المدنيين للنزوح إلى مدن أخرى في الجنوب أو لطلب اللجوء إلى الدول المجاورة، ولم تكن صناعة الكتاب والمتمثلة في دور النشر بعيدة عن ما يحدث، حيث اضطر أغلب دور النشر إلى إغلاق مقارهم التي تم تدميرها بالفعل، ونقل عملهم إما إلى لبنان أو مصر، ولكن الأخيرة بدورها اضطرت وبعد ثورة 30 يونيو 2013 وقف استقبال السوريين داخل أراضيها، نتيجة للأعمال الإرهابية التي شهدتها هي الأخرى على إثر عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، ووضع شروط مشددة للسماح لهم للدخول، وذلك من خلال الحصول على تأشيرات، بعد أن كان مسموح لهم بالمجيء دون تأشيرة. 

واقع صناعة النشر في سوريا:

تتركز صناعة النشر والطباعة في سوريا في العاصمة دمشق حيث يقع فيها أغلب دور النشر السورية، ومن العاصمة يتم التوزيع لباقي المحافظات في الدولة عن طريق المؤسسة العامة للمطبوعات وبعض موزعي القطاع الخاص، ولكن هذا الوضع أصبح معقد الآن نظرا لتأثر جميع دور النشر بالحرب الدائرة والمستمرة منذ ست سنوات والتي تسببت بتدمير وحرق عشرات المستودعات في ريف دمشق، وبالحصار والعزلة المفروضة على السوريين (خاصة الذين لايزالون في الداخل السوري، بسبب الوضع السياسي المعقد، كما تأثرت بانخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار تأثيرا مباشرا، وبصعوبات النقل وغيرها.
أما قطاع الطباعة والنشر فلقد تأثر بشكل مباشر حيث توقفت كثير من المطابع ومراكز التجليد عن العمل، وذلك بسبب وقوعها في المناطق الساخنة، فمنها ما تعرض للتدمير ومنها ما توقف لعدم قدرة أصحابها للوصول إليها،  كما تعرضت الكثير من مستودعات دور النشر للتلف أو الحرق، الحظر الذي تم فرضه على الناشرين السوريين من قبل الدول العربية المجاورة مما تسبب بإغلاق أسواق مهمة أمام الناشرين السوريين.

الخاتمة:

طريق داعش إلى معرض الكتاب ليس بالصعب أو المعقد، في ظل كل تلك الظروف، ويظل التخوف الحقيقي هو تسلل الفصائل المعارضة وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي لدور النشر هناك، ولهذه الصناعة على وجه الأخص، وبدورها انتقال كتب الفكر المتطرف إلى المعرض، خاصة أنه من الصعب جدا في الوقت الحالي الحديث عن أي نشاط ثقافي حقيقي وفعلي لدور النشر في سوريا، التي اكتفت بنشر كتب تراثية قديمة لديها.
كما أنه من الصعب جدا في الوقت الحالي الحديث عن وجود رقابة حقيقية في الحكومة السورية تستطيع أن تنقح الكتب المشاركة في المعرض لضخامة عددها من ناحية، ولصعوبة القيام بدورها الرقابي نظرا لهشاشة النظام السوري وعدم قدرته على أداء وظائفه بشكل كامل.

شارك