مع فصل كوادرها... تصاعد الصراع بين "العدل والإحسان" وحكومة الإخوان في المغرب

الإثنين 13/فبراير/2017 - 03:52 م
طباعة مع فصل كوادرها...
 
بدأت الحكومة المغربية عملية تطهير لمؤسسات الدولة من جماعة "العدل والاحسان"، أكبر الجماعات الإسلامية في المملكة  والقريبة من التيار الصوفي، والتي أتهمت الأخيرة حكومة حزب العدالة والتنمية (الإخوان) بأنه وراء إقصاء أعضائها من مؤسسات الدولة المغربية، في مؤشر علي صراع قوي بين التيارات الإسلامية علي الشارع المغربي.
مع فصل كوادرها...
فصل اعضاء "العدل والإحسان"
وفي بيان لها الاحد 12 يناير، قالت جماعة "العدل والاحسان"، في بيان لها الأحد، إن الحكومة أعفت العشرات من المسؤولين التابعين لها بمختلف الإدارات والوزارات.
وادعت "العدل والاحسان، أن الحكومة المغربية، شنت في العديد من القطاعات والوزارات، بالكثير من المدن، حملة إعفاء أو تغيير المواقع الإدارية والوظيفية لعشرات الكوادر والمسؤولين، من مهندسين ومديري مدارس ومفتشين ومستشارين تربويين، منهم مديرون مؤسسات تعليمية، ونظار، ومقتصدين، وحراس عامين، ومفتشين تربويين، ومفتشين في التوجيه والتخطيط في (شفشاون، تطوان، وجدة، الناظور، الداخلة، آسفي…)، تلقوا من مديري أكاديميتهم رسائل إعفاء من مهامهم "قاسمهم المشترك الانتماء لتنظيمنا"، بحسب ما جاء في نص البيان.
وتابع البيان:" حكومة تصريف الأعمال التي يراسها زعيم حزب العدالة والتنمية (الإخوان) عبد الاله بنكيران، نقضت اتفاق 21 أبريل 2016 مع الأساتذة المتدربين، والقاضي بتوظيفهم كاملا، ليجد مائة وخمسون أستاذا متدربا من أعضاء الجماعة أنفسهم ممنوعين من التوظيف”، وكذا سحب الأكاديميات الجهوية “مجموعة من الأساتذة المتعاقدين من لائحة التعيينات".
ورأت الجماعة أن هذه الخطوات غير قانونية، مؤكدة أنهم لم يخطئوا في أداء واجبهم وأخلصوا في عملهم، معتبره أن القرارات التي أعفي بموجبها هؤلاء الأشخاص، لا تحدد سببا يبرر الإعفاء.
ودعت جماعة "العدل والإحسان" النقابات والجمعيات المهنية والهيئات الحقوقية والسياسية والإعلامية إلى مساندة هؤلاء المتضررين ودعمهم، مشيرة إلى أن القضاء الإداري مطالب بأن يصدر أحكاما عادلة في كل هذه الملفات التي ستطرح بين يديه.

مع فصل كوادرها...
الداخلية  المغربية وحصر الاسلاميين:
والاسبوع الماضي، كشفت تقارير إعلامية مغربية، عن بدء أجهزة الأمن المغربية في إعداد قوائم أتباع الجماعات الإسلامية بالبلاد، من أجل وضع خريطة معلوماتية لهذه الجماعات، واضعة جماعة الإخوان في المغرب والشيعة على قوائم الجماعات المحظورة.
وذكرت صحيفة «اليوم 24» أن الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية المغربية، وضعت في مقدمة الخريطة، «جماعة العدل والإحسان» و حركة «التوحيد والإصلاح»، فرع جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، بالإضافة إلى أتباع المذهب الشيعي والتيار السلفي
وأشارت الصحيفة إلى أن الداخلية المغربية عممت منشورا أمنيا على جميع مديريات الوزارة في المملكة، بإعداد قوائم أتباع الجماعات الإسلامية في المغرب، حاملة عبارة «أكثر على الجماعات المحظورة أو المتطرفة».
وطلب إعداد «بطائق معلومات» تخص نشطاء وأتباع كل من جماعة التبليغ والدعوة إلى الله، وحركة الإصلاح والتوحيد، والسلفية التقليدية، وجماعة العدل والإحسان (محظورة في المغرب)، والسلفية الجهادية، والمعتقلين السلفيين المفرج عنهم، وأتباع المذهب الشيعي، والأشخاص المشتبه في انتماءاتهم.
وشددت الداخلية المغربية على أجهزتها، بأن تنتهي من إعداد هذه القوائم، قبل 15 فبراير الجاري.
مع فصل كوادرها...
"العدل والإحسان" والقصر الملكي:
وتأسست جماعة العدل والاحسان في 1974، على يد الشيخ عبد السلام ياسين، والذي اعتقل على اثر إرسال نصيحة مفتوحة مكتوبة لعاهل المغرب الراحل الحسن الثاني، في سبتمبر 1974، صفحة بعنوان "الإسلام أو الطوفان" سجن على إثرها -دون محاكمة- ثلاث سنوات ونصفن ثم اعتقل «عبد السلام ياسين» مرة ثانية في سنة 1983، وأفرج عنه بعد قضائه عامين في السجن، ليبدأ التأسيس الفعلي لحركته الإسلامية سنة 1986، تحت اسم «جماعة العدل والإحسان»، إذ شكل المجلس التنفيذي للجماعة واللجان التنفيذية.
ومنذ تلك اللحظة أصبحت جماعة العدل والإحسان تمارس نشاطاتها الدينية في المساجد والجامعات، وتعقد الندوات، وتصدر البيانات، والنشرات، وتؤهل أعضاءها للانتماء للجماعة، حتى صارت توصف ـ حاليًا ـ بأنها الفصيل الإسلامي الأكبر في المغرب.
وهناك حالة من العداء بين الدولة المغربية وجماعة العدل والإحسان،  فقد صعّدت الجماعة ، هجماتها الإعلامية على النظام الملكي في المغرب وعلى راسها الحكومة التي يقودها حزب «العدالة والتنمية» ذو المرجعية الإسلامية وقالت إن جوهر مشكلة المغرب هو نظامه المخزني.
يرى القيادي في الجماعة، «عمر أحرشان»، أنّ معارضتهم للنظام السياسي في المغرب، لا تقتصر على السياسات العمومية، وإنما تعارض الأسس التي يستمد منها النظام مشروعيته، باعتبارها «غير تعاقدية وغير ديمقراطية»، ومن ثم فإن دخول الجماعة في المعترك السياسي رهن تغيير النظام المغربي، كما يقول القيادي.
في نفس السياق، تعتبر جماعة العدل والإحسان، أنه لا جدوى من المشاركة السياسية، «ما دام القصر هو الحاكم الفعلي للبلد»، مُحمّلة الأخير «مسئولية الفساد والاستبداد». ولعل حركة العدل والإحسان تعد إحدى المكونات السياسية القليلة التي لم تنجح السلطة في ترويضها طوال العقود الماضية.
وقال عبد الواحد المتوكل، رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان (شبه محظورة)، إن الملك وأعوانه ومستشاريه لا زالوا يحتفظون بالسلطة الحقيقية، ويتخذون جل القرارات الهامة، تاركين الهوامش للحكومة والبرلمان وغيرهما من المؤسسات.
 وقال إن ثقة أكثر المغاربة في النظام السياسي القائم لا زالت متدنية إن لم تكن منعدمة، واستدل بـ»نسبة العزوف عن الانتخابات الأخيرة كخير دليل على ذلك، وهذا رغم الدعايات الواسعة، والأموال الطائلة التي أنفقت لتقليل نسبة العزوف واستعادة ثقة الناس في العمل السياسي الرسمي، بل ورغم التصريحات الأشبه بالتهديدات لحفز الناس على المشاركة في الانتخابات».
وقال المتوكل في حوار نشره الموقع الالكتروني للجماعة إن «النظام يستحوذ على السلطة والثروة، ويريد شعبا منقادا خاضعا يقبل بالفتات» وإن الذي يحكم هو الملك، وهو المسؤول الأول، وإن الحديث عن اللوبيات داخلية كانت أو خارجية، والتوازنات والنفوذ الأجنبي لا يجدي نفعا لما أسماه «تسويغ الركود المتواصل والتدبير الفاسد والسياسات الخاطئة».
وأوضح المتوكل ان القصر الملكي يستمد قوته من ضعف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وتشتتها وعجزها عن الائتلاف للضغط على النظام من أجل الإصلاحات الحقيقية التي يحتاجها البلد واستشهد بالمقولة المشهورة «إن الشعوب هي التي تصنع الطغاة» وكتب عن هذه الظاهرة، ظاهرة «العبودية المختارة» أو الانقياد اللامشروط للطغاة المفكرين والفلاسفة قديما وحديثا، بل حتى الشعراء صاغوها في قصائد شعرية كثيرة.
وقال المتوكل، إن «من يردد مقولة حكمة النظام المغربي يكون في الأغلب يجامل أو ينافق خوفا أو طمعا، أو لأنه من المنتفعين من الفساد المستشري»، وان المستفيدين من الأوضاع الفاسدة موجودون في المغرب وخارجه».
وأضاف أن «مغالطة يرددها البعض بمناسبة وبدون مناسبة لإثبات هذه الحكمة المزعومة، وتتعلق بمقارنة الأوضاع في المغرب مع غيره من البلاد العربية، أنهم يقولون وأحيانا: أيهما أفضل هنا أم هناك؟! في سوريا ومصر واليمن؟، وأجاب «كأن قدرنا هو أن نختار بين السيء والأسوأ، وكأنه ليس هناك أي خيار آخر، وإنما خياران اثنان: إما الفوضى وإما الاستسلام للأمر الواقع».
وحول عمل الجماعة خارج المؤسسات رغم التحولات قال المتوكل «عن أي تحولات تتحدثون؟ أين هي؟ وأين تتجلى؟ بل دلني على مجال واحد وقع فيه التحول المزعوم، هل حصل في التعليم؟ في الصحة؟ في الإدارة والقضاء؟ في مكافحة الجريمة والمخدرات؟ في مكافحة الرشوة والمحسوبية؟ في اقتصاد الريع وفي نهب الثروات؟ في تقليص مساحات البؤس وعدد الفقراء؟ في تحسين أوضاع الطفولة؟ في مكافحة بؤر الفساد والرذيلة؟ في تقليص البطالة؟.
ويهدف مشروع الجماعة -غير المعترف بها قانونيا من طرف السلطات المغربية- إلى إقامة دولة الخلافة ولا تعترف بشرعية "إمارة المؤمنين في المغرب"، وتسعي الي اسقاط النظاتم الملكي في المغرب.
ورغم ما يعتبره البعض طرحًا دينيًا وسياسيًا «متطرفًا»، من قبل الجماعة، إلا أنه، كما قال الكاتب السياسي، «محمد ضريف»، في كتابه «مسارات في جماعة العدل والإحسان»، «تُعد إحدى الجماعات الإسلامية القليلة في الوطن العربي، المتسمة بالوضوح والانسجام بين فكرها وممارستها؛ إذ تصرح برغبتها في إقامة الخلافة، دون مواربة، بعكس الحال مع حركة (الإخوان المسلمين)، الذي يتسم موفقها في هذا الصدد بالغموض».

مع فصل كوادرها...
العدل والإحسان والاخوان:
واذا كان هناك صراع  بين الحكومة المغربية متمثلة في النظام الملكي ورجال "المخزن" فإن هناك صراع من نوع اخر بين العدل والإحسان، و حزب «العدالة والتنمية»  الذراع السياسية لحركة «التوحيد والإصلاح» فرع جماعة الإخوان المسلمون في المغرب، وهو يعيد الي الأذهان مشهد الصراع بين الإخوان عند وصولهم الي سدة الحكم، وجماعات الدينية الاخري كما حدث مع السلفيين في مصر وتونس.
وتري حركة العدل والإحسان، ان حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعم الحكومة الحالية، أداة في يد «المخزن» في اشارة الي القصر الملكي؛ لإخماد حرائق الاحتقان في المجتمع، وتنفي أن تكون لديه قدرة على الحكم كما يدعيها، وإن كان الحزب يشاطر الجماعة المرجعية الإسلامية.
وقال القيادي في جماعة «العدل والإحسان» عبد الواحد المتوكل، ان الخريطة السياسية في المغرب تعد قبل إجراء الانتخابات، وأن التحكم لا يزال هو سيد الموقف «ها نحن نسمع السيد رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران يتحدث بمرارة عن التحكم، كما يتحدث عنه آخرون»، فيما كلهم يقفون في منتصف الطريق ولا يجرأون على تحديد الجهة المتحكمة في العملية كلها، علما بأنهم جميعا يعرفونها كما يعرفون أبناءهم.
واضاف القيادي في جماعة «العدل والإحسان»، ان تجربة حزب العدالة والتنمية زادت الجماعة اقتناعا بأنه من الصعب أن يتحقق مع هذا الخيار التغيير المنشود ولا معشار ما هو مطلوب، لأن « النظام المخزني كما هو مشاهد لا يزال متمكنا من كل الخيوط ولا إرادة لديه لإدخال التغييرات الضرورية» ويبذل كل ما في وسعه ليبقى القرار الحقيقي بيده ولتبقى المبادرات الرامية للإصلاح في حدودها الدنيا .
وهناك حالة  "جفاء" أو "انعدام ودٍّ " بين جماعتي العدل والإحسان و"التوحيد والإصلاح"هو ليس وليد اللحظة، وإنما له امتدادات تاريخية، عائدة إلى تجربة النشأة والمسار. لأنه قبل أن يكون لحزب العدالة والتنمية وجود، كانت العلاقة بين جماعتي "العدل والإحسان" و "التوحيد والإصلاح" متوتِّرة، ليس فقط بسبب التنافس على المجال الواحد، ولكن أيضا بسبب افتراق الرؤى والتوجّهات والاستراتيجيات.
فجماعة العدل والإحسان لديها مشروع مغاير لما يؤمن به أعضاء التوحيد والإصلاح؛ إذ يمكن تلخيص مقومات طرح جماعة العدل والإحسان في نقاط أساسية من قبيل: التديُّن الصوفي، محورية الزعيم، رفض الملكية، تحقيق شروط القومة (الثورة) كأداة للفعل السياسي.
أما أهم مرتكزات "التوحيد والإصلاح" النظرية فهي: الفهم الديني القريب من تجربة الإخوان المسلمين المصرية، الإيمان بفكرة الإصلاح من الداخل، التناوب على القيادة، تقبُّل النظام الملكي مع الرغبة في إصلاحه.
وقال "حسن بناجح"، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للعدل والإحسان، في تدوينة له على حائط الفيسبوك، إنه "لا وجود لأي تنسيق مع حزب العدالة والتنمية" الإسلامي، الذي يقود الحكومة المغربية الحالية.
مع فصل كوادرها...
مستقبل العدل والاحسان:
يبدو ان الدولة المغربية  القصر المليك وحكومة حزب العدالة والتنمية والذي يعد الذراع السياسي، لجماعة الإخوان المسلمين في المغرب،  يسيعيان الي الحد من قوة "العدل والإحسان" في المملكةن في ظل اهداف الجماعة الي اسقاط نظام الحكم، ومهادمته الدائمة لسياسية القصر الملكي والحكومة المغربية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، وتراجع معدل الحريات في المغرب في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية.
خطوة فصل كوادر جماعة العدل والإحسان من  المؤسسات الحكومية تشير الي مستقبل مظلم للحركة، من قبل النظام الملكي والحكومة في المغرب، وهو ما يرجح الي أن "المخزن" يتجه الي تصنيف "العدل والإحسان" كجماهة محظورة ، وهو ما يؤدي الي اعتقال أعضائها ومصادرة أموالهم، مما يصعد الصراع الدائر بين الجماعة والقصر الملكي.

شارك