السياسة الخارجية الأمريكية والتوتر مع موسكو يسيطران على قمة ميونخ للأمن العالمى

السبت 18/فبراير/2017 - 07:46 م
طباعة السياسة الخارجية
 
هيمنت السياسة الخارجية الأمريكية وموقفها من القضايا الدولية على قمة ميونيخ للأمن، فى ظل مشاركة نائب الرئيس الأمريكي وعدد من أبرز وزراء الخارجية ووفود دبلوماسية رفيعة المستوى من بلدان العالم، حيث تعد القمة  منصة فريدة في العالم للنخب الدولية في السياسة الأمنية. وليس هناك مكان آخر في العالم يجمع هذا العدد من ممثلي الحكومات وخبراء الأمن.

السياسة الخارجية
وفي تصنيفها الجديد وضعت جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية المؤتمر للمرة الرابعة على التوالي في مرتبة أهم مؤتمر في العالم، والمؤتمر هو بوتقة للتواصل بين الفاعلين السياسيين للتعارف وتبادل وجهات النظر ولرسم الخطوط الحمراء.
من جانبه أكد نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، أن التزام الولايات المتحدة داخل حلف شمال الأطلسي "ثابت"، مؤكدا انها يشارك فى مؤتمر الأمن في ميونخ، بهدف طمأنة حلفاء الولايات المتحدة القلقين إزاء تصريحات الرئيس دونالد ترامب أن ونقل هذه الرسالة التي تفيد أن الولايات المتحدة تدعم بقوة الحلف الأطلسي وأننا ثابتون في التزامنا حياله".
أكد بنس الذي يتحدث للمرة الأولى أمام النخبة السياسية والعسكرية العالمية، مراراً في خطاب استغرق 20 دقيقة، أنه يتكلم باسم الرئيس الأميركي، وأضاف "سوف نكون دائماً أكبر حليف لكم" مشيراً إلى القيم المشتركة مثل "الديمقراطية والعدالة وسيادة القانون" التي تربط بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين.
جدد بنس بقوة مطالب الولايات المتحدة بالتزام مالي أكبر من جانب الشركاء في حلف شمال الأطلسي ، وقال في هذا السياق "يستدعي الدفاع الأوروبي التزامنا بقدر التزامكم ، وعود المشاركة في الأعباء لم يتم الإيفاء بها منذ فترة طويلة جداً". وأضاف "يتوقع الرئيس ترامب من حلفائه الالتزام بكلامهم. حان الوقت لبذل المزيد من الجهود" من حيث الإنفاق العسكري.

السياسة الخارجية
يشار إلى أن مطلب واشنطن أن ينفق الأوروبيون على الدفاع وفقا لإمكانياتهم المادية قديم، لكن ترامب هدد مراراً بالانسحاب من التحالف إذا كانت الدول الأعضاء لا تحترم التزاماتها. 
فى حين قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن إشراك دول إسلامية معينة في الحرب على الإرهاب، يعد بالنسبة لها على نفس الدرجة من أهمية مشاركة الولايات المتحدة، مؤكدة على انه  يجب أن يكون واضحاً أن الإسلام ليس مصدراً للإرهاب بل الإسلام تم تفسيره على نحو خاطئ، مطالبة قادة المسلمين برسم حدود واضحة بين الإسلام المسالم وبين الإرهاب، الذي "يُمارس باسم الإسلام".
دعت المستشارة ميركل إلى النضال من أجل التعاون الدولي،  وذكرت أنه لا يمكن لدولة بمفردها مواجهة تحديات العالم، مضيفة في المقابل أن الكيانات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي ليست فعالة بالقدر الكافي، موضحة أن هناك حاجة إلى جعل هذه الكيانات أكثر قوة ومقاومة للأزمات،  ومقاومة إغراء الانطواء على النفس لمواجهة التهديدات العالمية، بينما يشهد الغرب صعوداً في النزعات القومية. 
والتقت ميركل خلال المؤتمر نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، وهو أول لقاء لميركل مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب على الإطلاق. وتعتزم المستشارة الألمانية تلبية المطالب الأمريكية بزيادة النفقات الدفاعية، لكن بصورة محدودة، وأكدت ميركل تمسكها بهدف حلف الشمال الأطلسي،  بزيادة نفقات الدفاع لتشكل 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل بحلول عام 2024،  وقالت: "سنقوم بكافة الجهود المطلوبة. نشعر بالالتزام تجاه هذا الهدف... ألمانيا تعي هنا مسؤوليتها". 
أوضحت ميركل أن بلادها لا يمكنها زيادة ميزانية الدفاع لأكثر من 8 في المائة سنوياً، وقالت: "لا يمكن للبلاد فعل المزيد في هذا الأمر واقعيا".

السياسة الخارجية
وعلى صعيد العلاقة الأوروبية-الروسية، قالت ميركل إنه لا يوجد علاقة مستقرة وجيدة على نحو مستدام مع روسيا. وذكرت أن روسيا جارة للاتحاد الأوروبي، موضحة أنها لن تتوانى لذلك عن "الترويج لأن نقيم علاقة جيدة مع روسيا" رغم وجهات النظر المختلفة في العديد من القضايا.
 وقالت المستشارة الألمانية من المهم العمل مع روسيا في الحرب ضد الإسلاميين المتشددين. وقالت ميركل في كلمتها أمام مؤتمر ميونيخ للأمن في حضور مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي "إن الحرب المشتركة ضد الإرهاب الإسلامي تمثل مجالا لنا فيه نفس المصالح ويمكن أن نعمل سويا بشأنه."
ويشارك فى القمة  47  وزير خارجية و30 وزير دفاع و90 برلمانيا مع رؤساء أوكرانيا وبولندا والأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومندوبة  السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فريديريكا موغيريني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي. 
ويري مراقبون أن ميركل ينظر لها على مستوى العالم بأنها سياسية ثابتة تعمل من أجل ديمقراطية منفتحة وليبرالية، وهذا النموذج يواجه ضغوطا من قبل الحركات القومية المتحجرة في أوروبا. 
وهذا ما تعيشه أيضا المستشارة ميركل في ألمانيا حيث من المرجح على أبعد تقدير في سبتمبر المقبل موعد الانتخابات التشريعية أن يدخل حزب "البديل لألمانيا" الشعبوي قبة البرلمان الألماني، وحتى في الانتخابات المزمعة في فرنسا وهولندا يهدد الشعبويون بإحراز نجاحات تطالب بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

السياسة الخارجية
وحتى رئيس البرلمان الألماني نوربرت لاميرت لا يدخر جهدا في دعوة مواطني أوروبا والسياسة في برلين إلى مواجهة الحركات الشعبوية القومية بالحجة والتبات. وقال لاميرت إنه في الوقت الذي لا يمكن للدولة الوطنية الواحدة أن تواجه تحديات العولمة سيكون من غير المسئول أن تكسب شعارات العودة إلى "الحديقة الصغيرة" زخما بين الناس. وأوضح لاميرت أن العودة إلى التفكير بمقاييس وطنية ضيقة، كما تطالب بذلك الجبهة الوطنية الفرنسية بزعامة مارين لوبين أو اليميني الشعبوي الهولندي غيرت فيلدرس ما هي إلا الطريق نحو "لا قيمة لأوروبا غير المبرمجة لكن المتوقعة".
وإلى جانب الموضوعات الرئيسية التي تشغل الساحة السياسية الدولية يقدم منظمو مؤتمر ميونيخ الفرصة لبحث الأزمات والنزاعات المتعددة في العالم، مثل سوريا واليمن وأوكرانيا، كما أن برنامج المؤتمر سيناقش سياسة روسيا وتزايد خطر الإرهاب.
يعد المؤتمر الأمني الذي تستضيفه ميونيخ   الأهم والأكبر من نوعه في العالم، وينظّم تحت شعار (السلام من خلال الحوار)، ويعدّ منصّة مهمّة من أجل الأمن والاستقرار العالميين، ويرجع تاريخ المؤتمر إلى عام 1963، وهو العام الذي أعلن فيه إيفالد فون كلايست تأسيس منصّة لإجراء مشاورات بين مسؤولين سياسيين واقتصاديين من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، من أجل العمل على عدم تكرار الحرب العالمية الثانية.

شارك