الأزهر بين الطلاق الشفهي والديمقراطية

الثلاثاء 21/فبراير/2017 - 02:29 م
طباعة الأزهر بين الطلاق
 
قضية الطلاق الشفهي ما زالت تؤجج صراعا بين الازهر وبعض العلماء من ناحية، ومن ناحية اخرى يتم استغلالها لإيجاد حالة من حالات الاحتقان بين المؤسسة الأزهرية وبين مؤسسة الرئاسة من قبل بعض المستفيدين من وجود مثل هذه الحالة، والغريب في الأمر ان مسألة الطلاق الشفهي وتقنينه ليست وليدة اليوم، بل أول من نادى بها هي السيدة جيهان السادات وطالبت بإصدار قانون بذلك في بداية سبعينيات القرن الماضي الا ان الجماعات الاسلامية بقيادة عمر عبد الرحمن وغيره من قيادات هذه الجماعات والعديد من شيوخ الأزهر، وقفت في وجه هذا القانون الى ان جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وطالب بتقنين هذا الوضع حفاظا على الاسرة المصرية والحد من فوضى الطلاق، لنجد هذه المرة هيئة كبار العلماء في الازهر هي من تتصدى وتقف في وجه هذا الطرح، 
الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب
وكان أول رد فعل للشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بهذا الخصوص انه  قال : سأتعرض لما أثير مؤخرًا في كثير من وسائل الإعلام والرأي العام عن قضية "الطلاق الشفهي" من الناحية العلمية فقط، ولا أريد أن أدخل في المتاهات الأخرى والردود على ما يكتب أو يقال أو يبث في القنوات؛ لأن هذا من وجهة نظري تضييع للوقت وللجهد معًا، فقط أحب أن ألفت نظر المشاهد الكريم إلى أن المزايدة على الأزهر في هذا الموضوع تجاوزٌ للحد، وأيضًا تجاوزٌ للحق، وكنا نتمنى من بعض المنتسبين للأزهر ألا يقحموا أنفسهم في القضايا الفقهية الشائكة، وأن يتركوا للمجامع  والهيئات المتخصصة في الأزهر الشريف بيان الحكم الشرعي في هذه القضية -قضية الطلاق الشفهي–، ولدينا  وثائق علمية حتى لا يزايد علينا في الصحف ولا في القنوات.
وأضاف في حديثه الأسبوعي على الفضائية المصرية ، يوم الجمعة  17 فبراير 2017،  من عام و3 شهور تقريبًا- كان هناك مؤتمر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف في مدينة الأقصر وكنت حاضرًا فيه وألقيت كلمة بعنوان " رؤية العلماء حول تجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف"، وهو مؤتمرٌ عادةً ما يدعى فيه ممثلون للعالم الإسلامي حيث قلت فيه بالتحديد: "على العلماء أن يجتهدوا ويجددوا الأنظار فيما يتعلق بالأمور السياسية؛ كالديمقراطية"؛ لأن كثيرًا من الجماعات والتيارات –للأسف الشديد– التي تملك أبواقًا تتحدث عن أن الديمقراطية ليست من الإسلام وأنها كفر، فواجب العلماء في كل العالم أن يتصدوا لمثل هذه القضية، وكذلك "حقوق الإنسان"، فهل حقوق الإنسان الأوروبي هي النموذج الذي يجب أن يعمم على العالم، ويجب على المسلمين جميعًا أن يبيحوا الشذوذ الجنسي والإجهاض، أو هي حقوق الإنسان الشرقي المتدين بدينٍ له حقوق تختلف عما يدعيه أنصار حقوق الإنسان في الغرب الذي أدار ظهره للدين منذ قرون وانتهى الأمر؟
وتسببت هذه المواجهة، والتي بدأت هادئة ثم اتسع نطاقها مع السلطة ورجال دين معتدلين، إلى تبني الأزهر سلوكا يتسم بالتشنج، إثر مطالبات رسمية بتوثيق الطلاق، وعدم وقوعه إن كان شفهيا.
وانتقلت الريبة إلى رجال دين لطالما طرحوا أفكارا خارج إطار ديني متحفظ يتبناه الأزهر. ودعا الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر علماء لم يسمهم إلى “ألا يقحموا أنفسهم في القضايا الفقهية الشائكة، وأن يهتموا بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بدلا من المزايدة في قضية الطلاق الشفوي”.
الأزهر بين الطلاق
ويقول مراقبون إن الأزهر يسعى إلى احتواء زخم تجديد الخطاب الديني، الذي كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد دعا إليه. وأكدوا أن الدعوة “تحولت إلى مناورات تشبه لعبة القط والفأر”.
لكن هجوم الطيب امتد ليشمل السلفيين أيضا. وقال الطيب في مقابلة تلفزيونية إن “على العلماء أن يجتهدوا، ويجددوا الأنظار في ما يتعلق بالأمور السياسية كالديمقراطية، لأن كثيرا من الجماعات والتيارات التي تملك أبواقا تتحدث الآن عن أن الديمقراطية ليست من الإسلام، بل هي كُفر”.
واتخذ الطيب خطوة بعيدا عن متشددين إسلاميين يحظون بنفوذ واسع كبديل أيديولوجي للإخوان المسلمين. لكن الدور السياسي والاجتماعي الذي يلعبه السلفيون المؤمنون بعدم الخروج على الحاكم منحهم ثقة لتحدي الأزهر ومنافسته على علاقته بالسلطة الحاكمة، التي تراجعت مؤخرا.
ويقول أحمد صابر، وهو داعية مؤيد لوجوب توثيق الطلاق كشرط لوقوعه، مخالفا بذلك رأي الأزهر، إن “حديث الطيب عن ضرورة تطرق العلماء للديمقراطية هو محاولة منه لإلهائهم في شأن بعيد عن الأمور الدينية المتداولة، فضلا عن أن ذلك يعني أنهم لا بد وأن يتركوا له وحده حرية إبداء رأيه دون انتقاد أو هجوم عليه، وهو ما يعكس أنه هو نفسه غير مؤمن بالديمقراطية”.
وأضاف أن “الازدواجية عند الأزهر في تطبيق الديمقراطية واضحة، فهو يطالب بشيء لا يؤمن بوجوده. كان على المؤسسة الدينية الأكبر في البلاد أن تفوّض ممثلا عن هيئة كبار العلماء لمواجهة الرأي الآخر بالحجة والبرهان، ويكون قادرا على إقناع الناس، وليس أن يرد على الهجوم والنقد بالمثل”.
وليس كل من ينتمي إلى المؤسسة، التي يتخطى عمرها ألف عام، متفقا مع تحفظ هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية في الأزهر) تجاه تجديد مفاهيم دينية جامدة منذ قرون، إذ بات أساتذة في الفقه والشريعة الإسلامية يتبنون خطابا أكثر اعتدالا، ويحظون بشعبية كبيرة، يخشى الطيب من أن تحدث انقساما داخل الأزهر.
وقال الطيب “على البعض من المنتسبين للأزهر ألا يقحموا أنفسهم في القضايا الفقهية الشائكة، وأن يتركوا للمجامع والهيئات المتخصصة في الأزهر الشريف بيان الحكم الشرعي في هذه القضايا”، متهما صحفا وقنوات فضائية بـ ”المزايدة على الأزهر ومواقفه”.
ويعكس تصعيد الأزهر شعورا داخل المشيخة بتعمد السلطات الخصم من رصيده الديني، والحد من استقلال دستوري منح المؤسسة الدينية سلطات معنوية واسعة.
وقال عبدالجليل الشرنوبي، المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، إن “سحب البساط من تحت أقدام الأزهر مقصود ومتعمّد، إذ أن ثمة تحركات لعدم إعطائه الفرصة لإعادة هيكلة نفسه من الداخل كي يصبح قادرا على التخلص من الفساد الذي يعاني منه منذ سنوات”.
وأوضح أن “الأزهر فشل في علاج أمراضه بسبب حجم التحديات التي يواجهها، سواء مع تيارات الإسلام السياسي أو التيار العلماني والإعلام”.

شارك