الاخوان وأردوغان بين تلاقي المصالح والتخوف من قرارات ترامب

الأربعاء 22/فبراير/2017 - 03:19 م
طباعة الاخوان وأردوغان
 
تلاقي المصالح بين أردوغان الذي يطمح في اقامة خلافة عثمانية جديدة، ويتزعم ما يطلق عليهم العثمانيون الجدد، ومحاولات جماعة الاخوان الارهابية ان تحافظ على دولة حاضنة لها ولتنظيمها الدولي، كان نتيجته ان خرج علينا ابراهيم منير نائب المرشد العام للجماعة، ببيان يشبه المبايعة لرجب طيب اردوغان، حيث تقدم إبراهيم منير، بالشكر والتقدير للرئيس التركي ورفضه كرئيس دولة وصف جماعة الإخوان بالإرهاب، وإعلانه أن "الجماعة" فكرية منتشرة في أماكن مختلفة من العالم و لم تقم بأي عمل مسلح، وإذا تمت معاملتها معاملة الإرهابيين فإن ذلك لن يكون صحيحا. وقال "منير"، في بيانه، إن هذا الموقف العادل والصريح من الرئيس أردوغان ليس غريبًا عليه كصاحب مواقف قوية ومبدئية ومنصفة، وليس غريبا على تركيا - حكومة وشعبا – "والتي تبادر إلى نصرة حقوق الشعوب المضطهدة ولا تتخلف عن مساعدة الشعوب المكافحة من أجل الحرية والحياة الكريمة، وتقف إلى جانب حقوق الإنسان في كل مكان". وشدد على أن الجماعة لن تخذل الرئيس اردوغان أو أي مدافع عنها في مواقفها وفكرها، مهما زادت الضغوط وكثرت الافتراءات، وهذا عهد تحافظ عليه. وأكد أنها (الجماعة) ستكون أمينة حازمة في مراعاة أصول الضيافة، واحترام قوانين الدولة التركية وقوانين أي قطر مضيف آخر، مشيرة إلى أنها لن تتخلى عن منهجها السلمي كثابت من ثوابت فكرها، من خالفه فليس منا، وهو ما عبر عنه المرشد العام الدكتور محمد بديع بقوله: "سلميتنا أقوى من الرصاص". وكان هذا نتيجة لما اشار اليه  الرئيس التركي حيث كان قد أبدى رفضه تسليم أفراد جماعة الإخوان المسلمين لمصر، كاشفًا عن أن بلاده تتلقى طلبات مصرية بين حين وآخر لتسليم قيادات الجماعة. وقال "أردوغان"، خلال لقاء له مع قناة "العربية"، إن الجماعة لم تتورط في أي أعمال إرهابية أو عمل مسلح، بخلاف جماعة فتح الله جولن، والتي رأى أنها متورطة في انقلاب يوليو بتركيا. وعن اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية لاعتبار الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، رأى الرئيس التركي أنها منظمة فكرية وليست إرهابية، وأنه لن يستطيع إدراجها كمنظمة إرهابية طالما لم تلجأ للعمل المسلح، وبالتالي لن يقدم على تسليم قيادات الإخوان الموجودين في تركيا طالما لم يرتكبوا أعمالاً إرهابية.
أحمد عطا، الباحث
أحمد عطا، الباحث في شئون الحركات الإسلامية
وفى هذا السياق قال أحمد عطا، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن هذا البيان وإن كان في ظاهره مدح - إلا أن التنظيم الدولي لجماعة الاخوان يدرك جيداً أهمية الدور التركي إقليمياً ودولياً، وخاصة الدور الذى لعبه لصالح الإدارة الأمريكية السابقة مع صعود الربيع العربي الأمريكي أثناء تولى الرئيس الأسبق باراك أوباما هذا من ناحي، ومن ناحية أخرى التنظيم الدولي مازال لديه أمل أن يستعيد جزء من وضعه ومكانته ما قبل الربيع العربي كجماعة دعوية سياسية تحتل مكانة في الشارع العربي - ولهذا يرى التنظيم أن أردوغان هو ظهير سياسي وتفاوضي بارع لحل مشاكل بوساطة مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب".
وتابع: "لايزال حزب العدالة والتنمية التركي هو جزء من مشروع الخلافة الإسلامية مع مكتب الإرشاد في مصر وراشد الغنوشي في تونس وهو معلم رجب طيب أردوغان، هذا المثلث الإخوانى التركي المصري التونسي مازال يراهن على الوقت من خلال خطط بديلة كنوع من التهدئة - ولهذا جاء بيان المدح داعم للطرفين للتنظيم الدولي ومجموعة إخوان تركيا - وتعزيز مكانة تركيا إقليمياً، وهو ما يراهن عليها التنظيم الدولي خلال المرحلة القادمة، لأن تركيا تربطها علاقات مصالح مع كل أطراف الملعب الدولي".
طارق البشبيشى، القيادي
طارق البشبيشى، القيادي السابق بالإخوان
وفى السياق ذاته قال طارق البشبيشى، القيادي السابق بالإخوان، إن هناك رعبا كبيرا يتملك التنظيم بسبب انقلاب أمريكا عليهم بعد هزيمة هيلاري كلينتون وفوز ترامب، والتنظيم يدفع الآن بكل أوراقه للضغط على الإدارة الأمريكية حتى لا تصنفه كتنظيم إرهابي.
وأضاف القيادي السابق بالإخوان، أن هناك منظمات وصحف يمولها الإخوان تدافع عن التنظيم وتحذر ترامب من عواقب هذه الخطوة ومن تلك الأوراق طبعاً النظام التركي بزعامة أردوغان، موضحا أن أردوغان سيشعر بالحرج الشديد إذا صنفت واشنطن الإخوان كجماعة إرهابية وهو يأوي قيادات ورموز هذه الجماعة في بلاده، وهو يدرك خطورة هذا السلوك على علاقته بالأمريكان.
وتابع: "أردوغان ابن لهذا التنظيم وإدانة واشنطن للجماعة تعتبر إدانة لأردوغان الذى يستميت في الدفاع عن تنظيم الإخوان ويوفر لقياداته ملاذاً آمناً، والبيان الذى أصدره إبراهيم منير هو من قبيل رد الجميل ونوع من التسول والرجاء له ألا يتخذ مواقف متشددة ضد التنظيم الإخوانى مهما كانت ضغوط واشنطن لكن أردوغان لن يقوى على السباحة ضد التيار الأمريكى".
وتواجه جماعة «الإخوان المسلمين الإرهابية» حصارا كبيرا في أوروبا، التي أدارت ظهرها لها مقابل مصالحها الاقتصادية والسياسية، و«عينها» على التحالفات الإقليمية المقبلة، التي تتطلب منها التضحية بالجماعة الإرهابية.
هذا الحصار الذى تعانى منه الجماعة امتد أثره في كل دول العالم، التي مثلت للإرهابية الحاضن الأساسي لاستقبال القيادات الهاربة من مصر، وفى مقدمتها أمريكا وبريطانيا وتركيا، التي يهيمن عليها الآن مناخ طارد يتميز بعدم الترحيب برموز الإخوان الهاربين، وكذلك في الدول العربية التي استقبلت رموز الإخوان الهاربة في كل من السودان، وليبيا، التي تقوم مؤخرا بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الإخوان، ما يؤكد أن الجماعة الإرهابية تقف وحيدة ومحاصرة في مثلث الضربات الموجعة في الخارج والداخل. 
وكون الرئيس التركي بدأ، في التركيز أكثر على طموحه السياسي الذى يتطلب منه سحب الدعم من الإخوان مقابل المصالحة مع مصر، لإقامة علاقات اقتصادية قوية بين البلدين، تستدعى التضحية بالإخوان، ما أكدته تصريحاته مؤخرا مع قناة «العربية»، أنه سيحاكم شخصيات منهم، إذا ثبت تورطها في الإرهاب، ما يؤكد أن «أردوغان» يجرى مواءمة سياسية مع الإخوان و«عينه» على التحالفات الإقليمية.
الباحث في الحركات
الباحث في الحركات الإسلامية، سامح عيد
وفي هذا السياق قال الباحث في الحركات الإسلامية، سامح عيد،  في تصريحات خاصة لـ«البوابة» أن أردوغان لن ينظر إلا لطموحه السياسي، حتى لو ضحى بالإخوان مقابل هذا الطموح، إضافة إلى رغبته في تكوين تحالفات إقليمية مع كل من روسيا وأمريكا، ولا يريد أن يضع طموحه السياسي مرهونا بالدفاع عن الإخوان، ومع تضحية تركيا للإخوان، بدأت الجماعة في اتخاذ خطوة استباقية لنقل نشاطها إلى بريطانيا لتجديد دمائها عبر إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولي للإخوان ببريطانيا، لكن المؤشرات في بريطانيا أيضا تثبت أنها تتطلع للتعاون الاقتصادي مع مصر، ولن تضحى بهذا التعاون مقابل الإخوان، وما يثبت هذا الترجيح فشل الوفد الإخوانى القادم من إسطنبول للقاء رئيس وزراء بريطانيا، بالتزامن مع قرب زيارة بعثتها التجارية لمصر خلال شهر نوفمبر المقبل، للبحث عن فرص الاستثمار في السوق المصرية.
أما على الصعيد الأمريكي فقد بدأ رئيسها دونالد ترامب في محاصرة الجماعة الإرهابية منذ بداية توليه منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، كما أعلن عن دعمه لسياسات المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، حيث أكد مؤخرا وليد فارس، مستشار السياسة الخارجية الأمريكية للإدارة الأمريكية: «أن إدارة ترامب واضحة بما تريده أو ما لا تريده لليبيا، لا تريد أن تسقط ليبيا من جديد تحت سلطة ونفوذ هذه الميليشيات الإرهابية أو الميليشيات المسلحة بشكل عام، ولا تريد أن تنقسم إلى مناطق نفوذ، الذى تريده لليبيا أن تكون لها هيئة منتخبة تمثل الشعب الليبى».
وبالتزامن مع هذا التأييد، تواجه الجماعة الإرهابية حملات واسعة من الاعتقالات لأعضائها في عدد من الدول العربية، تعكس حالة الحصار التي تعيشها الجماعة في الداخل والخارج بدءًا من ليبيا مرورا بالسودان التي اعتقلت عددا كبيرا من أعضائها، أبرزهم عضو مجلس الشعب السابق ياسر حسنين، وعبدالله مهنى، طبيب أسنان من الدقهلية، وصبري إمام طالب في كلية الآداب، وعبدالله شفيق الديب، طالب في كلية الشريعة والقانون في الأزهر، وأحمد الباز طبيب، ومعاذ هنداوي طالب. 
الدكتور حسن سلامة،
الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
وقال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن كل المؤشرات الدولية تؤكد أفول نجم جماعة الإخوان المسلمين في القارة الأوروبية، بعد أن وفرت لها الأخيرة موطنا لاستهداف الدول التي تناوئها، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة استهدفت خلال الفترة الماضية التنظيمات الإرهابية.
وأضاف سلامة أن «كسر الإخوان في مصر يعتبر درة التاج لضعف الجماعة، وفرط عقدها في أوروبا، وأن على القارة الأوروبية أن تفض التشابك المصلحي بين التنظيم وبينها، عبر إقامة مشروعات بديلة، تحقق هذا التوازن الذى كانت تلعب عليه جماعة الإخوان عبر نشاطاتها الاقتصادية في أوروبا»، مشيرًا، إلى أن الإنجاز الذى تحقق خلال الفترة الأخيرة، هو قدرة النظام المصري على نبذها اجتماعيا، تمهيدا للاتفاق السياسي مع دول أوروبا على تصنيفها كجماعة إرهابية.

شارك