التعويضات المالية الحسنة النية.. خزان داعش المالي الذى لا "ينضب"

الخميس 23/فبراير/2017 - 11:12 ص
طباعة التعويضات المالية
 

 بعيدا عما يحصل عليه تنظيم داعش الدموى من أموال من مصادر عدة ابرزها الجزية وموارد الاراضى التى يحكمها وبيع النفط المهرب لكن تبقى التعويضات المالية "الحسنة النية "  التى قد تدفعها بعض الدول لاشخاص من مواطنيها اصبحوا بعد ذلك أعضاء فى داعش او لاخرين يقيمون فى الاراضى التى يسيطر عليها التنظيم خزان  داعش  المالي  الذى لا "ينضب". 

فبريطانيا مثلا دفعت  ملايين الجنيهات تعويضات لداعش وهى  فضيحة من العيار الثقيل، مع تصاعد شكوك بأن مبلغ 20 مليون جنيه إسترليني تم دفعه من خزينة الدولة على سبيل التعويض لمعتقلين بريطايين في غوانتانامو، ربما وصل في نهاية المطاف إلى خزانة تنظيم داعش وقد تلقت الأوساط البريطانية صدمة عندما اكتشفت أن المعتقل السابق في غوانتانامو، جمال الحارث (50 عاما) الذي حصل على مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب كتعويض عن فترة احتجازه دون محاكمة، قد فجر نفسه في هجوم انتحاري بالعراق تحت راية داعش.

كما استفاد 17 معتقلا بريطانيا سابقا في غوانتانامو من التعويضات، لكن ما يقلق حقا، أن أربعة من هؤلاء اتهموا بأنهم على صلة بالتنظيم بدرجة أو بأخرى، وفق ما نقلت صحيفة "دايلي تليغراف " وأفادت معلومات أمنية بأن أحد هؤلاء ذهب في رحلة إلى البرتغال مع المتطرف "الجهادي جون" الذي اشتهر بذبح الرهائن، بعد عام من حصوله على التعويض، بينما التقى آخر بثلاثة من أقربائه يقاتلون في سوريا.

التعويضات المالية

وقال اللورد كارلايل كيوسي، وهو المراقب السابق لقوانين مكافحة الإرهاب في بريطانيا، لديلي تليغراف إنه يأمل في أن تحقق السلطات بشكل دقيق في واقعة الحارث، معبرا عن قلقه من أن تكون المبالغ الضخمة التي دفعت على سبيل التعويض لهؤلاء الأشخاص لم تصل إلى الجماعات المتطرفة كما عبر رئيس مكتب مكافحة الإرهاب البريطاني السابق، كريس فيليبس، عن اعتقاده بأن التعويض الذي تلقاه الحارث المكنى بـ"أبو زكريا البريطاني" ذهب في نهاية المطاف إلى داعش. وقال إن "دافعي الضرائب البريطانيين مولوا بشكل فعال الإرهاب".

وبدا تأثير الفضيحة واضحا عندما رفضت رئاسة الوزراء التعليق على أسئلة بشأن التعويض الذي تسلمه الحارث، مبررة ذلك بأنه أمر يخص الاستخبارات ولكن رئيسة الوزراء تريرزا ماي تواجه تساؤلات أيضا عن الطريقة التي تمكن بها الحارث من السفر إلى سوريا عام 2014، وليس من الواضح ما إذا كان على قائمة لمراقبة المشتبه بصلتهم بالإرهاب " وما يزيد من شدة الحرج الذي يواجهه السياسيون في لندن، تصريحات رئيس الوزراء الأسبق توني بلير الذي أوضح فيها أن الرجل لم يتلقى تعويضات في عهد حكومته، مشيرا إلى أن اتفاق التعويضات تم توقيعه عام 2010 بواسطة حكومة المحافظين برئاسة ديفيد كاميرون.

لكن صفقة إطلاق سراح الحارث من معتقل غوانتانامو في عام 2004، تمت بعد مفاوضات مكثفة قادها بلير، رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت وبعد إطلاق سراحه، تمكن أبو زكريا من الحصول على تعويض مادي من الحكومة البريطانية، قدر بمليون جنيه إسترليني، بعد زعمه بأن عملاء بريطانيين كانوا على علم بالمعاملة السيئة التي تلقاها في غوانتانامو وشارك بعضهم بها وحتى الان لم يواجه أي من المعتقلين البريطانيين السابقين في غوانتانامو تهما تتعلق بالإرهاب. 

التعويضات المالية

على الجانب الاخر ظلت الحكومة العراقية تدفع رواتب ومعاشات موظفي الدولة داخل المناطق التي هيمن عليها التنظيم منذ يوليو 2014م  ولم يتم قطعها الا بعد عام فى يوليو 2015م  بعد أن قررت  الحكومة العراقية التضييق ماليا على التتنظيم داعش من خلال وقف كل الأجور والمعاشات في المدن الخاضعة لسيطرة التنظيم  لانه يمكنه  من تعزيز قبضتهم و حرمان متشددي داعش من شريان دخل كانوا ينهلون منه لتمويل بناء دولة خلافة في العراق وسوريا.

لكن مسؤولين ومواطنين بالمناطق الخاضعة لسيطرة المتشددين يقولون إن هذا جعل السكان أكثر إحباطا وابتعادا عن حكومة يشعر كثيرون أنها تخلت عنهم، وقال يونس خلف وهو جندي متقاعد من شرطة الحدود في الموصل كان يعتمد على معاشه في إعالة سبعة أفراد "الحكومة قطعت آخر صلة لها بنا... لم يكن الحال أشد بؤسا مما نحن عليه الآن"  ويقر مسؤولو الحكومة بأن قطع الرواتب مؤلم للأفراد لكنه كان لازما لوقف تمويل خلافة داعش فعليا وقال علي الفريجي المستشار باللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء "نحن نقاتل داعش وإيقاف دفع الرواتب هو جزء من الحرب ضد داعش." وأضاف "للأسف في كل حرب يوجد هناك أضرار جانبية."

وتقول الحكومة إنها ستستأنف دفع رواتب العاملين بالدولة بمجرد "تحرير" مناطقهم وإن من تمكن منهم من الفرار من المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش يمكنه المطالبة براتبه أو معاشه لكن داعش يضع قيودا صارمة على الحركة تحول دون مغادرة الناس للمناطق الواقعة تحت سيطرتها وإن كانت هناك دلائل على فرار المزيد من المواطنين من هذه المناطق منذ وقف المدفوعات وقال حسن علاف نائب محافظ نينوى إن "كارثة إنسانية" يمكن أن تقع إذا لم يستأنف ضخ المدفوعات. وتخضع معظم أنحاء محافظته لسيطرة داعش ويعمل مجلس المحافظة الآن من اقليم كوردستان و إن ما يصل إلى 400 ألف شخص مدرجون على قوائم المدفوعات الحكومية في المناطق الخاضعة لداعش.


التعويضات المالية

وفي مدينة الموصل التي كانت تؤوي ما يقرب من مليوني نسمة قبل أن يدخلها داعش في يوليو  2014م قال بائع ملبوسات في سوق السرجخانة إن عمله تقلص بنسبة 70 في المئة تقريبا منذ إيقاف الرواتب  وتحدث سكان بالموصل ومناطق أخرى يسيطر عليها داعش عن قيام الناس بتوفير المال والإنفاق على الضروريات اللازمة وحسب. ويبيع البعض أشياءهم الثمينة رغم انخفاض أسعار الكماليات وقال أحمد فتحي الذي يدير متجرا صغيرا في سوق باب الطوب بالموصل إن معظم زبائنه هذه الأيام من المتشددين.

ولم تنجح أيضا محاولات سابقة لوقف تمويل التنظيم. وعندما حاولت بغداد إيصال المدفوعات من خلال مدينة ثالثة تكلف فيها شخصا بتحويل الأموال عبر شركات خاصة في الموصل أصبح مآل هذه الشركات في يد المتشددين ولم يستفد داعش من النهل مباشرة من المبالغ النقدية وحسب بل واستفادت بطريق غير مباشر أيضا. فالمدفوعات الشهرية كانت تعني أن بوسع السكان شراء الوقود واسطوانات الغاز التي يحصل المتشددون رسوما عليها وكذلك دفع ثمن الخدمات التي يقدمها التنظيم مثل تنظيف الشوارع وتوفير مياه الشرب وقال الفريجي "بطريقة أو بأخرى هي تنتهي لتصل في جيوب داعش. هذه المهزلة يجب أن تنتهي."


التعويضات المالية

ويقول سكان ومسؤولون محليون إنهم لم يلمسوا إلى الآن أي علامات تدل على أن قطع الرواتب فت في عضد داعش. وكان التنظيم قد خفض رواتب مقاتليه بنسبة 30 في المئة في ذات الوقت الذي قطعت فيه الحكومة الرواتب تقريبا لكن لم يتضح ما إن كانت هناك صلة بين الأمرين وقال أيمن جواد التميمي الزميل بمنتدى الشرق الأوسط وهو معهد أبحاث مقره الولايات المتحدة إن إيقاف الرواتب سيضر بداعش ماليا لكنه لن يمثل ضربة قاصمة نظرا لتنوع مصادر دخل التنظيم وان المشكلة تكمن في أن هذا ليس هو السبيل الوحيد الذي يتدفق منه المال على داعش  وإيقاف دخل داعش يتطلب تفكيك هيكلها الشبيه بهيكل الدولة وهو ما لن يحدث في أراضيها في أي وقت قريب."

وفي الوقت ذاته يقول بعض السكان إن قطع الرواتب قد يصب في صالح المتشددين إذ سيعزز رسائل داعش الدعائية بأنها تدافع عن السنة في وجه دولة شيعية طائفية تهملهم وكلما قلت موارد السكان كلما اعتمدوا على المتشددين الذين لا يزالون يملكون المال وقال الشرطي المتقاعد خلف "أعتقد أن داعش ستستفيد من هذا القرار لأنها ستجتذب مزيدا من المتطوعين ممن سيلجأون لها للحصول على راتب يعيلون به أسرهم. لديهم المال الوفير ويعيشون في رغد". 

 مما سبق نستطيع التأكيد على انه بعيدا عما يحصل عليه تنظيم داعش الدموى من أموال من مصادر عدة ابرزها الجزية وموارد الاراضى التى يحكمها وبيع النفط المهرب لكن تبقى التعويضات المالية "الحسنة النية "  التى قد تدفعها بعض الدول لاشخاص من مواطنيها اصبحوا بعد ذلك أعضاء فى داعش او لاخرين يقيمون فى الاراضى التى يسيطر عليها التنظيم خزان  داعش  المالي  الذى لا "ينضب". 

شارك