اشتباكات طرابلس.. "بداية النهاية" لحكومة "السراج" في ليبيا

السبت 25/فبراير/2017 - 02:29 م
طباعة اشتباكات طرابلس..
 
مع احتدام الصراعات في العاصمة الليبية "طرابلس"، يبدو أن اقتراب رحيل حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا والتي تحظي بدعم دولي وأممي بات وشيكًا، وبالأخص مع فشلها في احتواء الصراعات الدائرة بالبلاد، حيث شهدت العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات مسلحة بين كتائب أمنية بمنطقتي أبوسليم وطريق المطار وسط طرابلس، بعد احتجاز أفراد من الأمن تابعين لما تعرف بكتيبة "البركي"، ووصفت الاشتباكات بأنها الأعنف منذ أشهر.
اشتباكات طرابلس..
ووفق شهود عيان فإن الاشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة مما أسفر عن سقوط جرحى ووقوع أضرار مادية بالمباني السكنية، بينما تقود الجهات الأمنية بالعاصمة جهودا للتهدئة، كذلك وفق الشهود فإن الاشتباكات تعد الأعنف منذ أشهر في طرابلس، حيث يستعمل السلاح الثقيل وتجوب الدبابات والعربات المسلحة طرقات الأحياء السكنية.
وتسود في العاصمة طرابلس حالة من الفوضي والاشتباكات بين الحين والآخر بين كتائب مسلحة، بعضها يتبع حكومة "الإنقاذ" الموالية لجماعة الإخوان المسلمين لخليفة الغويل، أو حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج المعترف بها دوليا، وبعضها لا يتبع أي سلطة.
وبدأت الاشتباكات تتفاقم في بداية الشهر الجاري، بين قوات تابعة لـحكومة الإنقاذ المتمركزة بالعاصمة وأخرى تابعة لحكومة الوفاق في مناطق "مشروع الهضبة" جنوبي طرابلس.
من جانبها أعلنت حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل المعارِضة لاتفاق الصخيرات السياسي، تأسيس قوة عسكرية تحت اسم الحرس الوطني، "للمساهمة في الاستقرار والتعاون مع كافة المؤسسات الأمنية لتحقيق أهدافها".
وتعاني ليبيا منذ سقوط معمر القذافي من فوضي عارمة أدت إلي تفشي وتنامي الجماعات الجهادية المسلحة، والتي استطاعت أن تتخذ من بعض المدن الليبية معقلا لها علي مدار السنوات الماضية، ولكن نجح الجيش الليبي وكذلك قوات الوفاق من طرد التنظيم الإرهابي "داعش" من معاقله في سرت الليبية وبنغازي، وإلي الأن لم ينجح أى طرف منهما في السيطرة عما يحدث في طرابلس.
وتعود الأزمة الحقيقية في أن ليبيا تنقسم إلي ثلاث حكومات كل منهم يريد السيطرة علي الحكم الليبي، فمن ناحية حكومة الشرق والمتمثلة في البرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح، ويواليها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وكذلك حكومة الانقاذ برئاسة خليفة الغويل ويواليها جماعة الإخوان المسلمين، وأخيرا حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ويواليها الميلشيات المسلحة من مصراته وطرابلس.
في هذا السياق، دعا مجلس النواب كافة الأطراف المتصارعة في العاصمة طرابلس للاحتكام إلى "لغة العقل وتغليب المصلحة العليا للوطن وأن يجعلوا سلامة المدنيين فوق أي اعتبار"، كما ناشد المجلس جميع الحكماء والعقلاء الى التدخل السريع لوقف هذه الاشتباكات "واولياء أمور الشباب المنتمين الى هذه الكتائب المسلحة الى سحب أبنائهم فوراً". 
واعتبر المجلس في بيانًا أصدره أمس الجمعة 24 فبراير 2017، الاشتباكات المسلحة التي تدور بمنطقة بوسليم في العاصمة طرابلس استمراراً لمشهد الانفلات الامني وسيطرة "الميليشيات المسلحة الخارجة على القانون بالمدينة".وأكد مجلس النواب "أن هذا المشهد الدموي يتحمل مسؤوليته القانونية والاخلاقية قادة هذه الميليشيات ومن يدعون بأنهم يحكمون طرابلس ويدعمون هذه الميليشيات التى تغولت على الدولة وحولت العاصمة الى مدينة يحكمها المجرمين والارهابيين واللصوص والذين ستطالهم يد العدالة عاجلاً أم أجلاً"
ويري مراقبون أن الاشتباكات قد تعجل برحيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، المدعومة دوليا وأمميًا، في ظل فشلها في احتواء الأزمات. 
اشتباكات طرابلس..
وعلي الرغم من نجاح السراج أمس الجمعة  في التوسط لوقف الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن هذه المواجهات أظهرت مرة أخرى ضعف حكومة الوفاق على الأرض في مواجهة خليط الميليشيات المنتشر في العاصمة.
ووفق وكالة "إرم"، أعرب النائب في البرلمان الليبي محمد عبد الله عن اعتقاده أن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، ستُعجّل رحيل السراج عن السلطة، كونها أظهرت جليًا عدم مقدرته على امتلاك زمام السيطرة على الجماعات المسلحة.
وأكد عبدالله، أن نص الاتفاق السياسي على ضرورة إخراج الميليشيات خارج العاصمة والمدن الكبرى، خلال فترة لا تتعدى 30 يومًا من تاريخ التوقيع عليه، لم يتم تطبيق ذلك للأسف، بل تم منح الميليشيات شرعية غير قانونية من قبل السراج، وباتت مستمرة في إثارة الفوضى والاقتتال فيما بينها، وبدلاً من صناعة فارق مهم لتحسّن الحالة الأمنية، ازداد الأمر سوءًا في طرابلس، وأضحت ساحة للصراعات المسلحة. 
وأوضح أن نتائج هذه المعالجة للميليشيات أظهرت كارثية، فبدلاً من إلقاء أسلحتها وتسليمها للقوات النظامية، تم منحها أموالًا وتجهيزات عسكرية، وكأن السراج يريد تقويتها لصالح أجندة معينة، لا نعلمها حتى اليوم على حدّ وصفه.
ووصف باحثون في الشأن الليبي، الاشتباكات التي شهدتها طرابلس بـ"مسرحية الميليشيات"، أبطالها الخارجون عن القانون، ومخرجوها أجسام سياسية متنافسة فيما بينها، تحاول خلط الأوراق في العاصمة، من أجل تحقيق مكاسب وورقة تفاوض، بالمشهد السياسي المقبل.
ووفق الباحثون فإن الأطراف تحاول نقل معركتها على الأرض، وتستخدم الميليشيات المأجورة التي تترزّق من أموال الفاسدين، في محاولة لكسب أوراق تفاوض، تجعل بعض الأطراف في موقف قوي، يؤهلها لنيل منصب أو مكانة. 
وقالت مصادر أنه تم التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في وقت متأخر ليلة الجمعة، بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس. 
وبدأ وقف إطلاق النار مساءًا، على أن تنسحب مجموعة البركي من مقرّ مكافحة الإرهاب إلى مقرّ الشرطة العسكرية، مع مناقشة موضوع هذا المقرّ، ضمن الشروط التي ستُناقش في الاتفاق النهائي، عن طريق اللجنة المكلفة لفض النزاع.
 وبموجب الاتفاق، يتم تشكيل قوة من وزارتي الدفاع والداخلية للفصل بين الأطراف المتنازعة، وتتمركز على خط التماس في عدة نقاط ، بواقع ثلاث عربات مسلّحة في كل نقطة.
 كما تُشكل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، لتحديد الجهة والوقت الذي تم فيه الخرق من قبل أحد الأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى علاج جرحى الاشتباكات. والاتفاق تم برعاية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمجلس البلدي أبو سليم، ومديرية أمن طرابلس وبحضور قادة طرابلس وتاجوراء، وأعيان ترهونة وغريان والمجلس الأعلى للمصالحة.
وتعتبر الاشتباكات هي بداية النهاية لحكومة السراج، الذي فشل كل الفشل في محاولات الاصلاح والتوافق علي حل للأزمة الراهنة، ولذلك قد تؤدي هذه الاشتباكات إلي رحيل السراج من السلطة في القريب العاجل.

شارك