شيخ الأزهر والمواطنة والاسلاموفوبيا

الثلاثاء 28/فبراير/2017 - 02:25 م
طباعة شيخ الأزهر والمواطنة
 
  انطلقت اليوم الثلاثاء 28 فبراير 2017، أعمال المؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، والذى يعقده الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، وذلك بمشاركة وفود من أكثر من 50 دولة وسط حضور واهتمام عربي ودولي كبير، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بفندق فيرمونت تاورز هيليوبليس المطار. 
ومن المقرر أن يصدر عن المؤتمر، الذى ينعقد في الفترة من 28 فبراير: 1 مارس 2017، "إعلان الأزهر للعيش الإسلامي المسيحي المشترك"، الذى يقتضى العيش سويا في ظل المواطنة والحرية والمشاركة والتنوع وهى الرسالة التي يوجهها الأزهر ومجلس حكماء المسلمين، ورؤساء الكنائس الشرقية وكذلك علماء الدين ورجاله، وأهل الرأي والخبرة والمسؤولية إلى كافة  الشعوب وصناع القرار فيها.
وسيبحث المؤتمر أربعة محاور يتضمن الأول: المواطنة، وبه الموضوعات التالية: خصائص المواطنة وشروطها في عالم اليوم، الأوضاع الحاضرة لعلاقات المواطنة في العالم العربي في النصوص، والنفوس، والوقائع، رابطة المواطنة: أبعادها ومستقبلها، الأزهر وسؤال المواطنة.
كما يتضمن المحور الثاني: الحرية والتنوع، ويتضمن الموضوعات التالية: حرية الأفراد وهوية الجماعات، الحرية في الممارسة واحترام التنوع، الأديان والحريات، دور الدولة في صون الحريات وحماية التنوع. 
أما المحور الثالث فسيدور عن: التجارب والتحديات، ويتضمن الموضوعات التالية: مبادرات الأزهر، المبادرات المسيحية، الكلمة السواء، المبادرات المشتركة.
والمحور الرابع: المشاركة والمبادرة، ويتضمن الموضوعات التالية: العمل مًعا لدرء مخاطر التفكك والانقسام، العمل معا في مواجهة التعصب والتطرف والإرهاب، العمل مًعا في ترسيخ شراكة القيم وتفعيلها، العمل مًعا للحيلولة دون توظيف الدين في النزاعات، العمل مًعا من أجل مشاركة أوسع في الحياة العامة.
وشارك في هذا المؤتمر، الذى يرأسه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، البابا تواضروس الثاني ورؤساء الكنائس الشرقية وعلماء ورجال دين ومفكرون ومثقفون وأهل رأى ومعرفة وخبرة من المسلمين والمسيحيين، ووجهاؤهم وشخصياتهم المدنية؛ وذلك للتداول في قضايا المواطنة والحريات والتنوع الاجتماعي والثقافي
الإمام الأكبر الدكتور
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مدافعا عن الإسلام، إن هناك من يتهمون الإسلام باعتباره بنيان التدمير الذى دمر مركز التجارة العالمي ومسرح باتكلان ومحطات المترو في بروكسل، مضيفًا: هناك نقص في فهم التعاليم الصحيحة للدين.
وتابع تخطف النصوص المقدسة لتصبح في يد قلة مجرمة خارجة عليها كأنها بندقية بالإيجار تشعل النار لمن يدفع الثمن من تجار الحروب والأسلحة، مؤكدا: يجب الإمعان في النظر في هذه الشرذمة التي ترفع راية واحدة هي راية الإسلام ثم لا تلبث أن تكر بعضها في التخوين والتكفير والخروج على الملة، لأن القضية برمتها ليست من الدين والمسألة هي توظيف الاسلام.
وأضاف: المهمة لم تكن مهمة تصويب الدين عند من زعموا فرط عقده، وأن عليهم تجديده وتصحيحه، بل المسألة هي أرواح تزهق ودماء تهدر وتجرى كالأنهار واجتراء على منجزات الإنسان، موضحا: هذه الشرذمة كانت إلى عهد قريب جدا محدودة الأثر وكانت عاجزة عن تشويه صورة المسلمين، إلا أنها الآن تجيش العالم كله ضد هذا الدين الحنيف الرحيم وحسبنا ما يسمى الإسلاموفوبيا التي انعكست آثارها البالغة على المسلمين في الدول الغربية. 
وأردف شيخ الأزهر: لسنا بصدد البحث عن الإسلاموفوبيا ولا الإرهاب، ولسنا بصدد لتساؤل عن الإرهاب هل هو صناعة محلية أو إعلامية أحكمت حلقاتها ودبرت بليل في ظل تواطؤ من الكثير من الساهرين على حقوق الإنسان والحرية والمساواة والمواثيق الدولية، التي نحفظها عن ظهر قلب، مؤكدا أن البحث في أسباب ذلك واجب رجال الدين والمفكرين لتعرية هذا الوباء الحديث وتحديد المسئول عن الدماء الأشلاء التي تراق.
وعن الإسلاموفوبيا قال الشيخ: لا يخطئ الكيل بمكيالين بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب وللمسيحية واليهودية رغم اشتراك الكل في قضية الإرهاب الديني، فبينما مر تطرف المسيحي واليهودي دون النظر له، وأدين الإسلام ووضع في قفص الإسلام.
وضرب الإمام الأكبر أمثلة للعنف المسيحي واليهودي في العالم معتذرًا: لم أقصد أن أنكأ جراحا أو أذكى صراعا فهذه ليست رسالة الشرق ولا الأزهر الشريف أردت أن أقول الإسلاموفوبيا إذا لم نعمل على التصدي لها ستطلق أشرعتها نحو المسيحية واليهودية عاجلا أو آجلا.
وقال: إن المتربصين بالأديان من الملحدين والمروجين للفلسفات المادية وأقبية النازية والشمولية وإباحة المخدرات وتدمير الأسرة وقتل الأجنة وحق التحول الجنسي.. كل هذه الدعوات قادمة بقوة وتعلن بصراحة أن الدين هو أول ما ستكتسحه في طريقها.
وأشار إلى أن هؤلاء يصمتون عن قتلى الحروب، التي أشعلها العلمانيون في مطلع القرن الماضي ومنتصفه دون علاقة بالدين، قائلا إن هناك خطة أخرى وهى النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها للوضع المضطرب، وهذه الخطوة تتطلب تجهيزات ضرورية أولها إزالة ما بين رؤساء الأديان من بقايا توجسات ومخاوف غير مبررة ما لم يتحقق السلام بين دعاة الأديان لن يمنحوه للناس، وهذا يبدأ بالتعارف والتكامل والتعاون وهو مطلب ديني في المقام الأول والقرآن ينبهنا إلى ذلك.
وعن دور الأزهر قال: حين يدعو الأزهر إلى نشر المواطنة بديلا عن الأقلية والأقليات يدعو إلى مبدأ دستوري طبقه الرسول الكريم على أول مجتمع مسلم في التاريخ، وهو دولة المدينة حين ساوى بين المهاجرين والأنصار واليهود في الحقوق والواجبات.
واختتم: أشكر الرئيس السيسى، الذى حرص على أن يرعى هذا المؤتمر برعايته الكريمة، ترحيبا بكم تقديرا لدوركم في الدعوة.
كلمة الدكتور احمد الطيب
البطريرك الكردينال
البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي
وقال البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية الماروني إن المواطنة انطلقت في الأساس لحماية حقوق الإنسان وصون الحريات المدنيّة وخلق انتماء وطني، مضيفًا أن لبنان مثلت نموذجًا تطبيقيًّا للمواطنة المنبثقة من العروبة، كما مثل العيش المشترك لبّ التجربة اللبنانية التي "تُحلّ الوطنية السياسية محل الوطنيّة الدينيّة"، من أجل الوصول إلى تفاهم أفضل، وإقامة عالم إنساني يستطيع فيه الجميع أن يعيشوا بكرامة وحرّية وعدالة وسلام.
وأكد الكردينال أن الدِّين يسهم في مواجهة التعصّب والتطرّف والإرهاب، ويكون في الوقت ذاته رافعة مجتمعية، موضحًا أن الخطاب الديني المعتدل يرفع الغطاء عن أي فرد أو جهة تتلحّف بالدين، أو تتستر به، أو تستغلّه مادة مشتعلة بهدف الإرهاب أو التطرّف أو التعصّب، وفي الوقت ذاته تحفز الدولة على حفظ السّلم والأمن في المجتمعات.
الشيخ عبداللطيف دريان
الشيخ عبداللطيف دريان
وقال سماحة الشيخ عبداللطيف دريان، مفتي الجمهورية اللبنانية، إن العيش والمشترك والمواطنة يرتبطان في أي مجتمع بالحفاظ على ثوابت أساسية هي كيان الدولة والهوية وحكم القانون، مضيفًا أن هذه الثوابت باتت تتصدع في العالم العربي وانعكس ذلك سلبا على العيش المشترك والمواطنة.
وأوضح فضيلة مفتي لبنان أن الإسلام أسس دولة المواطنة، ودعا للحفاظ على الضرورات الخمس وهي النفس والعقل والدين والعرض والنسل، داعيًا إلى إخراج الدين من أتون الصراع السياسي وتربية الأجيال على المواطنة والسلام والعيش الواحد، وأن يعمل المسلمون والمسيحيون معا لمواجهة التطرف والإرهاب.

شارك