تبادل الانتقادات بين برلين وأنقرة..ورفض أوروبي لمحاولات أردوغان الدعائية

الإثنين 06/مارس/2017 - 10:25 م
طباعة تبادل الانتقادات
 
اردوغان
اردوغان
تصاعد  التوتر بين أنقرة وبرلين  بشكل ملحوظ، حيث اتهمت تركيا السلطات الألمانية  بممارسة "ازدواجية المعايير" و"الفاشية"، وما قابلها من مطالبات ألمانية بمنع بعدم فتح المجال أمام الأتراك لخوض برنامج انتخابي مؤيد لإصلاحات دستورية مثيرة للجدل تهدف إلى تعزيز صلاحيات الرئيس التركي.
يأتى ذلك فى الوقت الذى انضمت فيه هولندا إلى كل من ألمانيا والنمسا فى رفض إقامة أى تجمعات دعائية تركية على أراضيها تروج للتعديلات الدستورية، التى تعزز من صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، والمقرر إجراء استفتاء شعبى عليها فى 16 أبريل المقبل.
ونقلت صحيفة "حريت" التركية عن لودفيك آتشر نائب رئيس الوزراء الهولندى إن بلاده لن تسمح بعقد أى تجمع للجالية التركية فى مدينة روتردام بتاريخ 11 مارس الجاري، وبمشاركة وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو.
وفى وقت سابق، قال رئيس الوزراء الهولندى مارك روتا، هولندا ليست المكان المناسب لعقد حملات سياسية أو تجمعات انتخابية لبلدان أخري، وأضاف "نحن لن نتعاون مع ذلك. ونجده أمرا غير مرغوب فيه".
من جانبه ندد رئيس المستشارية الفدرالية الألمانية بيتر آلتماير بتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اتهم ألمانيا باعتماد "ممارسات لا تختلف عن الممارسات النازية" بعد إلغاء تظاهرت لأنصاره في هذا البلد.
قال آلتماير المقرب من المستشارة أنجيلا ميركل "سنقوم كحكومة فدرالية، بإبلاغ ذلك بوضوح شديد" إلى أنقرة، مضيفا "ليس هناك أي سبب على الاطلاق لنسمح بتوجيه اللوم لنا حول هذه المسألة".
النائب الهولندي اليميني
النائب الهولندي اليميني غيرت فيلدرز يرفض دعايات اردوغان
بينما  رفض وزير العدل الألماني هايكو ماس اتهامات أردوغان ووصفها بالـ"سخيفة والخبيثة والشاذة". وفي حديثه خلال برنامج "آن فيل" الحواري الذي بثّ على التلفزيون الألماني مساء الأحد، تساءل ماس عما إذا كان يجب على ألمانيا الرد على سخافات أردوغان.
وأضاف "إنه يريد استفزازنا، يجب أن نأخذ حذرنا ولا نترك أنفسنا للاستفزاز"، وأكد وزير العدل أن برلين ليست لديها الرغبة في تصعيد الخلاف الدبلوماسي، مشيرا إلى أنه لم يكن مؤيدا لفرض حظر عام على فعاليات لمسؤولين أتراك في ألمانيا.
أما رئيس مكتب المستشارة ميركل بيتر آلتماير فأوضح أن تصريحات أردوغان "غير مقبولة بتاتا" واستطرد قائلا "كحكومة ألمانية سنعبر عن ذلك بشكل واضح" مؤكدا في حوار مع برنامج "مورغنماغازين" الذي تقدمه شبكة "أ.إر.دي" التلفزيونية أن ألمانيا نموذج من حيث قيم التسامح ودولة القانون.
من جهتها قالت يوليا كلوكنه نائبة رئيس حزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل إن الرئيس التركي يتصرف مثل "طفل عنيد يجهل ما يقوم به". كما وصف أندرياس شوير الأمين العام للحزب الاجتماعي المسيحي المشارك في الائتلاف الحاكم إردوغان بأنه "طاغية البوسفور" وطالبه بالاعتذار.
أما ديتمار بارتش رئيس كتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني فدعا إلى رد فعل أوروبي مشترك يقوم على وقف صادرات الأسلحة إلى تركيا ووقف للمساعدات الأوروبية لأنقرة إضافة إلى ما أسماه ضرورة سحب وحدات الجيش الألماني المتواجدة في تركيا.
البرلمان التركى
البرلمان التركى
وسحبت السلطات الألمانية تصاريح تجمعين في مدينتين ألمانيتين الأسبوع الماضي كان من المقرر لوزيرن تركيين إلقاء كلمات فيهما لحث الأتراك على التصويت بنعم في استفتاء على إصلاحات دستورية الشهر المقبل تمنح إروغان صلاحيات تنفيذية واسعة. وهبط الخلاف بالعلاقات الثنائية إلى أدنى مستوى. وزاد الغضب العام في ألمانيا بعد إلقاء القبض على الصحفي دينيز يوجيل الحامل للجنسيتين الألمانية والتركية في تركيا.
كانت وزارة الخارجية التركية استدعت السفير الألماني للتعبير عن رفضها لقرار إلغاء تجمع في ألمانيا كان مقررا أن يتحدث أمامه وزير العدل التركي، واعتبر وزير العدل التركي بكر بوزداغ  قرار السلطات الألمانية "غير مقبول" و"غير ديموقراطي" و"ينتهك حرية التعبير"، وتساءل الوزير التركي: "أي نوع من الديمقراطية هذا؟" وجاء انتقاد بوزداغ، بعدما ألغت بلدية غاغناو بجنوب ألمانيا، تجمعا كان يعتزم الوزير التركي إلقاء خطاب أمامه لدعم الإصلاحات الدستورية في بلاده.
قال وزير العدل التركي في وقت سابق إنه ألغى اجتماعا له في ألمانيا مع نظيره الألماني هايكو ماس وسيعود لبلاده، بعدما ألغت مدينة غاغناو اليوم الخميس فعالية كان مخططا أن يشارك بها في قاعة الاحتفالات بالمدينة، وأوضح عمدة المدينة ميشائل بفايفر إن إلغاء الفعالية جاء لأسباب أمنية وقال: "نتوقع أنه من الممكن أن يصبح الموقف خطيرا". 
أشار عمدة المدينة الألمانية إلى أن الحظر ليس قرارا سياسيا، ولكن كانت هناك تخوفات من قدوم عدد من الأشخاص إلى المدينة أكبر مما تستوعبه القاعة. وكان وزير العدل التركي يعتزم الالتقاء مع أبناء الجالية التركية في ألمانيا اليوم في إطار حملة لحشد تأييد للتعديل الدستوري المقرر التصويت عليه شهر أبريل القادم في تركيا، والذي من شأنه منح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرساء نظام رئاسي يمنح أردوغان المزيد من السلطة.
رفض أوروبي لدعايات
رفض أوروبي لدعايات اردوغان
ويري مراقبون أن النبرة تزداد حدة بين تركيا وألمانيا، والمستفيد الوحيد من هذا التصعيد هو الرئيس التركي، إنه قلق، وقد يخسر الاستفتاء حول تعديل الدستور. ورصدت تقارير صحفية خروج آلاف النساء إلى الشارع في اسطنبول ضد النظام الرئاسي، والآن يقدم أولائك الذين يشعرون بالاستفزاز في ألمانيا لأردوغان ما يحتاج: خصماً خارجياً وذريعة لمزيد من التصعيد لصرف الأنظار عن الأوضاع السيئة في تركيا".
من جانبها كشفت صحيفة "راين نيكار"  انه لو كانت ألمانيا هي تركيا فلما كان هناك نقاش: فالتظاهرات ستُلغى وسيُمنع السياسيون من السفر. لكن لحسن الحظ ألمانيا هي ألمانيا. وعليه يحق لسياسيين أتراك الحديث هنا علناً إذا لم يكن ظهورهم يهدد الأمن".
أما صحيفة "زوددويتشه تسايتونج" الصادرة بميونيخ فإنها تنظر إلى المسألة من زاوية أخرى. وأفادت أن حرية الكلام لأردوغان في ألمانيا ـ هذا يعني "المساعدة على إلغاء الحقوق الأساسية وسلب الحرية من مناهضي أردوغان حقيقيين أو مفترضين". وفي هذا السياق كتبت الصحيفة لتعليل موقفها:
"أضافت: لم يعد الأمر يتعلق فقط بأن متحدثاً يعبر عن أفكار مريبة. فالأمر يرتبط بمتحدث استغل سلطته لسوء معاملة أشخاص ـ وهو يتمادى في ذلك ويريد الترويج لذلك على الأرض الألمانية".
فيما اعتبرت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج" أن "ألمانيا ليست رهينة بتركيا لتكون مجبرة على المساهمة في لعبة أردوغان"، وكتبت في تعليقها تقول:
وتتحرك تركيا على كل حال في اتجاه روسيا والصين، فالسياسة الألمانية التي برهنت إلى حد الآن على الصبر يجب عليها أن تفكر كيف يؤثر ذلك على مواطنيها عندما يستمر التلاعب بالبلاد".

شارك