استمرار الخلافات التركية الأوروبية...وأنقرة تهدد

السبت 18/مارس/2017 - 07:25 م
طباعة استمرار الخلافات
 
تتواصل الانتقادات الأوروبية للحكومة التركية تجاه التصريحات الصادرة عن أنقرة مؤخرا واتهامات النازية للقيادات الغربية، ومحاولة استغلال التجمعات التركية لدعم التعديلات الدستورية، واظهار شعبية الرئيس التركى فى مواجهة معارضيه، والتهديد بافشال اتفاق اللاجئين مع أوروبا، واغراقها باللاجئين والمهاجرين.

استمرار الخلافات
من جانبه استبعد وزير الخارجية الألماني، زيجمار جابريل، انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن، مضيفا بقوله"تركيا اليوم أبعد من أي وقت مضى عن عضوية الاتحاد الأوروبي".
أكد فى حوار له  مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية أنه دائماً ما كان لديه شك في ذلك، لكنه كان أقرب إلى الأقلية داخل الحزب الاشتراكي التي تعتقد بوجود فرص لتركيا في الانضمام،  وعندما طرحت المستشارة انغيلا ميركل، فكرة الشراكة المميزة لتركيا بدلاً من العضوية، فإنه كان يعتبر هذه الفكرة آنذاك خاطئة "لكن الموقف تغير اليوم تماما من خلال خروج بريطانيا" 
ذكر جابريل أنه إذا كان الاتحاد الأوروبي يتفاوض مع بريطانيا على "علاقة خاصة"، فإن "من الممكن أن يكون ذلك بمثابة نموذج لدول أخرى".
شدد على انه إذا كنا نريد فهم اللعبة التي تحاك ضد رجب طيب أردوغان، فإنه يمكن القول إن "موقف فرنسا الذي اتخذته تجاه الاستفتاء التركي هو الموقف الأكثر ذكاء"، وذلك على حد تعبير المختص في العلوم السياسية والأستاذ في "جامعة السوربون باريس1" وجامعة "قلعة السرايا" بإسطنبول، أحمد إنسيل.
ومن المنتظر أن يصوت الأتراك ويدلون برأيهم في الاستفتاء المتعلق بتعزيز صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان فى ابريل المقبل، ولكن في الأسابيع الأخيرة، دخلت أنقرة في معركة كبيرة مع العديد من الدول الأوروبية، على غرار ألمانيا وهولندا بسبب رفضهم لإجراء مثل هذا الاستفتاء على أراضيهم، نظراً لأن أنقرة كانت قد هددت في السنة الماضية الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في اتفاقية الهجرة.
ومع مرور الوقت، تصاعدت حدة هذه التهديدات وأثارت جدلاً سياسياً كبيراً، مما أثار غضب ناخبي ومناصري أردوغان، المتواجدين خارج الأراضي التركية، وفي هذا السياق، فند أحمد إنسيل. أستاذ العلوم السياسية والأستاذ في "جامعة السوربون باريس1" في لقاء مع صحيفة "nouvel observateur" الفرنسية أبعاد الأزمة بين تركيا وبعض الدول الأوروبية، متوقعاً أن التوتر الحاصل بين الجانبين سيبقى حتى نهاية الاستفتاء بتركيا، موضحا أن الرئيس التركي يصر على إجراء هذا الاستفتاء خارج الحدود التركية، نظراً لأنه ليس متأكداً من فوزه في الاستفتاء داخل بلاده. فضلاً عن ذلك، هناك عدد كبير من الناخبين الذين لم تعد لهم ثقة كبيرة في وعود حزب العدالة والتنمية. لذلك، يحاول أردوغان حشد دعم الناخبين الأتراك المتواجدين في الخارج خاصة وأن أصوات بضعة آلاف من شأنها أن ترجّح كفة الميزان لصالحه.
نوه أنه بالرغم من التوترات الأخيرة، التي تصاعدت في الفترة الأخيرة، تساعد اردوغان على إظهار نفسه "كضحية" ساهم كل من الغربيين المسيحيين والأجانب في أذيّتها، كما ساهم موقف هولندا من الاستفتاء التركي في تعميق حدّة هذا الخلاف، فضلاً عن وجود اليمين المتطرف، الذي يُعرف بميولاته المعادية للإسلام، ولكن في الواقع، كلا الطّرفان مستفيدان من تعميق فجوة هذا الصراع. وفي الحقيقة، أثّر الموقف الهولندي على كل من الدنمارك وألمانيا اللتين رفضتا بدورهما السماح بإجراء الاستفتاء على أراضيها.
أكد أن هذه الأزمة السياسية التي تتخلل المشهد السياسي الدولي، ستتعقد أكثر وستستمرّ لبضعة أسابيع أخرى إلى حين إجراء هذا الاستفتاء، معتبرا أن الجدال مع أوروبا يعدّ بمثابة فرصة لأردوغان حتى يتمكن من الظفر بحشد قومي من حوله. من جهة أخرى، كان باستطاعة أردوغان التدخل عسكرياً في سوريا، إلا أن ذلك أصبح صعباً، نظراً للنفوذ الكبير الذي تملكه كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال.

استمرار الخلافات
أما في أوروبا، تعتبر تركيا دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ولكن في الواقع، يتم تعليق هذه المفاوضات، في كل مرة يتم فيها تناول هذا الترشح على طاولة مفاوضات الاتحاد الأوروبي. في المقابل، في حال قامت تركيا بإلغاء اتفاق الهجرة، فإن الاتحاد الأوروبي سوف يلغي كل المساعدات المزعم توجيهها إلى تركيا بين 2014 و2020. علاوة على ذلك، من المحتمل أن يعيد الاتحاد الأوروبي إمّا النظر في إمكانية إنشاء اتحاد جمركي أو تعليقه، أو إلغائه.
أضاف "بالرغم من أنها سوف تواجه الكثير من الانتقادات من اليمين واليمين المتطرف، إلا أن فرنسا اتخذت موقفاً صائباً خاصة وأن موقف كل من ألمانيا وهولندا، يعتبر غير مبرر وليس مناسباً بالمرة. ومن الواضح أن إجراء هذا الاستفتاء قد يكون سهلاً في فرنسا لأن نسبة الجالية التركية المتواجدة في فرنسا ضئيلة جداً، حيث أن حوالي 70 ألف تركي فقط مدرجون ضمن القوائم الانتخابية لهذا الاستفتاء. في المقابل، تعدّ نسبة الأتراك المتواجدين في ألمانيا أو هولندا، أكبر بكثير من فرنسا. ولذلك، يجب علينا أن نفهم خلفية بعض القرارات التي تتخذها بعض الحكومات الأجنبية.
ركز على أن الموقف الذي اتخذته فرنسا يعدّ الأذكى، وينم عن مسؤولية وحنكة سياسية كبيرة. لذلك، لا يجب على العديد من البلدان تعميق فجوة هذا الخلاف، خاصة عندما تدرك أن ذلك هو بالضبط ما يسعى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إلى الوصول إليه.

استمرار الخلافات
على صعيد أخر أكدت الحكومة الألمانية أن اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تعتبر في تقييمها "ناجحة" بعد مرور عام على إبرام الاتفاقية، وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية جيورج شترايتر "ننظر إلى الاتفاقية على أنها نجاح مشترك... الاتفاقية فعالة، خاصة وأنها أدت إلى تراجع واضح في عدد الوفيات في بحر أيجة والتهريب غير الشرعي للبشر في المنطقة".
ذكر شترايتر أن كافة الأطراف من مصلحتهم الاستمرار في تطبيق هذه الاتفاقية، وقال: "نتوقع أن تفعل تركيا المثل أيضا". وبحلول يوم غد السبت يكون قد مر عام على إبرام الاتفاقية، التي ترى المفوضية الأوروبية أيضا أنها ناجحة بسبب التراجع الملحوظ في عدد المهاجرين الذين يصلون من تركيا إلى اليونان، وبالتالي إلى الأراضي الأوروبية. 
جاء هذا التصريح بعد أن هدد وزير الداخلية التركي الجمعة بأن بلاده يمكن أن ترسل 15 ألف مهاجر شهريا إلى أوروبا التي وقعت مع أنقرة اتفاقا حاسما يحد من تدفق اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي.
 وصرح سليمان سويلو "إذا أردتم بوسعنا أن نفتح الطريق المجال أمام 15 ألف لاجئ لنرسلهم إليهم كل شهر".، أضاف "علينا أن نذكركم بأنه ليس بإمكانكم ممارسة الألاعيب في المنطقة وأن تتجاهلوا تركيا". كما انتقد سويلو حظر التجمعات المؤيدة للاستفتاء حول توسيع صلاحيات الرئيس التركي في عدد من المدن الأوروبية، خصوصا في ألمانيا وهولندا. وتابع "هل سيتغير الدستور في ألمانيا أو في هولندا؟ إنه شأن داخلي يخصنا. ماذا سيؤثر عليكم؟ لماذا تتدخلون؟".
تشهد تركيا أسوا أزمة دبلوماسية لها مع الاتحاد الأوروبي منذ سنوات وهي بدأت بعد رفض بعض الدول الأوروبية السماح بمشاركة مسؤولين أتراك في تجمعات مؤيدة لأردوغان في إطار استفتاء تنظمه تركيا في 16 ابريل 2017.

شارك