دول الخليج تكافح تنظيم "الدولة الإسلامية" لكنها ضعيفة أمام مكافحة أيديولوجيا الإرهاب

الخميس 23/مارس/2017 - 04:43 م
طباعة دول الخليج تكافح
 
ماذا تستفيد  دول الخليج من هزيمة داعش ؟ وماهي اشكال الدعم المقدم لها  ؟ وماهي المخاوف الموجهة للخليج وخاصة من ايران ؟ اسئلة مهمة طرحتها الباحثة لوري بلوتكين بوغارت في معهد واشنطن. وقدمت 6 نقاط مهمة في هذا الملف الشائك  كمايلي 
1.  لدول الخليج مصلحة مكتسبة قوية في هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق وغيرهما. بالنسبة إلى عدة بلدان من الخليج، لا يشكّل تنظيم «داعش» تهديداً للمنطقة فحسب، إنما أيضاً تحدّياً أمنيّاً محليّاً. فقد نفّذ تنظيم «الدولة الإسلامية» في المملكة العربية السعودية عدة عمليات تفجير وإطلاق نار فتاكة استهدفت المدنيين وأفراد الأمن والأجانب منذ أواخر عام 2014. وفي الكويت، كان متآمرو تنظيم «داعش» مسؤولين عن أكبر هجوم إرهابي مميت في تاريخ البلد في حزيران/يونيو 2015. أما في جزيرة البحرين، فقد شكّل ردع هجمات تنظيم «الدولة الإسلامية» الانتحارية كالتي نُفّذت في السعودية والكويت هاجساً أساسيّاً. فأسهم بلدان الخليج في الحملة ضد تنظيم «داعش» مرتفعة بشكلٍ خاص، لأن إرهابيي تنظيم «الدولة الإسلامية» داخل حدودها مرتبطون مباشرةً بالشبكات الخارجية لـ تنظيم «داعش».
2. ما زال شركاء الخليج قلقين من أن تؤدي الهزيمة الإقليمية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى تحقيق إيران  وحلفائها مكاسب إقليمية. ترى عدة بلدان خليجية أن إيران هي أخطر ما يهددها على المدى الطويل، حتى أكثر من تنظيم «داعش». لذلك، تعتقد هذه البلدان أن أي حملة ضد المجموعة يجب أن تشمل ترتيبات عسكرية وسياسية لمنع إيران وحلفائها من توسيع نفوذهم. فكما أشار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 21 شباط/فبراير، يجب أن يتمثّل هدف التحالف في تحرير المنطقة من تنظيم «الدولة الإسلامية» من دون السماح لـ «حزب الله» أو طهران أو نظام الأسد في سوريا بتعبئة الفراغ. وعلى غرار تهديد تنظيم «داعش»، فللتهديد الذي تشكّله إيران على الخليج عامل محلي واضح – حيث تتخوف كلٌّ من السعودية والبحرين والكويت بشكلٍ خاص من الدعم الإيراني للنشاط النضالي داخل حدودها.
3. يبدو أن تأمين المزيد من الدعم العسكري في الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» يشكل أهمية لبعض بلدان الخليج. في الشهر الماضي، أكّد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مرة أخرى أن بلاده والدول الخليجية الأخرى مستعدة لتأمين قوات خاصة لدعم قوات الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش». كما أشار إلى أن "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب" الذي يتألف من واحدٍ وأربعين عضواً والذي تم تأسيسه في كانون الأول/ديسمبر 2015 بقيادة السعودية – وهو مختلف عن التحالف السعودي الأصغر ضد الثوار الحوثيين في اليمن – مستعد لتأمين قوات برّية. وفي 16 آذار/مارس، نقلت صحيفة "الحياة" العربية التي تملكها السعودية أن التحالف ضد الإرهاب ينظر في مسألة نشر قوات يصل عددها إلى 40.000 لتحقيق هذه الغاية. وكانت كل من الرياض والإمارات العربية المتحدة قد أعربت عن استعدادها لدعم قوات الولايات المتحدة عبر قواتها؛ وفي الواقع، يتواجد عدد غير محدد من الجنود الإماراتيين على الأراضي السورية. وستشكّل زيادة فرق التحالف هناك من عدة بلدان خليجية نقطةً سياسيةً هامة (وإن حساسة) في الحملة.
قد تكون إعادة التعبير مراراً عن الدعم العسكري مرتبطة بتطوّرين هما: قرار الولايات المتحدة بتصعيد القتال من خلال نشر قوات برّية في سوريا، وتصوّر الخليج أن الإدارة الجديدة في واشنطن ستعتمد مقاربة أقسى إزاء سياسات إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار. إلا أن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن تبقى أولويةً بالنسبة إلى زعماء الخليج، وخاصةً في الرياض وأبوظبي. ويرى السعوديون أن التهديد المتأتي من الحوثيين الذين تدعمهم إيران على حدودهم الجنوبية هو تهديد وجودي، فيما تتخوف الإمارات بشكلٍ خاص من نمو تهديد المتطرفين الإسلاميين في اليمن. ولا يُرجَّح أن تتغيّر هذه الأولويات في السياسة الخارجية في أي وقتٍ قريب.
4.  قد تكون دول الخليج مستعدة لتوسيع الدعم في حملة الحكومة العراقية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» والجهود التي تليها لإرساء الاستقرار. في 25 شباط/فبراير، قام الجبير بزيارة تاريخية إلى العراق – وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها مسؤول سعودي رفيع المستوى خلال سبعة وعشرين عاماً. وتلت هذه الخطوة تعيين سفير سعودي في بغداد في عام 2015، عبر إعادة فتح السفارة التي أُغلقت لأكثر من عقدين من الزمن. وربما أن ما أدى إلى هذا التقارب الدبلوماسي هو رغبة الرياض في زرع النفوذ في العراق قبل الهزيمة المتوقَّعة لـ تنظيم «داعش». وتؤدي الكويت أصلاً من جهتها دوراً قيّماً في تسهيل أنشطة بغداد لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية». ومع المضي قدماً، لا بد من أن تدعم واشنطن زيادة مشاركة الخليج لمعلوماته الاستخباراتية مع العراقيين حول بعض المسائل كالمقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى عمليات نقل المعدات السعودية من دون قيود إلى الجيش العراقي و"جهاز مكافحة الإرهاب" (ربما بشكلٍ غير مباشر).
5.  على الرغم من الضغوط المتعلقة بالميزانية، يمكن توقّع أاستمرار دول الخليج في تأمين موارد هامّة لأزمة اللاجئين في البلدان المجاورة، وكذلك للنازحين داخل سوريا والعراق.  لا يبدو أن ميل عدة حكومات خليجية مؤخراً إلى عدم هدر الأموال له أثر ملموس في نفقاتها الأمنية الإقليمية. فالضغوط التي تسيء إلى استقرار الخليج دفعت معظم الأنظمة الملكية إلى معالجة أزمة اللاجئين من خلال تمويل البلدان الأخرى المستضيفة إلى حد كبير بدلاً من استيعاب هذه الأنظمة بنفسها للنازحين السوريين. وشكّلت الإمارات نوعاً ما استثناءً مرحّباً به في هذا الصدد.
6.  قامت دول الخليج بأنشطة ملحوظة لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» على أراضيها، لكن سجلها يتفاوت إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بالمكافحة الشديدة لإيديولوجيا الإرهاب وتمويله. حاكمت معظم بلدان الخليج أفراداً بسبب الدعم المالي أو الإيديولوجي أو اللوجستي أو أي دعمٍ من نوعٍ آخر لـ تنظيم «داعش». وبرزت أبوظبي كشريكٍ مهم بشكلٍ خاص في الرسائل المضادة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» وفي أعمالٍ أخرى لمكافحة إيديولوجيتها بسبب تشديدها القوي نسبيّاً على التسامح الديني في الوطن. وحرّكت الرياض عدة مؤسسات حكومية ضد تهديد تنظيم «داعش» وهي شريك مهم في مكافحة تمويل هذا التنظيم. لكن ما زالت عدة حكومات خليجية تتمتع بتحالفات تكتيكية وعلاقات أخرى مع مجموعات محافظة جدّاً داخل بلدانها (وأحياناً خارجها)، مما يعقّد الحملات الأوسع نطاقاً لمكافحة الإرهاب. وبناءً على ذلك، قد تكون المكاسب التكتيكية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» عابرة -  فالحرب الأوسع ضد الجهاديين ستستمر حتماً لفترة أطول من دون المزيد من الجهود الخليجية العدائية في هذا الصدد.

وباختصار، تشكّل هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق وغيرهما، كما يشكّل إرساء الاستقرار والأمن عقب ذلك هدفيْن إقليميين أساسييْن يتفق عليهما كل من الولايات المتحدة وشركائها في الخليج بوضوح. فبوجه تنامي تعقيد البيئة العملانية، على واشنطن انتهاز الفرص البارزة لتوسيع التعاون الخليجي من أجل تحقيق هذين الهدفين. كما من المفيد الآن تقديم الإشادة والمكافآت للشركاء الذين يكافحون بشدة إيديولوجيا الإرهاب وتمويله، أو يقومون بمبادرات حقيقية من أجل المساعدة على منع البروز القادم لـ تنظيم «الدولة الإسلامية».


شارك