أهالي الرقة دروع بشرية لداعش ضد قوات التحالف

الأربعاء 29/مارس/2017 - 02:36 م
طباعة أهالي الرقة دروع
 
نشرت وكالة الاسوشيتد برس الأمريكية تقريرا عن أوضاع سكان مدينة الرقة، خاصة وأن التنظيم يستخدمون الأهالي كدروع بشرية للاحتماء من غارات قوات التحالف الدولي
وأشار التقرير إلى أنه بينما تتراجع قوات التحالف الدولي المدعومة من الولايات المتحدة فعليا عن عاصمة الدولة الإسلامية، فإن مسلحون التنظيم يستخدمون السكان المدنيين من مدينة الرقة كدروع بشرية للإختفاء وراءهم كاستراتيجية جديدة انتهجها تنظيم الدولة.
حيث تم تطويق المدينة السورية بالألغام الأرضية ونقاط التفتيش على الطرق داخل وخارج المدينة السورية لمنع هرب سكانها، كما وجه التنظيم عناصره بارتداء السراويل الفضفاضة والقمصان الطويلة، مما يجعل من الصعب تمييز المسلحين عن المدنيين.
ويعيش مئات إن لم يكن آلاف السوريين ممن فروا من مناطق أخرى في البلاد الآن في خيام في الشوارع، بعدما تهدمت منازلهم جراء الحرب والقصف وهم عرضة لقصف الطائرات الحربية أو الحروب البرية. 
ويقدر عدد السكان المحاصرين بنحو 300 ألف شخصا، يعيشون في أحد الأحياء في حالة من القلق المروع حول كيفية العثور على منفذ أمان سواء كان من الهجمات الإرهابية أو من قوات التحالف. حيث تتهددهم الغارات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة المدينة بشكل يومي تقريبا، والتي تضرب الأحياء الشمالية بشكل رئيسي، وسط تقارير عن مقتل مدنيين بسبب الضربات في القرى المجاورة. 
كما أن المنشورات التي أسقطتها طائرات التحالف تعطي اتجاهات مربكة - أحدهما يشير إلى أن المناطق القريبة من نهر الفرات أكثر أمنا، ولكن آخر يحذر من أن القوارب التي تعبر النهر سيتم استهدافها.
في الوقت الذي أعلن فيه التنظيم عبر مكبر صوت أحد المساجد أن الضربات الامريكية قصفت أحد السدود الغربية، مطالبا السكان بالفرار من الفيضانات الوشيكة، الأمر اذي استجاب له آلاف السكان ليلوذوا بالفرار. ووفقا لأحد النشطاء والذي على اتصال مع الناس داخل المدينة إن المسلحين سمحوا للسكان الفارين بالدخول إلى الريف الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية في مكان قريب، وذلك بعدما تركوا ممتلكاتهم، ولكن وبعد عدة ساعات، أعلن المسلحون أنه كان إنذارا كاذبا وحث الجميع على العودة.
وقال الناشط إن "الناس لا يعرفون إلى أين يذهبون"، قائلا إن السكان كانوا محاصرين بين الغارات الجوية والألغام الأرضية ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يختلطون بين المدنيين.
ولمعرفة حقيقة المشهد في الرقة تحدثت وكالة أسوشييتد برس إلى أكثر من 12 شخصا من ذوي المعرفة بالمدينة، بما في ذلك السكان الذين ما زالوا هناك أو الذين هربوا مؤخرا، والناشطين مع المنظمات المتابعة للأحداث من الداخل من خلال الاتصالات، وكذلك الدبلوماسيين ، والجيش الأمريكي وجماعات المعونة. وتحدث جميعهم تقريبا بشرط عدم الكشف عن هويتهم أو خوفهم من حياتهم أو على حياة اتصالاتهم.
وتقول الوكالة في تقريرها أن الحصول على المعلومات بما يحدث في الرقة أمر صعب للغاية، في ظل بحث المسلحون باستمرار عن "الجواسيس"، وطبقا لأحد الناشطين فإن التنظيم أعدم مؤخرا شخصين بسبب الاشتباه فى اتصالهما بالائتلاف، حتى الولوج إلى الإنترنت فهو موجود فقط في عدد قليل من المقاهي المعتمدة، حيث يجب على المستخدمين بالإدلاء عن أسماء وعناوين التي يقومون بالاتصال بهم، كما أنهم عرضة للتفتيش المفاجئ من قبل مقاتلي الدولة الإسلامية، والذين يصرخون في وجه الجميع لرفع أيديهم عن شاشات الكمبيوتر حتى يتمكنوا من تفتيشها.
وتعد الرقة، هي المعركة الكبرى القادمة ضد تنظيم داعش بينما تدفع القوات العراقية لاستكمال إعادة السيطرة على مدينة الموصل شمال العراق بعد قتال دام ستة أشهر كاملة، أما بالنسبة لمعركة مدينة الرقة، ستشارك قوة مؤلفة من عدة عرقيات من المقاتلين السوريين، والأكراد وبدعم من القوات الخاصة الأمريكية والمدفعية والقوات الجوية، التي كانت تقوم بمناورة لعزل المدينة.
وتتزايد المخاوف بشأن الخسائر بين صفوف المدنيين، حيث قالت منظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء إن هناك ارتفاع حاد فى الخسائر فى صفوف المدنيين، الأمر الذي يشير إلى أن التحالف لا يتخذ الاحتياطات الكافية فى غاراته الجوية. وقالت الولايات المتحدة انها تعكف حاليا في التحقيق فى مقتلهم، بيد ان المسؤولين الامريكيين والعراقيين اقترحوا ان يقوم المسلحون بتفجير المنازل والقاء اللوم على التحالف.
وقد أبعد تنظيم الدولة الإسلامية معظم مقاتليه الأوروبيين وأرسلهم شرقا إلى منطقة دير الزور، ووفقا لما ذكره أحد الناشطين في مجال الصوت والصورة، أحد سكان الرقة فإن إياس داس، محرر موقع الرقة بوست، وهو موقع للمعارضة على شبكة الانترنت، ويقوم بتوثيق الفظائع التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية والحكومة السورية.
أهالي الرقة دروع
واضافوا ان التنظيم يسعى لحماية مقاتليه الأجانب بإرسالهم إلى دير الزور وإبعادهم عن الرقة دلالة على أن التنظيم بصدد إرسالهم مرة أخرى إلى بلدانهم لتنفيذ هجمات إرهابية.
ويقود المقاتلون السوريون والعراقيون بالدفاع في الرقة، مدعومين بتعزيزات من القوات المنسحبة من الموصل وأجزاء أخرى من العراق. ووفقا لمصدر الوكالة فإن هناك حوالى الفى مقاتل وعائلاتهم فى طريقهم من العراق، وأن العديد منهم موجودون بالفعل فى الرقة. وقدر رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هناك أكثر من 4 آلاف مقاتل في المدينة.
وقامت عناصر مسلحة في وقت سابق من هذا الشهر، باستخدام مدفعيتهم في المدينة للمرة الأولى، مما يدل على مدى قرب القوات الديمقراطية السورية التي يقودها الأكراد، وحيث تمركزت قوات الدفاع الذاتى فى مواقع بالشمال والغرب والشرق، ويقع أقرب مركز لها على بعد حوالى 8 كيلومترات من الشمال الشرقي للرقة.
وكانت قوات التحالف قد استولت على 18 جسرا بما في ذلك الجسور الرئيسية من المدينة عبر نهر الفرات. وركزت الغارات الجوية أيضا على القاعدة السابقة للقسم السابع عشر للجيش السوري، شمال المدينة، وهي الآن قاعدة كبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية، ووفقا لرواية النشطاء فإن معظم مبانيها تم تدميرها بالكامل. 
وكانت الطائرات التابعة لقوات التحالف قد ألقت بمنشورات بحجم الفاتورة تحذر فيها الأهالي من الضربات الوشيكة، وقال التحالف ان اكثر من مليوني منشور قد تم اسقاطهم خلال اسبوعين.
وطبقا لتقارير النشطاء فإن داعش يستخدم القوارب والعبارات لنقل الأسلحة والمقاتلين، وأن الأهالي لا يستخدمون العبارات أو القوارب، خوفا من الغارات الجوية التي يقودها التحالف ضد التنظيم. 
للفرار من المدينة فإن تهريب الأهالي أصبح تجارة يتربح منها المهربين سواء كانوا عناصر من التنظيم أو من المهربين العاديين، فتكلفة الشخص تتراوح من 300 إلى 500 دولار للشخص الواحد، وأحيانا تصل إلى ألف دولار مقابل الخروج من المدينة.
ويتعرض أولئك الذين يصلون إلى المناطق التي يسيطر عليها جيش الدفاع للخطر من العودة إلى الوراء ما لم يكن لديهم شخص يشهد لهم، وفقا لمهاب ناصر، وهو ناشط من محافظة الرقة، فإن بعض مقاتلى قوات الدفاع الذاتى رفضوا دخول بعضهم، مشتبهين فى انهم متسللون من الدولة الاسلامية او متعاطفون معها.
بينما يرجع بعض الناشطون في تركيا إن تكلفة التهريب من سوريا بالكامل تتراوح من 3000 إلى 4000 دولار للشخص الواحد، كما تقوم تركيا بكسر المعابر، ولذلك يوجد عدد قليل من سكان الرقة في جنوب تركيا، حيث فر مئات الآلاف من السوريين من الحرب الأهلية.

شارك