قانون اللجوء الألمانى يزيد من أزمة المهاجرين..وميركل فى حيرة

الأحد 02/أبريل/2017 - 06:59 م
طباعة قانون اللجوء الألمانى
 
المانيا وازمات المهاجرين
المانيا وازمات المهاجرين
يتزايد الجدل فى المجتمع الألمانى بعد تعديل قانون اللجوء وتشديده، ازداد عدد اللاجئين الذين يتم ترحيلهم أيضا وخاصة مع تزايد ضغط الرأي العام على الحكومة بعد حوادث إرهابية اتهم فيها لاجئون، لكن هل يتم ترحيل من يجب ترحيله فعلا، أم الشخص الخطأ حسب المنتقدين؟
يأتى ذلك فى سياق موجة اللجوء التي شهدتها ألمانيا عام 2015 ودخول أكثر من مليون لاجئ إلى البلاد، تحولت إلى أزمة ذات أبعاد متعددة. وقد استغلت بعض الفئات تلك الأزمة لتحقيق مكاسب ليس مادية فحسب وإنما سياسية أيضا وخاصة من قبل الحركات والمجموعات اليمينية المتطرفة واليمين الشعبوي المتمثل بحزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي ارتفعت شعبيته بشكل كبير ودخل برلمانات بعض الولايات.
هذه الأزمة بوجوهها المتعددة دفعت الحكومة الألمانية إلى التحرك والبحث عن حلول لها، وتخفيف حدتها وسحب البساط من تحت أقدام من يستغلون الأزمة ويسثمرونها سياسيا مثل اليمين الشعبوي. فلجأت إلى تشديد قانون وإجراءات اللجوء وتسريع البت في طلبات اللجوء وخاصة للقادمين من بلدان تصنف على أنها آمنة. التشديد شمل وقف لم الشمل العائلي أيضا للاجئين الذين يحصلون على حق الحماية الجزئية فقط.
اللاجئون أزمة المانيا
اللاجئون أزمة المانيا
إلى جانب تلك الإجراءات زادت الحكومة الألمانية من سرعة ترحيل اللاجئين الذين تم رفض طلباتهم إلى بلدانهم الأصلية، حتى تحول الأمر إلى ما يشبه "السباق" بين بعض الولايات والمدن على ترحيل أكبر عدد من اللاجئين وبأسرع ما يمكن!، ولتسريع الترحيل وتنفيذه بنجاح ناقشت الحكومة عدة خيارات وإجراءات منها إنشاء "مركز دعم العودة" الذي يتولى مهمة ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم ولا يحق لهم البقاء في ألمانيا وبالتالي عليهم مغادرة البلاد فورا. حول هذا المركز وفي إطار رده على سؤال لكتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني، قال وزير الداخلية توماس دي ميزير، إن المركز سيركز على ترحيل الجناة أو من يعرفون بالأشخاص الخطرين.
ويتساءل متابعون : هل يتم فعلا ترحيل الجناة والخطرين ومن يشكلون عبئا على الدولة والمجتمع؟ منتقدو هذه الإجراءات وعمليات الترحيل، يقولون إنها "تتم بسرعة كبيرة وبشكل عام دون تمييز" أي دون تدقيق في الأوضاع الشخصية والعائلية للمرحلين مثلا، حيث "هناك الآن 230 ألف لاجئ ملزمون بمغادرة البلاد وبينهم كثيرون يعيشون في ألمانيا منذ أكثر من أربع سنوات وقد اندمجوا بشكل جيد في المجتمع، وعلى هؤلاء أيضا أن يغادروا! حيث لا يتم التمييز لدى الترحيل، وهذا لا يجوز" يقول ريشارد أرنولد، عضو حزب المستشارة ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي وعمدة مدينة "شفيبيش غيموند" في ولاية بادن فورتتمبرغ.
أضاف أرنولد انتقاده بأنه يتم "ترحيل الأشخاص الذين يمكن الوصول إليهم، وهؤلاء هم من يعيشون بشكل نظامي، الذين يذهبون إلى المدارس ومن حصلوا على شهادة أو بدأوا تأهيلهم المهني. وبينهم من اندمجوا فعلا في المجتمع ويعملون ويدفعون (المبالغ المطلوبة) لصندوقي التأمين الصحي والتقاعد".
وقد تم ترحيل 25 ألف شخص خلال عام 2016 وحوالي 55 ألف عادوا طواعية إلى بلدانهم بعد رفض طلبات لجوئهم. ولزيادة عدد هؤلاء وتشجيعهم على العودة طواعية خصصت الحكومة الألمانية 40 مليون يورو إضافية، حيث يحصل العائد طواعية على مساعدة مالية ليستطيع بدء حياة جديدة في وطنه.
وترصد تقارير أن أكثر الذين يتم ترحيلهم بنجاح هم الأفغان، حيث تتعاون حكومة كابول مع الحكومة الألمانية في هذا الإطار. وقد تعرضت برلين لانتقادات بسبب اعتبارها أفغانستان بلدا آمنا ترحل إليها اللاجئين رغم غياب الأمان وما تشهده من صراع مسلح. وفي هذا الإطار قال زعيم حزب الخضر في ألمانيا جيم أوزديمير، في تصريحات لصحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية، إن أفغانستان ليست دولة آمنة و"لا يصح ترحيل الناس إلى البلاد غير الآمنة." وبرر ذلك بالإشارة إلى تقييم الأمم المتحدة للأوضاع الأمنية قائلا: "مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يصنف أفغانستان كدولة خطيرة".
كذلك انتقدت منظمة "برو أزويل" المدافعة عن اللاجئين الترحيل إلى أفغانستان قائلة إن الوضع هناك كارثي سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية، وطالبت في بيان لها بوقف "عمليات الترحيل إلى أفغانستان فورا وضمان حق البقاء لمن يشملهم الترحيل".
إلا أن  الحكومة ترفض تلك الانتقادات وتقول إنها تفحص ملف كل لاجئ على حدة قبل ترحيله، وقال وزير الداخلية توماس دي ميزير في تصريحات نهاية العام الماضي ردا على الانتقادات، إن بين من يتم ترحيلهم مدانون بجرائم جنائية خطيرة بينها السلب والاغتصاب والقتل وهناك من تم نقله من السجن إلى المطار مباشرة، وقال إن الوضع في أفغانستان لمن يتم ترحيلهم "آمن بما يكفي"، ووصف دي ميزير عمليات الترحيل الجماعي للأفغان بالخطوة "الصحيحة والضرورية" من أجل حماية نظام اللجوء في البلاد.
المانيا من احتواء
المانيا من احتواء اللاجئين الى تشديد قبولهم
من جانبها كشفت  المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن اللاجئين الذين يتطلعون إلى بناء حياة في ألمانيا، يتعين أن يكونوا منفتحين للعيش في المناطق الريفية والمناطق الأقل كثافة سكانية بدلا من المدن الكبرى، وإظهار حب الاستطلاع بعض الشيء بشأن الثقافة الألمانية.
أقرت ميركل بأن الكثير من المهاجرين يفضلون العيش في المدن الكبرى، لكنهم يجدون أن الإقامة هناك غالبا ما تكون صعبة. وتابعت "بالتالي أنصح (اللاجئين) بالإقامة في المناطق الريفية.. حيث إنها ربما تكون للوهلة الأولى غير جذابة. ونظرا لأنه غالبا في تلك المناطق يمكن أن يعتني الناس بشكل أفضل بمصالح اللاجئين ودمجهم".
أضافت أن الوافدين الجدد إلى ألمانيا يتعين أن يتبنوا "قيم هذا البلد القائمة على التسامح والانفتاح والحرية الدينية وحرية التعبير".
يذكر أن ألمانيا استقبلت أكثر من مليون مهاجر ولاجئ منذ العام 2015، وتتعامل منذ ذلك الحين مع ضغوط سياسية واجتماعية تتعلق بدمج الوافدين الجدد في مختلف أنحاء البلاد.
ومجددا دافعت ميركل قبل يومين عن سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها في استقبال المهاجرين، وأوضحت في مؤتمر عقد بمالطا الخميس أن أوروبا "تجاهلت الأمر" عندما بدأت أزمة سوريا في الظهور.
واعترفت  أن "الحقيقة هي أننا أشحنا بوجوهنا بعيدا عندما كانت القضية هي تمويل مخيمات اللاجئين.. لم نبدِ اهتماما كافيا.. لذا تورطنا في أزمة إنسانية، وهذا هو السبب في أننا استقبلنا لاجئين لأننا أهملنا كثيرا من قبل".

شارك