شباب الإخوان في السودان.. وديمقراطية التركيع

الأربعاء 05/أبريل/2017 - 03:47 م
طباعة شباب الإخوان في السودان..
 
منذ نجاح ثورة ٣٠ يونيو، والتي أطاحت بحكم جماعة الإخوان، يعانى شبابها من أزمات فى الإعاشة والتمويل، خاصة بعد هروب بعضهم للسودان، خشية الملاحقات الأمنية بعد تورطهم فى قضايا إرهاب وعنف تجاه الدولة.
شباب الإخوان في السودان..
الأيام الماضية شهدت تجدد الأزمات الإخوانية، والتي كان آخرها الأحد الماضي، بعد ما كشفت مجموعة من الشباب عبر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن طردهم من مقر إقامتهم بالسودان من قبل المسئولين عن التنظيم هناك، والمحسوبين على جبهة محمود عزت القائم بأعمال المرشد.
وقد كشف أحد شباب الإخوان الهاربين إلى تركيا، ويدعى محمد حسنى، عن تفاصيل جديدة في فضيحة طرد التنظيم عناصره في السودان، وتركهم يفترشون الأرصفة، موضحًا أن هذه ليست المرة الأولى، بل جرت أحداث مماثلة في تركيا.
وقال حسنى، الذى كان يقيم في السودان من قبل، في تصريحات لجريدة «الدستور»، إن قيادات التنظيم يتعاملون مع الشباب الهارب بمنطق الكفيل، حيث يجمعون جوازات سفرهم مقابل توفير سكن لهم، ويحظرون عليهم لقاء أي شخص أو الذهاب لأى مكان دون الحصول على إذن من مسئول السكن التابع للمكتب التنفيذي، ويمنعون أي شخص من زيارتهم أو الجلوس معهم بمقر السكن حتى لو من الإخوان، ويمنع عليهم أي تجمعات، على الرغم من أن كل تحركاتهم مراقبة بشكل كامل، مشيرًا إلى أن زميلًا لهم تعرض للفصل والطرد من السكن لأنه استضاف زميلًا آخر للإفطار معه بشهر رمضان.
وأضاف أن الحال نفسه بالنسبة لشباب الإخوان المقيمين بتركيا، مؤكدًا أنه يحدث معهم نفس الممارسات والضغوط وكل من يخالف الأوامر يتم التعامل معه على أنه خارج ومنشق، ويتم إعلان ذلك وأحيانًا يتم إبلاغ الأمن عنه.
وأشار إلى أن هناك عددًا كبيرًا من شباب التنظيم تم طردهم من السكن الخاص بهم في تركيا، متهمين إياهم بسوء السلوك، وتدخين السجائر، وارتكاب أعمال سرقات.

شباب الإخوان في السودان..
وتواصلت موجة الغضب من جانب القيادات الشابة، وقال القيادي، محمد عباس، المطرود من السودان، إن «أزمة طرد شباب الإخوان من السكن في الشارع عن طريق القيادات ليست غضبًا لحظيًا من الممكن التراجع عنه، لكن للأسف هذا الجيل من القيادات تربى على منهج المتساقطين على طريق الدعوة، والجندية في العمل الجماعي، وأخيرًا ركن الثقة، وهى مفاهيم مبتورة من سياقها لحماية التنظيم لا أفراده وفكرته».
من جهة أخرى، أكد مصدر في إحدى القنوات الإخوانية، أن مكاتب إدارة الجماعة في إسطنبول أصدرت تعليمات لجميع وسائل الإعلام التابعة للتنظيم بتجاهل الأمر وعدم تناوله نهائيًا.. جاء ذلك، فيما لم يصدر أي بيان أو رد رسمي من قيادات التنظيم الإرهابي، لتوضيح موقف مكتب الإرشاد من الأزمة. وكشف مصدر قيادي داخل التنظيم، في تصريح صحفي بأنه سيتم فتح تحقيق للوقوف على الأسباب الحقيقية للواقعة استجابة لطلب قيادات التنظيم، موضحًا أنه سيتم التحقيق مع قيادات المكتب التنفيذي في السودان، وهم: المهندس محمد فريد، ومحمد الحلوجى، والمهندس محمد عيسى، وحسام الكاشف باعتبارهم المسئولين عن الأزمة.

شباب الإخوان في السودان..
فيما قال هشام النجار، الباحث في شئون التيارات الإسلامية: إن طرد الكماليين بالسودان، هو ترسيخ للانقسام داخل التنظيم، وتعتبر مرحلة أكثر وضوحا في التمايز بين الطرفين المتنازعين.
وأكد النجار في تصريح صحفي إن ذلك يكشف أن هناك حرب بيانات وتصريحات وتمايز في المواقف السياسية، وخروجا لشخصيات ذات رمزية وثقل، كوجدي غنيم، وهذا يشير لمرحلة ستشهد تمايزًا أعمق في الانقسام والانشقاق داخل التنظيم.
وأضاف النجار، أن ما يحدث بين جبهة الكماليين وجبهة محمود عزت، ليست إشعالا للصراع، وإنما هي تفكيك العلاقات وفتح الباب للانقسام الفعلي داخل الجماعة الإرهابية.
ومن جهة اخرى وفي نفس السياق تواصلت  جريدة البوابة نيوز مع الشباب المطرود للوقوف على حقيقة الأمر، حيث قال حسن المصري، أحد شباب الجماعة: المهندس حسام الكاشف جاء لنا برسالة من الإخوان قال فيها «بلاغ من الإخوان لكل أخ على حدة، اللى شايف إن الجماعة كويسة ومفيش فيها أخطاء فهو معنا، واللى شايف أخطاء ويصلح من الداخل فهو معنا، وما عكس ذلك يترك الجماعة فهو وما يرى وله علينا حق الإسلام وحق الأخوة، وحق رفقة الدرب وحق التكافل» حسب تعبيره.
وتابع المصرى: «من حوالى شهرين أو شهر ونصف تم إبلاغنا من خلال مدحت رضوان، والمهندس طارق سيف: «إن فيه مجموعة من الشباب عليهم إخلاء السكن في خلال ٤ أيام، ولما سألنا السبب قالوا (إنكم تبع نحو النور والمكتب العام) ولما مخرجناش عشان مفيش مكان نروح فيه الوضع هدأ لحد أسبوع ماض، وبعد ما تم الإبلاغ بإخلاء السكن».

شباب الإخوان في السودان..
وجاء في الفيديو الذى تداوله الشباب على «فيسبوك»: «أن مجموعة محمود عزت القائم بأعمال المرشد، أخلوا السكن الجمعة الماضية». واستكمل محمد طلبة، ثاني الشباب الذى تواصلت معهم «البوابة»، لمعرفة ما جرى خلال الأيام الماضية، وقال: «بعد ما تم إرسال التهديدات لنا حاولنا التواصل مع المنظمة عشان نحاول نوصل لحل ونكون مستكملين في السكن لحد ما نوصل لرد، ولكن لم يصل لنا أى ردود».
وعن التهديدات التي نشرتها جبهة القيادات التاريخية للشباب قال طلبة: «إن الجبهة بدأوا تشويههم واغتيالهم معنويًا بالترويج عنهم بأنهم مسئولون عن انفجار أركويت بالسودان»، مكذبًا هذه الاتهامات: «نحن لم نكن سببا في تورط الجماعة أبدا ومن أخذ قرار العمل النوعي هو من قرر إلغاءه».
ورفض «طلبة» أن يقوم الشباب بالتواصل مع قادة جبهة «العواجيز» وعلى رأسهم محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، والذى أكد أنه مازال متواجد داخل مصر، أو محمود حسين، أو إبراهيم منير، معللًا ذلك بأنهم أصحاب الخراب الذى يعانى منه الشباب الآن داخل وخارج الجماعة.
ووصف الشاب الإخوانى، أن ما فعلته الجبهة لم يفعله أعداء الجماعة، بقوله: «المطاريد من السكن من بينهم أطفال ونساء وهم الآن يعيشون فى شوارع السودان، دون مأوي، وعند ما طلبنا منهم استكمال النساء والأطفال العيش داخل السكن رفضوا، وطلبوا منهم الاعتذار المكتوب لقبول استمرارهم في السكن».
بينما قال رامي ناصف، أحد شباب الجماعة، إن مصير بعض الشباب الآن إما الذهاب إلى سوريا أو العراق، للالتحاق بجماعات وتنظيمات والمشاركة في حرب للموت «شهيد»، أو العودة إلى مصر، ومن ثم الانضمام إلى جماعات أو القبض عليه وتسليمه إلى المحكمة لإجراء محاكمته.

شباب الإخوان في السودان..
ومن جانبه قال عبد الواحد إبراهيم، الأمين الإعلامي للجبهة الوطنية العريضة المعارضة في السودان، إن الانشقاق الواقع في صفوف عناصر جماعة الإخوان الهاربين إلى السودان بين الشباب والقيادات له علاقة بالانشقاق الذي حدث في مصر بين الشباب والقيادات منذ فترة قريبة، لرفض القيادات الأخذ برأي الشباب والتشاور معهم.
وأضاف إبراهيم في تصريحات صحفية :"عناصر جماعة الإخوان الهاربين من مصر إلى السودان يعيشون في مجموعات كل مجموعة تتألف من 10 أفراد ويكون مسؤول عنهم أمير وكل 10 مجموعات يكونوا تحت إمرة ما يسمى بـ"أمير الأمراء"، وكل 300 فرد يقوموا بتكوين منطقة فرعية، ويقطنون الخرطوم وولاية النيل الأبيض.
وأوضح أن جميع شباب الإخوان المصريين الهاربين في السودان والحاصلين على مؤهلات عليا، يتفرغوا للدراسات العليا ، ومعظمهم يدرس في جامعة أم درمان الإسلامية وجامعة المأمون حميدة وجامعة إفريقيا العالمية، مشيرا إلى أن الأطباء منهم الذين أنهوا الماجستير الخاص بهم في السوادن عقب ثورة 30 يونيو 2013 سافروا إلى تركيا لاستكمال رسالة الدكتوراه.
وعن مصادر الأموال التي تُصرف على الإخوان المصريين الهاربين إلى السودان فال :"الأموال تضخ لهم من قبل قطر وتركيا لتوفير السكن والنقل وتأمينهم وتوفير الوسائل اللازمة لهم حال سفرهم خارج السودان".
ونخرد من كل ما سبق الى ان ديمقراطية الجماعة التي كانت تريد حكم مصر بها قد ظهرت جليا في هذا الموقف من ابنائها، فيكون التشريد والإذلال ثمن المعارضة في الإخوان الإرهابية، وتكون ديمقراطيتهم "من ليس معنا فهو ضدنا" 
فما سبق انما يؤكد أن الجماعة الإرهابية لا تدار وفق إطار مؤسسي وتنظيمي يراعي القواعد واللوائح الداخلية كما كان يتم الترويج لها، بل تتم إدارة المصالح والصراعات وفق الرؤى والمصالح الشخصية، وهو ما ينفي مسألة ديمقراطية الجماعة التي غالبا ما يتم تصدريها للمشهد العام في الخارج، ضمن أوجه ومشاهد مدنية متعددة مصطنعة لتفادي تصنيفها جماعة إرهابية بشكل رسمي.

شارك