تيلرسون فى موسكو ..وغموض حول الخطوة الأمريكية القادمة فى سوريا

الثلاثاء 11/أبريل/2017 - 08:49 م
طباعة تيلرسون فى موسكو
 
تيلرسون
تيلرسون
تتجه الأنظار إلى موسكو من أجل متابعة تفاصيل الأزمة السورية، فى الوقت الذى تتجه العيون فيه إلى زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الى موسكو وسط تكهنات المراقبين حول ما يحمله المسؤول الأمريكي في جعبته من الأفكار للجانب الروسي بشأن الملف السوري، حيث يتصدر هذا الملف أجندة العلاقات بين موسكو وواشنطن في الأيام الأخيرة، بعد الهجوم الكيميائي المزعوم في خان شيخون والضربة الصاروخية الأمريكية على مطار الشعيرات قرب حمص.
يرى المتابعون لسياسة الإدارة الأمريكية الجديدة حول الأزمة السورية أن لديها ثلاثة خيارات رئيسة لا يخلو أي منها من تناقضات داخلية. فقد يقدم تيلرسون لموسكو ما يشبه الإنذار الأخير مطالبا إياها بالتخلي عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن تيلرسون نفسه سبق أن أعرب خلال الايام الأخيرة عن مواقف متناقضة بشأن مصير الرئيس السوري تتراوح بين إنكار لأي دور لبشار الاسد في سورية الغد، والتأكيد على أن القرار في تحديد مستقبل الرئيس الأسد يعود إلى الشعب السوري.
وقد يهدد تيلرسون موسكو بتشديد العقوبات الغربية المفروضة عليها منذ ثلاث سنوات بسبب الأحداث في أوكرانيا، غير أن هذا الخيار من الصعب تبريره بعد أن كان تيلرسون قد اعترف سابقا أن سياسة العقوبات لا تجدي نفعا فيما يخص روسيا.
ويري محللون أن تيلرسون قام بإطلاق تحذير أخير لموسكو من تجاوز ما تعتبره واشنطن "خطوطا حمراء" في سورية، ويُقصد بها استخدام السلاح الكيميائي من قبل الحكومة السورية، إلا أن أي حديث أمريكي عن خطر الكيميائي السوري لا محال يثير الذكريات حول الذريعة الرئيسية التي بررت بها واشنطن غزو العراق عام 2003 بكل تداعياته المدمرة على بلاد الرافدين والمنطقة بأسرها.
من جانبها قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، إن موسكو لا تنظر إلى التصريحات التي أدلى بها تيلرسون قبيل زيارته إلى روسيا، على أنها "إنذار" لها، بل ترى فيها "استعراضا للعضلات" قبل المحادثات مع الوزير الروسي، وأشارت المتحدثة إلى أنه أسلوب تقليدي بالنسبة لواشنطن.
مشاورات روسية مستمرة
مشاورات روسية مستمرة للأزمة السورية
وخلال لقاء وزراء خارجية "مجموعة السبع الكبار" في إيطاليا أعلن تيلرسون أن "على روسيا أن تختار بين التحالف مع الولايات المتحدة أو البقاء مع الأسد وإيران وحزب الله"، مشيرا إلى أن واشنطن ستبحث عن حلول "استراتيجية" بغية تخفيف حدة العنف في سوريا.
واعتبر أن حكم "عائلة الأسد" يقترب من النهاية، مع أنه أكد أن إلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش" الإرهابي لا يزال من أولويات الإدارة الأمريكية في سوريا.
كانت موسكو دانت بشدة الضربة الأمريكية على سوريا  تحت ذريعة استخدام دمشق أسلحة كيمياوية في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب، واصفة إياها بالعمل العدواني ضد دولة ذات سيادة، في خرق للقوانين الدولية، مؤكدة أن من شأن هذه الضربة أن تعزز قدرات الإرهابيين.
ودعت وزارة الخارجية الروسية واشنطن إلى الموافقة على إجراء تحقيق نزيه لأحداث خان شيخون والكف عن اتخاذ قرارات بناء على تقارير مزورة تعدها "منظمات غير حكومية" كاذبة، بما فيها "الخوذ البيضاء".
وذكرت الخارجية الروسية أن موسكو عازمة كل العزم على إجراء حوار بناء، معربة عن أملها في أن تظهر واشنطن التوجه نفسه أثناء المحادثات.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الى موسكو وسط تكهنات المراقبين حول ما يحمله المسؤول الأمريكي في جعبته من الأفكار للجانب الروسي بشأن الملف السوري.
ويتصدر هذا الملف أجندة العلاقات بين موسكو وواشنطن في الأيام الأخيرة، بعد الهجوم الكيميائي المزعوم في خان شيخون والضربة الصاروخية الأمريكية على مطار الشعيرات قرب حمص.
وفى سياق أخر عرضت لندن وواشنطن وباريس، على أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار معدلا حول حادث استخدام السلاح الكيميائي ببلدة خان شيخون في محافظة إدلب السورية.
وقال مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، ماتيو رايكروفت، في تغريدة نشرها بهذا الخصوص على حسابه في موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي: "وزعت المملكة المتحدة بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا مشروع قرار معدلا بشأن سوريا يدين الهجوم الكيميائي ويطالب التعاون الشامل في التحقيق فيه"، ودعا رايكروفت جميع أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى دعم هذه الوثيقة الغربية.
كما شدد رايكروفت على ضرورة إطلاق "عملية سياسية مناسبة من شأنها أن تقود إلى الفترة الانتقالية، من أجل إحلال سلام مستدام في سوريا".
يذكر أن مجلس الأمن أجرى خلال الأسبوع الماضي مناقشات حول 3 مشاريع قرار بشأن موضوع استخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون، الذي جرى، بحسب مزاعم المعارضة السورية وكذلك واشنطن ولندن وباريس، يوم 04/04/2017 من قبل القوات الحكومية في سوريا وأدى إلى مقتل حوالي 90 شخصا، ومن بينهم عدد كبير من الأطفال.
الوثيقة الأولى أعدتها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وتطالب السلطات السورية بتقديم معلومات حول جميع تحليقات طائراتها في يوم الحادث للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى ضمان إمكانية وصول الخبراء المختصين إلى القواعد العسكرية، التي كان من الممكن أن يتم انطلاقا منها توجيه الضربات إلى خان شيخون.
وينص المشروع الثاني، الذي صاغته روسيا، على إعطاء الأولوية لتشكيل فريق خبراء مستقلين له تمثيل دولي واسع، وإرساله إلى موقع الهجوم الكيميائي المزعوم لإجراء تحقيق موضوعي على الأرض.
أما الوثيقة الثالثة، فأعدتها الدول الـ10 غير دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي كمشروع قرار توفيقي، إلا أن بحثها لم يستكمل بسبب الضربات الصاروخية التي شنتها الولايات المتحدة، من دون انتظار أي تحقيق، على قاعدة الشعيرات السورية الواقعة وسط محافظة حمص.
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه أمر بقصف مطار الشعيرات، زاعما أن هذه القاعدة الجوية هي التي انطلق منها الهجوم الكيميائي على بلدة خان شيخون في محافظة إدلب السورية.
وأعلن الجيش السوري أن هذه العملية أسفرت عن مقتل 6 عسكريين سوريين، فيما تحدث محافظ حمص، طلال البرازي، عن مقتل 9 مدنيين جراء سقوط الصواريخ الأمريكية في المناطق السكنية قرب القاعدة، مضيفا أن 13 شخصا، هم 4 أطفال و9 نساء، أصيبوا جراء الضربة. واستنكرت كل من موسكو وطهران ودمشق هذه العملية، واصفة إياها بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي ولسيادة دولة مستقلة، إلا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أكد، في رسالة وجهها إلى الكونغرس بشأن الضربات، التي شنتها الولايات المتحدة على سوريا، أنه سيتخذ خطوات إضافية لتأمين مصالح بلاده في مجال الأمن والسياسية الخارجية.
وعلى صعيد المعارك المسلحة، أكدت وزارة الدفاع الروسية دعم موسكو للجيش السوري في محاربة تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" وأشارت إلى أن المسلحين يتكبدون الهزيمة تلو الأخرى ويتركون المناطق الخاضعة لهم في سوريا.
وقال رئيس إدارة العمليات المركزية لهيئة الأركان الروسية، الفريق أول سيرغي رودسكوي، أن "المسلحين، في محاولة منهم لاستعادة المواقع المفقودة فى ساحات القتال، يشنون هجمات مضادة فاشلة على مواقع الجيش السوري ويتكبدون خسائر فادحة".
استمرار المعارك فى
استمرار المعارك فى سوريا
أكد استعادة 226 مركزا سكانيا وقرابة 3 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي السورية من الإرهابيين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وكشف رودسكوي أن "الإرهابيين استفادوا من تبعات الضربات الأمريكية المنفذة بواسطة الصواريخ المجنحة على قاعدة الشعيرات، التي عمل الطيران السوري انطلاقا منها في منطقتي حماة وتدمر، وشنوا هجمات مضادة على مواقع القوات الحكومية من الاتجاه الجنوبي الغربي".
شدد رودسكوي على أن "جميع هجمات المسلحين تم صدها في أعمال قتالية أسفرت عن تدمير دبابتين و3 عربات مصفحة و8 سيارات من نوع بيكاب برشاشات من عيار كبير، فيما تم القضاء على 150 إرهابيا".   
أشار المسؤول إلى أن المسلحين أجبروا، بسبب الهجوم، الذي يشنه الجيش السوري في المنطقة، على ترك المرتفعات الاستراتيجية، موضحا أن "القوات الحكومية بسطت سيطرتها، خلال الشهر الجاري، على أكثر من 230 كيلومترا مربعا" هناك.
أضاف رودسكوي أن العسكريين الروس "يقومون حاليا بتطهير مدينة تدمر القديمة من الألغام والمتفجرات"، مبينا أنه "تم، حتى اليوم ، تطهير 21 بناية من الألغام، هي 10 مدارس و9 مساجد وعيادتان، كما تم تفقد 1894 مبنى ومنزلا سكنيا على أراض تبلغ مساحتها 1135 هكتارا، وذلك بالإضافة إلى تطهير 115 كيلومترا من الطرق وإبطال مفعول أكثر من 5000 لغم وعبوة ناسفة يدوية الصنع".   
شدد على أن وحدات من الجيش السوري تواصل عملياتها الهجومية الناجحة بدعم من القوات الجوية الفضائية الروسية في منطقة مدينة حماة، حيث "تم تحرير 13 مركزا سكانيا بمساحة 67 كيلومترا مربعا، من بينها بلدتي خطاب ومعردس، من قبضة الإرهابيين".
تابع: "في شمال شرقي محافظة حلب قضت وحدات من القوات الحكومية، خلال الأسبوعين الماضيين، على تجمع للإرهابيين كان محاصرا في منطقة مدينة دير حافر، وتواصل تقدمها على طول الشاطئ الغربي لنهر الفرات.. واقترب الجيش السوري من تخوم مطار الجيرة".
نوه لرودسكوي إلى تمكن خبراء فنيون من استعادة قدرة سد الفرات الطبقة على صرف المياه جزئيا نتيجة لأعمال الإصلاح الطارئة التي أجريت للسد، ما ساهم في تقليص ضغط المياه عليه، وأوضح أن أعمال الصيانة تم إيقافها مؤقتا بسبب الأعمال القتالية الدائرة في المنطقة.

ذكر بأن ضربات طيران التحالف الدولي على السد، في 26 مارس الماضي، سببت في تضرر البوابات التي تضمن تصريف المياه وتمنع ارتفاع منسوبها في حوض السد.

شارك