أسباب استهداف الولايات المتحدة لداعش أفغانستان وليس العراق بـ"أم القنابل"

السبت 15/أبريل/2017 - 02:22 م
طباعة أسباب استهداف الولايات
 
ألقت الولايات المتحدة الأمريكية يوم الخميس أمس الأول 13 إبريل من عام 2017، أكبر قنبلة في ترسانتها العسكرية والمسماة بـ"أم القنابل"، على منطقة آشين بولاية نانجارهار بأفغانستان والتي تعد تمركزا لتنظيم داعش "كتائب خراسان"، مدعية إنها استهدفت شبكة الأنفاق التي يستخدمها التنظيم في عملياته، العملية التي أسفرت حتى الآن عن مقتل 90 عنصرا من عناصر التنظيم، بحسب التقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام عن الجيش الأمريكي.
وفقا للإدعاءات الأمريكية فإن السبب وراء إلقاء القنبلة – التي تزن طن كيلو جراما – على ننجرهار - وهي منطقة تاريخية في آسيا الوسطى ووتضم مناطق كبيرة من أفغانستان، كما تضم أيضا أجزاء من شرق إيران وآسيا الوسطى وباكستان- يرجع إلى:
تزايد مخاوف الولايات المتحدة من لجوء عناصر التنظيم إلى أفغانستان مع تزايد الهجمات التي تشنها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على معاقل التنظيم في العراق وسوريا. 
استهداف شبكة أنفاق عميقة للجهاديين في منطقة أشين بولاية ننغرهار (شرق أفغانستان) التي تعتبر معقلا لتنظيم "الدولة الإسلامية" على حدود باكستان، حيث تعد هذه المنطقة الجبلية نائية جدا بحيث يتعذر على القوات الحكومية بلوغها إلى شمال تورا بورا، كما إنها نائية لدرجة استبعاد وجود مدنيين فيها، أي شبكة الأنفاق المتشعبة التي استعان بها زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن للفرار من القوات الأمريكية والمغادرة إلى باكستان في أواخر 2001، شبكة الأنفاق والكهوف التي يستخدمها عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" "للتنقل بحرية مما يسهل عليهم استهداف المستشارين العسكريين الأمريكيين والقوات الأفغانية" القريبة، على ما أفاد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر.
بينما قال الجنرال جون نيكولسون قائد القوات الامريكية فى افغانستان ان الضربة تهدف الى تقليل الخطر على القوات الافغانية والامريكية فى عمليات التطهير التي تقوم بها فى منطقة اتشين، بينما اعتبر شون سبايسر، المتحدث باسم البيت الأبيض، أن استخدام هذا السلاح كان بهدف حرمان تنظيم الدولة من مناطق عملياته لمهاجمة القوات الأميركية وقوات التحالف في المنطقة.

ما هي أم القنابل؟

ما هي أم القنابل؟
القنبلة التي تم استخدامها للمرة الأولى في العالم مع بداية حرب العراق، هي "قنبلة عصف هوائي جسيمة" من طراز "جي بي يو-43/بي"، ووفقا لتقرير فرنس 24 العربي، فإن منظمة "غلوبال سيكيوريتي" لنزع التسلح ومقرها في الولايات المتحدة اعتبرت القنبلة أضخم سلاح غير نووي في الترسانة الأمريكية "ضخمة وقوية ودقيقة التصويب"، وهي قنبلة مدمرة حيث تحوي 8480 كلغ من مادة إتش6 المتفجرة، بحسب موقع المنظمة وتوازي قوة تفجيرها 11 طنا من التي تي أن تي، بينما يبلغ طولها 9 أمتار وقطرها مترا واحدا بحسب "غلوبال سيكيوريتي"، وهي أضخم قنبلة في التاريخ مسيرة بالأقمار الصناعية وتلقى من الجو. وأفادت مجلة العلوم "بوبولار ميكانيكس" أن وزن هذه القنبلة يوازي طائرة إف-16 مقاتلة.
وقد تم تصميم هذه القنبلة الارتجاجية لتنفجر قبل ارتطامها بالأرض، ويضاعف غلاف من الألمينيوم الرقيق قوة عصفها لتوليد موجة صدم تصل إلى 150 مترا بحسب موقع "وايرد".
إلقاء القنبلة يثير عدد من علامات الاستفهام حول الأهداف الحقيقية للولايات المتحدة غير المعلنة من إلقاء هذه القنبلة في هذا التوقيت؟، ولماذا أفغانستان بالتحديد، هل القضاء على 90 شخصا فقط يستدعي استخدام أكبر قنبلة غير نووية في ترسانتها؟، وأيهما أولى بهذه الحرب – من حيث الخطورة على الولايات المتحدة- داعش العراق مهد التنظيم ومعقله أم داعش أفغانستان؟، أم الهدف هو تجريب القنبلة GBU- 43 والمسماة بـ"أم القنابل"؟ خاصة وأن آخر تجريب لها كان في عام 2003، أم هي رسالة تحذير لكوريا الشمالية؟، الأسئلة التي لم يظهر بها علينا المحللين ليطلعونا عليها، مكتفين بتناقل كل ما جاء من أخبار من البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية.

هل داعش أفغانستان أخطر على الولايات المتحدة من داعش العراق؟

هل داعش أفغانستان
وفقا لتقرير نشره موقع "روسيا اليوم" بالعربية عام 2015، فإن نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" يتسع في أفغانستان على حساب حركة "طالبان"، متجاوزا حدود قواعده في سوريا والعراق، مهددا بذلك وجود "طالبان" المسيطرة على أجزاء من البلد منذ عام 1996، حيث كشف تقرير لجنة "القاعدة وطالبان" التابعة للأمم المتحدة، أن عدد المنضوين تحت لواء والمبايعين للتنظيم يزداد في عدة ولايات أفغانية.
وجاء في التقرير نقلا عن مصادر حكومية أفغانية أن هناك على ما يبدو توسع كبير لتنظيم "داعش"، موضحا أن المجموعات المرتبطة بالتنظيم تنشط في 25 ولاية بأفغانستان من أصل 34.
ومعظم المنضمين الجدد هم أفراد تم تجنيدهم من مجموعات مسلحة، بعضهم على خلاف مع القيادة المركزية لحركة "طالبان" أو يسعون إلى هوية مختلفة من خلال ابتعادهم عن حركة طالبان "التقليدية".
أما عن أسباب اختيار التنظيم لولاية نانجار هار، فالولاية التي تعد إحدى المحافظات الـ 34 بأفغانستان، وتقع شرقي البلاد مع الحدود الباكستانية، فهي إحدى معاقل حركة طالبان.
ووفقا لما ذكره مرصد الأزهر، فإن دخول عناصر تنظيم داعش إلى ننجرهار لم يكن سهلاً على الإطلاق، خاصة مع اندلاع المصادمات مع عناصر حركة طالبان الأفغانية، لتندلع بينهما المنافسات بين الطرفين على فرض السيادة والنفوذ، ولا نبالغ إذا قلنا إن التنظيم الإرهابي كان يتطلع إلى أن يتخذ من ننجرهار عاصمة لولايته الجديدة في أفغانستان ليعلن رسميا نهاية حركة طالبان بواقع السيطرة الجغرافية، ومد سيطرته ونفوذه على الأرض بالولاية. 
فالمؤشرات الأولية تعكس إمكانية نجاح التنظيم في تحقيق أهدافه والسيطرة على الولاية، وفي هذا السياق أقدم  التنظيم مطلع العام الميلادي الجاري على حرق نحو 56 منزلًا بننجرهار ما دفع بعض السكان إلى مغادرة منازلهم، والتي استخدمها التنظيم فيما بعد كقاعدة لانطلاق عملياته ضد طالبان والحكومة الأفغانية، الأمر الذي ساهم في تعزيز تواجده بالولاية.

ولكن هل هذه الأسباب كافية لقتال الولايات المتحدة للتنظيم في أفغانستان؟

بمقارنة بسيطة فإن عدد مقاتلي تنظيم داعش في أفغانستان وفقا لما ورد على لسان مندوب أفغانستان الدائم لدى الأمم المتحدة، فإن عدد المسلحين الأجانب في بلاده وصل إلى 7 آلاف مقاتل، بينما أعداد مقاتلي تنظيم داعش في العراق ففي أقل التقديرات وصل إلى 50 ألف مقاتل!!
أما من ناحية الفاعلية من حيث التمدد والانتشار على الأرض فإن عناصر العراق هي الأقوى والأكثر سيطرة على مناطق كبيرة من العراق وسوريا، كما إنها تمثل تهديدا للأوروبا بسبب اللاجئين المهاجرين من هذه الأراضي إلى أوربا عبر تركيا، ومن بينهم مندسون من عناصر التنظيم استطاعوا في خلال أشهر من تنفيذ عدة عمليات في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، كما تعد العراق المركز الرئيسي للتنظيم من حيث إرسال الأوامر إلى عناصره في كافة التنظيمات المبايعة له في أفريقيا، وآسيا، إلى جانب الآلة الإعلامية التي تدار من العراق.
وفقا للقراءة المبدئية لهذه المقارنة فإن ألخطورة والفاعلية على الأرض تعود لتنظيم داعش العراق الذي يشكل تهديدا أكبر على الولايات المتحدة عن داعش أفغانستان، وأن قتال التنظيم في العراق أولى من قتاله في أفغانستان.

كوريا الشمالية ورسائل الولايات المتحدة من وراء تفجير القنبلة:

يرى خبراء أن استخدام القنبلة كان على الأرجح قرارا فنيا ليس فقط لاستعمال السلاح الأكثر فعالية ضد هدف بعينه، وهو أنفاق وكهوف في منطقة غير مأهولة، وإنما لأن موجاته الارتدادية لم ترسل فقط رسالة إلى مقاتلي داعش بل أيضا إلى كوريا الشمالية التي تخفي برنامجا للأسلحة النووية على مسافة عميقة في باطن الأرض وإيران التي لديها منشأة كبيرة لتخصيب اليورانيوم في جبل جرانيتي.

شارك