هل يجب على الأزهر أن يعود من جديد ويتخلى عن التعليم المدني في داخله؟

الأحد 16/أبريل/2017 - 06:09 م
طباعة هل يجب على الأزهر
 
ارتفعت الأيام القليلة الماضية الأصوات المهاجمة لمؤسسة الأزهر في العديد من الصحف والمواقع الالكترونية والقنوات الفضائية وتحميله وحده مسئولية تفجير كنيستي طنطا والاسكندرية، وأنه السبب الأساس للفكر المتشدد والارهاب، مما ادى الى موجة مضادة من التصريحات المدافعة عن المؤسسة الأزهرية الا ان معظم الاصوات لم تتعامل بشكل علمي او موضوعي مع المسألة، وفات الجميع ان مؤسسة الأزهر هي ضمن مؤسسات الدولة التي طالها الفساد والاختراق من قبل الجماعات والحركات الاسلامية، وانها ليست مقدسة او فوق النقد، شريطة ان يكون النقد موضوعي ومن اجل التقدم والارتقاء لا من اجل الهدم، فهدم اي مؤسسة من مؤسسات الدولة ليس في الصالح العام وليس في صالح الدولة المصرية، وعلى أثر الهجوم على الازهر انتقد الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس مركز مكافحة الإرهاب بوزارة الأوقاف، الهجمة الشرسة التي شنها البعض علي مؤسسة الأزهر الشريف في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا الاستهداف يأتي نتيجة لمكانة الأزهر الكبيرة ودوره في نشر الآراء الوسطية وهو مالا يرضي عنه البعض بل ويسعى دائما لتدميره والقضاء عليه لخدمة السلفية المتشددة.

هل يجب على الأزهر
وأكد النجار في تصريحات لـ"صدي البلد" أن البعض يسعى لإسكات صوت الأزهر الشريف باعتباره معقل الوسطية وهو ما يعد أمرا مريبا، حيث لا يسعى إلى ذلك إلا من هم ضد ثقافة الإسلام المتسامحة والوسطية، محذرا من الاستمرار في الهجوم على أعرق المؤسسات الدينية في العالم العربي والعالم بأسره وذلك للحفاظ على الوسطية والقضاء علي التشدد الذي بات يعاني منه العالم كله الذي ضربه الإرهاب وليس فقط منطقتنا العربية.
وشدد عضو مجمع البحوث ورئيس مركز مكافحة الإرهاب بوزارة الأوقاف، علي ضرورة قيام المسئولين داخل مؤسسة الأزهر الشريف القيام بدور توعوي للحفاظ عليها من الضياع والانهيار.

هل يجب على الأزهر
وقد قام الدكتور محمد عبد الباسط عيد بعرض وجهة نظره في موضوع الأزهر ومسئوليته، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" حيث قال في تدوينة له أمس " لا يحتاج الأزهر إلى مناسبة للهجوم عليه؛ فقد كتبت هنا قبل ثلاث سنوات بأن الأزهر فقد قيمته ودوره، والأصدقاء الذين يتحدثون عن دور تاريخي للأزهر لا نختلف معهم في هذا الدور...نعم كان للأزهر دور تاريخي، لكن الزمان قد مضى، والدولة التي نرجوها اليوم ليست هي الدولة التي كان الأزهر يلعب فيها دورًا تاريخيا، والدعوى للتمسك بالأزهر بسبب الدور التاريخي تشبه الدعوة إلى ضرورة التمسك بالإبل والخيل لأن الأوائل حققوا انتصاراتهم على صهواتها..!
يزعم أصدقاؤنا أن الأزهر يحمي اللغة والبلاغة والتراث، والحقيقة أن هذه أيضًا مجرد دعوى تاريخية، والقول بها اليوم بدعة وافتراء؛ فالأزهر اليوم لا يعرف شيئًا عن اللسانيات والبلاغة أو التراث (بالمعنى الذي يوجب إعادة إنتاجه)، ليس لأن خريج الأزهر على ما تعرف من الضعف والتراجع؛ فهو في ذلك قد لا يختلف عن خريج كليات الآداب، ولكن لأن الأزهر لا يعرف شيئًا عن القفزات المذهلة التي قطعتها هذه العلوم، وإذا عرف فهو يعارضها ويسخر منها .
لا يحتاج الأزهر إلى مناسبة كي تقول إن الآوان قد آن للتخلص منه؛ الأزهر سوف يتخلص من نفسه تلقائيا، ليس لأن الدولة تفرض عليه سطوتها كما يظن بعض الأصدقاء؛ فالأزهر - تاريخيًا - كان دائمًا ذراع الدولة .... الأزهر سوف ينتهي من تلقاء نفسه، تمامًا كما توقف الناس عن استخدام السيوف بعد اختراع البارود، ولم تجد السيوف مكانًا تستقر فيه غير المتاحف والصور القديمة.
ولأن الأزهر في حكم العدم، فقد اقترحت منذ ثلاثة أعوام فكرة استحداث أقسام ذات طبيعة بينية في كليات الآداب، تجمع بين الاجتماع والأنثربولوجيا وعلم النفس واللسانيات والفقه ..الخ، تكون مدة الدراسة كافية، ليتخرج فيها الطالب - الذي سوف يختار بدقة وعناية - باحثًا حقيقيًا، وفقيهًا عصريًّا قادرًا على الخروج الكليّ من أسر الخطابات الفقهية التاريخية القديمة، وتقديم خطاب إسلاميّ في عصر معولم."
كما قال أيضا " المعضلة الأزهرية... ويمكنك أن تنظر لها من زاويتين:
الزاوية الأولى: الطريقة التي ينتخب بها الأزهر طلابه وكيف ينتقل بهم من مرحلة تعليمية إلى أخرى دون غربلة ؛ فالأزهر لا يوجد لديه تعليم متوسط، أي أن كل طلاب المرحلة الإعدادية يذهبون إلى الثانوية الأزهرية، ولا يوجد لديه معاهد فنية متوسطة بعد الثانوية، أي أن كل طلابه يذهبون إلى الجامعة.
وفي بلد يعتبر الطب والهندسة والعلوم والاعلام كليات قمة، يذهب الطلاب النابهون غالبًا إلى هذه الكليات، وأما كليات الدعوة والقرآن وأصول الفقه ...الخ فيذهب إليها الطلاب الذين يخلون تقريبا (أو غالبيتهم) من المواهب..(أقول غالبيتهم)..!
افتح قوس: (كثير من نظراء طلاب الدعوة والفقه والقرآن في التعليم العام قد توقفوا بعد الإعدادية وبعضهم توظف عاملا بسطيا على مزلقان، أو توقف بعد الدبلوم واشتغل بالزراعة أو بأية مهنة، أو توقف بعد الثانوية وعمل سكرتيرا لأي حد)...اغلق القوس.
يمكنك إذن أن تلمس ذلك كل يوم جمعة، وأنت بالتأكيد تلمسه، وأنت ترى هذا الرجل المسكين الذي قادته قدماه إلى هذه الوظيفة الخطيرة (إمام الجامع)، ثم هو لا يعمل شيئًا غير شحن أدمغة الناس بالخرافة والخزعبلات، وهو يعلم تمامًا أن قدراته ما كانت تؤهله لأكثر من وظيفة بسيطة (عامل مزلقان مثلا).
هل يجب على الأزهر أن يعود من جديد ويتخلى عن التعليم المدني في داخله؟
الزاوية الثانية: هي المناهج ، وهي أخطر ما يواجه الأزهر، وكل ما يقوم به الأزهر في هذا الصدد أن يحذف عبارة هنا وأخرى هناك، والحقيقة أن هذا تبسيط مخل للموضوع.. الأزهر يقدس تراثًا تكـوّن في سياق اجتماعي وتاريخي أقل ما يقال فيه أنه لا علاقة له بحياتنا الآن، وأن كل محاولة لإعادة قراءة هذا التراث وفق منهاجية مستحدثة لن يقدر عليها الأزهر، لأنه لا يعترف بهذه المناهج، ولأن اتباع مستخلصاتها لن تجعله الأزهر الذي يريدونه .. ولأن الأزهر مستغرق في هذه المعارف فتراه يقدم خطابًا لا علاقة له بالواقع، وأحيانا يثير السخرية (إرضاع الكبير وبول الإبل).
وهكذا تتم المناقشة الموضوعية لدور الأزهر وأهميته وكيفية تطويره ونحاول من هذه النافذة فتح حوار حول هذه المسألة.

شارك