تصاعد الاتهامات بين أوروبا وتركيا..والمعارضة تطعن فى نتائج الاستفتاء رسميا

الثلاثاء 18/أبريل/2017 - 07:12 م
طباعة تصاعد الاتهامات بين
 
اوروبا تدعو تركيا
اوروبا تدعو تركيا لسماع صوت المعارضة
تصاعدت الانتقادات بين أوروبا وأنقرة على خلفية قيام أكبر حزب معارض في تركيا بتقديمه طلب من أجل إلغاء نتائج الاستفتاء بدواعي وجود شبهات حول إمكانية التلاعب بالنتائج، وسط اتهامات من الرئيس التركى رجب طيب اردوغان للجانب الأوروبي.
وندد حزبا المعارضة الرئيسيان، "حزب الشعب الجمهوري" و"حزب الشعوب الديمقراطي" "بعمليات تلاعب" خلال الاستفتاء وأكدا أنهما سيطعنان في نتيجته، والسبب الرئيسي لذلك هو إعلان اللجنة الانتخابية العليا بعيد بدء فرز الأصوات أنها ستقبل ببطاقات الاقتراع غير الممهورة بالختم الرسمي للسلطات الانتخابية، ما اعتبرته المعارضة مناورة تجيز التزوير.
من جانبه قال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، إن الأصوات المفقودة في استفتاء منح الرئيس رجب طيب إردوغان صلاحيات جديدة واسعة "لم يسبق لها مثيل" وذلك بعد أن قدم طلب حزبه لإلغاء النتائج. وأبلغ بولنت تيزجان الصحفيين في مقر المجلس الأعلى للانتخابات في أنقرة أن عدد البطاقات غير المختومة غير معروف.
اردوغان وزوجته وسط
اردوغان وزوجته وسط انصارهم
وفى هذا السياق صرح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مرجاريتيس سكيناس، بقوله"ندعو جميع الأطراف التركية إلى ضبط النفس والسلطات إلى فتح تحقيق شفاف بشأن التجاوزات المفترضة التي رصدها المراقبون، وندعو السلطات التركية لبحث الخطوات المقبلة بحذر شديد والسعي لأكبر توافق وطني ممكن في أعقاب الاستفتاء.".
حذر سكيناس إردوغان الذي تحدث عن تنظيم استفتاء في بلاده بشأن إعادة العمل بعقوبة الإعدام، من أن ذلك سيشكل "إشارة واضحة إلى أن تركيا لا ترغب في الانضمام إلى العائلة الأوروبية". أضاف "على ما قال رئيس (المفوضية الأوروبية) جان كلود يونكر في السابق، نشجع تركيا على التقرب مجددا من الاتحاد الأوروبي، عوضاً عن التباعد المتزايد عنا".
من جانبها اعتبرت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ بقولها"  لم يكن يجب السماح لهذا الاستفتاء ضمن الظروف الاستثنائية التي رافقته، من تكميم للصحافة واعتقال للسياسيين المعارضين، وتخويف خصوم الرئيس التركي. مع هذا التعديل الدستوري والذي عزز من سلطة أردوغان الاستبدادية، تودع تركيا النموذج الغربي التي اعتمدته سابقا، وتنضم لنموذج السلطة في منطقة الشرط الأوسط والقوقاز".
فى حين أكدت صحيفة فرانكفورتر روندشاو أن بقولها ""هذا الاستفتاء هو قانون لتعزيز سلطة أردوغان. ومن غير المعلوم بعد ماذا سوف يفعل مع هذه السلطة التي أصبحت بيده، إلا أنه ودع بهذا الأمر أوروبا، وهو يتوقع أنه يحتفظ بيده بورقة اللاجئين السوريين ليستخدمها في المساومة ضد أوروبا وخاصة ألمانيا، وفعلا لديه ذلك. ونحن جعلنا من أنفسنا عرضة للابتزاز، وينطبق هذا الكلام أيضا على علاقة تركيا بحلف شمال الأطلسي(الناتو)، حيث الفرصة مواتية لتركيا من أجل زيادة دورها في الشرق الأوسط نتيجة للخلاف الدائر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. وهنا لا تلعب أوروبا أي دور".
كذلك نوهت صحيفة ألجماينه تسايتونج  بقولها "الأتراك الذين يعيشون هنا، إذا كانوا قد صوتوا لأردوغان، يكونوا قد تواطؤا من، بلد آمن، لإدخال تركيا)في عداد الدول التي لا تحكمها سيادة القانون، هؤلاء يجب أن يحزموا حقائبهم والانتقال إلى تركيا الجديدة، التي على ما يبدو تعجبهم أكثر. وحتى الألمان أيضا يجب أن يواجهوا السؤال الصعب، وهو لماذا فشل اندماج أعداد كبيرة من المهاجرين؟ سيكون من السهل إلقاء اللوم على المهاجرين وحدهم".
الرافضون للتعديلات
الرافضون للتعديلات
من جانب آخر يختلف الوضع في ألمانيا في هذا الشأن. فحوالي 1.5 مليون مواطن تركي من بين الأتراك الذين يقيمون هنا، يحق لهم الادلاء بأصواتهم في الانتخابات التركية، حيث يمكنهم الحصول على المعلومات بحرية. وقد كانت هناك فعاليات انتخابية لجميع الأحزاب الرئيسية، ولم تكن حرية التعبير مقيدة، ومن عبر عن انتقاده للحاكم الأوحد في المستقبل، فلن يخشى إرساله إلى السجن، ورغم ذلك وافق أكثر من 63 في المائة من الذين أدلوا بأصواتهم في ألمانيا على التعديل الدستوري لصالح أردوغان، وبالأرقام المطلقة، يعني ذلك نحو 450 ألف شخص.
ويري محللون أن هذه الأرقام تدعو إلى ضرورة اليقظة في ألمانيا. ولن يجدي في الأمر أن 50 في المائة فقط من هؤلاء المواطنين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، أو أن  نسبة الموافقة على معسكر أردوغان في النمسا مثلا كانت أكبر من ألمانيا. فعندما يؤيد هذا العدد الكبير من الناس، الذين يعيشون في ألمانيا، رجلا يريد إعادة عقوبة الإعدام، إضافة ألى  غير ذلك من الأمور فبصرف النظر عن نجاحاته، يمكن اعتبار ذلك فشلا فيما يخص الاندماج.
ومن أجل استخلاص الاستنتاجات الصحيحة، يجب على ألمانيا أن تكون صادقة مع نفسها، ويجب على قوى المجتمع السياسية والمدنية الاعتراف بإخفاقاتها. فهذا لا يخلو من المخاطر في هذه السنة الانتخابية في ألمانيا. فالنقاشات الشعبوية حول ازدواجية الجنسية والأوهام المرتبطة بتسهيل عملية الإبعاد مآلها الفشل، وقد تصب في النهاية وبغير قصد، في مصلحة حزب البديل من أجل ألمانيا "AfD".
أنصار اردوغان
أنصار اردوغان
وقال خبراء " لن يمكن لألمانيا خاصة الاعتماد على تقارير بناءة من بروكسل. فالارتعاش في صباح اليوم التالي، والتهديد بالقيام بقطع نهائي للمفاوضات بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يشكلان دليلا على شعور العجز ويثيران السخرية. بل على العكس، فتلك السنوات الطويلة من الأخذ والرد هي التي جعلت حقا كثيرا من الأتراك يشعرون بأنهم لم يؤخذوا على محمل الجد، مما دفع بأردوغان في النهاية للظهور كسلطة وقوة قديمتين من خلال نهج مسار المعاداة للاتحاد الأوروبي بشكل واضح، حيث يتعين على الاتحاد الأوروبي نهج  مسار واضح في نهاية الأمر: إذا لم تكن هناك رغبة لحصول تركيا على عضوية كاملة، فيجب قول ذلك بصراحة والبحث عن سبل أخرى للتعاون المشترك.
ويري متابعون إن تركيا بحاجة إلى أوروبا وبشكل اقتصادي ملح أكثر من حاجة أوروبا إليها، وأردوغان يعلم ذلك أيضا. فقد جاء صعوده لأنه كان ناجحا اقتصاديا. وستسقط نجوميته بسرعة إذا استمر ارتفاع مستوى الانكماش الاقتصادي بهذا الشكل السريع. فنسبة معدل التضخم تبلغ حاليا مستوى أحد عشر في المائة، ومعدل البطالة 13 في المائة وهو أعلى مستوى على مدى سبع سنوات، وستكون لألمانيا القدرة على حل وضعها الاشكالي مع أنصار أردوغان فقط  من خلال قبولها لأن تكون بلدا مستقبلا للهجرة، وعليها أن تصوغ هذا الوضع وهي واثقة من نفسها، وبدون هراء أو أحباط بشأن الثقافة الموجهة أو المجتمع متعدد الثقافات، ويتم ذلك من خلال الأتزام الواضح بالدستور الديمقراطي: فمن يعش في ألمانيا، يجب عليه أن يتقبل أن تزويج الأطفال محظور وأن القتل دفاعا عن الشرف هو جريمة، وأن للمثليين والنساء حقوقا متساوية مع غيرهم، وأن القانون الأساسي أي الدستور هو فوق كل شيء، وأن هذه الحقيقة غير قابلة للتفاوض.
وتمت الاشارة إلى انه ستكون هناك حاجة إليهم كبناة لجسور بين الجمعيات التركية ومجتمع الأغلبية الألماني، حيث يحتاج المجتمع الألماني في الوقت الحالي إلى تحليل موضوعي والتساؤل: لماذا يتم إغراء هذا العدد الكبير من الأتراك المقيمين في ألمانيا بهذا الحجم؟ وما الأمثلة التي تطورت بنجاح في العقود الماضية حتى يمكن الاقتداء بها في المستقبل؟

شارك