بيان هيئة كبار العلماء .. وتطرف مناهج الأزهر

الأربعاء 19/أبريل/2017 - 02:34 م
طباعة بيان هيئة كبار العلماء حسام الحداد
 
صدر بيان أمس الثلاثاء من هيئة كبار علماء الازهر الشريف من المفترض ان يكون العدف منه عزاء الاخوة المسيحيين في حادثي كنيستي طنطا والاسكندرية الا ان البان قد تفرع لموضوعات أخرى مناقشا بها حالة الهجوم التي طالت المؤسسة الأزهرية واشتدت حدتها خلال الأيام الماضية، وكذلك أشار البيان الى موقف المؤسسة الأزهرية من العلمانية وبعض الكتاب والمفكرين وكأنه يشير بأصابع الاتهام الى العلمانية والمفكرين بانهم السبب المباشر للإرهاب وان مناهجه بريئة من هذه الاتهامات التي يتم تداولها الان.
بداية مع نص البيان:
إنَّه في يوم الثلاثاء 22 من رجب 1438هــ الموافق 18 من أبريل 2017م اجتمعت هيئةُ كبارِ العُلَماءِ في جلستِها الدوريَّةِ برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وناقشت عدَدًا من القضايا، ثم أصدرت البيانَ التالي:
تتقدم هيئة كبار العلماء بخالص التعازي للإخوةِ الأعزَّاءِ الأقباطِ والشعبِ المصريِّ أجمع في ضَحايا التفجيرَيْن الإرهابيَّيْن اللَّذَيْن استَهدَفا وَحْدَةَ المصريِّينَ وتماسُكَهم قبل أن يَستَهدِفا كنيستي مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، سائلةً المولى - عزَّ وجلَّ - أن يُلهِم أهلَهم وذَوِيهم الصبرَ والسُّلوانَ، وأن يَمُنَّ على المُصابين بالشِّفاءِ العاجِلِ، وأن يَمسَحَ على قلوب المكلومين والمحزونين؛ إنَّه أرحَمُ الراحمين.
وتُعلن هيئة كبار العلماء وُقوفَ الأزهر الشريف إلى جانبِ الكنيسةِ المصريَّة في وجهِ كُلِّ مَن يعتَدِي عليها أو يَمسُّها بسُوءٍ، كما تُؤكِّدُ الهيئةُ أنَّ الشعبَ المصريَّ الأبيَّ قادرٌ بصُمودِه مع مؤسساتِ الدولةِ المصريَّةِ على دَحْرِ قُوَى التَّطرُّفِ والإرهابِ التي فَشِلتْ كُلُّ مُخطَّطاتها الخبيثةِ في النَّيْلِ من صُمودِها، ومن وَحدَةِ نَسيجِهم الوطنيِّ.
وتُؤكِّدُ للكافَّة أنَّ ما وقَع من تفجيراتٍ آثِمةٍ استهدفت مُواطِنين أبرياءَ ودُورًا للعبادةِ أمرٌ خارجٌ عن كُلِّ تعاليمِ الإسلامِ وشريعتِه التي حَرَّمت الاعتداءَ على النَّفسِ الإنسانيَّةِ أيًّا كانت دِيانتُها أو كان اعتقادُها، وحرَّمت أشَدَّ التحريمِ استهدافَ دُورِ العبادةِ، وفرضت على المسلمين حِمايتَها، وأوجبت حُسنَ مُعامَلةِ غيرِ المسلمين ومودَّتَهم والبرَّ بهم، وقد أكَّد القُرآنُ الكريمُ على حُرمةِ دُور العبادةِ في نصٍّ صَرِيحٍ في القُرآنِ الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40].
هذا.. ويُحرِّمُ الإسلامُ على المسلم تحريمًا قاطعًا تَفخِيخَ نفسِه وتفجيرَها في وسَطِ الأبرياء، وجعَل جَزاءَه الخلودَ في جهنَّم؛ فقال النبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "مَن قتَل نفسَه بشيءٍ عُذِّبَ به يومَ القيامة"، واعتداءُ هؤلاء ا المجرمين البُغاةِ على الأبرياء هو إيذاءٌ لرسول الله نفسِه - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث النبويِّ الشريف.
وتُؤكِّدُ الهيئة على أنَّ مناهجَ التعليمِ في الأزهرِ الشريفِ في القَدِيمِ والحديثِ هي - وحدَها – الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلاميِّ الصحيح الذي يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، تَشهَدُ على ذلك الملايين التي تخرَّجت في الأزهر من مصرَ والعالم، وكانوا -ولا يزالون- دُعاةَ سلامٍ وأمنٍ وحُسن جوار، ومن التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين.
والحقيقة التي يَتنكَّرُ لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام هي أن مناهج الأزهر اليوم هي نفسها مناهج الأمس التي خرجت رواد النهضة المصرية ونهضة العالم الإسلامي بدءا من حسن العطار ومرورا بمحمد عبده والمراغي والشعراوي والغزالي، ووصولا إلى رجال الأزهر الشرفاء الأوفياء لدينهم وعلمهم وأزهرهم، والقائمين على رسالته في هذا الزمان.
وعلى هؤلاء المنكرين ضوء الشمس في وضح النهار أن يلتفتوا إلى المنتشرين في جميع أنحاء العالم من أبناء الأزهر، ومنهم رؤساء دول وحُكومات ووزراء وعلماء ومفتون ومُفكرون وأدباء وقادة للرأي العام، ويتدبروا بعقولهم كيف كان هؤلاء صمام أمن وأمان لشعوبهم وأوطانهم، وكيف كان الأزهر بركةً على مصر وشعبها حيث جعَل منها قائدًا للعالم الإسلامي بأسرِه.. وقبلةً علميَّةً لأبناءِ المسلمين في الشرق والغرب.
وليَعلَمْ هؤلاء أنَّ العَبَثَ بالأزهر عَبَثٌ بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخِيانةً لضمير شعبها وضمير الأمة كُلها..
وتُطَمئِنُ هيئةُ كبار العلماء المصريين جميعًا، والمسلمين كافةً حول العالم، أنَّ الأزهرَ قائمٌ على تحقيق رسالته، وتبليغ أمانة الدين والعلم للناس كافَّةً، تلك الأمانةُ التي يحمِلُها على عاتقِه في الحِفاظ على الإسلام وشريعته السمحة على مدى أكثر من ألف عام، وسيظلُّ الأزهر الشريف قائمًا على هذه الرسالة حاملاً لهذه الأمانة إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَن عليها، حِصنًا منيعًا للأُمَّةِ من الأفكار التكفيريَّة والمتطرِّفة التي تسعى للعبث بتراث الأمَّة وتفريغه من مَواطِن القُوَّةِ والصُّمودِ في وجه التحديات العاصفة بالأوطان والأجيال.
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39].
والله من وراء القصد.. والهادي إلى سواء السبيل
يقول البيان " وتُؤكِّدُ الهيئة على أنَّ مناهجَ التعليمِ في الأزهرِ الشريفِ في القَدِيمِ والحديثِ هي - وحدَها – الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلاميِّ الصحيح الذي يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، تَشهَدُ على ذلك الملايين التي تخرَّجت في الأزهر من مصرَ والعالم، وكانوا -ولا يزالون- دُعاةَ سلامٍ وأمنٍ وحُسن جوار، ومن التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين." وهذا ما يجافي الحقيقة بشكل كبير فلا مناهج الأزهر ولا طرق وآليات تدريسها تكفل محاربة الارهاب بل هي تحض على التطرف والارهاب والعنصرية، وكثيرا ما قدمنا لمناقشة المناهج وقام الازهر نفسة بالاعتراف بقصور المناهج وان به بعض الاشكاليات سوف يقوم على حلها.
ان مناهج الأزهر تعمل على تخريج جيل جديد ممن يتبنون الفكر المتطرف والوحشي والبربري، وإليكم عينة "للمضطر أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره.. واستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيًا فإنه لا يجوز الأكل منه جزمًا.. أما إذا كان الميت مسلمًا والمضطر كافرًا فإنه لا يجوز الأكل منه لشرف الإسلام، وحيث جوزنا أكل ميتة الآدمي لا يجوز طبخها، ولا شيها، لما في ذلك من هتك حرمته، ويتخير في غيره بين أكله نيئًا وغيره".. 
هذا النص لم يتم اقتطاعه من مؤلفات تراثية عن الخرافة، إنما تم اقتطاعه بمساعدة الباحث والمستشار القانوني أحمد ماهر، بتصرف لا يخل، من الصفحات من 255 إلى 257 من كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع" الذي يدرسه طلاب الأزهر الشريف، فرغم أن الله تعالى كرّم بني آدم، وسخّر لهم الكون من حولهم، فأحل لهم الطيبات وحرّم عليهم ما دون ذلك، خاصة لحم الآدمي، فإن مناهج المعاهد الأزهرية تخالف ذلك، وتحض على إهدار كرامة الآدمي بحل أكله وقت المجاعة، بل أكل الإنسان لبعض جسمه، وحسب المرجع السابق: "وله- أي للمسلم- قتل مرتد وأكله، وقتل حربى، ولو صغيرًا، أو امرأة وأكلهما، لأنهما غير معصومين.."، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لكنه يجوز للإنسان أكل لحمه حيًا، فحسب "حل ألفاظ أبى شجاع": "يحل قطع جزء نفسه لأكله إن فقد نحو ميتة، وكان خوف قطعه أقل، ويحرم قطع بعضه لغيره من المضطرين، لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل نعم، إن كان ذلك الغير نبيًا لم يحرم، بل يجب. ويحرم على المضطر أيضًا أن يقطع لنفسه قطعة من حيوان معصوم لما مر".
ورغم أن الدين الإسلامي دين الرحمة والعفو والنصيحة والتسامح، لكن ليس هذا ما تصوّره مناهج الأزهر، إنما تصدر الشريعة لدارسيها على أنها دعوة للقتل والعنف وإراقة الدم، وتدعو كتب الفقه التي تدّرس بالمعهد لقتل المخالفين كتارك الصلاة والزاني المحصن والمرتد، ولو بغير إذن الإمام، كما يجوز قتل الجماعة في الواحد، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إنما تقول بعدم القصاص لمن قتل أحدهم عن طريق إغراق إياه أو خنقه، لأن ذلك مما لا يقتل عادة، في نظرهم، وفيما يلى نصوص مناهج الأزهر: "وله- أي للمسلم- قتل الزاني المحصن، والمحارب، وتارك الصلاة، ومن له عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام في القتل، لأن قتلهم مستحق، ثم بعد ذلك يأكل منه ما يشاء"، "الشرح الصغير"، المقرر على الصف الثالث الثانوي. 
وفي منهج السنة الثالثة الثانوية الأزهرية نطالع في كتاب "الاختيار لتعليل المختار"، في صفحة 366 تحت عنوان "أحكام المرتد" ما يلي حرفيًا: "وإذا ارتد المسلم يُحبس ويعرض عليه الإسلام، وتُكشف شُبهته، فإن أسلم وإلا قُتل، فإن قتله قاتل قبل العرض لا شيء عليه.. ويزول ملكه عن أمواله زوالا مراعى، فإن أسلم عادت إلى حالها"، ونفهم من النص الأخير، أن من قتل مرتدًا فلا شيء عليه، كما أنه يتم الاستيلاء على مال المرتد، ويرد بالمناهج الأزهرية ما يخالف اجتهادات العلماء ورجال الدين المعاصرين من أنه لا تؤخذ الجماعة بذنب الفرد، فنجد نصوصًا في باب القصاص مثل "تُقتلُ الجماعة بالواحد، ويقتل الواحد بالجماعة اكتفاءً، وإن قتله ولى أحدهم سقط حق الباقين"، ويرد أيضًا: "كل ميت به أثر أنه تم قتله، فإذا وُجد في محلة لا يُعرف قاتله وادعى وليه القتل على أهلها أو على بعضهم عمدًا أو خطأ ولا بينة له، يختار منهم خمسين رجلًا يحلفون بالله ما قتلناه، ولا علمنا له قاتلًا، ثم يُقضى بالدية على أهل المحلة، وإن كان عدد المحلة يقل عن خمسين كرر بعضهم الحلف حتى يصل العدد لخمسين". أي أن 50 رجلاً يقسمون حتى لا يتم قتل كل أهل الحى الذى وُجدت به الجثة، لكن كل أهل الحى يدفعون الدية حتى بعد القسم.
وفي مشهد يُضرب به المثل في الرحمة إلى يومنا هذا، عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن كفار قريش بعد فتح مكة، دون إجبار أحد منهم على اعتناق الإسلام، لكن ما نجده في مناهج الأزهر ينافى فعل الرسول، بل يشجع صراحة على سفك الدماء وسرقة أموال الآخر، وهو غير المسلم كما تورد هذه المناهج، ففي صفحة 340: "أما الأسارى فيمشون إلى دار الإسلام، فإن عجزوا قتل الإمام الرجال وترك النساء والصبيان في أرض مضيعة حتى يموتوا جوعًا وعطشًا، لأنا لا نقتلهم للنهى"، وفى كتاب "الاختيار لتعليل المختار في فقه أبى حنيفة» المقرر على الصف الثالث الثانوي الأزهري نطالع بصفحة 338 وما بعدها: "وإذا فتح الإمام بلدة عنوة إن شاء قسمها بين الغانمين، وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، وإن شاء قتل الأسرى، أو استرقهم، أو تركهم ذمة للمسلمين، ولا يفادون بأسرى المسلمين ولا بالمال إلا عند الحاجة، وإذا أراد الإمام العودة ومعه مواش يعجز عن نقلها ذبحها وحرقها، ويحرق الأسلحة"، ولم ينس الكتاب تذكير المسلمين بعدم قتل الحيات والعقارب في دار الحرب "البلد الذى يفتحونه"، وذلك حتى يكثر نسلها فيكثر أذاها للكفار. وفى كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع"، فله- أي للمسلم- كفاية لشر الكافر "أن يفقأ عينه، أو يقطع يديه ورجليه، وكذا لو أسره، أو قطع يديه أو رجليه، وكذا لو قطع يدًا ورجلًا".
تلك المناهج التي تريد الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور بقاءها لتدرس في الأزهر، حتى تخرج أجيالا من المتطرفين والإرهابيين وممتهني التكفير.

شارك