هل يدفع التهديد الوجودي لتنظيمي "داعش" والقاعدة" إلى معاودة الاندماج؟

السبت 22/أبريل/2017 - 11:07 م
طباعة هل يدفع التهديد الوجودي
 
في ظل احتدام المعارك التي تخوضها قوات الجيش العراقي لتطهير الأراضي العراقية من تنظيم داعش، من جهة، وقوات الجيش السوري والأكراد لتطهير الأراضي السورية من تنظيم "داعش" من جهة آخرى، يبدو أن التقارير التي تحدث عن احتمالية عودة التنسيق على الأرض بين تنظيم "داعش" في سورية من جهة وتنظيم "القاعدة" من جهة آخرى بعد فترة من التلاسن بين التنظيمين والاقتتال بات احتمالية أن تكون تلك التقارير قابلة للتنفيذ أمر وارد، خاصة بعد تقارير تحدثت عن ذلك الاندماج بين الطرفين في ليبيا.
كانت صحيفة روسية نشرت تصريحات لنائب الرئيس العراقى إياد علاوى، تفيد بإمكانية تحالف تنظيمى "القاعدة" و"داعش" خلال الفترة المقبلة، الامر الذي يتسق بحسب ما نقلت الصحيفة الروسية مع ما أعلنه قيادي القاعدة، الليبى محمد النص، عن استراتيجية جديدة لمواجهة قوات الجيش الوطنى بقيادة المشير خليفة حفتر، فيما لفتت تقارير إلى أن تلك الاستراتيجية تتضمن في تحالف جديد لداعش وتنظيم القاعدة فى ليبيا بهدف عرقلة تقدم الجيش الوطنى الليبى فى بنغازى والمرافئ النفطية وفى الجنوب الليبى المنطقة الأكثر رخاوة فى البلاد، والتى تمثل طريق التواصل بين الجماعات الإرهابية فى بلاد المغرب العربى وباتت تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى لكل من تونس والجزائر كونها تمثل منطقة حددود مشتركة ومزعجة للدولتين. 

هل يدفع التهديد الوجودي
ما يعني أن احتمالية تحالف "داعش" و"القاعدة" في سورية كبير، لكن كيف يمكن لـ"داعش" أن يجرى مثل هذا التحالف في ظل الخلافات الجوهرية بين التنظيمين، خاصة أن بعض مراحل الخلاف بين الطرفين كفر فيه كلا الطرفين الآخر، أي أن التنظيمان وقت خلافهما لم يتركا مساحة للعودة.
وكشف محمد الدرسى، المعروف فى تنظيم القاعدة بـ"محمد النص" عن استراتيجية جديدة لتحالف الجماعات الإرهابية فى مواجهة الجيش الليبى الذى يقوده المشير خليفة حفتر، فيما ينتمى النص إلى منطقة شرق ليبيا، وهو أحد أبرز قيادات مجلس شورى بنغازى، وتم إلقاء القبض عليه فى الأردن وهو فى طريقه إلى العراق قادمًا من سوريا، وتم الإفراج عنه فى صفقة تبادلية عقدتها جماعته فى ليبيا مع السلطات الأردنية، بعد أن قامت باختطاف السفير الأردنى بطرابلس فواز العيطان فكان الإفراج عن النص 2014 مقابل إطلاق سراح العيطان. 

تحالف في ليبيا يُعزز التحالف في سورية

تحالف في ليبيا يُعزز
وترتكز استراتيجية النص على إقامة تحالف جديد بين الجماعات الإرهابية من أجل ضمان استمرارها فى ليبيا وذلك بتقوية وتسليح الفروع المحلية "جماعة أنصار الشريعة - مجلس شورى المجاهدين فى درنة والميليشيات المرتبطة بتنظيم القاعدة" بدلًا من القيام بعمليات فى الخارج خصوصًا أن سقوط البغدادى خليفة داعش فى العراق وسوريا سيدفع فلول داعش للارتباط بتنظيم القاعدة مجددًا. 
ودعا «النص» المجموعات الإرهابية إلى عرقلة تقدم الجيش الليبى فى بنغازى وضربه فى منطقة الهلال النفطى وتشكيل قيادة لمواجهته فى طرابلس، ونشر فريق التواصل الأمريكى الإلكترونى بالخارجية الأمريكية فى واشنطن، المتخصص فى مجال مكافحة الإرهاب، ردًا على تصريحات النص، حيث قال: "كأن ليبيا ضيعة ورثها النص عن أبيه ويريد أن يتقاسمها مع الجماعات الإرهابية عبر خطته الفاشلة".
وبدون خلاف فإن استراتيجية "داعش" و"القاعدة" في سورية المتجه نحو الاندماج، تعكس وضعا صعبا على المستويات الميدانية والسياسية والمالية التي يلقاها "داعش" وال"القاعدة" في سورية، ويبقا التحدي الأكبر أمام التنظيمين هو التغلب على العوائق المتصلة بخلاف التنظيمين وتصدّعهما منذ العام 2014. 

هل يدفع التهديد الوجودي
كان تنظيم "جبهة النصرة" الفرع السوري لتنظيم "القاعدة" أعلن منذ نحو عام انفكاكه عن تنظيم "القاعدة" وقام بتغيير اسمه إلى جبهة "فتح الشام" إلا ان المجتمع الدولي رفض التطور الاخير وأصر على التعامل مع "فتح جبه الشام" "النصرة" سابقاً، على إنها امتداد لتنظيم "القاعدة" ، كما ظلت وسائل الإعلام تتعامل مع التنظيم على إنه امتداد لتنظيم "القاعدة".
كانت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، نقلت عن مصادر في البنتاجون أن تنظيم "داعش"، قام بنقل ما يصفه بـ"العاصمة" من مدينة الرقة إلى محافظة دير الزور شرق سوريا، وأوضحت المصادر أن مسلحي التنظيم عززوا تركيزهم في دير الزور الواقعة على مسافة 145 كيلومترا شرق جنوب الرقة، وأن طائرات مسيرة عسكرية أمريكية رصدت مئات من مسؤولي وإداريي داعش وهم يغادرون الرقة خلال الشهرين الماضيين باتجاه مدينة الميادين في ريف دير الزور نحو الحدود مع سوريا والعراق. 

هل يدفع التهديد الوجودي
وبيّنت المصادر  أن هذه الخطوة تأتي على وقع تكثيف الضربات الجوية، التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد "داعش" بقيادة الولايات المتحدة على الرقة، وتضييق الحصار عليها من 3 اتجاهات من قبل "قوات سوريا الديمقراطية"، وشدد المسؤولون، الذين تحدثوا لـ"فوكس نيوز"، على أن إدارة "داعش" لم تعد تتمركز في الرقة، التي تقترب معركة تحريرها.

خلافات قد تُعرقل الاندماج "داعش" والقاعدة" في سورية

خلافات قد تُعرقل
مراقبون اهتموا باحتمالية معاودة التنسيق أو الاندماج المتوقع بين "داعش" و"القاعدة"، ولفتوا إلى انها على الرغم من صعبوتها بسبب الخلافات الحادة بين التنظيمين إلا انهم اكدوا احتمالية حدوثها، خاصة أن الأمر يتعلق بمستقبل التنظيمين على الأرض، وان قيادات في كلا التنظيمين ربما يُعجلوا بحدوث الاندماج، لكن خلال الفترة الماضية تجلت العديد من الشواهد التي تعكس حجم الخلاف بينهما.
أخيراً برز الخلاف بينهما بسبب العمليات التي تنفذ بصورة دورية في أمريكا وأوربا من قبل العناصر الإرهابية، المعروفة باسم "الذئاب المنفردة"، حيث يُعلن القاعدة في بيانات له أن تلك الذئاب المنفردة تابعة له في حين يؤكد داعش أيضا أن هذه العناصر تابعة له مما تسبب في خلافات شديدة بين التنظيمين.
وكانت أبرز هذه الخناقات والخلافات بعد العملية الإرهابية الأخيرة التي نفذت في لندن منذ فترة، حيث أعلن تنظيم القاعدة الإرهابي أن العنصر المنفذ للعملية تابع له وقد أصدر بيان عبر "مجلة انسباير" التابعة له في حين أكدت وكالة أعماق الداعشية مسئولية التنظيم الإرهابي عن العملية أيضا مما أشعل الحرب بينهما. 
كما كان محور خلاف أعضاء التنظيمين الإرهابيين حول مدى التأثير والهيمنة على الحركات “الجهادية” العالمية، وعلى التمويل وعلى إمكانية كسب مقاتلين جدد، وأيضا المكانة والهيبة بين صفوف المليشيات المتطرفة، والفرق بين التنظيمين يكمن في طموحاتهما، تنظيم القاعدة مثلا لم يذكر إطلاقا أنه يريد الحكم والسلطة، أما “داعش” فيطالب علنا بالحكم ويطلب من المجموعات الأخرى بأن يكونوا جزءا من نظامه الجديد.
في شمال سوريا وفي غرب العراق استطاع تنظيم “داعش” أن يحتل منطقة جغرافية وأن يؤسس فيها نظام حكم شبيه بالدولة، وطالب أبو بكر البغدادي بزعامة العالم الإسلامي بإعلانه الخلافة، وهذا لم يصله أو يطلبه تنظيم القاعدة الأم إطلاقا.

هل يدفع التهديد الوجودي
الفرق الثاني بين التنظيمين يكمن في الاستراتيجية، قيادة تنظيم القاعدة المركزية تركزت حربهم على قتال “العدو البعيد” الولايات المتحدة وحلفائها، أما تنظيم “داعش” فيهاجم مباشرة جميع الدول في محيطه ولا يقوم بأية هجمات في أوروبا ولا في والولايات المتحدة، إلا اعتماداً على ما يسمى الذئاب المنفردة التي يزعم انها تتبعه. 
كما تختلف داعش عن القاعدة، حيث أصبح الأول يمثل الجو المثالي للجماعات المتطرفة بعدما ظهر بموجة جديدة من الإرهاب ليس من النوع التقليدي الذي يتبناه تنظيم "القاعدة"، حيث بنى "داعش" قوامه التنظيمي على عسكريين قدامى في حالة العراق أو من تمويلات وخلافه من المساعدات التي جاءته من قطر وتركيا وبعض دول الخليج، ما جعل تنظيم "داعش" أكثر شراسة وعنفاً.
لكن يمكننا القول أن التهديد التي يواجهها "داعش" والقاعدة" في سورية والعراق وليبيا يدفعهما نحو الاندماج في حده الأقصى، أو التنسيق الميداني على الأرض، أو في أقل الاحوال وقف القتال المتبادل بينهما ووقف التلاسن الإعلامي بين التنظيمين، لذلك لابد ان تلفت القوى التي تقاتل التنظيمين على الأرض سواء الجيش السوري الوطني أو الجيش العراقي أو الجيش الليبي إلى خطورة ذلك الاندماج أو التنسيق وأثره على أساليب القتال على الأرض.

شارك