بعد اعتذارهم لتل أبيب.. لماذا لم تهاجم "داعش" أو "القاعدة" إسرائيل؟

الأحد 23/أبريل/2017 - 09:25 م
طباعة بعد اعتذارهم لتل
 
فيما يعتبر مؤشراً كبيراً يعكس مدى التواصل الدائم بين كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتنظيم "داعش" الإرهابي الذي يسيطر على مساحات شاسعة في سورية والعراق، نقلت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية تصريحات ادلى بها وزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعالون، التي قال فيها إن "داعش" اعتذر لإسرائيل، بعدما أطلق صاروخ بالخطأ اتجاه هضبة الجولان التي تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي.
يعلون قال إن تنظيم "داعش" أطلق النار مرة واحدة بالخطأ فقط باتجاه الجولان ثم اعتذر عن ذلك على الفور"، بحسب ما نقله موقع القناة التلفزيونية الإسرائيلية، موضحاً أن أغلب حالات إطلاق النار كانت تحصل من أراضي تقع تحت سيطرة الجيش السوري، وحادثة واحدة حصلت، في الفترة الأخيرة، أطلق فيها داعش النار عن طريق الخطأ وقد اعتذر فوراً".
كان الجيش الإسرائيلي أعلن، مساء الجمعة الماضي، عن سقوط ثلاث قذائف صاروخية من سوريا داخل الأراضي الواقعة تحت سيطرة إسرائيل في هضبة الجولان المحتل، دون أن تتسبب بإصابات أو أضرار، كما قال مؤخراً وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن إسرائيل هي اكبر مستفيد من أي ضربات إسرائيلية تطول الجيوش العربية (مصر – سورية – العراق – الجزائر)، ما يعني ان سورية من الممكن أن يكون معها وثائق تثبت تورط إسرائيل في دعم "داعش".
بعد اعتذارهم لتل
المثير للدهشة والذي كان محل نقاش واسع من قبل المراقبين، كيف لإسرائيل أن تهنأ بكل هذا السلام في الوقت الذي تشهد العديد من أطرافها الحدودية نشاطاً مكثفاً من قبل التنظيمات الإرهابية، لتشهد العديد من التقارير تساؤلات حول علاقة إسرائيل بـ"داعش"، وهل فعلياً التنظيم الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية على علاقة بأجهزة استخبارات إسرائيل؟ أم أنها صنيعة إسرائيلية؟ أم أن التطورات الميدانية دفعت بالتنظيم إلى فتح قنوات اتصال مع العدو الإسرائيلي لتأمن ضرباته؟
والحقيقة التاريخية أن إسرائيل لم تشهد أي عمليات إرهابية تبنتها جماعات إرهابية سواء "القاعدة" أو "داعش" على الرغم من أن سيناء ظلت طوال الوقت منطقة مشتعلة بسبب النشاط الإرهابي فيها ومع ذلك لم يتم تنفيذ أي عمليات إرهابية في إسرائيل، فقط كان يحدث كل حين وآخر إطلاق صواريخ من طراز "جراد" من شبه جزيرة سيناء، تقع في صحراء النقب، ويدعي تنظيم "داعش سيناء" أنه هو من يتبنيها كجزء من العمليات الانتقامية ضد التنظيم.
بعد اعتذارهم لتل
وللعلم فلا وثائق مؤكدة تثبت الصلة التنظيمية بـ"داعش" او "القاعدة" بإسرائيل، لكن بلا شك أن إسرائيل واميركا من أكبر المستفيدين من تواجد ونشاط تلك الجماعات الإرهابية، وأنها عملت بشكل كبير على اختراق تلك التنظيمات والوصول إلى مراكز صنع القرار فيها، الامر الذي سهل لها التعامل والتواصل معها، وان من مصلحة "داعش" في سورية أن يأمن الضربات الإسرائيلة لذلك لابد ان يكون هناك نقاط تواصل بين الطرفين.
ووفق أدبيات الجماعات الجهادية فإنهم يجدون شرعية وجوب قتال العدو القريب يعني (الأنظمة العربية الحاكمة)، على العدو البعيد (أميركا وإسرائيل).
بعد اعتذارهم لتل
كانت إسرائيل وجهت ضربات خلال الفترة الماضية لأهداف تقع تحت سيطرة الجيش السوري، في حين لم تعلن أنها وجهت أي ضربات لتنظيم "داعش" أو التنظيمات الإرهابية الآخرى، الامر الذي فسره الخبير فرنسي في جامعة "باريس الرابعة"، توما فليشيه، أن الأمر يعبر بمثابة "اتفاق جيد" بين إسرائيل وتنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك انطلاقاً من الفوضى العارمة التي تشهدها المنطقة.
وتحدث المؤرخ فليشيه، وهو العضو في مركز رولاند موسنييه التابع لجامعة السوربون، عن نظرته إلى مجمل الأشياء الحاصلة في المنطقة وقال: تنتهج إسرائيل سياسة انتهازية في الشرق الأوسط وتسعى إلى ضمان استمرار بقاءها السياسي في بيئة ومحيط  خطيرين للغاية بالنسبة لها. وبهذا المعنى يكون التعاون بينها وبين تنظيم "داعش" مفيد جداً لها.
بعد اعتذارهم لتل
وأضاف: تتّبع اسرائيل سياسة توازن، فهي لا تتمنى زوال "داعش"، وعلاوة على ذلك فإن التنظيم الإرهابي لم يعلن ولم يقم في يوم من الأيام بمهاجمة إسرائيل من وجهة نظر عسكرية أو حتى إيديولوجية، وهو الأمر الذي يظهر لنا بصراحة بأن إسرائيل ليست العدو الحقيقي لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وعلاوة على ذلك، يضيف الخبير فليشيه، إن إسرائيل قامت — في سبيل ضمان هذه الراحة والهدوء السياسي — باستضافة عناصر من التنظيم الإرهابي ومعالجتهم في مستشفياتها ومن ثم إعادة إرسالهم إلى جبهة القتال ضد الجيش العربي السوري… فبالنسبة لإسرائيل فإن داعش مهتم للغاية في عدم استمرار الاستقرار في المنطقة المحيطة بإسرائيل.
وأضاف: لعبت إسرائيل دور من وراء الكواليس بخصوص "داعش"، لأن إسرائيل لها مصلحة بنهاية المطاف في ضمان عدم استقرار المنطقة المحيطة بها إلى أقصى حد ممكن، وذلك لضمان إدامة استقرارها. "إنها سياسة مضحكة وساخرة ولكنها حقيقية وواقعية".
وختم فليشه: في السابق صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إسرائيل مستمرة في تنفيذ غارات جوية على القوافل التي تحمل أسلحة إلى حزب الله في سوريا. ورداً على ذلك أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن حماية الحدود الوطنية واجب للسطات السورية.

شارك