الازهر واشكاليات التجديد والهدم

الثلاثاء 25/أبريل/2017 - 06:18 م
طباعة الازهر واشكاليات
 
الباحث الإسلامي أحمد
الباحث الإسلامي أحمد عبده ماهر
منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني، وارتفعت بعض الأصوات ناقدة لمؤسسة الازهر بينها اصوات موضوعية تحاول تطوير المؤسسة الدينية العريقة في مصر، في محاولة منها لعودة دور الازهر التنويري والذي يقدم ما يطلق عليه البعض "الفكر الديني الوسطي"، بينما تعالت بعض الأصوات مطالبة بإغلاق الازهر والتخلي عن التراث،  وقد أثارت دعوة الباحث الإسلامي أحمد عبده ماهر، جدلًا، بعدما تقدم بحلول صادمة لتجديد مناهج الأزهر، والتي كان أبرزها إغلاق مؤسسة الأزهر الشريف لمدة 10 سنوات حتى يتم تجديد المناهج. وقد شدد ماهر، على ضرورة إجراء تنقيح عاجل لكتب الأزهريين التراثية والتي كانت سبب جدال واسع طال مؤسسة الأزهر الشريف، مستندًا، خلال ظهوره ببعض الحلقات التلفزيونية، لاقتباسات مما ورد في تلك الكتب، ليحث على ضرورة تفرغ الأزهريين لمراجعة قواعد الفقه.
النائب البرلماني
النائب البرلماني محمد أبو حامد
ووصف كريمة المفكر ماهر بأنه شخص غير واعٍ ولا يدرك قيمة مؤسسة الأزهر الشريف الذي هو منارة الإسلام في العالم أجمع، مؤكدًا أن غالبية من ينتقد مناهج الأزهر الآن تعلم منه أو على يد أحد علمائه، ووصف ما يحدث من هجوم على المؤسسة بأنها مؤامرة مشبوهة تسعى لهدم الأزهر الشريف الذي لا يمكن أن ينال منه صغير أو كبير.
وقد وصل الصدام محطة أكثر تشابكًا، بعدما رأى علماء بالأزهر أن الهجمة بمثابة مؤامرة من قبل الملحدين، في حين يعتبر الطرف الآخر المؤسسة مفرخة للإرهابيين، إذ قال كريمة: إن علماء الأزهر لن يدخلوا في سجال مع المتخلفين فكريًا على حد وصفه، أو من هم عملاء لنشر الإلحاد والفكر اللاديني.
ومن جانبه، عرض النائب البرلماني محمد أبو حامد، النسخة النهائية لمشروع قانون عرف باسم “تعديل القانون رقم 103 لسنة 1961، بشأن إعادة تنظيم الأزهر الشريف والهيئات التي يشملها”، والذي وضع ضوابط جديدة لاختيار شيخ الأزهر، وشمل أيضًا بنودًا تقضي بمحاسبة الإمام الأكبر إذا أخل بوظيفته.
وورد بمشروع القانون مادة خاصة بتعريف شيخ الأزهر، وتنص على أن “شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر لجميع رجال الدين الإسلامي وحملة القرآن الكريم، سواء كانوا منتمين للأزهر أم غير منتمين إليه، وهو الذي يمثل الأزهر وله التوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته، طبقًا للضوابط والإجراءات الواردة في هذا القانون، ويرأس المجلس الأعلى للأزهر، وهيئة كبار العلماء، وتحدد مدة ولايته بست سنوات، ويجوز إعادة انتخابه بعد انتهاء ولايته لمرة واحدة فقط، وقبل موعد انتهاء ولاية شيخ الأزهر بمدة شهر على الأقل، أو شهرين على الأكثر، تبدأ إجراءات انتخاب الشيخ الجديد، طبقًا للإجراءات والشروط الواردة في المادة الثالثة من هذا القانون”.
مشروع القانون الجديد ينص على أنه في حالة إخلال شيخ الأزهر بواجبات وظيفته، يحال إلى لجنة تحقيق تشكل من أقدم 7  أعضاء في هيئة كبار العلماء، بناء على قرار من ثلثي أعضاء هيئة كبار العلماء، وتتولى هذه اللجنة التحقيق معه فيما ينسب له، وسماع أقواله، وتعد تقريرًا بناء على ذلك، إما بتبرئة ساحته أو بإدانته، مع اقتراح أحد الجزاءات التالية: الإنذار، اللوم، عدم الصلاحية، ويُعرض هذا التقرير على هيئة كبار العلماء، ويُتخذ القرار فيه بأغلبية الثلثين، وبناء على ذلك يتقدم شيخ الأزهر باستقالته، وهذا لا يعتبر مساسًا بمنصبه، ويؤكد على استقلال الأزهر التام”.
وتعليقًا على ذلك تساءل الدكتور أحمد كريمة: “هل يجرؤ محمد أبو حامد أو غيره أن يتدخل في شؤون الكنيسة”، قائلًا: “الأزهر له رب يحميه”.
شيخ الأزهر، الإمام
شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب
وكان شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، قد تحدث لأول مرة صراحة عن وجود حملة ممنهجة ضد الأزهر الشريف يقودها الإعلام المحسوب على النظام المصري، وهو ما اعتبره متابعون تغاضيًا من النظام عن الهجوم المستمر على شيخ الأزهر، وفسروها على أنها تشير بوضوح إلى وصول الطرفين الأزهر والنظام إلى نقاط خلافية، لم يتم احتواؤها بعد.
واعتبر الطيب، الذي صمت طيلة الفترة الماضية عن انتقادات متكررة ولاذعة، أن الهجوم الذي يطال المؤسسة الأزهرية حاليًا يخرج من طرفين، الأول طائفة ممولة وممنهجة لتنفذ مخططات مدروسة تجاه الأزهر، والثانية تستغل الحدث للترويج الإعلامي لكسب مشاهدين وكثرة الإعلانات على حساب أمن ومصلحة الناس.
ويطرح في مصر من وقت لآخر، موضوع تحديث المناهج في الأزهر، إضافة إلى تجديد الخطاب الديني، وتتخذ المؤسسة الدينية موقفًا متحفظًا من هذين الموضوعين، الأمر الذي يقول مراقبون إنه “يفسر برود علاقتها بالحكومة”.
وفي ظل هذا الوضع، وبعد التفجير الذي استهدف كنيستي طنطا والإسكندرية، اعتبر إعلاميون مثل أحمد موسى، أن إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي تشكيل مجلس لمواجهة الإرهاب والتطرف بمثابة “وفاة للأزهر”، ودليل على فشله في التصدي للإرهاب، إلى جانب هجوم مماثل من الإعلامي عمرو أديب على الشيخ الجليل.
وهنا تكمن خطورة الدعوات التي يطلقها الاعلام ضد مؤسسة الأزهر وشيخها، فإنها في المقام الأول دعوة غير موضوعية، ولا نستطيع توصيفها بالممولة او غيره من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، فقد غاب على هؤلاء ان مؤسسة الأزهر هي مؤسسة ضمن مؤسسات الدولة المصرية التي طالها الفساد مثل باقي مؤسسات الدولة، والتي علينا معالجة الفساد بها وليس هدمها، فلو ان كل مؤسسة طالها الفساد نقوم بهدمها فسوف نهدم جميع مؤسسات الدولة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى قد فات على هؤلاء ان تجديد الخطاب الديني ليس مسئولية الازهر وحده بل تقع مسئولية التجديد على العديد من مؤسسات الدولة بداية من هؤلاء الاعلاميون الذين يقومون بالهجوم على المؤسسة وشيخها، ووزارة التعليم والثقافة والشباب، وغيرها من مؤسسات الدولة بما فيها الكنيسة المصرية، فلما نحاسب الأزهر وحده؟ 
ولا شك ان المسئول عن الارهاب ليس الأزهر وحده بل تلك الدولة بجميع مؤسساتها التي لا تستطيع حتى الان القيام بمسئولياتها الاجتماعية والاقتصادية وعدم تفعيل الديمقراطية في المدارس والجامعات ونظام التعليم التلقين... الخ الاسباب التي نستطيع ان نسود بها صحفنا.

شارك