أعداء الأمس حلفاء اليوم.. "القاعدة" و"داعش" وتحالف "القتلة" في سوريا

الخميس 27/أبريل/2017 - 04:36 م
طباعة أعداء الأمس حلفاء
 
مع الخلافات التي شهدها التنظميين الإرهابيين فيما بينهما، "داعش" الإرهابي بزعامة أبو بكر البغدادي والتنظيم الأم "القاعدة" بزعامة أيمن الظواهري، تعود فكرة التحالف بين التنظميين الإرهابيين مجددًا، والتي كانت فكرة مستبعدة منذ أسابيع قليلة، نظرا للعوائق الفكرية وعمق الخلافات بين التنظيمين.
أعداء الأمس حلفاء

من جانبه أعلن القائم بأعمال أمين عام منظمة معاهدة الأمن الجماعي، فاليري سيميوريكوف، اليوم الخميس 27 أبريل 2017، أن تنظيمي "داعش" و "القاعدة"، بدءا مؤخرا بالتفاوض لتشكيل اتحاد بينهما.
وخلال مؤتمر موسكو الدولي السادس للأمن قال سيميوريكوف : "حسب المعطيات المتوفرة، هناك محاولات مؤخرا بتجاوز الخلافات عبر المفاوضات بين "داعش" و"القاعدة" وضم هذين التنظيمين الإرهابيين في اتحاد"، مضيفًا أنه في حال تنفيذ هذه المبادرة، سينمو التهديد الإرهابي في العالم بأضعاف مضاعفة.
وتسائل مراقبون هل يمكن لتنظيمين تحاربا وتبادلا اتهامات وصلت حد التكفير أن يعودا إلى التحالف؟ وهل المستجدات الإقليمية والدولية الراهنة تتغلب على دواعي الفرقة والتصدع؟.
الأمر أكده إياد علاوي نائب الرئيس العراقي، حيث أعلن بأن تنظيم داعش أطلق محادثات مع تنظيم القاعدة لبحث إمكانيات وسبل التحالف، يجعل الأمر واردا إن تم تأصيله في السياق السياسي والميداني بالمنطقة.
أشار علاوي إلى بدء المناقشات بين التنظيمين حيث يدور حوار بين ممثلين لأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" وممثلين لأيمن الظواهري زعيم القاعدة، جدير بالاهتمام والبحث.
ويعكس هذا الأمر حدوث خلل ما في التنظيم الإرهابي "داعش" والذي كان يسير منفردًا، كما يفتح الباب أيضا، إن حصل الاتفاق والتحالف الذي أشار إليه علاوي على إمكانيات واسعة للتنظيمين، تحتم على القوى والدول التي تحارب الإرهاب أن تأخذها بالاعتبار.
ويذكر أن الخلاف بين داعش والقاعدة انطلق سياسيا وعسكريا، على خلفية الأزمة السورية عام 2011، عندما قرر أبوبكر البغدادي قائد تنظيم داعش منذ عام 2010 توسيع نشاطه ليشمل الأراضي السورية، وأرسل عددا من مقاتليه للمشاركة في القتال ضد النظام، حيث رحّب أيمن الظواهري وريث قيادة تنظيم القاعدة منذ وفاة أسامة بن لادن، بدخول تنظيم داعش الحرب ضد النظام السوري إلى أن اندلع الخلاف حول جبهة النصرة وهل تبقى كيانا مستقلا بقيادة سورية منفصلة عن التنظيم القادم من العراق وفق رأي الظواهري، أم تندمج في ألويته وفق رأي البغدادي.
وبدأ القتال بين التنظيمين مطلع عام 2014 وانتهت رسميا علاقات القاعدة بالدولة الإسلامية التي أطلقت على نفسها تسمية الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش.
إضافة إلى التصريحات المتبادلة التي وصلت حدّ التكفير واتهام القاعدة لتنظيم داعش بأن قادته "حدثاء الأسنان" لا يفقهون تنزيل "كفر النوع" على "العين"، سواء في حق المسلمين من أهل السنة أو من أصحاب المذاهب الأخرى، في المقابل اتهم فقهاء داعش للقاعدة بأنها تنظيم "سروري" وأنها استحالت شبيهة بتيار محمد سرور زين العابدين الذي جمع بين العمل السياسي ومشروعيته وفق المنطق الإخواني إضافة إلى خصالها في التعامل مع المخالف.
ويري مراقبون أن مجرد بدء نقاشات لبحث سبل التحالف يمثل تطورا نوعيا في مسار العلاقة، موضحين أن التوجس المشترك مما ينتظر التنظيمين تغلّب على العوائق السالف ذكرها، والواضح أيضا أن كل طرف يدركُ جيدا أن التنظيم الآخر يكمل نقصانه، لكن الأكيد أن الأزمة أعمق عند تنظيم داعش وهو الباحث عن تثبيت مواقعه فضلا عن إنشاء مواقع جديدة تجنبه مطبات الحصار. 
وهو ما يؤدي إلى القول إن هذا التحالف إن تحقق يتقصّد آفاقا تتجاوز خط الموصل – الرقة، وأن هذا التحالف يرنو على المستوى الميداني إلى توسيع دوائر نشاط التنظيمين، بربط البؤر المتوفرة عند كل تنظيم ببعضها لتشكيل ما يشبه الشبكة من النقاط المتقاربة والتي ستتيح لاحقا إمكانيات أكبر من التحرك والمناورة.
وبذلك يستفيد داعش من الخلايا النشطة والكامنة لتنظيم القاعدة في سوريا وفي العراق وليبيا وصولا إلى مالي ونيجيريا، فضلا عن الخلايا الصغيرة في الفلبين وإندونيسيا.
ووفق محللون فأن تنظيم القاعدة سيتكئ على الحضور الداعشي في ليبيا وفي مصر وفي اليمن (جدير تأمل تصريح منصور التركي المتحدث الأمني باسم الداخلية السعودية حين عبر عن أن القاعدة فقدت قدرتها في اليمن وداعش هو الأخطر.
أعداء الأمس حلفاء

ويؤدي التحالف حال حدوثه إلي تغيير في أدبيات التنظيمين، ومن ذلك توحيد مفهوم العدوّ وهي مسألة إشكالية مهمة لدى الفريقين، أولا لأنها أثارت خلافات كبرى منذ عام 2010 حتى لحظة الافتراق، وثانيا لأنها ستحدد مستقبلا أشكال التحرك لدى الفريقين أو لدى التنظيم الجديد إن تم التحالف.
ويعتبر العدو لدي القاعدة هو العدو البعيد "أمريكا والصهاينة" إذ يشدد التنظيم على أن الأولوية هي للمعركة مع الصليبيين، مع الاحتفاظ التكتيكي بمواجهة العدو القريب (الأنظمة العربية) في سياق دفع الضرر. هنا لم يضع تنظيم القاعدة في اعتباره الشيعة أو المخالفين له في خانة العدو القريب. وكان ذلك أحد مثالب التنظيم في قراءات داعش.
أما العدو عند تنظيم داعش طال كل مخالف؛ كالمسيحيين والصهاينة والشيعة والإيزيديين وكل المخالفين في الرأي أو المذهب، ويتوقع مراقبون أن يسحب تنظيم داعش معه القاعدة إلى مفهومه للعدو، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة، والتضييق عليه من قبل قوات الجيش العراقي أو من قبل قوات التحالف الدولي في سوريا أو في غيرها من الميادين.
وانتقد الظواهري تنظيم داعش في أكثر من مناسبة علنا بسبب أساليبها التي شملت قطع الرؤوس والإغراق والحرق، حيث تكرس الصراع بين التنظيمين منذ رفض تنظيم داعش أوامر الظواهري بالانسحاب من سورية لصالح جبهة النصرة أواخر سنة 2013.
ووفق تقارير عالمية فإن تصريحات علاوي في بحث إمكانية التحالف بين التنظميين تؤشر أولا على أزمة عميقة يعيشها تنظيم داعش، أكثر عمقا من مثيلتها لدى القاعدة، وأن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من نشاط مختلف التنظيمات الإرهابية.
كانت تطرقت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية، إلى مسألة تحالف تنظيمي "داعش" و "القاعدة"؛ مشيرة إلى أن هذا التحالف سيعقد عملية مكافحة الإرهاب في العالم.
المستشرق أندريه سيرينكو أكد للصحيفة أن احتمال تحالف هاتين المجموعتين في المستقبل القريب أمر ضئيل جدا، وذلك لأن "دولة الخلافة" لا تريد فقد موقعها القيادي.
وأعرب سيرينكو عن اعتقاده بأن "التعاون بين المجموعتين سيكون ممكنا فقط بعد أن يتم القضاء على جيوب "داعش" الموجودة الآن في الشرق الأوسط. عندها فقط يمكن أن تتعاون بقايا "داعش" و"القاعدة" في تجنيد مسلحين جدد في لتعزيز صفوفهما، مشيرا إلى أن بعض المحللين توقعوا في عام 2015 تعزيز مواقع "القاعدة" بعد القضاء على "داعش". 
وذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، أن التهديدات التي تواجهها  "داعش" والقاعدة" في سوريا والعراق وليبيا يدفعهما نحو الاندماج في حده الأقصى، أو التنسيق الميداني على الأرض، أو في أقل الأحوال وقف القتال المتبادل بينهما ووقف التلاسن الإعلامي بين التنظيمين، لذلك لابد أن تلتفت القوى التي تقاتل التنظيمين على الأرض سواء الجيش السوري الوطني أو الجيش العراقي أو الجيش الليبي إلى خطورة ذلك الاندماج أو التنسيق وأثره على أساليب القتال على الأرض.

شارك