بوكو حرام واستراتيجية تفخيخ الأطفال في نيجيريا

السبت 29/أبريل/2017 - 02:04 م
طباعة بوكو حرام واستراتيجية
 
ليست بوكو حرام هي الجماعة الاولى التي تستخدم الاطفال كوقود للصراع بينها وبين خصومها لكن الخطير في الأمر ان تعمل جماعة بوكو حرام الإرهابية في نيجيريا، على تجنيد الأطفال وتفجيرهم تجنبا لكشف هوياتهم؛ ففي 13 يناير، فجرت اثنتان من النساء نفسيهما، في مدينة تسمى ماداجالي، كما فجر ستة أطفال أنفسهم أيضا.
بوكو حرام واستراتيجية
وقال موقع أوول أفريكا: استطاع الأطفال اجتياز نقطة تفتيش بعد التعامل معهم كمدنيين عاديين، خاصة أن النساء اللاتي فجرن أنفسهن كن يحملن أطفال رضع، وقمن بالتفجير في النقطة الأمنية، مضيفا: استخدمت بوكو حرام عشرات من الفتيات في التفجيرات الانتحارية، ويشير استخدام الأطفال والنساء إلى اتجاه خطير؛ حيث من الصعوبة اكتشافهم، أو الشك بهم.
وتابع الموقع: من تاريخ الجماعة الإرهابية، يتضح أن استخدام الأطفال والنساء في تفجير نقاط التفتيش الأمنية، تجربة مبدئية إذا نجحت سوف يتم استخدامهم في الأماكن العامة والمكتظة بالسكان، حيث يصعب التعرف عليهم، وفي نفس الوقت يحققوا أكبر خسائر ممكنة، سواء في الأرواح أو الممتلكات.
وأشار “أوول أفريكا” إلى أن عمليات الاختطاف الجماعي للفتيات والأطفال التي كانت تنفذها جماعة بوكو حرام، فجرت موجة من الأسئلة الملحّة عن مصيرهم، واعتبر المسؤولون والمحللون السياسيون أن اختطافهم هدفه الضغط على الدولة والشعب النيجيري وتحدي جهود المجتمع الدولي، لكن كان لبوكو حرام هدفا أبعد وأخطر من خلال استخدامهم كقنابل بشرية.
وتابع الموقع: تعتبر عمليات اختطاف الرهائن والسطو على المصارف، وتجارة وتهريب الأسلحة، أهم موارد تمويل الحركة، التي يتهم الرئيس النيجيري أعضاء في الحكومة والبرلمان بدعم أنشطتها مالياً ولوجستياً، وسبق لأجهزة الأمن النيجيرية أن ألقت القبض على بعض التجار والسياسيين، المتهمين بالمساهمة في تمويل بوكو حرام.
بوكو حرام واستراتيجية
تعود جذور نشأة “بوكو حرام” إلى الصراع الدائر في نيجيريا بين الجنوب المسيحي والشمال المسلم، الذي يُشكّل سكانه نسبة 70 % من فقراء نيجيريا، إثر عقود طويلة من التهميش والحرمان في ظل نظام فيدرالي عمل على تعميق الهوة بين الطبقة السياسية الحاكمة وعامة الشعب، فتحوّلت التوترات العرقية والدينية إلى صراع سياسي، متعدد الأوجه والمظاهر، وأصبحت حركة بوكو حرام من أبرز تجلياته.
وساهمت عوامل عدة في بروز التنظيم، أهمها تفشي الفقر، وفساد الطبقة السياسية الحاكمة في شمال شرق نيجيريا، حيث تتأجج معركة الصراع على السلطة.
ويوضح تقرير أبحاث أكسفورد  أنه لا يوجد تفسير بسيط لنشأة بوكو حرام، فهي نتاج مزيج معقد من المشاكل السياسية والاقتصادية، والتوترات الاجتماعية التي تغلي في شمال نيجيريا منذ عقود، في ظل غياب حلول ناجحة، ووسط حالة انعدام الاستقرار السياسي وانتشار العنف العرقي والفوضى، في منطقة حدودية واسعة ووعرة، وجدت الحركة بيئة مناسبة لتنمو وسط حاضنة شعبية قبلية وسياسية.
وتعني بوكو حرام بلغة الهاوسا المحلية “التعاليم الغربية حرام”، وتشمل التربية هنا كل ما يرتبط بالغرب في التعليم واللباس والأفكار والمعتقدات، وتنادي الحركة بضرورة الدفاع عن العادات والتقاليد الإسلامية في وجه نمط الحياة الغربية الوافد، وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد.
وشكلت مجموعة من الشباب المسلمين، اجتمعت عام 2002 في ولاية كانو، وجعلت من مسجد الحاج محمد في المدينة مقراً لها، لكنها سرعان ما تركت المدينة نتيجة ما وصفته بانتشار الفساد الديني والأخلاقي، وتوجهت إلى قرية مايدوغوري في إقليم كاناما الحدودي مع النيجر.
بوكو حرام واستراتيجية
وحث زعيم المجموعة محمد يوسف كل مسلمي الإقليم إلى الهجرة، والانضمام إلى صفوف الجماعة لتأسيس مجتمع إسلامي “حقيقي” وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، تحت راية الجماعة التي أصبحت تُعرف بـ ”طالبان نيجيريا”.
وفي 20 ديسمبر 2003، وقعت أولى مواجهات بين أعضاء في الحركة العزّل وأفراد الشرطة، إثر خلاف على حق الصيد في بحيرة في المنطقة، فدحر أفراد التنظيم قوات الشرطة، واستولوا على أسلحتها، فأدى ذلك إلى تدخل الجيش، الذي أطبق حصارا خانقا على معقل الحركة، انتهى بمقتل العشرات من أعضائها.
وفي الأونة الأخيرة عملت جماعة بوكو حرام، على تنمية استراتيجيتها؛ من خلال التوسع في تجنيد الأطفال لتنفيذ هجمات انتحارية، لاقت على إثره إدانات من الحكومات والدعاة الدينيين والحقوقيين في جميع أنحاء العالم، وتضم الجماعة المسلحة التي تتخذ من نيجيريا مقراً لها أكثر من 100 طفل، لاستخدامهم في تنفيذ تفجيرات انتحارية تكتيكية في مختلف الدول الإفريقية.
وقال موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية: “خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، أصبح إجمالي الأطفال المستخدمين، حوالي 30 طفلا كانوا محاصرين بالمتفجرات وأرسلتهم المجموعة إلى مجتمعات مأهولة بالسكان في يناير وفبراير ومارس الماضيين، في نقلة نوعية من التمرد”، مؤكدا أن بوكو حرام استخدمت أكثر من 100 طفل لأغراض تفجيرية، منذ عام 2014، وكان منهم ثمانون في المائة من الفتيات الصغيرات.
بوكو حرام واستراتيجية
وأوضح موقع وكالة اليونيسيف أن أزمة بحيرة تشاد التي تمتد لسبع دول، ساهمت بشكل كبير في تعميق أزمة الأطفال المحاصرين بالمنظمات الإرهابية التي تستخدمهم في الأعمال الانتحارية لخدمة جدول أعمالهم الجهادي، وأصبح الأطفال أول ضحايا النزاع، مضيفا أن جماعة بوكو حرام، على وجه الخصوص، تقود حملة اختطاف منهجية أجبرت آلاف الفتيات والفتيان للانضمام إلى صفوفهم.
ولفت الموقع إلى زيادة عمليات استخدام الأطفال في الحوادث الإرهابية، ورغم أن “بوكو حرام” لم تستخدم سوى أربعة أطفال في الهجمات الانتحارية عام 2014، إلا أن الرقم ارتفع إلى 56 في عام 2015، و30 في 2016، ومن المرجح أن يصل العدد إلى الضعف في 2017، ويعد ذلك أسوأ استخدام للأطفال في الصراع، ويمثل جريمة في حق الإنسانية.
وأكد الموقع أن تمرد جماعة بوكو حرام، كان يغذيه إلى حد كبير الاختطاف المنهجي للأطفال، ولا يزال اختطاف تشيبوك واحدا من أكثر الأمثلة شهرة، ولا تزال حتى يومنا هذا المشكلة قائمة ولا يعرف مكان الفتيات المختطفات ولم تستطع حكومة جوناثان السابقة أو حكومة بخاري الحالية حل الأزمة، مضيفا أن الأولاد وبعض الفتيات يتم اختطافهم لتدريبهم على حمل السلاح، في حين يتم اتخاذ شابات أخريات لتأدية أدوار ترفيهية داعمة للمقاتلين، مثل الاغتصاب أو استخدامهن في جهاد النكاح.
وأوضحت “اليونسيف” أن التمويل المحدود يعوق مهمتها في إعادة تأهيل الناجين من الأطفال، حيث تلقت 40 % فقط من 154 مليون دولار في التمويل الدولي الذي طلبته العام الماضي، وأوصت الوكالة بضرورة تحرير الأطفال المرتبطين بالإرهاب من “الاحتجاز الإداري المغلق”، ونقل الأطفال من الجيش إلى بيئة مدنية في أسرع وقت ممكن، وتوفير الرعاية والحماية للأطفال المنفصلين وغير المصحوبين بذويهم.
وقال الموقع إن تعقيدات تقديم خدمات الرعاية الصحية والتعليم والصرف الصحي والحماية لملايين الأشخاص المنتشرين في الأربع دول التي تشهد صراعا نشطا ومميتا، تمثل واحدة من أكثر التحديات الإنسانية تعقيدا في العالم، على أرض الواقع، واستخدام الأطفال في هذه الأزمة، يجعل القصص أكثر صعوبة حيث إن كل طفل لديه قصة مماثلة من الهجوم والهروب والخسارة والنضال.
وقد أصدر مؤخرا مرصد الأزهر للغات تعقيبا على عملية تفخيخ بوكو حرام للأطفال جاء فيه:
بوكو حرام واستراتيجية
اقتضت حكمة الله - تعالى - أن يمرّ الإنسان خلال حياته بمراحل عمرية مختلفة؛ وتعد مرحلة الطفولة من أجمل المراحل التي يمرّ بها الإنسان خلال حياته منذ ولادته حتى مماته، ففيها يعيش الإنسان سعادة أول خطوة يخطوها على الأرض، ويبدأ يتذوق حلاوة الحياة، ويشرع عقله في التفكير فيما حوله، أما مرحلة الطفولة بالنسبة للأمم فهي مرحلة غرس البذور التي يرجى حصاد ثمارها في المستقبل؛ فما تغرسه الآن تحصده غداً، لذا تهتم الأمم جميعها بالأطفال أيما عناية فأطفال اليوم؛ شباب الغد، رجال المستقبل. الأمر الذي أكدت عليه الأديان والأعراف والقوانين، بل وحتى العادات والتقاليد والاجتماعية، وعلى النقيض من ذلك تقوم الجماعات الإرهابية باتخاذ الأطفال أسلحة يصوبونها تجاه ضحاياهم، وقنابل يتم تفجيرها في الآمنين، وسهاماً يطلقونها صوب أهدافهم، وهم بذلك يضربون بكل الأعراف والشرائع والقوانين، بل والفطرة الإنسانية عُرض الحائط، فها هي جماعة بوكو حرام ذراع داعش في غرب إفريقيا تواصل مسلسل إجرامها ووحشيتها بحق الأطفال الأبرياء وكأنها تصرّ على مقابلة براءتهم بوحشيتها وتتعمد تبديد الحلم بمستقبل أفضل على يد هؤلاء الأطفال حينما يكبروا وتحويله لكابوس مزعج من خلال أطفال مفخخين يُزجّ بهم هنا وهناك فتسيل دماءهم الذكية وتفيض أرواحهم الطاهرة ومعها أرواح كثير من الأبرياء.
وقد أخذ مرصد الأزهر لمواجهة التطرّف على عاتقه كشف جرائم مثل هذه الجماعات التي لا تراعي في إنسان إلاً ولا ذمة، رجلاً كان أو امرأة، صغيراً كان أو كبيراً، مسلماً كان أو غير مسلم، فالكل مستهدف، حتى صار مجرمو هذه الجماعات يسعون لإراقة الدماء سعي الظمآن على الماء، وقد دأب إرهابيو بوكو حرام على استغلال الأطفال بعد تخديرهم في تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية؛ الأمر الذي أكده تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"؛ حيث أن جماعة بوكو حرام صارت تعتمد على الأطفال بشكل أساسي في تنفيذ هجماتها الإرهابية، وأن نحو 80% من هؤلاء الأطفال من البنات المختطفات واللاتي يتم تفخيخهن والزجّ بهن في الأماكن العامة، والكمائن، والمعسكرات التابعة للجيش النيجيري. كما أفاد التقرير أن جماعة بوكو حرام المتطرّفة تقوم بتخدير الأطفال قبل تفخيخهم. وأورد التقرير إحصائية جاء فيها أن عام الثلاثة أشهر الماضية قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في استغلال جماعة بوكو حرام للأطفال في تنفيذ هجماتها الإرهابية؛ حيث بلغ عدد العلمليات التي نفّذتها الجماعة باستخدام الأطفال نحو 27 عملية انتحارية في نيجيريا، والنيجر، وتشاد، والكاميرون. وأضافت المنظمة في تقريرها أن بوكو حرام نفّذت ما يقرب من 117 تفجيرًا انتحاريًا باستخدام الأطفال، منذ عام 2014، الأمر الذي دفع قوات الأمن في مناطق نشاط بوكو حرام للتعامل مع الأطفال بحذر شديد حتى أن نحو 1500 طفل تم اعتقاله خلال العام الماضي في كل من الكاميرون ونيجيريا والنيجر وتشاد. ويتزامن صدور هذا التقرير مع الذكرى الثالثة لواقعة اختطاف فتيات تشيبوك، التي قامت فيها بوكو حرام باختطاف 276 فتاة من طالبات المدارس.
ويرى المرصد أن جرائم بوكو حرام بحق الإنسانية والأطفال فاض بها الكيل، وفاقت الحد، وانتهكت كل القوانين والشرائع والأعراف، مما يتطلب تشديد المواجهة الفكرية أولاً قبل الميدانية، إذ من السهل القضاء على إرهابي وليس من السهل القضاء على فكرة إرهابية أو فتوى شاذة أو رأي متطرّف؛ الأمر الذي يسعى المرصد جاهداً لتحقيقه من خلال نشر الفكر الصحيح، وإحلال الاعتدال محل التطرّف، حتى ينعم العالم بالأمن الذي ينشده ويتخلّص من وباء الإرهاب.

شارك