قبائل سيناء بين مواجهة الإرهاب والبحث عن موطن

السبت 06/مايو/2017 - 02:30 م
طباعة قبائل سيناء بين مواجهة
 
باتت المواجهة بين مسلحي «داعش» في شمال سيناء وقبائل المحافظة مفتوحة، بعد أن بدأ «اتحاد القبائل» بقيادة قبيلة «الترابين» مداهمات لمعاقل المسلحين في مناطق القبائل ونصب أكمنة لاصطيادهم.
وطالب اتحاد «قبائل سيناء» في بيان أمس، الشباب المنضمين إلى تنظيم «أنصار بيت المقدس»، الذي بايع «داعش» في العام 2014، بـ «تسليم أنفسهم للقبائل وترك التنظيم». وحذر البيان «كل الشباب المغرر بهم من قبل الدواعش: انتبهوا وسارعوا بالفرار منهم وعودوا لأهلكم وقبائلكم وعائلاتكم قبل فوات الأوان. من سلم نفسه قبل أن يضبط متلبساً فله الأمان، وأما من كابر وخان فلا يلومنّ إلا نفسه».
قبائل سيناء بين مواجهة
وكان «اتحاد قبائل سيناء» أعلن أن «مجموعة من رجاله» أوقفوا 10 من مسلحي «داعش» بينهم أجنبي. ونشر الاتحاد صوراً لمجموعة من أبناء القبائل مسلحين ويستقلون سيارات نقل صغيرة أثناء عمليات دهم وملاحقة مسلحين يتبعون تنظيم «داعش». وأوضح الاتحاد أن مجموعة من شباب قبيلة الترابين قامت بـ «عملية نوعية ناجحة في عقر التنظيم الإرهابي في منطقة المهدية ونجع شبانة في جنوب رفح أسفرت عن توقيف أحد أخطر قيادات تنظيم «داعش» في سيناء، يُدعى أسعد العمارين (37 سنة)، وهو غير مصري و9 من أتباعه من دون إراقة قطرة دم واحدة». وقالت قبيلة «الترابين» في بيان إن العمارين «كان يتولى جانب الإمداد والتمويل في التنظيم وسبق وجند الكثيرين، حيث كان يحظى بمكانة كبيرة لدى أوساطه، وهو صهر القيادي في التنظيم شادي المنيعي ويتمتع في تحركاته بحراسات مشددة من قبل الإرهابيين». ونشر الاتحاد صوراً للموقوفين معصوبي الأعين وموثوقي الأيدي، الذين قال إنهم «مسلحو داعش».
وفي بيان آخر، قال الاتحاد إن «مجموعة من رجالنا قامت بمداهمة أوكار ومخابئ تنظيم «أنصار بيت المقدس» المبايع لـ «داعش»، في منطقة البواطي جنوب رفح، وتم العثور في المنطقة على مخزن يحتوي على متفجرات وألغام وأدوات يستخدمها التنظيم في تصنيع المفخخات والعبوات الناسفة».
وتلك هي المرة الأولى التي تنشر فيها قبائل سيناء في شكل علني صوراً وفيديوات لمداهمات يقوم بها بدو من أبنائها ضد المسلحين، واقتصر الأمر في السابق على إعلان تصديها لتلك المجموعات المسلحة ومشاركة الجيش والشرطة في جهودها لتطهير مناطق القبائل من أي وجود لمسلحين.
ورغم هذه الحرب التي تشنها قبائل سيناء على الإرهاب، تواجه هذه القبائل مشكلات عدة أهمها حالة الرفض والغضب التي سيطرت على أهالي سيناء بعد قرار مجلس الوزراء بتخصيص قطعتي أرض بمدينتي العريش وبئر العبد لإقامة بيوت للأهالي النازحين والمُهجًّرين من مناطق الاشتباك بين الجيش والجماعات المسلحة في الشيخ زويد والشريط الحدودي في رفح.
حيث تضمن القرار المنشور بالجريدة الرسمية تخصيص الأراضي بالمجان لبناء بيوت “بدوية” للنازحين المنتقلين إلى العريش، وبناء قرية بمدينة بئر العبد لنفس الغرض.
ويقدر عدد النازحين والمُهجرين من مدينتي الشيخ زويد ورفح في السنوات الأربع الماضية بـ40 ألف مواطن، يقيم عدد كبير منهم داخل عشش في بئر العبد وعلى أطراف العريش، بلا أي خدمات أو مساعدات من الدولة وفقا لتصريحات سابقة لنائب شمال سيناء حسام الرفاعي.
وفي تصريحات صحفية لخالد عرفات، أمين حزب الكرامة بشمال سيناء، قال، إن القرار كارثي وخطير، ويؤكد شكوك أهالي الشيخ زويد ورفح الذين تم تهجيرهم قبل 3 سنوات، ومخاوفهم من عدم العودة مرة أخرى، مشيرا إلى أن الحكومة تبرهن بقرارها على نيتها في إعادة توطينهم في مناطق أخرى بعيدا عن أراضيهم الأصلية.
وتساءل عرفات: لماذا لم تعلن الحكومة بوضوح منذ التهجير أنه لا إمكانية لعودة الأهالي؟ مؤكدا أن القرار يعكس عشوائية الدولة وغياب خطتها الواضحة في مكافحة الإرهاب في الشيخ زويد ورفح.
وأشار إلى أن الحكومة تطالب الأهالي اليوم بالعودة وتستعد لبناء بيوت بدوية لهم في بئر العبد والعريش بعد أن تشتتوا خلال السنوات الماضية وتوزعوا على كل محافظات مصر بين الصالحية والقاهرة والإسماعيلية وغيرها، مطالبا البرلمان بمساءلة الحكومة حول هذا القرار الذي يفرغ الشريط الحدودي لرفح من السكان، وهي منطقة شديدة الخطورة وتثير المخاوف حول ما تردد خلال الفترة الماضية عن محاولات لخلق وطن بديل للفلسطينيين.
وأضاف أن أهالي الشيخ زويد لن يقبلوا بالتنازل عن أراضيهم نهائيا بعد أن أجبروا على تركها أثناء العمليات العسكرية والحرب على الإرهاب، ولن يبيعوا أراضيهم بهذه السهولة التي تطرحها الحكومة.
قبائل سيناء بين مواجهة
وقال حسام الرفاعي، عضو مجلس النواب عن شمال سيناء، إن بناء بيوت بديلة للمهجرين قرار خاطئ، في ظاهره الرحمة وباطنه جحيم لأهالي الشيخ زويد الذين صبروا على معاناة المعيشة بعد التهجير منذ أكثر من 3 سنوات على أمل العودة لأراضيهم في يوم من الأيام، وهذا القرار يعتبر إجحافا بهم واعتداء على حقوقهم ويقضي على آمالهم في العودة.
وأضاف أن الحكومة كان يجب عليها توفير الخدمات والمساعدات للأهالي المهجرين الذين يقطنون العشش الآن من خلال توفير عمارات ووحدات سكنية للسكن فيها بشكل مؤقت لحين عودتهم فور انتهاء العمليات العسكرية وليس إبعادهم بشكل نهائي عن بيوتهم الأصلية.
وأوضح الرفاعي أن تفريغ الشريط الحدودي ينطوي على خطورة كبيرة، ويصب في مصلحة الكيان الصهيوني، مشيرا إلى أنه سيتقدم ببيان عاجل غدا الأحد لمراجعة القرار ومناقشته مع الحكومة والتعرف على أسبابها وفلسفتها في اتخاذه وعن المخاطر الأمنية التي تترتب عليه.
ومن جانبه، أكد يحيى أيوب، المحامي وعضو “اللجنة الشعبية للدفاع عن سيناء” لـ”البديل”، أن القرار يشكل خطورة من زاويتين؛ أولاهما أنه يعمل على تفريغ المنطقة الحدودية على طول 60 كم شرق العريش ما يمثل تهديدا للأمن القومي، فتهجير السكان وإخلاء المنطقة من التنمية يحولها إلى بيئة خصبة للإرهاب، والزاوية الأخرى هي أن قرار توطين أهالي الشيخ زويد ورفح في مناطق بالعريش وبئر العبد قد يؤدى إلى “حالة من العداء والضغينة” بين القبائل وبعضها، وهو ما يهدد بحرب أهلية.
وأوضح أن كل قبيلة وعائلة تعلم جيدا أراضيها وترفض التفريط فيها، فأين هي الأراضي التي تخصصها إذن الحكومة لتوطين أهالي الشيخ زويد بالعريش، متخوفا من نزع الحكومة لملكية بعض أهالي العريش لأراضيهم لإعطائها للوافدين عليهم، وهو ما يؤدى إلى مشكلات كارثية أهالي سيناء في غنى عنها في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة ونيران الإرهاب المستمرة.
وأكد أيوب أن القرار يمثل إهدارا لحقوق العودة ومخالفة صريحة لوعود الحكومة بإعادة توطين المهجرين إلى أماكنهم الأصلية وليس استبدالها بمناطق جديدة، مشيرا إلى أن أراضي رفح تعتبر من أغنى الأراضي المليئة بالمياه الحلوة الصالحة للاستهلاك، فضلا عن قربها للبحر، ومن ثم لن يفرط أهالي الشيخ زويد في بيتوهم الأصلية.
وأوضح أن لجنة الدفاع سوف تعقد اجتماعا طارئا هذا الأسبوع لبحث نتائج القرار، وإعلان موقف القبائل منه، بالإضافة إلى مخاطبة أعضاء البرلمان عن محافظة شمال سيناء لرفض القرار.
يذكر أن أعدادا كبيرة من أهالي رفح والشيخ زويد، هاجروا إلى مدينتي العريش وبئر العبد القريبتين، اللتين تشهدان أوضاعًا أفضل نسبيًا، وذلك نتيجة لتردي الخدمات وتراجع الوضع الاقتصادي وتعرض الأهالي للقتل والعنف جراء الصراع، بحسب شهاداتهم. بينما تدخلت القوات المسلحة لإخلاء مساحات واسعة من قرى المدينتين الحدوديتين نحو العريش وبئر العبد، وبدأت عمليات التهجير في أكتوبر 2014 بهدف خلق منطقة عازلة، وذلك بتهجير الأسر القاطنة على مسافة كيلومتر من الشريط الحدودي مع غزة على مرحلتين، وأعلنت أن الهدف هو منع تهريب السلاح عبر الحدود.
فهل تستطيع حكومة شريف اسماعيل تدارك الموقف والوصول الى اتفاقات مع القبائل لتهدئة الأمر والخروج من الحرب على الإرهاب بأقل الخسائر، وعدم اشعال حرب أهلية بين القبائل بديلة عن الحرب على الإرهاب، وهل تستطيع حكومة شريف اسماعيل ان تقوم باتخاذ اجراءات سريعة لتنفيذ ما يمكن تنفيذه من مخططات تنمية سيناء لمواجهة الإرهاب بالتنمية!

شارك