بعد نتائج الانتخابات.. سقوط اسطورة الاخوان في الجزائر والمنطقة

السبت 06/مايو/2017 - 02:37 م
طباعة بعد نتائج الانتخابات..
 
كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية الجزائرية عن خيبة أمل متوقعة لتيار الاسلامي وتراجع مكان الإخوان المسلمين في البلاد، متاثر بالانقسامات داخل التيار الاسلامي  علي المستوي المحلي وسقوط نموذ الاخوان في عدة دول عربية، وتطهر ميل الجزائريين الي الاستقرار وعدم المجازفة بالتغيير ن وعدم تكرار تجربة العشرية السوداء.

فوز الحزب الحاكم

فوز الحزب الحاكم
أعلن نور الدين بدوي وزير الداخلية الجزائري، امس الجمعة، النتائج الرسمية غير النهائية للانتخابات البرلمانية والتي شهدت تراجعا للحزب الحاكم رغم تمسكه بالمقدمة وذلك لصالح شريكه في الحكومة التجمع الوطني الديمقراطي، وخيبة، امل لتيار الاسلامي وخاصة جماعة الإخوان.
وفي مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الجزائر، خلال إعلانه عن النتائج الرسمية غير النهائية للانتخابات، قال بدوي إن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم فاز في الانتخابات البرلمانية التي جرت الخميس 4 مايو2017 بحصوله على 164 مقعدا(من إجمالي 462) متبوعا بشريكه في الحكومة حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي حصل على 97 مقعدا. وحل في المركز الثالث تحالف "حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير"(المحسوبة علي جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر) بـ 33 مقعدا.
ووفق الوزير فقد حل في المركز الرابع المستقلون بـ 28 مقعدا ويليهم حزب تجمع أمل الجزائر(موالاة) بـ19 مقعدا، ثم تحالف العدالة والنهضة والبناء (المنشق عن حركة مجتمع السلم وهي الذراع السياسية للاخوان في الجزائر) بـ 15 مقعدا.
أما الحزبان النافذان في منطقة القبائل "الامازيغ"  فلم يحققا الشيء الكثير، فجبهة القوى الاشتراكية نالت 14 مقعدا، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني) على تسعة مقاعد فقط، وحصل جبهة المستقبل(وسط) بـ 14 مقعدا، وحزب العمال (يسار/ معارض) بـ 11 مقعدا. وتوزعت بقية المقاعد بين عدة تشكيلات سياسية من مختلف التوجهات.
وتنافس في هذه الانتخابات 11 ألفا و300 مترشح، يمثلون 53 حزبا وتحالفات حزبية وعشرات القوائم لمستقلين، وذلك لعهدة برلمانية من خمس سنوات.

نتائج التيار الإخواني :

نتائج التيار الإخواني
شكلت نتائج الأحزاب المحسوبة علي جماعة الإخوان ، وهو تحالف "حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير"(المحسوبة علي جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر) والفائز بـ 33 مقعدا، وتحالف العدالة والنهضة والبناء (المنشق عن حركة مجتمع السلم وهي الذراع السياسية للاخوان في الجزائر) بـ 15 مقعدا، نتائج متوقعة لمكانة التيار الاسلامي في الخارج.
وقدأظهرت النتائج تراجعا لتحالف مجتمع السلم (إسلامي) الذي ضم إلى جانبها جبهة التغيير بقيادة وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة حيث حصد الحزبان اللذين أعلنا سابقا اندماجهما 33 مقعدا في الوقت الذي حصدت مجتمع السلم 48 مقعدا في انتخابات 2012 التي دخلتها في تحالف مع حركتي النهضة والإصلاح الوطني.
كما كانت نتائج التحالف من أجل العدالة والنهضة والبناء الإسلامي دون التوقعات بعد أن كان قياديوه يأملون دخول البرلمان بقوة هذه المرة لكنهم حصدوا 15 مقعدا فقط. 
وهذا التحالف أعلن عنه قبل الانتخابات بين ثلاثة أحزاب إسلامية هي جبهة العدالة والتنمية، التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، وحركة النهضة بقيادة محمد ذويبي، وحركة البناء الوطني (المنشقة عن حركة مجتمع السلم) بقيادة مصطفى بلمهدي، دخلت الانتخابات بقوائم موحدة وتسعى للاندماج نهائيا في حزب واحد بعدها.
 ولكن مجموع تحالفات التيار الاسلامي في الإنتخابات البرلمانية تعادل نفيس مقاعد انتخابات 2012 وهو 48 مقعدا.
من جهته، تحدث رئيس حركة مجتمع السلم، القيادي الإخواني عبد الرزاق مقري، أن النتائج لا تعبر عن المأمول وعن الإرادة الشعبية، كما تحدث في مؤتمر صحفي عن تسجيل عمليات تزوير بطريقة جديدة، مشيرا إلى تعليمات أعطيت للسطو المباشر على أصوات الناخبين.
كما تعهد مقري بتقديم طعون لدى المجلس الدستوري، لكنه أعرب عن أسفه "لأن الكثير من التجاوزات لا نملك فيها أدلة مادية"، وحسب مقري فإن نسبة المشاركة لم تتعد 25%، وليست 38.25% التي وصفها بـ"المضخمة".
كما أعرب الحزب الجزائري جبهة العدالة والتنمية المعارضة عن شكوكه بخصوص شفافية الانتخابات التشريعية التي نظمت، أمس الخميس، بالجزائر على خلفية لامبالاة تامة من الجزائريين.
وفي تصريح لقناة تليفزيونية جزائرية، اتهم عبد الله جاب الله “السلطات بإعطاء تعليمات لمسؤولين في الإدارة والبلديات من أجل تضخيم نتائج حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي (التحالف الحاكم)، خلال فرز الأصوات وعملية التصويت”.
وتأسف زعيم جبهة العدالة والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان في الجزائر، لكون الإدارة “لا تحرص على التخلي عن عاداتها الانتخابية السيئة”.

لماذا كانت نتائج الإسلاميين مخيبة:

لماذا كانت نتائج
جاءت نتائج الانتخابات الاسلاميين وخاصة تيار الإخوان المسلمين مخيبة للأمال الداعمين لهم، ونتيجة طبيعة لمراقبين والمتابعين لعدة اسباب  داخلية وخارجية.
الوضع الاقتصادي وصحة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه، بالاضلافة الي تجربة العشرية السوداء في التسعينات  وارتفاع خطر تنظيم "داعش" والقاعدة في المغرب الاسلامي، جعل الجزائرين يحبذون الاستقرار " اللي نعرفه أحسن من الكراش اللي مانعرفوش"، بدلا امن التغيير والسقوط في دوامة عدم الاستقرار مقارنة بتجارب الاسلاميين والتغيير الدول الجوار"ليبيا- تونس"، ومن ثم عدم وجود تغيير حقيقي في المغرب.
كما يشكل الانشقاقت وحالة الخصومة بين اطراف التيار الاسلامي في الجزائر احد اهم اسباب عدم تحقيق الاسلاميين نتائج قوية في الانتخابات التشريعية، فقد كان هناك اكثر من تحالف لاحزاب وجماعات التيار الاسلامي، وهما تحالف "حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير" وتحالف العدالة والنهضة والبناءن و هو ما ادي الي عزوف الجزائريين عن التصويت لتيارات الاسلامية.
ويبدو أن الصورة التي تم تسويقها عن إسلاميي الجزائر خلال فترة التسعينات أو ما يسميه الجزائريون "العشرية السوداء"، كان لها عميق الأثر في دفع المصوتين إلى تلك النتيجة.
وقد بدا سلوك الإسلاميين في المنطقة العربية قبيل الربيع العربي وبعدهُ، من العناصر التي جعلت اصوات الجزائريين تذهب الي ائتلاف الجزب الحاكم ، فشل اسلاميي الدول العربية القي بظلاله علي إسلاميي الجزائر، فقد حكم الإسلاميين في كل من مصر وتونس والمغرب،  ففشلو في مصر وتراجعو في تونس والمغرب وشاب ادائهم التخبّط والعشوائية والتعثّر، مع تراكم المشاكل الاقتصادية التي تكاد تودي باقتصاد البلاد، تبدو سمات مميزة لحكم الإسلاميين، في تلك البلدان، ويرى مراقبون أن ذلك التخبط لا يشجّع الجزائريين التواقين إلى الاستقرار والأمن على نسخ تلك التجارب في بلدهم.
وحتى في المغرب الذي لم يشهد ثورة، تبدو الانتقادات لحكم "العدالة والتنمية" متفاقمة يوما بعد يوم، ويرى متابعون أن عجز الإسلاميين على تنزيل شعارات "الإسلام هو الحل" من النظري إلى الواقع، ساهم كثيرا في جعل إسلاميي الجزائر يحكمون لغير صلاح الجماعات الدينية.
ويرى ملاحظون أنّ عدم قدرة الإسلاميين على إقناع الجزائريين بمدنيتهم واعتدالهم على غرار ما حصل في تونس والمغرب من جهة، واقتناع المواطنين من جهة أخرى بحتمية الصدام بين السلطة والإسلاميين، كلها أمور عجّلت بالإطاحة بإسلاميي الجزائر مع أول اقتراع شفاف وبمراقبة دولية.
ومن المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ الشعب الجزائري، على عكس تونس والمغرب ومصر، جرّب الأحزاب الإسلامية على أرض الواقع، لأنها لم تكن جميعا محظورة في الجزائر، وتعامل معها خلال ما يقارب ثلاثة عقود ولا يبدو أنه جنى الكثير من ورائها، ولاحظ عقمها وعدم فعاليتها، وحتى ضعف أدائها ميدانيا.

المشهد السياسي:

المشهد السياسي:
ختاما اظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية، ان اسطورة وبعبع الاسلاميين في الانتخابات قد ولت بلا رجعة في الجزائر والدول العربية مع فشل الاسلاميين خلال وصولهم الي سدة الحكم في تحقيق نتائج ملموسه للشعب العربي، وهو ما ادي الي تراجعهم وانحصار  التصويت لهم في مناطق نفوذهم او العناصر التابعة لهم والذين يختارون مرشحيهم في اخر لحظة، ولذلك تبقي نتائج انتخابات التشرعية في الجزائرة محطة تاريخية في تراجع التيار الاسلامي في الشارع العربي.

شارك