"داعش" و"الناتو السني" و"لجم إيران".. أبرز ملفات القمة "الإسلامية – الأمريكية"

الأحد 14/مايو/2017 - 09:09 م
طباعة داعش والناتو السني
 
حالة من الترقب تشهدها العديد من الأوساط السياسية، ترقباً لما سيتم الإعلان عنه من القمة العربية (الإسلامية – الأمريكية)، المقررة فى 23 من مايو الجارى فى العاصمة الرياض، والتى سيشارك فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى أول جولاته الخارجية التى سوف تشمل إسرائيل والأراضى الفلسطينية والفاتيكان.
ويبدو أن العديد من الملفات الشائكة التي تشهدها المنطقة سوف يتم حسمها بشكل نهائي خلال فعاليات تلك القمة، ويأتي من بين هذه الملفات القضية الفلسطينية، والإرهاب، وتشكيل تحالف عربي سني (ناتو سني) لمواجهة ما يسمونه التدخلات الإيرانية في المنطقة، فضلاً عن محاولة تحديد رؤية موحدة للأزمة في سورية، واليمن. 
زيارة ترامب للمملكة سبقها زيارة لوزير الدفاع ولي ولي العهد محمد بن سلمان، إلى أميركا حيث وقع استثمارات هي الاكبر في تاريخ المملكة في الولايات المتحدة الامريكية، بلغت 350 مليار دولار، فضلاً عن صفقات أسلحة يـ100 مليار دولار.
"شيء ما يتم الترتيب له، خاصة أن ثلاث قمم ستُعقد في الرياض القمة الإسلامية الامريكية والقمة الإسلامية السنية وقمة عربية".

القضية الفلسطينية

القضية الفلسطينية
ما يُعزز أن القمة ستحسم بشكل كبير الكثير من ملفات القضية الفلسطينية، هو ترامب والسيسي خلال لقائهم الأخير في واشنطن تحدثوا سوياً عن "قضية القرن" في إشارة إلى القضية الفلسطينية، وقال السيسي وقتها "ستجدُني وشعب مصر معكم أثناء حلكم لصفقة القرن الخاصة بالقضية الفلسطينية". 
اللافت للنظر أن ترتيبات داخلية يشهدها البيت الفلسطيني الداخلي، حيث تقوم مصر بإجراءات لتقريب وجهات النظر بين فرقاء المشهد الفلسطيني، (فتح وحماس) فضلاً عن بذل القاهرة جهود كبيرة لإتمام مصالحة بين الاطراف المتنازعة داخل حركة فتح. 
كما أدخلت حركة المقاومة الإسلامية حماس تعديلات جوهرية على ميثاقها الداخلي، وأعلنت انفكاكها عن جماعة الإخوان، وقبلت بدولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، دون الاعتراف بإسرائيل كدولة، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من الحركة فرض تفسها على المشهد الفلسطيني خلال المناقشات الدولية، وأن الحركة أدخلت تلك التعديلات كي تكون مقبولة دولياً مع القوى الغربية. 

داعش والناتو السني
المثير للدهشة ان تقارير إسرائيلية نشرت على نطاق واسع خلال الأيام الماضية تحدثت عن رؤيتها لحل القضية الفلسطينية، معظمها مخالف للثوابت العربية وما أعلنته الجامعة العربية ومصر والأردن الذي أكدوا اكثر من مرة في بيانات رسمية أنهم متمسكون بقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
كما أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الاعلى للشرطة المدنية، أن ما يتردد بخصوص منح الفلسطينيين جزء من سيناء لإقامة وطن بديل لهم عارٍ تماماً عن الصحة، وان أرض سيناء جزء لا يتجزء من الأراضي المصرية التي أريقت عليها دماء المصريين دفاعاً عنها.

الناتو السني

الناتو السني
ويبدو أن المقترح الأمريكي بإنشاء قوات إسلامية سنية في المنطقة لمواجهة ما يسمى بالنفوذ الإيراني في المنطقة سيكون محلاً للنقاش خلال للقمة التي سيحضرها الفرقاء إذ من بين الحضور الرئيس السيسي والرئيس التركي أردوغان وما هو معروف بينهما من تلاسن مستمر.
كانت المملكة العربية السعودية أعلنت في 2015 تشكيل تحالف إسلامي لمواجهة الإرهاب وقالت إنه سيضم العديد من الدول السنية، واستثنت إيران منه، إلا ان الفكرة تعطلت أو تم تجميدها مؤخراً، ويبدو أنها ستكون محل للنقاش خلال الاجتماع، لكن بشكل آخر تم الإعلان عنه وهو قوات إسلامية سنية، (ناتو سني)، لمواجهة التدخلات والنفوذ الإيرانية، وذلك بدعم أميركي، وقد أشارت تقارير إلى أن إسرائيل لا ترى خطورة من هذا التحالف عليها وانها من الممكن ان تساهم فيه بشكل معلوماتي.
اللافت أنه على الرغم من التدخلات المصرية مع السعودية والغزل المتبادل بين ترامب والسيسي، إلا ان الإدارة المصرية يبدو أنه لا يروق لها الدخول في تحالفات على أساس مذهبي في المنطقة، وان القاهرة لاتزال تتمسك بإنشاء قوات عربية مشتركة تعمل تحت مظلة الجامعة العربية، خاصة أن الجهة الشرقية في مصر تشهد نشاطاً إرهابياً من تنظيم ما يُعرف بـ"ولاية سيناء" الفرع المصري لتنظيم "داعش".

داعش والناتو السني
وقد بادرت المملكة بدعوة العديد من قادة دول التحالف الإسلامى لمكافحة الإرهاب، فيما يجول عدد من وزراء السعودية دول العالم الإسلامى لإنجاح القمة التى سيعقدها ترامب فى المملكة مع قادة الدول العربية والإسلامية، حيث زار وزير الخارجية السعودية عادل الجبير خلال اليومين الماضيين المغرب وتونس والجزائر وسلم قادتها دعوة من العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز لحضور القمة، والتقى وزير الإعلام السعودى عواد العواد، رئيس الوزراء الباكستانى نواز شريف فى إسلام آباد، وسلمه دعوة الملك سلمان لحضور القمة، فى الوقت الذى يترأس فيه القائد السابق للجيش الباكستانى، رحيل شريف، التحالف الإسلامى لمكافحة الإرهاب.
والتقى وزير الاستثمار السعودى، ماجد القصبى فى أنقرة، مؤخرا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ووجه إليه دعوة لحضور القمة، إذ تتقاسم الرياض وأنقرة الموقف نفسه حول عدد من الملفات الساخنة فى المنطقة وبخاصة سوريا، وتم توجيه الدعوات إلى ملك البحرين حمد آل خليفة، ورئيس الإمارات خليفة بن زايد، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والعاهل المغربى الملك محمد السادس، والرئيس العراقى فؤاد معصوم.
وقالت وسائل إعلام سعودية إن من الزعماء الذين تأكد حضورهم القمة الأمريكية - الإسلامية هم قادة مصر وتركيا وباكستان، إضافة إلى حكام الدول الخليجية، باستثناء سلطان عُمان السلطان بن قابوس، ورئيس الإمارات، بسبب ظروفهما الصحية.

داعش والناتو السني
ونقلت قناة "CNN" الأمريكية عن مساعد لترامب قوله إن جولة الرئيس الأمريكى بمثابة استعراض رمزي أمام حلفاء أمريكا المقربين، الذين تأمل واشنطن فى تعزيز جهودهم لمواجهة التطرف والتعصب، وأنها تهدف إلى الإعلان عن عهد جديد فى السياسة الخارجية الأمريكية.
وأشارت الإدارة الأمريكية إلى 3 أهداف استراتيجية للزيارة، هى: التصدى لإيران ومواجهة داعش ومشاركة الأعباء، ومع ذلك فإن جدول أعمال القمة يشمل ملفات شائكة ومعقدة، أبرزها مكافحة داعش، وتكثيف التعاون الاستخباراتى بين واشنطن والدول الإسلامية لمحاربة التنظيم فى سوريا والعراق واليمن، مع سعى إدارة ترامب إلى إقامة مناطق عازلة فى سوريا لحماية اللاجئين، وهو ما تؤيده دول الخليج.
مع بحث تمويل الخليج لتلك المناطق، وهو ما كان ترامب قد أكده بعد انتقاداته للرياض بعدم تحمل المزيد من الأعباء فى محاربة الإرهاب. وأكد مسؤولون أمريكيون أن ترامب يتطلع إلى استراتيجية بعيدة المدى مع الحلفاء فى الشرق الأوسط ضد الإرهاب والتطرف، وأن هناك حماسة كبيرة للعمل معه، لافتين إلى فرصة تاريخية لتحسين الوضع الإقليمى والعلاقات مع واشنطن التى انسحبت فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما من المنطقة لحساب التقارب مع إيران.

لجم إيران

لجم إيران
ومن أهم القضايا التى تسيطر على جدول أعمال القمة، التهديدات الإيرانية الصاروخية، والزعم بتورط إيران فى الحروب الدائرة فى اليمن والعراق وسوريا، مع الصراع السعودى - الإيرانى للسيطرة على زعامة العالم الإسلامى، إلى جانب دور إيران في فيما يتعلق بتورط طهران فى دعم المتمردين الحوثيين فى اليمن، ووقوفها بالمال والسلاح فى مساندة الرئيس السورى بشار الأسد الذى تصر السعودية وحلفاؤها الخليجيون على رحيله.
وصعّد ولى ولى العهد السعودى وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان من انتقاداته لطهران، مؤكدا أن الباب مغلق لتحسين العلاقات معها، وألمح في وقت سابق، إلى نقل المعركة داخل إيران، فيما رد وزير الدفاع الإيرانى حسين دهقان بأن "طهران لن تترك جزءا من السعودية على حاله باستثناء الأماكن المقدسة، إذا ارتكبت الرياض أى (حماقة) بنقل المعركة لطهران".
وحولت إدارة ترامب الدفة ضد طهران، وتعهد ترامب بتمزيق الاتفاق النووى الذى أبرمته الدول الغربية مع إيران فى 2015، وسعت إلى فرض المزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها الصاروخى. 
وفى خطوة تبدو أنها تشير إلى إعادة إحياء الحلف الأمريكى - السعودى، هاجم وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس خلال زيارته للرياض، إيران، قائلا إنها تزعزع الاستقرار فى المنطقة، وأضاف أنه لا يريد "حزب الله" جديداً فى اليمن.

داعش والناتو السني
تأتى القمة الأمريكية - الإسلامية بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية فى 19 مايو الجارى، والتى يتنافس فيها المعتدل حسن روحانى لفترة جديدة مع 5 مرشحين آخرين، أبرزهم إبراهيم رئيسى، المدعوم من المرشد الأعلى على خامنئى، والمتشددون فى إيران. 
اللافت أنه وبحسب التقارير الاستخباراتية الامريكية فإن ترامب لن يتخذ أي خطوة تجاه الاتفاق النووي الإيراني، خاصة ان تلك التقارير تقول إن الاتفاق يحافظ على الامن القومي الأميركي ويحد من قدرات طهران في الحصول على قنبلة نووية.
ترامب تراجع عن الكثير من التصريحات التي أدلى بها وقتما كان مرشحاً رئاسياً، قهو على سبيل المثال لم يستطع أن يدرج جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، كون التقارير التي جاءته من اجهزة الاستخبارات بينها (FBI) أكدت ان خطوة الإدارج تصر بمصالح أميركا في المنطقة.
لذلك يمكن تفهم تصريحات ترامب التي وصفت في الكثير من الأوقات بـ"الجنونية" أنه لم يكن ملم وقتها بكل التفاصيل السياسية، وانه رجل قادم من خلفية اقتصادية لا علم له بالسياسة.
وتسيطر الاستثمارات السعودية وصفقات السلاح الأمريكية للمملكة على جدول أعمال القمة، وتمثل أحد الدوافع القوية لتعزيز العلاقات بين البلدين، فإدارة ترامب تأمل فى إبرام المزيد من صفقات السلاح بعشرات مليارات الدولارات للرياض والخليج، لتعزيز قدراتها فى مواجهة ما يسمونه المخاطر الإيرانية.

داعش والناتو السني
وزير خارجية السعودية عادل الجبير قال إن الإدارة الأمريكية اتخذت خطوات لبيع قنابل موجهة، كانت الإدارة الأمريكية السابقة أوقفتها خشية سقوط ضحايا بين المدنيين، ومن المتوقع أن تشمل صفقة البيع ذخيرة تزيد قيمتها على مليار دولار، وكانت إدارة أوباما عرضت على السعودية أسلحة بنحو 115 مليار دولار فى أكبر عرض تقدمه أى إدارة أمريكية على مدى 71 عاماً من التحالف الأمريكى - السعودى. 
ورجح خبراء أن يتم الاتفاق على استثمارات ومشاريع ضخمة تصل تكلفتها إلى 350 مليار دولار ضمن تنفيذ "رؤية السعودية 2030" لتنويع الاقتصاد وتحريره من الاعتماد على النفط.

الوضع في سورية واليمن

الوضع في سورية واليمن
وتتناول القمة المرتقبة مستقبل التعاون الأمريكى مع دول العالم الإسلامى فى مكافحة داعش، والحرب فى اليمن، والوضع المتأزم فى سوريا، وبحسب العديد من التقارير فإن القمة ستُحدد موقف موحد تجاه مصير الأسد، كما ستأخذ المملكة ضوء أخضر من أميركا لاستمرار الحرب في اليمن.
وتتمسك المملكة العربية السعودية وتركيا وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، بضرورة ترك الأسد لمنصبه، في حين ترى مصر أنه ليس المهم الآن مصير الأسد، وان الاهم هو تثبيت الدولة السورية، كون بديل بشار هو الجماعات الإرهابية، كما ترى مصر أن حل الازمة في اليمن عبر المفاوضات السياسية ولا ترى فائدة أو جدوى من عمليات القتال.

الحضور المصري

الحضور المصري
وحضور مصر القمة الإسلامية- الأمريكية مهم، إذ تعتبر القمة بداية عملية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة، وأنها ستبحث الأمن الإقليمى من خلال وجهتى نظر العالم الغربى، ممثلا فى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والعالم الإسلامى، ممثلا فى الدول التى ستحضر هذا المؤتمر.
ويقول المفكر عبدالمنعم سعيد في تصريحات صحافية، إن مصر تستطيع أن تفعل 3 أشياء، أن تقدم للعالم تصوراً من قلب المنطقة عن كيفية تحقيق الأمن الإقليمى فيها، انطلاقا من وجهة النظر المصرية، التى تطالب بالحفاظ على الدول العربية أو الشرق أوسطية، لأن أى بديل للدولة القائمة هو الفوضى والحروب الأهلية والعنف واللاجئون والنازحون وتدمير المدن، إلى آخر هذه الآلام المعروفة، فجوهر القضية هو الحفاظ على الدولة كما تم تشكيلها فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، ثم الحرب العالمية الثانية.
وتابع: "مصر أيضاً هى التى تستطيع أن تعرض كيفية مكافحة الإرهاب من الزاوية العملية، ولاسيما أن لها تجربتها الخاصة فى مواجهته، سواء حركة الإخوان المسلمين أو بيت المقدس وداعش وغيرها من التنظيمات، وهذا من الناحية العملية العسكرية، والجانب الآخر هو تجديد الفكر الدينى، وفى كلا الأمرين علينا أن نطرح أمورا محددة تتعلق بالإرهابيين من انتقالهم وتمويلهم وتوفير ملاذ آمن لهم".
وأوضح سعيد أن كلمة الرئيس فى هذا الاجتماع سوف يسمعها العالم كله، وأعتقد أنها سوف تكون متميزة عن كل ما سيُقال فى هذا الاجتماع، مستبعداً أن ينتج عن هذا المؤتمر تحالف يضم دولا إقليمية فاعلة فى المنطقة، ومنها مصر وتركيا مثلا، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، حتى مع دعوتها إلى عقد هذا الاجتماع، لأنه واضح جدا للجميع أن مَن يجمع كل الأطراف فى هذا المؤتمر هو طرفان رئيسيان، وهما الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكلاهما له علاقة بكل مَن سيحضر هذا الاجتماع، خاصة فيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب سواء بتبادل المعلومات أو بمشاركات عسكرية مثل مشاركة البحرية المصرية فى اليمن أو مشاركة مصر والإمارات فى مقاومة الإرهاب فى ليبيا.

داعش والناتو السني
وأضاف: "هناك علاقات متقاطعة داخل هذا المؤتمر، لكن لا أظن أن ترد تفصيلا فى البيان الختامى الذى سيوافق عليه الحضور، وفى اعتقادى أنه سيركز على المبادئ العامة".

شارك