قراءة في بنود البيان الختامي للقمة الإسلامية الأميركية

الأحد 21/مايو/2017 - 09:05 م
طباعة قراءة في بنود البيان
 
فجر البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الأميركية، التى عقدت في الرياض اليوم السبت 21 مايو 2017، جملة من التساؤلات خاصة ان البيان حمل ألغاماً بينها إنشاء مركز دولي لإقامة التطرف، وتشكيل قوة عسكرية قوامها 34 ألف مقاتل لمواجهة ما يسمى مكافحة الإرهاب، لتبقا الأسئلة حول الدور المنوط بالمركز والدور الذي سيلعبه لمواجهة الإرهاب، فضلاً عن القوات العسكرية الإسلامية (43,000 مقاتل) المزمع تشكيلها أين ستكون مركز قيادتها وما هي الاهداف التي ستتخرك على أساساها وما هي المعاير الحاكمة لعملها، فضلاً عن النسب التي من المُقرر ان تُشكل قوات تلك القوات.
كانت تقارير إعلامية تحدثت عن رغبة اميركا والمملكة العربية السعودية إنشاء تحالف عسكري عربي سني، لمواجهة التوغلات الإيرانية في المنطقة، وقد كشف صحف مصرية عبر مصادر قيل إنها مقربة من دوائر صنع القرار في مصر، ان الإدراة المصرية تتحفظ بشدة على إنشاء قوات عسكرية على أساس طائفي أو أيديولوجي في المنطقة وان مثل هذه التحالفات العسكرية من شأنها إدخال المنطقة في دوامات الاقتتال الداخلي والاحتراب على أساس طائفي.
ولطالما تمسكت القاهرة بإحياء مبدأ القوات العربية المشتركة لمواجهة الإرهاب، إلا أن تحفظ السعودية على المطلب المصري خلال لاقمة العربية التي عقدت في القاهرة خلال مارس 2015 هو ما عطل تنفيذ المقترح المصري، وقد قال مراقبون أن التحفظ السعودي جاء لحساب رغبة المملكة في إنشاء تكتل عسكري يخمل اسم "التحالف الإسلامي" لمواجهة الإرهاب.

قراءة في بنود البيان
ويبدو أن القمة العربية الإسلامية الأميركية، كان إجماع بعض الحاضرين فيها على أن إيران هي مصدر الإرهاب في المنطقة، وانه يجب التصدي لتلك السياسات الإيرانية، خاصة ان القمة سمت أذرع إيران المسلحة في المنطقة بالجماعات الإرهابية، ومن بين تلك الجماعات (حزب الله في لبنان – الحوثيين في اليمن).
ومصر يحكمها ضوابط دستورية حال رغبة رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحية إرسال قوات خارج البلاد، حيث تنص المادة (152) من الدستور على "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة فى مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثى الأعضاء. فإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى".
ومنذ أنطلقت عمليات ما تسمى (عاصفة الحزم) في اليمن تحت القيادة السعودية، تحت مزاعم دعم الحكومة الشرعية بعد انقلاب جماعة الحوثي على شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وترسل مصر قوات بحرية لتامين مضيق باب المندب التي ترى القاهرة أنه استراتيجي لحركة الملاحة في قناة السويس، وقوات جوية، إلا أنها تحفظت على أرسال قوات برية، وتتمسك بالحل السياسي للأزمة وترى ان حل الازمة لن يتم إلا عبر الجهود السياسية وليس بالحروب العسكرية.

قراءة في بنود البيان
وتتباين الرؤية المصرية مع نظيرتها السعودية حيال مُعالجة قضايا المنطقة، وعلى رأسها الأزمة السورية حيث ترفض مصر سياسة المملكة في دعم الجماعات المسلحية على الأرض في سورية، وكذلك ترى ان سقوط نظام الرئيس بشار الأسد يعني ان بديله سيكون الجماعات الإرهابية، لذلك تدعم القاهرة جهود حل الأزمة السورية سياسياً، كما ترفض القاهرة سياسة المملكة تجاه الازمة في اليمن.
كان البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الأمريكية، عبر عن الارتياح لأجواء الحوار الصريح والمثمر التي سادت أجواء القمة، وشدد البيان التأكيد على أن تنسيق المواقف والرؤى بين العالمين العربي والإسلامي والولايات المتحدة سيكون على أعلى مستوى، كما نوه البيان الذي عرف بـ"إعلان الرياض" إلى  ضرورة التأكيد على توسيع الحوار الجاد لتوضيح سماحة الدين الإسلامي ووسطيته.
ودان البيان إدانة مواقف النظام الإيراني العدائية واستمرار تدخلاته في شؤون الدول الداخلية والالتزام بالتصدي لذلك، كما رفض البيان ممارسات النظام الإيراني وتواصل دعمه للإرهاب والتطرف،  وثمن القادة المشاركون في المؤتمر المبادرة السعودية لتأسيس مركز حوار بين الأديان، وشددوا على أهمية تجديد الخطاب الفكري ليتوافق مع منهج الإسلام الوسطي المعتدل، ودعا البيان الختامي إلى تعزيز العمل المشترك لحماية المياه الإقليمية ومكافحة القرصنة.

قراءة في بنود البيان
اللافت للنظر أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي كانت قوية للغاية ومعبرة عن الموقف المصري إزاء قضايا وأزمات المنطقة، خاصة أن الرئيس السيسي في وقت سابق قال خلال كلمة له في ندوة تثقيفية للجيش، إن مصر متمسكة بحل قضايا المنطقة وفق رؤيتها الخاصة، وانها لن تقبل بغير ذلك بديلاً. 
وقدم الرئيس السيسي خلال كلمته التي ألقاها في القمة العربية الإسلامية الأميركية المنعقدة بالرياض، بمبادرة من 4 نقاط لمحاربة التطرف والإرهاب في العالم، في النقطة الأولى قال السيسي إنه "ينبغي محاربة جميع التنظيمات الإرهابية بدون تمييز، وعدم اقتصارها على تنظميين اثنين، ويجب أن تكون المواجهة شاملة ومتزامنة على جميع الجبهات، وفي هذا المجال فإن مصر تخوض حربا ضروسا ضد الإرهاب وتحقق فيها إنجازات كبيرة وإن معركتنا هي حزء من الحرب العالمية ضد الإرهاب، منوها إلى أن التنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكري والمعلومات والأمن".

قراءة في بنود البيان
أما النقطة الثانية فهي من خلال المواجهة الشاملة التي تعني مواجهة كافة أبعاد الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والأبعاد السياسية والأيدلوجية، قائلا أين تتوفر الملاذات الإرهابية ومن يشتري منهم الموارد الطبيبعة كالبترول مثلا ومن يشتري منهم الآثار والمخدرات ومن يوفر لهم وسائل إعلام  وهناك دول تورطت في دعم الإرهاب وتوفير الملاذات لهم".
وفي النقطة الثالثة أشار السيسي إلى ضرورة القضاء على قدرة التنظيمات وعلى تجنيد واستمالة عناصر جدد، فالمعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز، وأردف "كنت قد طرحت مبادرة لتصويب الخطاب الديني بما يؤدي إلى ثورة فكرية شاملة وأنا اتابع هذه المبادرة مع المؤسسات المعنية في مصر لاسيما الأزهر الشريف الذي يمثل الإسلام المعتدل".
ووفقا للنقطة الرابعة في مبادرة السيسي، فإنه يجب الاعتراف بأن الشرط الضروي الذي يوفر البيئة الحاضنة للإرهاب هو تفكك المؤسسات الوطنية في العديد من بلدان وبالتالي سعي الإرهابيين لملء ذلك الفراغ، كما نوه إلى وجوب تكريس مسيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي وحقوق الإنسان وتمكين المرأة واحترام الشباب.

قراءة في بنود البيان
وأردف السيسي خلال كلمته أن "الشعب المصرى مستمر بعد استعادة دولته في بناء وزيادة كفاءة مؤسساته الوطنية، ويتقدم يوما بعد يوم على مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أن مصر تدعم بكل قواها كافة الجهود الرامية لتسوية أزمات المنطقة، بما يحافظ على وحدة وسيادة الدول الوطنية وسلامتها الإقليمية، وحمايتها من قوى التشرذم والتطرف الطائفي، وترفض كل محاولات التدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية".
كانت القمة الخليجية الأميريكية، انتهت إلى تشكيل تحالف لمواجهة الإرهاب وداعمية، ما يعني أن التحالف العسكري الذي أعلن عنه البيان الختامي للقمة يستهدف إيران على وجه الخصوص وليس كما تزعم القمة الإرهاب. 
ويرى مراقبون أن تشارك مصر في تحالف عسكري قائم على اعتبارات أيدولوجية طائفية لمواجهة إيران تحت مسمى مكافحة الإرهاب خطأ قد يضاعف التوتر في المنطقة، كما أن أميركا لن تدخل في مواجهة مباشرة مع إيران كونها قوة إقليمية تُحترم على الأرض من الناحية العسكرية أو الاقتصادية، فضلاً عن كون إيران لاعب أساسي في مصير العراق وسورية ولبنان واليمن إلى جانب كونها المتحكمة بشكل أساسي في مضيق هرمز. 

شارك