الفلبين.. معقل "داعش" القوي في جنوب شرق اسيا

الثلاثاء 30/مايو/2017 - 05:10 م
طباعة الفلبين.. معقل داعش
 
اقترب الجيش الفلبيني  من حسم المعركة مع جماعة ماوت في مدينة ماراوي، بعد احتلالها من قب مقاتلين محسوبين علي تنظيم "داعش" بعد هجوم مفاجئ لخلايا تابعة له داخل المدينة في إشارة إلى أن التنظيم المتشدد ينوي نقل خلافته المزعومة إلى الشرق الاسيوي بعد هزيمته في العراق وسوريا. ماهو تاريخ الفلبين مع التنظيمات المتشددة؟ وماهي بصمات داعش هناك؟

معركة ماراوي

معركة ماراوي
وقد قال الجيش الفلبيني، إنه "أوشك على استعادة مدينة جنوبية يسيطر عليها متشددون منذ سبعة أيام، بعد أن أطلقت طائرات مروحية المزيد من الصواريخ على مواقع يسيطر عليها مسلحون بايعوا تنظيم داعش".
وأصبحت الاشتباكات في مدينة ماراوي مع "مجموعة ماوت"، التي لم تكن معروفة قبل عام، تمثل أكبر تحدٍّ أمني للرئيس رودريغو دوتيرتي الذي تولى السلطة قبل 11 شهراً؛ إذ يقاوم المسلحون هجمات جوية وبرية وما زالوا يسيطرون على أجزاء وسط المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 200 ألف نسمة.
وأعلنت العاصمة مانيلا الأحكام العرفية في مراوي، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها هذه الأحكام منذ عام 1972، ويُعتقد أن تنظيم الدولة حاصر المدينة بغية السيطرة عليها وذلك بعد اشتباكات دارت مع الجيش الفلبيني، وأدت إلى مقتل 61 مسلحاً من التنظيم ونحو 11 جندياً.
و و الفلبين التي تعد من أكثر الدول غير الإسلامية التي نمت فيها التنظيمات المتشددة منذ أكثر من ثلاثين سنة، كانت أراض خصبة نوعا ما لداعش، الذي له انتشار وأجهزة تحسس عالمية للأزمات تمكنه من تحديد بؤر التوتر والتدخل في التفاصيل وتحويل الصراعات إلى حسابه. وهو ما يفعله من حين الى اخر في الفلبيبين مقتنصا الفرص لاطلاق ضربات باسمه.
الناطق باسم الجيش الفلبيني، ريستيتوتو باديلا، قال في تصريحات صحفية الاثنين: إن "المتمردين ربما يحصلون على مساعدة من عناصر متعاطفة معهم، ومقاتلين أخرجوهم من السجون في أثناء الاضطرابات التي اندلعت الثلاثاء الماضي وفاجأت الجيش".
وأضاف باديلا، أن "قادتنا الميدانيين أكدوا أن النهاية اقتربت، ويمكننا التحكم فيمن يخرج ومن يتحرك، ونحن نحاول عزل كل جيوب المقاومة هذه"، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اللندنية.
وأكد الجيش أن "أكثر من 100 شخص قُتلوا، غالبيتهم من المتشددين، وفرّ غالبية سكان المدينة"، مبيناً أن "مجموعة ماوت ما زالت موجودة في 9 من 96 حياً في المدينة".

"داعش" في الفلبين

داعش في الفلبين
تاريخ داعش في الفلبين ليس بالبعيد ويمكن اختزاله في جماعة أبو سياف بالدرجة الأولى التي أعلنت رسميا عن انتماءها لداعش  عام 2015. وتعد جماعة أبي سياف مجموعة متطرفة كانت انشقت عام 1991 عن جبهة تحرير مورو، التي قادت حربا ضد القوات الحكومية لعدة عقود للحصول على حكم ذاتي في هذه المنطقة، وتمثل القوام الرئيس للمتمردين في أرخبيل مندناو جنوب الفلبين. 

وقد أسس هذه الجماعة المتطرفة عبد الرزاق أبو بكر جنجلاني الذي تلقى تعليمه في ليبيا، حيث عاش فترة من الوقت قبل أن يعود إلى بلاده ليقود هذا الفصيل المتطرف حتى مقتله في اشتباك مع وحدة أمنية فلبينية عام 1998، ليخلفه شقيقه الأصغر، قذافي جنجلاني الذي قتل بدوره عام 2007.
وقد روّج "داعش" مؤخرا لمعلومات عن نشاطات الجماعات المسلحة التابعة له في الفلبين، وادعى أن قواته هناك تضم عشر كتائب، وأن مسلحيه قتلوا حوالي ثلاثمئة جنديا فلبينيا منذ بداية 2015.
فيما اشارت التقارير الى ان المتشددين في الفيلبين يعتمدون على الخطف والابتزاز للحصول على الفدية، في مؤشر يشي بأن تنظيم داعش عازم هذه الفترة على التغلغل في جنوب الفلبين خاصة مع تمكنه من جمع معظم الكتائب المقاتلة تحت لوائه، وهو ما يعني أن حربا من نوع جديد مرشحة للاندلاع في أدغال مندناو.

مقاتلين اجانب:

مقاتلين اجانب:
وكشف الصراع بين الجيش الفلبيني ومقاتلي "داعشط عن وجوزد العشرات من المقاتلين العرب والاجانب في صفوف التنظيم، فقد قال مصدر من المخابرات الفلبينية إن نحو 40 مقاتلاً جاؤوا في الفترة الأخيرة من الخارج وبعضهم جاء من دول في الشرق الأوسط كانوا ضمن ما بين 400 و500 مقاتل اجتاحوا مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو، يوم الثلاثاء الماضي. بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز".وأضاف المصدر "أن من بينهم إندونيسيين وماليزيين وباكستانياً واحدا على الأقل وسعودياً وشيشانياً ويمنياً وهندياً ومغربياً وشخصاً واحداً يحمل جواز سفر تركي".

وأكد الخبير الأمني بكلية "إس. راجاراتنا" للدراسات الدولية في سنغافورة، روحان جوناراتنا، أن "تنظيم داعش يتقلص في العراق وسوريا ويتناثر في مناطق من آسيا والشرق الأوسط"، مشيراً إلى أنه من المناطق التي يتوسع فيها هي جنوب آسيا والفلبين التي تعتبر مركز الاستقطاب.
وأعلن تنظيم "داعش" والجماعات المرتبطة به مسؤوليته عن عدة هجمات في مختلف أرجاء جنوب شرق آسيا في العامين الماضيين، لكن المعركة في مدينة ماراوي كانت أول مواجهة طويلة مع قوات الأمن، حيث  قالت الحكومة، اليوم الثلاثاء، بعد أسبوع من بدء القتال إنها على وشك استعادة المدينة.
وفي العام الماضي، أصدر متشددون من جنوب شرق آسيا يقاتلون في سوريا تسجيلاً مصوراً يحثون فيه مواطنيهم على الانضمام لإخوانهم في جنوب الفلبين أو شن هجمات في الداخل بدلاً من محاولة السفر إلى سوريا.
بدوره، الخبير في شؤون الإرهاب المقيم في جاكرتا، سيدني جونز، قدم لـ"رويترز" بعض الرسائل الحديثة المتبادلة في غرفة دردشة على تطبيق تليغرام للتراسل الذي يستخدمه أنصار "داعش".
وفي إحدى هذه الرسائل كتب أحد المستخدمين يقول إنه في قلب مدينة ماراوي، حيث يمكنه رؤية أفراد الجيش "يركضون مثل الخنازير" و"دماؤهم القذرة تختلط بجثث القتلى من زملائهم".
بينما طلب من آخرين في المجموعة نقل هذه المعلومات لوكالة أنباء "أعماق" الناطقة بلسان "داعش". في حين ورد مستخدم آخر، قائلاً "الهجرة إلى الفلبين…الباب مفتوح".

وقد دفع القتال في المدينة الفلبينية رئيس البلاد، رودريجو دوتيرتي، إلى فرض الأحكام العرفية في جزيرة مينداناو التي تماثل كوريا الجنوبية في الحجم ويقطنها نحو 21 مليون نسمة.
وجاء في إفادة من المخابرات أطلعت عليها "رويترز" أن السلطات في جاكرتا تعتقد أن 38 إندونيسياً سافروا إلى جنوب الفلبين للانضمام إلى الجماعات التابعة لـ"داعش"، وأن نحو 22 منهم شاركوا في القتال في مدينة ماراوي.
لكن مصدرا من جهة إنفاذ القانون في إندونيسيا طلب عدم نشر اسمه، قال إن العدد الفعلي للإندونيسيين الذين شاركوا في المعارك قد يزيد عن 40 مقاتلاً.
ويعتقد المسؤولون في إندونيسيا أن بعض المتشددين ربما تسللوا إلى مدينة ماراوي تحت غطاء التجمع السنوي لجماعة التبليغ قبل أيام من بدء القتال.

معقل داعش:

معقل داعش:
وقد حذر مراقبون من تمدد تنظيم "داعش" في جنوب شرق اسيا، ويعتقد محللون أن أسهم "داعش" يمكن أن ترتفع بمناطق جنوب شرقي آسيا في الوقت الذي بدأ فيه التنظيم بالانحسار في مناطق الشرق الأوسط؛ وهو ما دفع وكالات مخابرات دولية إلى التحذير من محاولة سعي التنظيم للسيطرة على مناطق جنوبي الفلبين.
وصمود "مجموعة ماوت" أمام الجيش كل هذه المدة، يزيد من المخاوف من انتشار فكر تنظيم داعش في جنوب الفلبين الذي يمكن أن يتحول إلى ملاذ للمسلحين من إندونيسيا وماليزيا وغيرهما.
وتعتقد الحكومة الفلبينية أن "ماوت" بدأت هجومها قبل شهر رمضان؛ لجذب انتباه تنظيم داعش وكسب اعترافه بأنها فرعه في جنوب شرقي آسيا.
وكان الرئيس الفلبيني ناشد الانفصاليين والمتمردين الذين يقودهم الماويون الانضمام إلى الحكومة في حربها ضد المسلحين المرتبطين بتنظيم داعش.
من جهته، قال مسؤول في الاستخبارات الأمريكية: إن "فرع تنظيم الدولة في جنوبي الفلبين دعا أتباعه إلى عدم الذهاب إلى سوريا، كما أنه بدأ يستقطب عناصر من مناطق أخرى، فيما يبدو أن هناك خطة جديدة للتنظيم لإقامة شبكة جديدة له في جنوب شرقي آسيا، وتحديداً جنوبي الفلبين؛ حيث سيسعى التنظيم إلى زرع أتباعه في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومات المركزية"، وفقاً للصحيفة الأمريكية.

شارك