الإخوان وقطع العلاقات العربية مع قطر

الأربعاء 07/يونيو/2017 - 06:56 م
طباعة الإخوان وقطع العلاقات
 
الإخوان وقطع العلاقات
نفت قطر على لسان وزير خارجيتها “محمد بن عبدالرحمن آل ثاني”، صحة الاتهامات الموجهة إليها من قبل عدة دول عربية وخليجية حول “دعم الجماعات الإرهابية ودعم جماعة الاخوان المسلمين بشكل خاص”، لافتاً إلى أن كل هذه الاتهامات غير صحيحة.
وقال محمد بن عبدالرحمن في مقابلة مع تلفزيون “بي بي سي” البريطاني: “ليس لنا علاقة مع الإخوان، وإن كنا مخطئين سنتراجع، الإجراءات التي تم اتخاذها ضد قطر كانت صادمة، وما حدث هو عقاب جماعي من قبل ثلاث دول في هذه المنطقة حاولت أن تفرض الحصار على قطر وعلى شعبها”.
وتساءل الوزير القطري خلال المقابلة عن الاسباب التي دفعت دول الخليج لاتخاذ مثل هذه الخطوات بحق بلاده، قائلاً: “كلنا نريد علاقات إيجابية مع إيران ولا نريد تصعيداً ضد أي طرف، بل نريد أن نحل جميع نزاعاتنا من خلال الحوار وفق المبادئ التي أقرها قادة مجلس التعاون الخليجي”، مشيراً إلى أن قطر ليست دولة عظمى، وهي منفتحة على الوساطة لحل الأزمة التي شهدت قيام مجموعة من الدول المجاورة بقطع العلاقات الدبلوماسية معها.
كما نفى الوزير في الوقت نفسه، صحة أية ادعاءات حول دعم الدوحة للمعارضة السعودية أو الحركات الطائفية في القطيف هي معلومات خاطئة، وأن التعاون الاستخباراتي بين السعودية وقطر يصب في مصلحة الأمن القومي لدى كلا البلدين.
وقد رفضت جماعة "الإخوان المسلمين"، اليوم الأربعاء 7 يونيو 2017، وصمها بالإرهاب من قبل المملكة العربية السعودية، في أول رد فعل على الأزمة القطرية الخليجية، حيث قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين العلاقات مع قطر بناءً على تُهم وُجهت للدوحة بدعم الإرهاب، وذكرت بيانات تلك الدول جماعة "الإخوان المسلمين" باعتبارها إحدى تلك الجماعات الإرهابية.
وأضافت الجماعة في بيان على موقعها الإلكتروني: "تابعنا باستياء ما صدر عن مسؤولين بالسعودية من اتهامات بحق الجماعة، ووصمها بالإرهاب وانتهاج العنف. وتستنكر الجماعة هذه الاتهامات الباطلة."
الإخوان وقطع العلاقات
والحديث عن الازمة الخليجية الاخيرة بين قطر وبعض الدول العربية يحيلنا الى  ضرورة الحديث عن تداعيات انفجار الاوضاع على جماعة الاخوان المسلمين وفروعها المدعومة من الدوحة والتي يقيم اغلب قياداتها هناك بعد اغلاق عديد من الدول ابوابها امامهم .
ويرى متابعون للشأن الخليجي انّ احد اهم الاسباب التي الهبت اجواء العلاقات القطرية السعودية الاماراتية مع حياد كويتي عماني، هو الدعم القطري لجماعة الاخوان المسلمين ومعارضة الرياض وابوظبي الحادة لذلك. يشار الى انّ هذه العداوة جاءت بعد تحالف كبير بين السعودية والإمارات والإخوان انتهى بالطلاق. ففي خطوة فاجأت الجميع، أدرجت السلطات السعودية يوم 7 مارس 2014 جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية لديها بالإضافة الى عدة منظمات وجماعات اسلامية و«جهادية» اخرى. مع العلم ان الامارات العربية المتحدة ايضا تصنف جماعة الاخوان كجماعة ارهابية نتيجة مخاوف داخلية تتعلق بأمنها الداخلي . وتباينت آنذاك ردود الفعل حيال هذا القرار غير المتوقع بين من قال ان الإخوان خططوا للقيام بتغيير يطال الأنظمة الخليجية ، كما اتهمت الداخلية السعودية جماعة الاخوان بإعداد خلايا داخل السعودية من أجل الإطاحة بالحكم وإحداث الفتنة داخل الدول الخليجية .
في حين اعتبر شق اخر ان هذا التصنيف والجفاء بين اصدقاء الامس جاء نتيجة خشية سعودية من وصول نيران الربيع العربي الى اراضي المملكة خاصة بعد صعود الاخوان في كل من تونس ومصر عقب الاطاحة بالأنظمة الدكتاتورية هناك.
وظهرت الفجوة العميقة بين جماعة الاخوان المسلمين المدعومين بقوة من تركيا وقطر بعد احداث 3 يوليو في مصر والإطاحة بحكم الرئيس الاخواني محمد مرسي وهو ما قابله ترحيب ودعم سعودي لاستلام الجيش المصري الحكم. ويرى مراقبون ان انضمام مصر الاخير لقرار الدول الخليجية في ازمتها مع قطر سببه دعم الدوحة للإخوان واستقبالها لعدد كبير من قادتها على اراضيها وهي المصنفة ارهابية في مصر ايضا. 
الدعم القطري للإخوان استمر رغم اسقاط حكمهم في مصر الا ان العداء تزايد بين الدوحة والسعودية والإمارات، عداء كان واضحا انه احد اهم الاسباب التي اججت الخلاف الاخير ولعل الرد القطري يوم أمس المتمثل في استقبال أمير قطر تميم بن حمد لعدد من علماء الدين وإقامته مأدبة إفطار لـ "دعاة الأمة" وتقبيله رأس الداعية الاخواني يوسف القرضاوي، كان ابلغ رسالة – وفق مراقبين- على استمرار دعم الدوحة لجماعة الاخوان رغم تهديدات جيرانها المبطنة.
وعن تأثير الازمة الخليجية الاخيرة على الحركات الاسلامية الي تدعمها قطر وأهمها جماعة الاخوان المسلمين وفروعها اجاب الكاتب اللبناني حمزة الخنسا في حديثه لـجريدة «المغرب» قائلا ان احد الاهداف الرئيسية للحملة السعودية على قطر هو تطويق الحواضن والملاجئ وتجفيف مصادر الدعم والتمويل التي تتلقاها جماعة الاخوان المسلمين، بوصفها «منافساً» إسلامياً للدور السعودي في المنطقة. مضيفا ان قطر لا تشكل حاضنة عقائدية وفكرية بهذا المعنى لجماعة الاخوان، بل ملاذاً آمناً ومنطلقا.
واعتبر انه من الصعب توقع انهيار القاعدة الفكرية والعقائدية للإخوان فيما لو اضطرت قطر للتضحية بهم كورقة مساومة أمام السعودية في سبيل تسوية الخلاف القائم بينهما، مشيرا الى ان الفكر والعقيدة الاخوانية موجودة ومتجذرة في مجتمعات مثل مصر، ومعلوم ان اي فكر يتعرّض للتضييق والملاحقة سينكمش لكنه في الوقت نفسه سيتحوّل متطرفاً وأكثر عدوانية وفق تعبيره.
وأضاف ان الخلاف القطري السعودي ظهر على الأرض على شكل معارك بين الحركات المسلحة التي تدعمها الدولتان في كل من سوريا واليمن وليبيا، حيث سعت كل دولة للقضاء أو للحد من تأثير الدولة الأخرى في مناطق نفوذها، وهي حرب رسائل أراد كل طرف إظهار مدى استعداده للذهاب بعيداً في المواجهة على حد تعبيره.
وأضاف ان أولى تداعيات الضغط الأمريكي على قطر قد ظهرت، على شكل لائحة قدّمتها سلطات الدوحة لعدد من قيادات حماس لمغادرة أراضيها. وتابع ان «قطر قد تضطر للانحناء قليلاً أمام العاصفة، وقد تكون حماس هي ضحية هذه العاصفة، خصوصاً أنّ الضغوط الأمريكية في ما يخص ملف حماس، ستكون قوية ومدفوعة برغبة إسرائيلية». مشيرا الى ان ذلك لا يعني ان قطر ستتعرض للضغوطات انطلاقاً من موقف مناهض لإسرائيل وأمريكا، فهو لم يكن على هذا النحو في أي يوم من الأيام، وإنما ستتعرّض قطر للضغوطات انطلاقا من ظروف مواتية تقاطعت فيها المصالح الإسرائيلية السعودية بدعم أمريكي، قد يدفع قطر الى الرضوخ على حد قوله.
وعن اخر التطورات الحاصلة في الازمة الخليجية القطرية يجيب الكاتب اللبناني حمزة الخنسا ان كل الاجراءات التي تتخذها السعودية تباعاً، ومعها بعض الدول العربية، لا علاقة لها بالكلام المنسوب لأمير قطر، والذي اعقب قمم الرياض الثلاث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإنما اتُخذَ هذا الكلام، بصرف النظر عن كونه صحيحاً أم مفبركاً، سبباً لتنفيذ أجندة سعودية خاصة تجاه قطر في هذه المرحلة من عمر المنطقة وفق قوله. وأضاف الخنسا ان ‘’علاقة «الندية» التي تنتهجها قطر أمام السعودية، فضلاً عن النظرة التاريخية السعودية لقطر، حيث طالبت السعودية منذ العام 1913 بضم قطر لها باعتبارها جزءاً من إقليم الأحساء، وما يتعلّق بالتحالف الآخذ في التبلور بين ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، بوصفهما رجُلَي المرحلة المقبلة في الخليج، تستوجب عليهما تقليم أظافر الإمارة الصغيرة الغنية بالغاز والتي تمتلك أوراق لعب إقليمية كثيرة، وشبكات تجارة ومصالح تتخطى حدود الإقليم لتصل إلى العالم أجمع».
وتابع أن استغلال فرصة التصريحات المثيرة للجدل للأمير القطري، تخدم هذه الأهداف من جهة، ومن جهة أخرى تأتي كردة فعل على ما انتجته هذه التصريحات من تفريغ كامل لقمم الرياض الثلاث مع ترامب، من حيث التوجّه الخليجي الجارف نحو العداء مع إيران.
الإخوان وقطع العلاقات
وعن امكانية حصول تحرك امريكي قريب بالشراكة مع السعودية والامارات ضد ايران اجاب الخنسا ‘’إلى الآن، لا تبدو واشنطن مهتمة بتحرّك عسكري مباشر على الأرض ضد إيران، نظراً لإدراكه الأثر السلبي البالغ لمثل هذا الخيار على أمن المنطقة أولاً، وعلى الاستقرار الاقتصادي والتجاري العالمي ثانيا. ولا يكفي الحماس السعودي والتحريض المستمر لدفع واشنطن لاتخاذ مثل هذا الخيار ضد إيران. فالدول الخليجية، ومنها الأمارات - الحليف الأقرب للسعودية في عدائها لقطر - تمتلك موقفاً مغايراً للسعودية في ما يتعلق بالتدخل المباشر ضد إيران، فضلاً عن مواقف دول خليجية أخرى، مثل الكويت وعُمان.
وأضاف انه إذا كانت التحركات السعودية الأخيرة ضد قطّر نجحت في جرّ الإمارات والبحرين معها من داخل دول مجلس التعاون الخليجي، فإن هذه التحركات سبّبت شرخاً في المجلس يمكن لأي تهوّر تجاه إيران أن يؤدي الى توسّعه وصولاً الى وضع مستقبل هذا المجلس على المحك وفق تعبيره.
وعن مستقبل المشهد السياسي في منطقة الخليج العربي قال انه نظراَ للتطورات الحاصلة في المنطقة، ونظراً للصراع الخليجي على الفوز بـ«الوكالة الأمريكية» في المنطقة، وقياساً بمدى قوة الهجوم السعودي المتصاعد على قطر، لا يبدو أن تسوية من النوع الذي حصل في عام 2014 قد تنجح في رأب الصدع الخليجي، وخصوصاً بعد الحديث عن سلة شروط قاسية عرضتها السعودية على قطر عبر وسطاء خليجيين، فُهِم منها النيّة بإعادة قطر إلى اللعب، سياسياً وعسكرياً وأمنياً، داخل حدودها حصراً.

شارك