بعد وصمها بدعم الإرهاب.. كيف تستفيد روسيا من حصار قطر؟

السبت 10/يونيو/2017 - 05:17 م
طباعة بعد وصمها بدعم الإرهاب..
 
بينما يُحاول الدب الروسي تحقيق الاستفادة القصوى من الخلافات التي دبت أخيراً بين دول خليجية (السعودية والإمارات والبحرين) إلى جانب مصر مع دولة قطر، على خلفية اتهام الدول الأولى قطر بدعم الإرهاب وتمويله، دعا وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف السبت إلى الحوار بين قطر والدول المقاطعة لها، عارضاً مساعدة بلاده للتوسط في الأزمة، دون أن تظهر موقف مُحدد من الأزمة سواء بتأيد قرارات دول الخليج ومصر باتهام قطر بدعم الإرهاب أو نفيه.
وموسكو كما هو معورف عنها دائمة قنص الفرص لتحقيق أكبر مصالح لها، ومن بين الأهداف التي تريد موسكو تحقيقها من الازمة الأخيرة، هو علم روسيا بمدى الدعم المقدم من قطر للجماعات الإرهابية في سوريا، فتريد روسيا إحداث حالة من المقايضة الضغط على قطر لوقف دعم الإرهاب في سوريا، مقابل التدخل لتهدئة الاوضاع مع جيرانها من الخليج ومصر، كما تخشى روسيا بشكل أساسي تأثير الأزمة الأخيرة على محادثات أستنا بشأن الأزمة السورية، إذ ان الدول الراعية للهدنة هناك إيران وتركيا منشغلتان بالأزمة الأخيرة ما ترتب عليه إرجاء الاجتماع الذي كان مقرراً خلال الفترة الجارية من شهر يونيو الحالي.  
بعد وصمها بدعم الإرهاب..
وكان الرئيس بوتين هاتف الرئيس السيسي منذ أيام، وتناولت المهاتفة بحث تطورات الأوضاع على الساحة العربية وخاصة الازمة في سورية واليمن، إلى جانب بحث الازمة الأخيرة مع قطر، لكن لا أحد يعلم حتى الآن مدى ما تمخض عن ذلك اللقاء.
والتقى وززير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نيره القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وناقشا لوزيران تطورات الأزمة، فيما قال الوزير لافروف، في بداية لقائه مع الوزير القطري في موسكو "تابعنا بقلق أخبار هذا التصعيد، لا يمكن أن نرتاح لوضع يشهد تدهوراً في العلاقات بين شركائنا"، ودعا الوزير الروسي إلى تسوية أي خلافات من خلال الحوار.
وبدأت الأزمة بين قطر والسعودية وحلفائها في مايو عندما أعلنت قطر أنها تعرضت لقرصنة أدت إلى نشر تصريحات نسبت إلى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على وكالة الأنباء القطرية الرسمية. وتضمنت التصريحات انتقادات للسعودية ودول الخليج بعد زيارة ترامب للرياض، بسبب موقفها من ايران، والاثنين قطعت السعودية ودولة والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة على خلفية هذه التصريحات واتهمتها بدعم الارهاب، واتخذت اجراءات دبلوماسية واقتصادية بحقها بينها وقف الرحلات الجوية ومنها وإليها.
بعد وصمها بدعم الإرهاب..
وشهدت الأزمة تصعيداً جديداً الجمعة مع اصدار الدول المقاطعة للامارة الصغيرة لائحة ارهاب تضم أفراداً وكيانات قالت أنها على علاقة بقطر، وإعلان الدوحة رفضها لها، داعية إلى التفاوض بوساطة خارجية، وقال لافروف إن بلاده على استعداد لمحاولة القيام بكل ما هو في مقدورها للمساعدة على تسوية الأزمة، مشدداً على ضرورة وحدة الصف لمكافحة الإرهاب.
ومنذ اندلاع الأزمة، أوحت المحادثات الهاتفية التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع أمير قطر تميم بن حمد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأن روسيا تريد أن تتولى جهود وساطة. لكن الكرملين أعلن في وقت لاحق أن موسكو تدعو إلى تسوية الأزمة بالطرق السياسية الديبلوماسية، مؤكداً أن الحديث لا يتعلق بمسعى للتوسط.
مصادر ديبلوماسية تحدثت لجريدة "الحياة" السعودية لفتت إلى أن طلب الوساطة الروسية ربما يكون جاء من قطر، خصوصاً أن كل الاتصالات مع بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف جاءت بمبادرة من الدوحة. وتبرز في هذا الإطار زيارة وزير الخارجية القطري موسكو، والتي لم تكن مدرجة سابقاً على جدول أعمال لافروف، ولم تخفِ موسكو أن لديها مخاوف جدية من التداعيات المحتملة على الوضع في المنطقة، وعلى جهود مكافحة الإرهاب تحديداً. وركّزت وسائل إعلام رسمية على أن الانقسامات العربية تؤدي إلى شل جهود تسوية الوضع في سورية، وتفاقم خطر تصاعد المواجهات.
بعد وصمها بدعم الإرهاب..
وبرزت إحدى أولى النتائج المباشرة، من خلال إعلان تأجيل جولة مفاوضات في آستانة، واعتبر ديبلوماسيون أن تعقيدات الموقف العربي تدفع إلى التريث لإنضاج ظروف إنجاح المفاوضات السورية. وواضح أن اثنتين من الدول الضامنة لوقف النار في سورية، هما تركيا وإيران، انخرطتا في متابعة الأزمة، وبرزت إشارات إلى ميلهما إلى تبنّي موقف أقرب إلى الدوحة. ولا يبدو إطار التحرُّك الروسي بعيداً من وجهتَيْ النظر التركية والإيرانية، إذ حملت عبارات الوزير لافروف موقفاً لافتاً أمس، عندما أشار إلى تطابق موقفَي موسكو وطهران في شأن ضرورة تسوية الأزمة في الخليج من طريق الحوار.
وكشفت تعليقات خبراء مقربين من الكرملين أن موسكو تعدّ دراسة معمّقة للوضع، وثمة من يرى أنه سيعود بفوائد كبرى على الروس، من خلال إعادة ترتيب التحالفات في الشرق الأوسط. في المقابل، اعتبر محلّلون اقتصاديون أن الحظر المفروض على تحرّكات السفن القطرية في الموانئ والمياه الإقليمية لدول مجاورة، يشكل تهديداً لإمدادات الغاز الطبيعي القطري المسال، إلى أوروبا. ورأوا أن ذلك سيساهم في زيادة أسعار الغاز، وزيادة إمدادات روسيا إلى السوق الأوروبية.
ولفت اقتصاديون إلى ما وُصِف بأنه موجة رعب في صفوف المستثمرين في سوق الغاز والتجار، لا سيما في حال منع مصر شحنات الغاز القطري من عبور قناة السويس.
بعد وصمها بدعم الإرهاب..
وبرزت تساؤلات في روسيا حول مصير الاستثمارات القطرية الكبرى في السوق الروسية، والتي تصل إلى نحو 13 بليون دولار، الجزء الأكبر منها في مشاريع نفطية. وسارع الكرملين إلى تهدئة المخاوف، وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف أن أي تلميح إلى استرداد (إعادة شراء) 19.5 في المئة من أسهم شركة النفط الروسية العملاقة "روس نفط" التي باعتها موسكو إلى قطر غير ممكن وغير صحيح.

شارك